الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثماني سنوات على رحيل زايد.. ومسيرة الخير بقيادة خليفة تواصل الخطى

ثماني سنوات على رحيل زايد.. ومسيرة الخير بقيادة خليفة تواصل الخطى
7 أغسطس 2012
أبوظبي (الاتحاد) - يظل الفقد مؤلماً على الرغم من مرور ثماني سنوات على رحيل “زايد الخير”، إلا أن ما يخفف من المصاب الجلل أن شعب الإمارات ومحبي هذه الأرض الطيبة لم يشعروا بعظيم اختلاف عن النهج الذي أرساه القائد الرمز وسار عليه “خليفة العطاء”. ويستذكر الإماراتيون والعرب والمسلمون وأبناء الإنسانية جمعاء ذلك المساء الرمضاني الذي حمل الخبر المفجع برحيل “رجل الخير”، عندما خرجت الروح مسدلة الستار على ستة وثمانين عاماً من العطاء، بينها ثلاثة عقود ونيف من بناء دولة باتت تضاهي اليوم نظيراتها في العالم المتقدم. لم يستكن محبو المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه للحزن، بل كفكفوا دموعهم، وأكملوا مسيرة البناء والتنمية في ظل خير خلف لخير سلف، معلنين للعالم أجمع أن “هذه الأرض ولودة لا تكتفي بإنجاب سيد واحد”. كان رحمه الله سياسياً محنكاً لا يبارى، بادر إلى رأب صدع الأمة العربية، وعاضد أشقاءه في كل مصيبة، وكانت فلسطين الحاضرة دوماً في فكره. قضى جُلّ عمره في بناء صرح الاتحاد، مرسياً دعائم مشروع حضاري تنموي، صار حديث القاصي والداني، لاغياً مصطلح المستحيل من قاموسه، وراسماً الطريق لمسيرة خير لا تزال تؤتي أكلها، بجهود خيرة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله. ووهب زايد نفسه لبناء وطنه وخدمة مواطنيه وتحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم في الحياة الكريمة الرغدة، وقاد ملحمة البناء من مرحلة الصفر بإقامة المدارس ونشر التعليم، وتوفير أرقى الخدمات الصحية ببناء أحدث المستشفيات والعيادات العلاجية في كل أرجاء الوطن، وإنجاز المئات من مشاريع المستوطنات البشرية التي شكلت منظومة من المدن العصرية الحديثة التي حققت الاستقرار للمواطنين. لقد كان بحق رجل التنمية. وأجمع العالم على أن الوالد زايد كان زعيماً رائداً ورجل دولة قوياً يتمتع بالحكمة وبُعد النظر، أسهم في دعم قضايا أمته العربية والإسلامية من أجل تحقيق وحدة الصف والتضامن بين شعوبها والدفاع عن حقوقها. كما دعم القضايا العالمية بمواقفه الصريحة والشجاعة، ومبادراته العديدة على صعيد العمل القومي وفي ساحات العمل الإنساني لخدمة البشرية جمعاء. وفي عهده رحمه الله، حظيت الإمارات بواحد من أعلى مستويات المعيشة في العالم، حيث بلغ الناتج المحلي 81,314 مليار درهم عام 2004، مقابل 6 مليارات و500 مليون درهم في عام 1971، ويسجل للراحل الكبير تأسيس اقتصاد متنوع الموارد وراسخ وله مقومات الاستمرارية، وتتمثل بارتفاع الناتج المحلي الإجمالي للقطاعات غير النفطية من مليارين و300 مليون درهم العام 1972 إلى 199 ملياراً و200 مليون درهم العام 2003. علاقات احترام تبوأت دولة الإمارات العربية المتحدة مكانة مرموقة بين الأمم والدول لسياستها الحكيمة المتوازنة وصدقيتها في التعامل مع مختلف القضايا الثنائية والإقليمية والدولية. وتنطلق السياسة الخارجية لدولة الإمارات التي وضعها المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، من مرتكزات الالتزام بالانتماء الخليجي والعربي والإسلامي، والحرص على تعزيز وتوسيع دائرة الصداقة مع جميع دول العالم. كما ترتكز ثوابت هذه السياسة على نهج الشفافية والحوار والمصارحة ومراعاة الجار، وإقامة علاقات متينة مع جميع الدول على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، والجنوح إلى حل النزاعات بالطرق السلمية والالتزام بمواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية الأخرى، والوقوف إلى جانب الحق والعدل والإسهام الفعال في تعزيز ودعم الاستقرار والسلم الدوليين. وكرس المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، على مدى أكثر من ثلاثة عقود كل جهوده من أجل تحقيق الوفاق بين الأشقاء وحل توحيد الخلافات العربية بالتفاهم والتسامح، حتى أصبح بفضل مساعيه الحميدة المستمرة لتعزيز التضامن العربي والإسلامي رائداً في العمل من أجل الصف العربي والإسلامي، وإعلاء شأن الأمتين العربية والإسلامية وتأكيد دورهما ومكانتهما في العالم. مواقف شجاعة وللمغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مواقف شجاعة، إلى جانب القضايا العادلة للأمة العربية والإسلامية تمثلت في مواقفه المشهودة في العراق وفلسطين ولبنان وأفغانستان والبوسنة والهرسك وكوسوفا وغيرها. وتدين دولة الإمارات العربية المتحدة الإرهاب بكل أشكاله ومبرراته انطلاقاً من المبادئ التي أرساها القائد الراحل بالتعايش السلمي بين مختلف الديانات السماوية وضرورة التسامح وترسيخ مشاعر المحبة والسلام بين البشر، وكان ينبذ انطلاقاً من هذه الرؤية كل أشكال التعصب والتطرف الديني والعنف ضد الإنسانية والإرهاب مهما كانت المبررات، ويؤكد دوماً أن الإسلام دين التسامح والموعظة الحسنة والمحبة والغفران والرحمة والمودة. الصحة والتعليم شهدت الإمارات تحت ظل زايد عدداً من الإنجازات، فعندما تولى رحمه الله زمام السلطة كانت الخدمات الصحية شبه معدومة، ليقفز عددها في نهاية عهده إلى 37 مستشفى وأكثر من 110 مراكز صحية موزعة على مختلف مناطق الدولة. أما المدارس، فمن 350 مدرسة في العام 1978، إلى 1250 مدرسة في أواخر عهده رحمه الله، ومن جامعة واحدة في تلك الفترة إلى 12 جامعة حكومية وخاصة في بداية العام 2005. كما انخفضت الأمية في ظل قيادته رحمه الله إلى 9 في المائة على مستوى الدولة، حيث بلغ عدد مراكز محو الأمية وتعليم الكبار في العام 2004 قرابة 110 مراكز. استقرار المواطنين اهتم رحمه الله باستقرار المواطنين عبر إنشاء مشاريع الإسكان وتنفيذ برامج منتظمة لتوفير السكن الملائم للمواطنين، وواصلت الإمارات في عهده اهتمامها بمشاريع الإسكان وتنفيذ برامج طموحة منتظمة لتوفير السكن الملائم للمواطنين. وبناء على توجيهاته، أطلقت وزارة الأشغال العامة منذ عام 1973 برامج الانتفاع بالمساكن والإضافات وتجاوز عدد المساكن التي أنجزتها ما يزيد على 17 ألف وحدة سكنية، ونفذت الوزارة 8 آلاف و433 مسكناً شعبياً في الدولة ،وبلغ عدد الإضافات من الوحدات السكنية 9 آلاف و319 وحدة موزعة على جميع إمارات الدولة. وبلغ مجموع ما أنفق في قطاع الإسكان في الدولة نحو 72 مليار درهم شملت تنفيذ نحو 42 ألف مسكن وتقديم أكثر من ستة آلاف منحة مالية للمواطنين، ويعد برنامج الشيخ زايد للإسكان من أهم المبادرات الإسكانية التي تخدم جميع شرائح المجتمع، ويغطي هذا البرنامج جميع إمارات الدولة بميزانية سنوية كانت لا تقل عن 640 مليون درهم. وتبوأت الإمارات في عصر المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، مكانة متميزة في البنية التحتية وضعها في مصاف الدول العصرية، وبلغ حجم الإنفاق على مشروعات البنية الأساسية التي نفذتها وزارة الأشغال العامة أكثر من ثمانية مليارات درهم. دعم الاخضرار وضع الراحل الكبير أسساً استراتيجية لتنمية قطاع الزراعة، فكانت فترة رئاسته للدولة نقطة الانطلاق لتحويل الدولة من مستوردة لكل المنتجات الزراعية والحليب واللحوم إلى الوصول إلى معدلات كبيرة من الاكتفاء الذاتي وصلت إلى ما نسبته 100 في المائة في مجال إنتاج الأسماك والتمور، وإلى 83 في المائة في مجال إنتاج الخضراوات وزراعتها، إضافة إلى أكثر من 80 في المائة في مجال إنتاج الحليب. ودعم رحمه الله بناء السدود والحواجز المائية التي بلغ عددها 114 سداً حتى العام 2004 نفذت منها الدائرة الخاصة للمغفور له 67 سداً بتكلفة إجمالية بلغت 700 مليون درهم على نفقته الخاصة. أيادي الخير طبع الشيخ زايد رحمه الله، نهج السياسة الخارجية للدولة بفلسفته الخاصة والتي تعكسها تصوراته الممتزجة بخبرة التاريخ الإماراتي، حيث لعبت الإمارات دوراً نشطاً في محيطها الإقليمي والدولي، وامتدت علاقاتها مع القوى المؤثرة. واهتم فقيد الوطن والأمة بإنشاء الهيئات والمؤسسات الخيرية لتقديم المساعدات والمعونات لأبناء شعبه، وفي عهده بلغ عدد الجمعيات الخيرية بالدولة 14 جمعية و22 مؤسسة ترعى ذوي الاحتياجات الخاصة. وقدم الراحل دعماً كبيراً للقضية الفلسطينية فتبرع بنحو 415 مليون دولار خلال حياته، وبلغت مساعدات الهلال الأحمر الإماراتي إلى الفلسطينيين في عهده نحو 437 مليون درهم. وفي عهده رحمه الله، تم إنشاء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية في الخامس من أغسطس العام 1992 برأسمال مليار دولار أميركي بما يعادل 67.3 مليار درهم ورصد 20 مليون دولار سنوياً لأنشطتها. وعلى صعيد مشاريع وأنشطة المؤسسة بلغ حجم إنفاق المؤسسة على مختلف المشاريع في قارة آسيا 15 مليون دولار. أما في قارة أوروبا وأميركا وأستراليا ونيوزيلندا فبلغ حجم المشاريع الخيرية نحو 18 مليون دولار وفي قارة أفريقيا حتى نهاية عام 1999 بلغ حجم الإنفاق نحو17 مليون دولار. وأسس الراحل صندوق أبوظبي للتنمية العام 1971 من أجل تقديم القروض والمنح والمساعدات الخارجية للدول الشقيقة والصديقة لدعم جهودها الرامية إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ووصل إجمالي القروض التي قدمها الصندوق 19 ملياراً و748 مليون درهم منذ تأسيسه وحتى نهاية عام 2004. حماية البيئة حظي القطاع البيئي باهتمام بالغ من زايد، وكرس جل حياته وجهده من أجل حماية البيئة وتنميتها ومواجهة قضاياها، فنال درع منظمة الأمم المتحدة للبيئة تقديراً على جهوده المخلصة في مجال حماية البيئة ومكافحة التصحر وزراعة الصحراء ونشر الرقعة الخضراء وحصل على 16 جائزةً ووساماً وشهادات تقدير في مجال حمايةد البيئة وتنميتها خلال سنوات حكمه. حفظ التراث تعتبر البنية الثقافية في عهد زايد مفخرة الإمارات والعرب، وشكلت أهم معالمها وأصبحت وطنية الروح قومية المذهب إنسانية النزعة. وكان المغفور له يؤكد دائماً أن نسيج البناء العصري في الإمارات تترابط فيه التقاليد مع التحديث بمتانة ووفاق، فحرص فقيد الأمة على إحياء تراث الآباء والأجداد وإبرازه وتطويره وتقديمه في حلة جميلة لأبناء الإمارات والنشء بهدف غرس مفاهيم الأصالة والتراث في نفوس الشباب، فكسبت الإمارات في عهده رهان “التوازن” بين الأصالة والحداثة وبتوجيهاته تم إنشاء جمعية إحياء التراث الشعبي ونادي تراث الإمارات عام 1997 واهتم بإنشاء فرق الفنون الشعبية. نزاهة القضاء أسس قضاءً نزيهاً محايداً لا يفرق بين أحد ولا تعلو فيه كلمة فوق القانون ونشر العدل في جميع أرجاء الدولة وبث الأمن والأمان في نفوس أهلها والمقيمين على أرضها فأطلق عليه “رجل الحكمة والعدالة”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©