الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات تجمع 450 قيادة دينية لحماية الأطفال في العالم الرقمي

الإمارات تجمع 450 قيادة دينية لحماية الأطفال في العالم الرقمي
19 نوفمبر 2018 03:02

محمد الأمين (أبوظبي)

في غمرة استعدادات أبوظبي، لاستضافة فعاليات النسخة الأولى من مؤتمر «تحالف الأديان لأمن المجتمعات: كرامة الطفل في العالم الرقمي» يومي 19 و20 نوفمبر 2018، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، شهدت العاصمة الإماراتية حراكاً غير مسبوق بتوافد قادة الأديان من حول العالم لتوحيد الجهود تجاه وقف الانتهاكات بحق الأطفال في العالم الرقمي.
ويتجمع اليوم نحو 450 من القيادات الدينية من شتّى أنحاء العالم، بهدف معالجة التحديات الاجتماعية الأكثر إلحاحاً في العالم، إضافة إلى تعزيز جهود قادة الأديان، والعمل على الخروج بأفكار موحدة لتعزيز حماية المجتمعات، وخاصة النشء من جرائم الابتزاز عبر العالم الرقمي ومخاطر الشبكة العنكبوتية.
وقد لا تكون الفكرة وليدة اللحظة، فعلى الرغم من القرارات والتدابير التي تسابق عدد من دول العالم والمنظمات الدولية لتبنيها تجاه حماية الأطفال من مجرمي العالم الرقمي، فإن تشكيل دولة الإمارات لهذا التحالف الدولي الذي يجمع قادة الأديان على مستوى العالم كانت خطوة جدية وفاعلة على الطريق الصحيح، فهذه القضية تتطلب إيجاد حلول جذرية، وتمكين الجهات القادرة على الوصول إلى الفئات المستهدفة بأسلوب يخاطب الغرائز البشرية بعمق، ومن دون أي وسائط.
وفي هذا السياق، لاقت دعوة الإمارات التي وجهتها إلى قادة أديان العالم للمشاركة في هذا المؤتمر الدولي الأول من نوعه، صدى واسعاً في مختلف المحافل، بالنظر إلى تركيزه على توحيد جهود القادة الدينيين في العالم وحشد إمكاناتهم لتعزيز الأمن في مجتمعاتهم ومجتمعات العالم أجمع.
ولكن السؤال الأهم هنا: لماذا الإمارات؟ إذ لا يختلف اثنان على أن دولة الإمارات تقدم للعالم نموذجاً مختلفاً من النسيج المجتمعي والتركيبة السكانية التي تجمع أكثر من 200 جنسية تمثل أدياناً ومعتقدات روحية متعددة، نجحت في التعايش بانسجام وألفة على أرضها، ما يجعلها أفضل مكان على وجه المعمورة لتبني هذه الانطلاقة الفكرية الجديدة، والتي قد تكون في يوم من الأيام مقدمة لتحالفات دولية عملاقة، أساس قيمها، التسامح، والتعايش، ومجتمع يكاد يخلو من تبعات الانتهاكات بأنواعها.
إن ما نشهده اليوم، يعتبر نقلة نوعية في التحالفات الدولية؛ إذ تجتمع الحشود هنا على المبادئ الإنسانية والأخلاق، والمعتقدات الدينية، مع التركيز على الاستفادة من قَوى قادة الأديان ونفوذهم لأمن أطفال مجتمعاتهم، ورفع الوعي وبناء الحوار واتخاذ تدابير حازمة ومستنيرة لحماية كرامة الأطفال في العالم الرقمي.

قوانين إماراتية ملزمة
لقد التفتت دولة الإمارات إلى أهمية حماية الطفل وضمان حقوقه مبكراً مقارنة بالعديد من دول العالم، إذ ينص قانون حماية الطفل على الإبلاغ بشكلٍ إلزامي عن أي إهمالِ أو إساءة معاملة للأطفال في الدولة. وفي سياق متصل، أصدر المجلس الوطني الاتحادي القانون الاتحادي بشأن حقوق الطفل في عام 2016، والذي يضمن حق الأطفال في الحياة والحصول على الحماية من أي ممارسات للاستغلال الاقتصادي والجنسي. كما يسمح القانون للمتخصصين في رعاية الأطفال بإبعاد الأطفال عن منازلهم دون الحصول على إذن قضائي ومن دون موافقة الوالدين، وذلك في حال رصد أي مخاطر وشيكة تهددهم.
ولكن في الوقت ذاته، لا يمكن غض الطرف عن عدد من المنظمات العالمية التي ركزت جهودها لمواجهة هذا التحدي الصعب، وأسهمت في البناء للوصول إلى هذه اللحظة، فعلى سبيل المثال، عملت منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) على إزالة المحتوى المسيء للأطفال، وكشف أماكن الجُناة واعتقالهم لينالوا عقابهم.
كما بدأ المسؤولون في المملكة المتحدة بالاستعانة بكبرى شركات التكنولوجيا في الولايات المتحدة الأميركية للمساعدة في هذه القضية، وذلك بهدف منع الإرهابيين والمجرمين الإلكترونيين من استغلال منصاتها الرقمية. وخلال عام 2014، قامت المملكة المتحدة بتأسيس التحالف العالمي «نحن نحمي» (We Protect)، وذلك بالتزامٍ عالمي من قبل العديد من الشركاء والأطراف المعنية تجاه التصدّي لممارسات انتهاك حقوق الأطفال واستغلالهم عبر العالم الرقمي.
وعلى مستوى قارّة أوروبا، أعلنت المفوضية الأوروبية عن تعاونها مع الولايات المتحدة لتأسيس «التحالف العالمي لمكافحة الاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الإنترنت» في ديسمبر 2012، وذلك بهدف الارتقاء بمعايير مكافحة هذا النوع من الاعتداءات في جميع أنحاء العالم. وقد ساهم هذا التحالف في حشد جهود 54 بلداً لمكافحة الجرائم الجنسية ضد الأطفال عبر الإنترنت.
وفي الولايات المتحدة، تم تأسيس عددٍ من المنظمات لمكافحة هذا التهديد، بما يشمل «أحبّوا أطفالكم» (Love Your Children USA)، و«وكالة معلومات رعاية الأطفال» Child Welfare Information) Gateway)، بالإضافة إلى إطلاق الخط الساخن الخاص بالإبلاغ عن إساءة معاملة الأطفال (Child Help National Child Abuse Hotline)، وغيرها الكثير من المبادرات.

جهود دؤوبة خليجياً
وخلال السنوات الماضية، صادقت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، كما حرصت على تعزيز التشريعات الوطنية في المجالات الاجتماعية والصحية والتعليمية والاقتصادية. ومع ذلك، لم يتسنّ لتلك البلدان، في أغلب الأحيان، تطبيق أطر عملٍ تشريعية شاملة لحماية الأطفال.
ولكن بلدان المنطقة تبذل جهوداً دؤوبة للتوصل إلى حل دائمٍ وطويل الأمد. ففي المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، يهدف برنامج «الأمان الأسري الوطني» إلى حماية الأسر والأطفال من العنف وسوء المعاملة. كما قامت سلطنة عُمان بإصدار قانون الطفل العماني لعام 2014، والذي يتضمّن آليات تُلزم الأطباء والمعلمين وأصحاب المهن الأخرى بالإبلاغ عن حالات إهمال وإساءة معاملة الأطفال.
ولكن قضية إساءة معاملة الأطفال لا تزال قائمة، ولسوء الحظ، مُنتشرة بكثرة حول العالم. فخلال الشهر الماضي وحده، تبيّن أن إجراءات إحالة الصور المتعلقة بحالات الاعتداء على الأطفال والإبلاغ عنها ارتفعت بنسبة 700% خلال الأعوام الخمس الماضية، وذلك بحسب استبيان استقصائي أجرته الجمعية الوطنية لمنع القسوة على الأطفال (NSPCC) بالمملكة المتحدة، وكذلك الإحصائيات الجديدة الصادرة عن «الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة». كما وكشفت السلطات البريطانية عن وجود ما مجموعه 80 ألف شخص يشكّلون نوعاً من التهديد الجنسي للأطفال عبر الإنترنت في المملكة المتحدة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©