الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عمر النجدي.. أسلوبه يمزج هدوء الريف بازدحام الأحياء الشعبية

عمر النجدي.. أسلوبه يمزج هدوء الريف بازدحام الأحياء الشعبية
10 أغسطس 2011 22:50
ساهمت نشأة الفنان التشكيلي عمر النجدي في بيئتين مختلفتين ما بين الريف المصري الهادئ، ومنطقة باب الشعرية المزدحمة ذات الطابع الشعبي بالقاهرة، في أن يجمع بين النقيضين، الثورة الشعبية والهدوء، وهو ما نلحظه في أسلوبه الفني من حيث اختيار الخامات، في خشونة المادة واستخدام الرمل أو المواد المتعارف عليها في فنون التشكيل كالألوان الزيتية والإكريليك التي تتميز بنعومة مادتها، وقد ارتكز في تلك الأساليب على خلفية فكرية وفلسفية، استنبطها من خلال طفولته، ولكنه لم يدركها إلا فيما بعد، فحينما كان يصلي في جوامع باب الشعرية، كانت أشكال العرائس بتلك الجوامع تلفت نظره فيتأملها على أنها أيد بشرية تتضرع إلى الله، بينما الفراغات حول تلك الأيدي تتعانق كعاشق ومعشوق، إنها فكرة الكتلة والفراغ لدى الفنان المسلم، ولذلك جاءت فكرته في معالجة الكتلة والفراغ في أعماله النحتية الحديثة، وتلك كانت بداية الفكرة في العمارة الإسلامية، فالتعشيق له أبعاد فكرية وفلسفية روحية توضح العلاقة المتشابكة بين الكتلة والفراغات. ويقول النجدي: إنه يؤمن بارتباط الأزل والأبد، البداية والنهاية، وتتجلى تلك العلاقة في رسمه اللوحات ذات الخط الواحد، فيضع القلم على مسطح التصوير ويبدأ تكوين الموضوع كله والقلم لم يبتعد عن السطح المرسوم إلى أن ينتهي بتوقيعه على اللوحة، فتمثل البداية - الأزل - إلى نهاية العمل - الأبد - في خط مستمر، وأن ذلك مرتبط بفكر فلسفي له أبعاد روحية استمدها من خلال قراءاته في التصوف والقرآن الكريم، بالإضافة إلى استنباط الزخارف الخيامية من البيئة الشعبية. الفنون الغربية يضيف أن تلك الشواهد الرئيسية في تركيبته الفنية استخلصها من دراساته للفنون الغربية والشرقية، إلى أن وصل إلى الفكر الفني الإسلامي، أو أنها «إسلاميات جديدة «تلك التي يقوم بها، ويعتقد أن كثرة التقنيات التي يستخدمها في أعماله الفنية لم تأت من خلال دراساته للفن في كلية الفنون الجميلة أو في أكاديمية الفنون في فينسيا باعتبار أن موادهم تمثل الفن بشقه المعنوي، بينما الفن التطبيقي الوظيفي، والتقنيات كانت في أقسام الخزف والزجاج وطباعة المنسوجات، والمعادن والحديد، في كلية الفنون التطبيقية، حيث كان يتردد على تلك الأقسام لأخذ فكرة واضحة عن التقنيات المتنوعة دون التعمق فيها، وهو ما أفاده لتوضيح أفكاره الفلسفية. ويؤكد النجدي أنه فنان اللحظة، وهو ما ساعد على إبراز تنوع وتعدد تقنياته، فاللحظة التي ينفعل فيها بموضوع ما، يبدأ في عملية التنفيذ التي بدورها تتفق مع الموضوع، وهو الذي بالتبعية يأتي بالأسلوب، وربما كان ذلك سبباً لخلافه الكبير مع الفنانين الآخرين، فهو يرى أن الأسلوب حرفة يعرفها الفنان ويستلهمها لنفسه حتى تصبح أسلوبه الذي يميزه، ولكنه لا يخضع لتلك الطريقة في الأداء التي تفرض أسلوباً محدداً في التناول، ولذلك تتعدد أساليبه في معالجة اللحظة التي يتعايش معها ويتحرَّك في الاتجاهات التأثيرية أو التعبيرية أو التجريدية. المذاهب الفنية يضيف النجدي أن دراساته الفنية للمذاهب الفنية المختلفة من أكاديمية وكلاسيكية، ودراسات التاريخ، ثم استكمال تلك الدراسات في بعثته إلى إيطاليا بداية بعصر النهضة وبعدها المذاهب الحديثة وخصوصاً بدايات القرن الـ 19 وحتى نهايته، حيث كانت الحركة الفنية العالمية في أوج عظمتها، تلك المدخلات في شبابه أعطته القدرة على الانتقال من مذهب إلى آخر، إلى أن انصهرت جميعها في بوتقة واحدة وخرجت بشكل يخصه رغم تنوع الأساليب، حتى وصل إلى التجريدية المطلقة والرمزية. ورغم الإعجاب الذي يبديه عمر النجدي بتلك الأساليب الأوروبية الحديثة، فإنه أكد دور استلهام الفنان الغربي من الفن الإسلامي، ذلك الذي يأتي عبر قواعد معمارية أو تشكيلية، أساسها المربع والدائرة، موضحاً أن أبجديات التصميم في العالم قواعد هندسية معمارية، حيث تبدأ بالنقطة التي تتكاثر متجاورة فتصبح خطاً، وهو بدوره إذا انكسر أصبح زاوية، وهي الأخرى يمكن أن تكون مربعا أو مستطيلاً، أما الدائرة فهي القوس، وتلك الفلسفة ذكرها في كتابه «أبجدية التصميم» حيث المربع هو الكعبة والدائرة هي حركة الطواف حولها، والمربع به الزاوية، وبه كافة إمكانات الخطوط المستقيمة الخارجة والداخلة، وبذلك تنتج فكرة «من الأزل إلى الأبد»، وهو الامتداد الذي لا حدود له رأسياً أو أفقياً، في حين أن القوس له حدود لا بد أن تكتمل في شكل الدائرة، وهي في مكان وزمان. التشكيل الإسلامي وقال: كنت أقول دائماً «أنا فنان إسلامي»، وحقيقة الأمر أنني أحاول تحديث شكل فني إسلامي معاصر، أو تطويره من دون أن أنقله على شكله القديم المعاصر لوقته آنذاك، على أن يكون التأثر بروح الفن الإسلامي، وليس شكله المباشر، وأنه أخذ هيئة التشكيل الإسلامي الهندسي في شكل المربع والدائرة، اللذين يعتمدان على الخط والقوس، وهما أساس كل تشكيل في العالم، حتى الحروف في اللغات المختلفة تجد فيها الخط والقوس وعلى رأسها اللغة العربية، وأنه غير ملتزم بطريقة الفنان المسلم القديم، وأنه لا يرجو للفنان الشرقي أن يكون ظلاً للفنان الغربي. وأوضح أن تسمية الفن الإسلامي بالفن الزخرفي تعود إلى المشاهدة السطحية للزخارف الإسلامية، بينما هو فن راق له أصول وأبعاد فلسفية، تحتاج إلى إمعان النظر والتعمق عند مشاهدته، مدللاً على ذلك بأن بعض المدارس الحديثة وعلى رأسها المدرسة الألمانية التي ظهرت في أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات والتي تسمى «الباوهاوس»، هي جزئية بسيطة من الفن الإسلامي. كما أن المدرسة التقسيمية بمساحة اللون أو التجريدية الهندسية هي جزء آخر مستمد من الفن الإسلامي، و«بيت موندريان» حينما شرع في بناء لوحاته الهندسية من المربعات والمستطيلات. ووظف الموجات الضوئية لكل لون، مثل وضع اللون الأحمر في مساحة محددة تناسبها درجة لون أخرى من الأزرق أو الأصفر، فأصبح اللون الأحمر له القوة ليصطدم بالعين أولاً وتليه الألوان الأخرى، وهنا أصبحت هناك أبعاد منظورية على هيئة مساحة، بعد إلغاء المنظور المرسوم واستبداله بالمنظور الضوئي، وتلك الفكرة ناتجة عن الفنون الإسلامية.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©