الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

صراعات الساسة في أميركا وأوروبا تهدد العالم بأزمة جديدة

صراعات الساسة في أميركا وأوروبا تهدد العالم بأزمة جديدة
14 أغسطس 2011 22:20
تبدو الصورة في الأسواق العالمية مألوفة، تراجع في أسعار الأسهم وبطء يسود اقتصادات العالم، بينما السياسيون مشغولون بإيجاد حلول مفقودة وسط الخلافات الكثيرة. ويتساءل الكثيرون ما إذا كانوا في مواجهة تكرار أزمة 2008 المالية؟. وتجئ الإجابة في شكل جدل حاد يدور بين الاقتصاديين وخبراء الأسواق. يقلل العديد من هؤلاء من المخاطر الراهنة على الأقل فيما يخص وقوع الأزمة على الفور، وذلك نتيجة لأن النظام المالي ككل أفضل حالاً، بالإضافة إلى عدم وجود مشاكل خفية. لكن يضيف الخبراء أن هناك ما يدعو للقلق، حيث لا يستبعدون انهياراً سريعاً في حالة فشل السياسيين في أميركا وأوروبا في تهدئة المستثمرين من خلال التصدي للمخاطر المالية الأساسية. ويكمن جوهر المشكلة كما هي الحال قبل ثلاث سنوات، في عجز المدينين الكثيرين عن سداد ديونهم، لكن الديون هذه المرة للحكومات وليست للمستهلك. ويقول داريل دوفي، أستاذ الاقتصاد في “جامعة ستانفورد” في كاليفورنيا والخبير في النظم المصرفية،: “الوضع حتى الآن ليس بالسوء الذي كان عليه في 2008، لكنه ربما يصبح أكثر سوءاً وذلك لأن مخاوف الديون السيادية أصبحت أكثر عالمية مقارنة بمخاطر الرهون العقارية عالية المخاطر في 2008”. وربما تكون قلة الثقة المتزايدة واحدة من أوجه الشبه المثيرة للقلق بين الأزمتين. ويقول مايكل هانسون، كبير الاقتصاديين في “بنك أوف أميركا”،: “هناك مستوى من الخوف شبيه بذلك في 2008، ليس من الأساسيات فحسب، بل من المجهول”. ويتركز معظم الاهتمام حتى الآن على تقلبات أسعار الأسهم. لكن ينعكس اهتمام العديد من خبراء المال والمسؤولين الحكوميين، في شكل مؤشرات تدل على الضغوطات التي تواجهها أسواق الائتمان الأوروبية الضرورية لتمويل عمليات البنوك والشركات اليومية. وتختلف الأزمة الحالية من أزمة 2008 التي بدأت في أميركا وانتشرت فيما بعد في أنحاء العالم بعد انهيار “ليمان براذرز”. وبينما هذا الانهيار وآخر وشيك لشركة التأمين العملاقة “أميركان إنترناشونال جروب”، بدأ الوضع اليوم خارج أميركا، حيث تثير المخاوف المتصاعدة بخصوص انكشاف البنوك الأوروبية للديون السيادية، أعصاب الكثيرين حول العالم. وفي حيازة المؤسسات المالية حول أوروبا كميات ضخمة من سندات الحكومات والشركات من اليونان والبرتغال وأيرلندا وإيطاليا وإسبانيا في وقت تتنامى فيه مخاوف التأخير عن السداد. ويصر البعض على أن المقارنة بين الأزمتين مبالغ فيها. ويقول لاري كانتور، مدير البحوث في “باركليز كابيتال”،: “هناك فرق كبير جداً، لا أعتقد أن في أميركا أزمة ديون في الوقت الحالي، كما أن الديون الأوروبية ليست بحجم ديون الرهن العقاري أو المشتقات في 2008. واستبعد بشدة تراجع الأسواق بالمعدل الذي حدث آنذاك”. ويضيف الخبراء أنه من الضروري عدم الخلط بين اضطراب أسواق الأسهم الحالي والذعر الذي انتشر عند ذلك الوقت في كل أرجاء العالم. ويقول جون ريتشاردز، مدير الاستراتيجية في “آ ر بي أس للأوراق المالية” للأميركيتين،: “هذه عملية إصلاح لسوق الأسهم تُعزى لبطء النمو وتوقعات الركود. أما في 2008، كانت هناك أزمة تمويل حقيقية حيث أحجمت البنوك عن إقراض بعضها البعض”. ويرى بعض المستثمرين أن الأزمة تبدو شبيهة بأزمة 2008. وتقارن الشركات التجارية الخطر القادم من اليونان الذي جلب أزمة الديون السيادية لمجموعة “بير ستيرنز” قبل عام والتي كان سقوطها في مارس 2008، بمثابة البروفة للأزمة الكبيرة التي تلت بعد ست أشهر من ذلك. ولهؤلاء، تعادل ديون إيطاليا وإسبانيا الضخمة ديون “ليهمان” و “أميركان إنترناشونال جروب”، تلك المؤسسات التي هدد سقوطها استقرار النظام المالي العالمي بأكمله. ونتيجة لأصداء 2008 المشؤومة، انخفضت أسهم البنوك الأوروبية 10% في غضون أيام فقط، وبدأت البنوك في أوروبا في تخزين النقود لتشل بذلك حركة الإقراض فيما بينها والتي يعتمد عليها النظام المالي العالمي في تشغيله. وبينما ارتفعت تكاليف الاقتراض في أميركا وبريطانيا بنسبة قليلة مؤخراً، تضاعفت في البنوك الأخرى من القارة التي تقرض بعضها البعض منذ نهاية يوليو الماضي. ويشير مراقبون أكثر تفاؤلاً إلى أن هذه النسب لا تزال أقل من تلك المعدلات التي كانت في أوج الأزمة، على الرغم من أنها الأعلى منذ ربيع 2009. وانتشرت مخاوف تفشي العدوى نتيجة لمليارات الدولارات التي يتم تداولها بين البنوك الأميركية والأوروبية يومياً. وتصاحب هذه المخاوف إنكار حقيقة الوضع الراهن، المعيار الذي تردد صداه في 2008. وحتى في ظل ضعف الاقتصاد الأميركي، يستمر “وول ستريت” في توقعاته بأن تفوق عائدات الربع الأخير مستوى السنة الماضية بنحو 23%، الهدف الذي يبدو بعيداً في بلوغه. ومع ذلك، هناك اختلافات مهمة بين تلك الفترة والوقت الحالي. يزيد رأس مال المؤسسات المالية في أميركا بنحو الثلث مقارنة بعام 2007 حيث تبدو في وضع أفضل لمقاومة الرياح العاصفة الآن. كما قللت أيضاً من المخاطرة، حيث إنها وبدلاً من إقراض 25 دولاراً مقابل كل دولار في حوزتها من رأس المال، تقرض حالياً 16 دولاراً فقط. وهناك طرق أخرى ساعدت النظام المالي على تقليل الديون، منها تراجع حجم سوق اتفاقيات إعادة الشراء التي تقوم بمقتضاها المؤسسات المالية باقتراض الأموال ليوم واحد لتمويل عملياتها التجارية، من 4,57 تريليون دولار في مارس 2008، إلى 2,6 تريليون دولار في يوليو 2011. والأكثر من ذلك، قلصت الشركات والمستهلكين ديونهم، لكن ليست الحكومات. كما يتوافر اليوم فهم أفضل لمدى المشكلة مقارنة بعام 2008 عندما تفاجأ صناع القرار بصورة متكررة بحجم ديون الرهن العقاري الأميركية عالية المخاطر، وبتوغلها في الكثير من النظم المالية في مختلف أرجاء العالم. لكن ليست كل الاختلافات حميدة، وعلى عكس الوضع في 2008 عندما تحرك المسؤولون في أميركا بالسرعة اللازمة لإنقاذ البنوك وتوفير الضمانات للمحافظة على النظام المالي من الجمود، يقدم الوضع الراهن فرقاً سياسية في واشنطن تجعل من العمل الجريء تحدياً أكثر. كما يملك “الاحتياطي الفيدرالي” (البنك المركزي الأميركي) القليل من الوسائل للاستفادة منها، حيث خفض بالفعل أسعار الفائدة قصيرة الأجل لما يقارب الصفر، مع استنفاد جولتين من برامج الإنقاذ تصل في مجملها إلى تريليوني دولار لم تفلح في إنعاش الاقتصاد الأميركي بصورة كاملة. ويقول مايكل هانسون، من “بنك أوف أميركا”،: “إنها حرب مختلفة الآن وإننا لا نملك أسلحتها التقليدية”. وفي أوروبا حيث نشأت الأزمة الراهنة، ينقسم القادة السياسيون حول ما ينبغي القيام به مثل نظرائهم في أميركا، وذلك لمواجهة مختلف الدول صعوبة في التوفيق بين مصالحها المتباينة. ويشير فيليب فينش، الخبير الاستراتيجي في “يو بي أس”، إلى أنه “لم نر حتى الآن سياسياً واحداً جاء بخطة شاملة منسقة ومعقولة، ونحن في حاجة لاستعادة الثقة ونبذ الخلافات فيما بيننا”. نقلاً عن: إنترناشونال هيرالد تريبيون ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©