عدد اليوم
إبراهيم سليم (أبوظبي)
وصف خليفة الظاهري المدير التنفيذي لمنتدى تعزيز السلم، «موسوعة السلم» بأنها هدية تخرج من الإمارات للعالم، موضحاً أنها تعبير بنظرة شاملة للسلم والتعايش دينيا وفلسفياً وفكرياً وأخلاقياً وسلوكياً وتربوياً.
ونوه إلى الدعم اللامحدود من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، للموسوعة، حيث يؤمن سموه بثقافة السلم والتسامح.
وقال: إن الموسوعة جاءت في وقتها، حيث تحتاج الإنسانية اليوم إليها كقيمة حياتية يتشارك فيها أصحاب الديانات والأفكار الروحية، وكل المؤمنين بالشأن الإنساني ومحاربة الإرهاب وتجفيف منابعه، ونبذ التعصب والحقد والكراهية.
ولفت في تصريحات لـ«الاتحاد» إلى ما لاقته موسوعة السلم من ترحيب، خاصة وأنها حوت كل ما قدمه أصحاب الأديان من رؤى للتسامح والتعايش، معتبراً خروج الموسوعة من الإمارات للعالم دليلاً على جدية الدولة في إرساء هذه القيمة، وغرسها في نفوس الجميع، والعمل على استبدال قيم العنف والانتقام والكراهية بالتسامح، موضحاً أن الإمارات تسعى لإطفاء حرائق العالم بالتسامح واستبدال الخطابات المقيتة بخطابات التعايش.
وأفاد المدير التنفيذي لمنتدى تعزيز السلم بأن الإمارات تملك مشروعاً حقيقياً مستداماً للتسامح والتعيش والسلم، تحول إلى قانون ومشروع تغلغل في مدارسها وجامعاتها ومساجدها وبين أفراد مجتمعها مواطنيه ومقيميه وزواره.
ونوه إلى أن جدية الإمارات في تبني هذا المشروع وطرحه للعالم كان كلمة السر في مشاركة كبار الباحثين وأصحاب الديانات، الذين تباروا في المشاركة بهذا المشروع ودعمه ومن ثم الاعتزاز بكل أركانه، ما جعلهم يصفون صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بأنه رجل السلام ونموذج فريد للإنسان العربي المتسامح المنفتح على الآخر.
الموسوعة 6 أجزاء
وأكد الظاهري أن الموسوعة لها 6 أجزاء، سيتم إصدارها بالتوالي، وتكون موسوعة إلكترونية، وستوزع ورقياً للمكتبات والجامعات داخل وخارج الإمارات، وتابع: «أؤكد أن المرحلة البحثية القادمة في الإمارات تزداد، بما يعني أن اتجاه الإمارات للبحث العلمي أصبح له أولوية كبيرة، والموسوعة، تعد نجاحا بحثياً يعمل ليل ونهار من أجل تفعيل هذه القيم ضمن البحث الأكاديمي في كل المحافل الأكاديمية والبحثية في العالم، فيما سيتم التنسيق لكراسي علمية للسلم مع جامعات.
وأكد أن كل مشاريع الإمارات كمجلس حكماء المسلمين ومنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، ومركز المجتمعات المسلمة، كشفت زيف جماعات الإسلام السياسي كحزب الله، والإخوان والأصولية كداعش والقاعدة، وقدمت أطروحات صحيحة عن الإسلام، بأذرعها البحثية والفكرية.
تفكيك المفاهيم المغلوطة
ولفت الظاهري أن موسوعة السلم كانت من توصيات الملتقى الثاني لمنتدى تعزيز السلم، وكان هناك توصية بإصدار موسوعة تضم كل مفاهيم وقضايا التسامح والتعايش والقضايا المختلفة واهتمت بتصحيح المفاهيم، مثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومثل الولاء والبراءة والتعامل مع الآخر.. كل هذه كانت هي أساس تصور الموسوعة.
وعقب صدور التوصية اجتمعت لجنة علمية برئاسة معالي الشيخ عبدالله بن بيه ليوضح التصور للموسوعة، فرأت أن الموسوعة يجب أن تتكون من 7 محاور.
المحور الأول: إطار مرجعي
هو التصور الكلي والإطار المرجعي، والتصور الكلي المقصود به التحدث عن كل المفاهيم التي تتعلق بالسلم بصفة خاصة، ونتحدث عن خصائص السلم، ونتحدث عن مقومات السلم باعتباره قيمة إنسانية كبرى.
المحور الثاني: تاريخ الديانات
يتحدث عن السلم في تاريخ الديانات والحضارات.. عن السلم عند اليهودية، وعند المسيحية، والسلم عند السيخ، السلم في عدة أديان وعدة حضارات، وقررت اللجنة إيكال الكتابة في هذا الأمر إلى أصحاب كل معتقد.
المحور الثالث: فقه السلم
وتناول المحور الثالث فقه السلم، وهو محور إسلامي مائة في المائة، ويناقش القضايا الفقهية المتعلقة بفقه السلم، مثل« ما معنى الولاء والبراءة، وهل معنى الولاء والبراءة أن أقصي الآخر، هل معنى الجهاد أنني أقاتل من يخالفني في معتقدي، هل معنى التكفير أنني أكفر من يخالفني أو أكفر كل من يخالفني أو أكفر كل ما يعتقده المعتقدين، هذا المحور محور بالتحديد لتفكيك بنية الأصولية الدينية، وكذلك لتفكيك بنية الإسلام السياسي، هذا هو المحور، هذا المحور خاص بتفكيك بنية الإخوان المسلمين.. خطابهم الذي بناه سيد قطب عن الحاكمية، كذلك «داعش» والتي بنت كل معتقداتها كذلك عن الحاكمية والتكفير والولاء والبراءة.
المحور الرابع: السلم في الفكر الفلسفي
فمنذ بزوغ الفلسفة، والسلم والتسامح والتعايش هي دندن اهتمام مصب اهتمام الفلاسفة منذ الفلسفة اليونانية إلى الفلسفات الأخرى، قيمة التسامح وقيمة السلم وقيمة التعايش، هي من القيم المهمة لدى الفلاسفة، لذلك نجد أن أغلب الفلاسفة تحدثوا عن هذه القيمة سواء كان فولتير أو جان روسو، إلى آخر هؤلاء الفلاسفة، يأتي هذا المحور ليبرز إضافات الفلاسفة في هذا الشأن.
المحور الخامس: السلم في القانون الدولي
ثم يأتي محورالسلم في النظام القانوني والدولي، ونتناول فيه كل القوانين والتشريعات والإعلانات التي صدرت من الجهات الأممية التي تعزز قيمة السلم والتسامح ونبرز هذه القوانين للتمييز والكراهية.
المحور السادس: التربية على السلم
وأشار الظاهري إلى أن المحور السادس، يبرز الرؤية والنظم والبرامج والأهداف الكفيلة بتحقيق التربية على السلم، سواء في مجال المجتمع أو أو الأسرة أو مجال التعليم، هناك لا بد أن تكون هناك رؤية مشتركة بين هذه المكونات الثلاثة لإبراز قيمة السلم.
المحور السابع: التسامح
يتناول المحور السابع التسامح، ويجيب عن الأسئلة التالية: ما هي رؤية الإسلام للتسامح، والنصوص التأسيسية في القرآن والسنة عن قيمة التسامح، ما هي المناهج الفكرية والبرامج العملية لتجفيف ينابيع اللا تسامح، وكيف تطورت هذه القيمة وأين وصلت، نتحدث فيه كذلك عن التسامح في التعليم والتسامح الثقافي والتسامح الدولي، التسامح الاجتماعي والأخلاقي، نتحدث عن المعاهدات الدولية، عن القوانين الأممية نتحدث عن إعلانات الأمم المتحدة وإعلان اليونيسكو، التي تهتم بقضية التسامح، ووثيقة المدينة، وحلف الفضول إعلان مراكش، وكذلك وثيقة الأخوة الإنسانية، كل هذه تدخل في هذا الإطار. هذه باختصار هي موسوعتها، موسوعتنا لها معايير، عنوانها التكامل والانسجام بين المواضيع والاستدلال في العرض، والجدة في الطرح.
ضوابط الموسوعة
وحول الضوابط التي روعيت في كتابة الموسوعة أكد المدير التنفيذي لمنتدى تعزيز السلم أنه تم إجراء دراسات على أغلب الموسوعات الموجودة حالياً، وطريقة كتابة الموسوعات، وكيف تكتب، وتم تحديد الطرق العلمية في الاستدلال، وطريقة وضع المرجع، حتى لا نخرج عن نظام التوثيق والمراجع، لأن الموسوعة إجمالاً لها طريقة في الكتابة وموضع المحاور.
العقلاء يؤمنون بالسلم
وحول التشابه الموجود فيما يتعلق بالسلم بين المعتقدات، أكد أن كل الأديان السماوية والفلسفات الروحية تؤمن بالسلم وتصبو إليه. وكل الديانات السماوية تدعو إلى السلم، وتحض عليه، بل إن الجميع يصبو إلى مرحلة جديدة يتآلف فيها السلم والتعايش.
وأكد الظاهري أن ثقافة الانتقام ليست موجودة أبداً في الإسلام، ولا عند النبي صلى الله عليه وسلم، الذي استبدل ثقافة الانتقام بثقافة العفو والتجاهل، وقد جعل الله ولاية العقوبات بيد الحكام، حتى لا يقوم كل شخص بالانتقام.
الموضوع والقضية
أكد الدكتور عبدالحميد عشاق أحد المسؤولين عن إعداد الموسوعة، أن الموسوعة تستمد أهميتها من راهنية موضوعها وقضيتها.
وقال: كان من النتائج التي توصل إليها علماء الأمة من خلال جلسات العرض والنقاش التي ازدانت بها أعمال المنتدى في دورتها الثالثة (2016): «أن أزمات الأمة الإسلامية، وإن كانت متعددة الأسباب والأبعاد، فإن مفتاحَ الحلول يكمن في تجديد الخطاب الديني ليعبِّد للناس طرق السلم، والعيش المشترك، والترقي في مدارج تكريم الإنسان وعمارة الأرض».
وقال:«إنها موسوعة تروم تقديم المنظور الإسلامي للسلم من حيث أبعاده المعرفية والحضارية، والكونية، وذلك من خلال بحوث علمية محكمة ينتجها نخبة منتقاة من العلماء والمفكرين والأكاديميين والباحثين يضطلعون بمهمة تصحيح المفاهيم ووضعها في سياقها المناسب، وتفنيد التصورات الخاطئة، وتحرير المصطلحات الرائجة التي لها تعلُّق بالسلم.
وحول الإطار المنهجي قال عشاق: إن البحوث بالموسوعة تتناول كَافة المفاهيم والأحكام التي لها صلة بالسلَم رصداً وتأصيلاً وتحريراً وتطويراً، على شكل مواضيع تراعي«واجب الوقت» ومقتضياتِه، بحيث تخلق جسر التواصل الإيجابي والتفاعل الوظيُفي َ مع مختلف الجهات والأطراف المعنية بالأمر. وهذا يقتضي أن تترجم الموسوعة إلى أهم اللغات العالمية، حتّى لا يبقى تداولها منحصراً في نطاق اللغة العربية.
وتولى نخبة من العلماء والمفكرين والأكاديميين المتخصصين في العلوم الإسلامية والقانون الدولي وفي مختلف المعارف الإنسانية والاجتماعية تدقيق الإطار المنهجي والنظري للموسوعة، وتحديد مشروع موسوعة السّلم، والموضوعات وعناصرها التي استكتب فيها ثلة من الباحثين المتمرسين.
