السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أبوظبي للعلوم».. يوجه بوصلة الموهوبين نحو المستقبل

«أبوظبي للعلوم».. يوجه بوصلة الموهوبين نحو المستقبل
7 فبراير 2020 00:04

نسرين درزي (أبوظبي)

تعيش الدولة أياماً خصبة بالإبداع في ظل انطلاق شهر الابتكار الذي بات مصدر إلهام تحتفي به الهيئات والمؤسسات سنوياً بطرحها أفضل المبادرات المجتمعية الداعمة لاستراتيجية 2030. وأكثرها انتشاراً مهرجان أبوظبي للعلوم الذي ينهي موسمه العاشر غداً بأوسع مشاركة عائلية وطلابية ما بين منطقة «عَ البحر» عند كورنيش العاصمة، وحديقة الجاهلي في مدينة العين، وفي «سيتي مول» في مدينة الظفرة. ويطرح «أبوظبي للعلوم» الذي تنظمه دائرة التعليم والمعرفة، أجواء إيجابية تؤكد أهمية هذا النوع من الفعاليات في توجيه الشباب وإلهامهم لاختيار مساقات أكاديمية تحاكي متطلبات العصر. اختصاصات لا تقتصر على العلوم بمفهومها التقليدي، وإنما تواكب متطلبات سوق العمل في القرن الـ 21 بمجالات تكشف المعنى الشامل للابتكار، كعلوم الفضاء، والروبوتات، والتكنولوجيا، والواقع المعزز، والهندسة، والفنون، والرياضيات.

عوالم جديدة
وتعكس الأنشطة التثقيفية عموماً والمعارض التفاعلية، خصوصاً آثارها على الفئات العمرية الناشئة، وتشجعهم على التعرف إلى عوالم جديدة قد لا تكون خاطرة في بالهم من قبل. وهذا ما يحققه مهرجان أبوظبي للعلوم مع كل موسم له، بحيث يوجد منصات مفتوحة للمبدعين لعرض أفكارهم وتطويرها من خلال مبادرة «مبتكر». كما يفتح أمام الموهوبين آفاقاً واسعة للمستقبل الذي لن يشبه بالتأكيد الوقت الحالي، لاسيما فيما يتعلق بتقنيات الحياة والحاجة إلى جيل واعٍ لأهمية المطلوب منه للتميز وفرض وجوده بالعلم والتمكين، من خلال خوض التخصصات الجامعية المناسبة. ويعزز «أبوظبي للعلوم» هذه المنظومة، من خلال مساهمته في تطوير رأس المال البشري في قطاعي العلوم والتكنولوجيا، تماشياً مع الخطة الوطنية للابتكار، وتشجيع النشء على اعتماد تخصصات تعليمية ومهنية في مجالات تحاكي التغيير والتطوير في كل شيء. وبعد عقد من الزمن على دورته الأولى التي انطلقت في عام 2011، ساهمت ورش عمل المهرجان وعروضه الدقيقة في إلهام الطلبة ودعمهم لاستكشاف نقاط الإبداع في دواخلهم وتنمية روح الابتكار لديهم من باب مساندة مسيرتهم ليصبحوا علماء في المستقبل.
وعن معايير اختيار ورش العمل التفاعلية التي يتوجه من خلالها «أبوظبي للعلوم» إلى جمهوره من الطلبة، قال المهندس سند حميد أحمد، المتحدث الرسمي للمهرجان، إن الفقرات العامة، بما فيها الفعاليات والمعارض والعروض تراعي مختلف الشرائح العمرية، وتركز في كل جزئية فيها على تعزيز روح الاستكشاف والابتكار والإبداع بين الناشئة. وأضاف، أن أهم ما في الرسائل الموجهة ضمن المهرجان، الاطلاع على آخر التطورات العلمية في مجال الذكاء الاصطناعي والفيزيائي والكيميائي، وما يقدمه علم الروبوتات في إيجاد الحلول الميكانيكية، وكذلك علم الفضاء لضمان الاستدامة وتفعيلها. وأكد أن مجتمع الإمارات شهد منذ سنوات توجهاً ملحوظاً نحو التخصصات العلمية الحديثة، وتثبت طلبات التسجيل مع بداية كل عام جامعي توافد الطلبة على مساقات الهندسة المتخصصة والعلوم التجريبية على أنواعها. وهذا يدل على اهتمام الجيل الجديد بخوض تجارب مختلفة، والدخول في أجواء أكاديمية لم تكن في الحسبان من قبل، وعلى رأسها تخصصات الفضاء وعلاجات الروبوت والابتكار في المجال الوظيفي بهدف تحقيق التطور الوطني المنشود، داعياً أفراد المجتمع إلى المشاركة على مدار السنة في الأنشطة التفاعلية والتثقيفية التي تلهم الطلبة في مجالات الابتكار والعلوم والتكنولوجيا.

مساقات علمية
المرشدون العلميون ممن يشاركون سنوياً في تقديم الشرح اللازم لجمهور ضمن «أبوظبي للعلوم»، يملأون «كاونترات» البحث التي تغص بالمجموعات الطلابية. وبصفتهم طلبة جامعيين يساهمون في تعميم حال التوجه إلى المساقات العلمية الجديدة، تشكل انطباعاتهم حيزاً لافتاً حول أفضل طرق الجذب التي تلهم اليافعين، وتضعهم أمام اختيارات تحدد مصيرهم المهني لاحقاً. وقد يحدث ذلك بمجرد المشاركة في ورشة عمل عن الغلاف الجوي، ما يجعل أي طالب موهوب يتأمل في العناصر التي تجعل الحياة ممكنة على كوكب ما، وبالتالي الانخراط في اتجاه علمي يؤدي إلى بناء قاعدة كفاءات وطنية في قطاعات التكنولوجيا والابتكار.
وذكر المرشد العلمي محمد المرزوقي، طالب هندسة مالية في جامعة أبوظبي، أن ورش العمل التفاعلية التي تتيح التواصل مع الأطفال تؤكد أهمية الشرح بالعين المجردة للحكم على المادة العلمية. وقال إن تلك الفعاليات تساعد في إلهام الطلبة على أبواب المرحلة الثانوية لاختيار اختصاصات معينة والابتعاد عن أخرى.
وتحدث المرشد عمار فايض، طالب أمن المعلومات في جامعة العين عن فخره بالتجربة الميدانية في «أبوظبي للعلوم»، حيث تعاون مع فئتي الأطفال واليافعين لتوضيح كل ما يمكن أن يفيدهم في فهم الأمور التكنولوجية المعقدة. وأشار إلى أن القليل من الشرح في الوقت المناسب، وضمن الأجواء العلمية المؤاتية بالصوت والصورة، يساعد في وضع الأمور بمكانها الصحيح ويمحو المبالغات في تحميل المساقات العلمية صعوبات قد لا تكون في محلها.
من جهتها، قالت المرشدة العلمية شيماء البلوكي، طالبة فيزياء في جامعة باريس السوربون، إن «أبوظبي للعلوم» الذي شاركت فيه لسنوات عدة مكنها من التعرف إلى موهبة جديدة لديها تكمن في إيصال المعلومة للطلبة بأبسط الوسائل والبراهين. وقالت إن المرشدين من طلبة الجامعات لا يقتصر دورهم على التوضيح والإجابة عن الاستفسارات، وإنما يوجدون في بيئة خصبة تفيدهم في حياتهم الشخصية والمهنية. لا سيما أن التفاعل مع الجمهور ومختلف الفئات العمرية له كبير الأثر في تعزيز الثقة بالنفس التي يحتاج إليها كل طالب على أبواب التخرج.

ضخ الطاقة
وبالإضاءة على جمهور الأطفال في «أبوظبي للعلوم» ممن أبدوا إصراراً على استكشاف أكبر قدر من الفقرات العلمية الدقيقة، يبدو واضحاً أن الفعاليات القائمة على العروض التكنولوجية النابضة بالحياة، لها تأثير واضح على ضخ الطاقة في مخيلة الطلبة. وهم عموماً لا يتجولون بين منصات العرض كما يطلع على أشكال وألوان ناطقة ومتحركة، وإنما يتوقفون مطولاً عند كل ركن ولا يغادرونه إلا وعلامات الرضا والإبهار على وجوههم.
وذكر الطفل عبدالله العامري (8 أعوام) أنه يزور المهرجان للسنة الثالثة على التوالي، وقال إنه معجب جداً بالأدوات العلمية الموجودة، خصوصاً التفاعلات الكيميائية التي تصدر فقاعات عند امتزاجها. باللهفة نفسها قال الطفل عمر كمال (11 عاماً)، إنه زار المهرجان في بدايته رفقة مدرِّس صفه. وأعاد الكرة لاحقاً مع أهله لأنه أراد خوض المزيد من التجارب الخاصة بعلوم الهندسة والفضاء. وتحدثت الطفلة أسماء حسن (10 أعوام) عن ركن التنقيب الذي تمكنت عبره من التعرف إلى أهمية الحفاظ على الآثار عند البحث عنها. وقالت إنها انبهرت بقسم علوم الفضاء، ولم تكن تعرف عن هذا المساق إلا القليل.

ابتكارات ملهمة
شهد فبراير «شهر الإمارات للابتكار» عرض الكثير من المبادرات الفردية والعائلية في مجال العلوم الإبداعية. وتأتي كدليل على أهمية نشر الوعي في مجال الابتكار على أنه الخطوة الأولى باتجاه التميز المهني على أكثر من صعيد. وهنا عدد من الابتكارات الشابة:
* قدمت المبتكرة نوف الكثيري، من مدرسة أم كلثوم الثانوية في العين، ابتكارها المتمثل في تزويد النوافذ بأجهزة تفتح بالبصمة لتوفير حماية أكثر للأطفال وجعل التحكم بيد الأب أو الأم فقط. وبنت نوف فكرتها للحد من عمليات السقوط وتوصلت لاستخدام أجهزة وحساسات مع إصدار إنذار بأن النافذة مفتوحة، وهو ما يصلح كذلك بالمستشفيات والحضانات ومراكز الألعاب. ويتم تسجيل بصمة الأشخاص المخولين فتح النوافذ وبرمجة النافذة للإغلاق الأوتوماتيكي إذا استمرت مفتوحة لأكثر من 15 دقيقة.
* ابتكرت شهد علي اليماحي، الطالبة في معهد التكنولوجيا التطبيقية في أبوظبي، جهازاً يعمل على تحليل الصخور على المريخ باستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث يقوم الجهاز بتحليل الصخور أو الصور ومقارنتها بالصخور الموجودة على الأرض. ويحدد الجهاز الأماكن التي يتواجد فيها الماء بصورة أكبر ما يخدم استعدادات الدولة لإرسال مسبار إلى المريخ، حيث يعمل الجهاز على تحليل الصخور بدقة عالية ويعطي النتائج مباشرة مع تحليل كل المكونات الموجودة في الصخرة المراد تحليلها.
* ابتكر فريق من طلبة مدرسة خليفة بن زايد في العين روبوت الفضاء الزراعي لمساعدة رواد الفضاء وتوفير الغذاء والحماية المثلى لهم. وتعتمد الفكرة على تطوير الروبوت للقيام بالأعمال الزراعية في الفضاء وتقليل استخدام السماد والماء من أجل سلامة الرواد. وقال الطالب وهيب الشيباني إن الروبوت يعمل بالطاقة الشمسية ويقوم بـ5 خطوات: الحرث والحفر ووضع البذور والسماد والماء، ويعمل بالطاقة الشمسية.
* قدم سيف المزروعي ابتكار الحقيبة الذكية التي تعمل بالطاقة الكهربائية والشمسية وتتميز باحتوائها على منفذين للطاقة، ومنفذي كهرباء، وUSB، وتلفزيون بحجم 20 بوصة، وساعة طاقة، ومنفذ تثبيت القنوات على العالم عبر الإنترنت، وكاميرا للمراقبة والاتصال المرئي. وتصلح الحقيبة لمتابعة الأحداث من أرض الواقع ومساعدة الجهات العسكرية والأمنية وتتصل بالأقمار الاصطناعية وتمتلك مخزون طاقة شمسية ولديها القدرة على تحمل الصدمات.
* ابتكر خليفة سيف المزروعي، الطالب في المرحلة الثانوية، جهازاً متعدد الاستخدامات لتنظيف الشواطئ من المخلفات، كما يساعد رجال الإطفاء على إخماد الحرائق في السفن والبواخر وناقلات النفط والبضائع. ويمكنه الاقتراب من مصدر الحريق على مسافة 100 متر بالتعاون مع طائرة مسيرة من دون طيار لرمي كرات الإطفاء على شكل مسحوق «بودرة». يتميز الجهاز بسهولة حمله إلى أي مكان والتحكم فيه من بعد، ويوفر حماية مثلى للإطفائيين لأنه على شكل روبوت مسير ومزود بمادة مقاومة للحرارة.
* ابتكرت حصة آل علي طاولة ألعاب لوحية للأطفال من سن الثامنة حول الحيوانات المهددة بالانقراض لمساعدة البيئة والعودة إلى مجتمع أكثر استدامة.

بيئة مشجعة
بالتزامن مع شهر الإمارات للابتكار الذي يصادف فبراير من كل عام، تتولى دائرة التعليم والمعرفة المساهمة في إيجاد بيئة مشجعة على الابتكار والتميز، وعرض مجموعة من المبادرات الاستراتيجية للجهات الحكومية والأكاديمية ومؤسسات القطاع الخاص والمبتكرين بهدف تعزيز مكانة الدولة عالمياً في مجال الابتكار بالتنسيق مع مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي.

تعزيز رقمي
يتميز «أبوظبي للعلوم» بعرضه مجموعة واسعة من التجارب الشيقة والاكتشافات العلمية. ويضم محتوى تفاعلياً يدمج بين العلوم والترفيه ليجذب الطلبة من مختلف المراحل التعليمية. وتشمل فقراته جسم الإنسان والعالم الطبيعي وصولاً إلى التكنولوجيا الابداعية واستكشاف الفضاء والاستعانة بالتعزيز الرقمي والبيانات التجريبية.

مبادرة سنوية
«أبوظبي للعلوم» هو مبادرة استراتيجية تنفذها دائرة التعليم والمعرفة سنوياً لتعزيز الابتكار والإبداع في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات تماشياً مع رؤية 2030 التي تهدف لبناء اقتصاد قائم على المعرفة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©