الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

هاني فحص: الإيمان يجمع والدولة أساس التقارب

3 أكتوبر 2006 01:33
استضاف مجلس الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بقصر سموه بالبطين الليلة قبل الماضية محاضرة فكرية بعنوان '' التقريب بين المسلمين·· دورالدولة والمجتمع وأهل العلم'' ألقاها المفكر الإسلامي سماحة السيد هاني فحص عضو المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان وذلك بحضور الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وفي اطار البرنامج الفكري ولقاءات الحوار لمجلس سموه في شهر رمضان المبارك· واستهل السيد فحص محاضرته التي قدم لها وأدارها الدكتور محمد المطوع استاذ الاجتماع السياسي بجامعة الإمارات بتهنئة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والحضور بحلول شهر رمضان المبارك وتقديم الشكر لسموه على اتاحته فرصة هذا اللقاء والتواجد هنا شريكا لهذا البيت الجامع في رحاب الإسلام الجامع الذي يتسع للجميع·مشيدا بحرص سموه على رعاية وتثمير الاحتياطي الذهبي من القيم التي جسدها الراحل والحاضر الكبير والد الجميع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان· بدأ السيد فحص بآية من كتاب الله حيث قرأ ''اذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا''· وأوضح ان الإسلام ألف بين الأعداء واذا ماتفرقت قلوب المسلمين فإن على القلوب الكبيرة والعقول الراجحة ان تعيد الأمور إلى نصابها· مشيرا إلى أن إعادة التأليف تصبح أسهل إذا ماعادت القلوب والعقول إلى الأصول وتصبع أصعب اذا ما ابتعد الجميع عن الأصول·وذكر السيد فحص ان الكلام في التقريب بين المذاهب الاسلامية أو بين أهلها من المسلمين وأحيانا بين أهل المذهب الواحد· الحاجة الى التقريب هذا الكلام تفريع على الكلام عن الاختلاف والحاجة إلى التقريب تشن كلما دفع الاختلاف من خارج الدين بالطبع إلى مقام الخلاف حيث يلبس ما هو من خارج الدين بالدين ليضر بالدين والمتدينين· وأوضح السيد فحص أنه ما من حالة حضارية سالبة ''الفرقة والفصال'' أو موجبة ''التقارب'' إلا وهي مركبة أو انجاز مشترك أو ارتكاب مشترك لشركاء يقع في مقدمتهم الدولة والمجتمع والطليعة العلمية،مبينا أنه إذا ما قررت الدولة أن تقوم بوظيفتها كحاضن فإنها تصغي لمجتمعها وطليعته العلمية بداعي الشراكة فتكون بذلك قد استحقت وألزمت مجتمعها وطليعته بالإصغاء لها أي اقامة العلاقة على الحوار الذي يجعل الدولة تتبصر في تعدد اجتماعها فإن تراجع منسوبه تراجع دورها وفعلها وان تقدم هذا المنسوب التعددي تقدمت الدولة والمجتمع معا· اذن فلا بد للدولة أن تنشط آليات الحوار والاندماج ما يوفر لها حراكا يحفظها ويجددها كضرورة اجتماع بالولاء والنقد معا ويمنع الاعتراض عليها من أن يتحول الى سعي لنقضها أو تقويضها· وقال '' اذن فالدولة أساس في مسألة التقارب أوالتقريب والشرط عليها أو لها ولاجتماعها أن ترعى حركة التقارب فتمنحها حريتها الكاملة وتساعدها على تشغيل وتجديد طرائقها العلمية من دون أهداف سياسية أو سلطوية مباشرة واختزالية تفضي إلى المصادرة والتعطيل·مشيرا الى ان هذه ليست دعوة إلى التنصل من السياسة أو اقصاء الدولة في حيز ما عن شأنها السياسي الذي هو أهم وظائفها بل إن بامكان الدولة أن تتحول الى حاصد سياسي ماهر بقدر ما تسهم في رعاية وحماية الزرع والزراع· ومضى السيد فحص قائلا '' انا على يقين وأنا مفترض أن الايمان يجمع الجميع والا فماذا يفعل الإيمان إن لم يجمع·واذا ما فرقنا الإيمان فما ومن الذي يجمعنا·ان الذي يفرقنا هو غير الإيمان أي أننا لا نتفرق ونحترب ونحن مؤمنون''· شهادة التاريخ وقال هناك شواهد كثيرة في التاريخ في اجتماع أهل الباطل أو المشركين في مقابل تفرق أهل التوحيد والمؤمنين غير أنه ''وحسب شهادة التاريخ'' تبقى وحدة أهل الباطل عارضة وان طال أمدها وتبقى فرقة أهل الايمان والتوحيد والحق عارضة وإن طال أمدها وهذه ليست دعوة إلى الطمأنينة والكسل لأن الخسائر التي تترتب على صراع أهل الحق والايمان باهظة سواء أطال الزمان بها أم قصر· الماضي المشترك واضاف '' هنا يحسن أن نستعيد مثالاتنا من ماضينا المشترك بدل أن نستعيد السالب من هذا الماضي أو المفرق· وفي العهد الراشدي التعددي الوحدوي والذي كانت المشاركة هي التي تحكم مساره لتجعل القطيعة أو المقاطعة مجرد وجهة نظر· مجرد رأي لا يلبث أن ينسحب إلى الوراء عندما تتقدم مصالح المسلمين على غيرها ''· وقال '' انه على هذا الأساس كان الخليفة عمر بن الخطاب يؤكد حاجته إلى مشاركة علي بن أبي طالب المعترض حيث كان علي المعترض يضع اعتراضه جانبا يؤثر العام على الخاص من دون مجاملة وهذا يفضي بنا إلى مشترك مركزي في الدائرة الإسلامية أعني أهل البيت الذين كلفنا الله في كتابه بمودتهم وهم الذين آثروا الوسطية موقعا لهم حفظا لمركزيتهم في نظام القيم الإسلامية ولدورهم الجامع لكل الأطراف ما جعلهم يبنون علاقتهم بالسلطة على مسلكية ترجح الدعوة على السلطة فصالح الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية تقديما للأهم على المهم واستشهد الحسين ليتحول إلى شاهد للحق من دون أن تكون السلطة هدفه الأول فلما وصل الأمر إلى ولده علي بن الحسين أسس لسلوك متناغم مع سلوك أبيه وعمه فتخلى وانصرف إلى سقاية زرع القيم والأخلاق والوحدة وحماية التوحيد من عوادي الفرقة· هنا تجسدت الوسطية سلوكا جامعا وحافظا للايمان والمؤمنين بالعلم الذي أدى الى حساب دقيق للأولويات''· ورأى فحص أن الذي يقوم في الوسط يرى كل الأطراف ما فيها من حقائق ولديها من حق وعليها من حق منطلقا من تعددية المعرفة وتركيب الحقيقة·وقال إنه من أراد زيدا من الحقيقة فما عليه إلا أن يعترف بالآخر بحقه وما لديه من حقيقة وبحاجته الى ما في يد الآخر من حقائق ومن حقوق والا تناقص أو تآكل مخزونه الإيماني مهما يكن باذخا وتراجع مدخوله من الحقائق مهما يكن مجتهدا في طلب العلم· المجتمع الاسلامي وانتقل المحاضر إلى عنصر آخر قائلا '' بعد الدولة هناك المجتمع الإسلامي أو العربي أو الوطني وهذه كلها مفاهيم موحدة لا تنفي التعدد هذه الوحدة قائمة في العمق تتقدم مظاهرها وتتراجع بفعل النزاعات على أنظمة المصالح ولكنها تبقى راسخة وتبلغ أوج التعبير عنها في المفاصل وأمام القضايا والأحداث الكبرى '' فلسطين مثلا'' ''العدوان الثلاثي على مصر'' ''حالة لبنان''· مؤكدا ان اجتماعنا لو ترك وشأنه أي من دون سياسة حزبية تقوم على التعصيب وتطلب السهولة في ذلك فتجد المكون المذهبي ناجزا وجاهزا أو هي التي تعيد تجهيزه فتستحضر الفوارق الطبيعية تبعثها بذهنية وخطاب فصالي أو سجالي وفصالي مدمر· القيم المشتركة رأى السيد فحص أن مجتمعنا أو مجتمعاتنا العربية والإسلامية والوطنية لو تركت بذاتها لذاتها فانها مؤهلة لأن تعيد باستمرار اكتشاف قيمها المشتركة ومصالحها المشتركة لتؤسس عليها وتعيد تأسيس عيشها المشترك الذي يقوم على المعرفة المشتركة والتعارف والاعتراف المتبادل والتكامل المختلف وحيوية وقوة المؤتلف ارتقاء الى مستوى المواطنة التي تحفظ الجميع بالجميع للجميع تحت رعاية الدولة التي تستمد قوتها من عدالتها وتحول قوتها الى عدل وعدالة· وطالب السيد فحص من أجل الدوام والمداومة على انجاز التقارب والتقريب والاقتراب بمنح مجتمعاتنا المزيد من الحرية على أساس أن تنتج هذه الحرية نظامها أي المسؤولية· مشيرا إلى أنه بالحرية يعرف المجتمع ويتعارف ويتثاقف ويتناصر ليحمي جماعاته المختلفة من اغراءات الانقسام ذلك أن التجزئة كالمرض قد تبدأ من مكان فاذا ما تركت تفشت· مؤكدا ضرورة حصارها بتأهيل مجموع البدن للممانعة وتكثيف عمليات العلاج والوقاية معا· ورأى انه لا بد لتحقيق حرية المجتمع من أن نعمل معا دولة ومؤسسات أهلية ومدنية وطلائع علمية في مختلف الحقول والاختصاصات على تخليص المجتمع من ضغط القبليات في كل شيء· ولا بد لنا أن نرفع الخوف بحيث تصبح كل جماعة منا أو حساسية تجد أمانها الذاتي في أمان الجماعة الأخرى ''المختلفة'' أي في سلامتها وحريتها على أساس أن الحرية هي التي تتكفل باصلاح أعطابها والوقاية منها معرفيا وسياسيا وحياتيا· واعتبر السيد فحص أنه مبالغ من يتصور أو يصدق بأن خللا بنيويا في جماعة من جماعاتنا الوطنية يقتصر ضرره على أهل هذه الجماعة وحدهم دنيويا وأخرويا· الاعتدال والوسطية وقال السيد فحص '' إنه من موقع الاعتدال والوسطية والدعوة الدائمة إلى التسوية تشكل تيار فكري وعلمي وثقافي إسلامي شيعي تصدى ومازال إلى تأصيل فكرة ودعوة الشيعة خاصة شيعة البلاد العربية إلى الاندماج في أوطانهم واقوامهم حفظا لوجودهم ''·محذرا من ان النزوع الى التمايز لن يكون مصيره الا التلاشي'' وأضاف انه كلما لاحت نذر الفتنة اكثر كلما اكتشف هذا التيار ان خياره اشد صوابا وأقرب إلى التقوى إلى ذلك فهو يزداد سعة وعمقا بهدوء ويفتح بوابات الحوار على وسعها· الوحدة وقال '' اذا ما قرأنا حركة العلم والعلماء على شرط الحرية في تاريخنا نجد أن نصاب الوحدة الذي حفظنا عندما حفظناه أو قلل من صراعاتنا عندما قللنا من صراعنا عليه وتحاورنا فيه ومن أجله كان في معظمه من انتاجهم '' انما يخشى الله من عباده العلماء'' والآية واردة في سياق الدعوة إلى التأمل في التعدد والاختلاف كسنة إلهية منطوية على أساس وحدوي راسخ وتكويني فاعل· والخشية هي التقوى هي الخوف من الخطأ والزلل والدم وإخراج الناس من شعورهم بنعمة الإيمان والخوف هذا الصمام العظيم الذي ينجي المؤمنين من الاقدامات القاتلة التي ظاهرها الشجاعة والغيرة ومضمونها العصبية التي تذهب بالغيرة وتقتل الأغيار·الخشية هي التقوى، وإلا عدنا إلى الوقوع في التقية والتقوى لا تتجلى إلا في الوحدة والتجزئة لا تناسبها الا التقية· والتقية على ضرورتها في حالات الخوف فانها سرعان ما تتحول الى مرض سلوكي وفكري يعطل العلم ويفرق العقول والقلوب· موقع الاعتدال في ختام المحاضرة فتح المجال للنقاش حيث تركز الحديث على أن موقع الاعتدال والوسطية سوف يسود وسوف ينتصر وان التطرف سيصل إلى نهايته المحتومه مع التشديد على ضرورة أن يكون صوت الاعتدال عاليا وجهيرا ولابد من مؤسسة الاعتدال وتراكم العمل لأجله واظهار فقه الاتفاق وغاية العيش المشترك مع مضاعفة العمل والتصدي للمؤثرات الخارجية وتحصين الجبهة الداخلية لصون الأجيال المقبلة وإعدادها الاعداد السليم الذي يخدم الأمة والأوطان· (وام)
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©