الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

المشهد السياسي العالمي بين التحولات والتوقعات والنزَعات

المشهد السياسي العالمي بين التحولات والتوقعات والنزَعات
12 نوفمبر 2018 01:32

أبوظبي (الاتحاد)

شهد اليوم الأول من جلسات ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الخامس نقاشات مكثفة ومتنوعة حول توزيع خريطة القوة العالمية وتجربة الإمارات العربية المتحدة كنموذج بناء القوة، وشملت محور إغراء القوة في السياسات الأميركية، والطموح الروسي للقوة من ناحية التقييم الموضوعي والتحديات الداخلية والخارجية التي يواجهها، وصعود الهند كقوة آسيوية رئيسية، والحدود الجغرافية والاقتصادية التي تحيط بقوة الصين، وبحث أوروبا عن دورها القديم أو سعيها لدور جديد في ميزان القوى العالمي، وطرق استخراج القوة الكامنة في القارة الأفريقية ذات الإمكانات والموارد الهائلة في ظل تحديات الأمن والاستقرار والتنمية الداخلية.

السياسة الأميركية
ورأى المشاركون في جلسة سياسة الإدارة الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترامب والتحديات الخارجية والداخلية التي تواجهها، أنه على الرغم من حالة الاستقطاب التي تعيشها الولايات المتحدة، فهي تعي جيداً التزاماتها الخارجية وتواجه تحديات مثل صعود الصين الذي يعد تحدياً كبيراً، وأيضاً بروز روسيا كلاعب دولي، وأكدت أن هناك إشارات للعودة إلى أجواء الحرب الباردة في ظل تحديات العولمة وانعكاسها على السياسة الداخلية للولايات وبروز ما وصفه مشاركون بـ«الشعبوية».
وقال الرئيس التنفيذي لـ«مجموعة الأزمات الدولية» روبرت مالي، إن القوة الناعمة في السياسة الخارجية الأميركية كانت فعالة خلال الإدارات السابقة، لكن اليوم هناك مراجعة بهدف الحد من فاعلية أدوات هذه القوة. فيما أشار الباحث المقيم في «معهد المشروع الأميركي» مايكل روبن، إلى أن ترامب مثل اختلافاً جذرياً، وتوقع زيادة في تأرجُح السياسة الأميركية، ولكنه أكد أن الولايات المتحدة تملك نظاماً مبنياً على سيادة القانون، وبالتالي فإن ترامب يحتاج إلى التنسيق مع الكونجرس والمؤسسات الأخرى في إدارة السياسة الخارجية.
وأكد أستاذ العلاقات الدولية دانييل ماركي أن أميركا تبني حساباتها على تكهنات غالباً ما تكون خاطئة. وأشار إلى أن الإمارات والسعودية تواجهان توسع إيران وحلفائها في المنطقة، وأن هناك ارتباكاً شديداً وخطيراً في واشنطن حول هذا الأمر. فيما قال أندرو باراسيليتيدير من مركز الأمن والمخاطر العالمية في «مؤسسة راند» إن ما يميز أميركا هو وجود مؤسسات إلى جانب الرئيس، الأمر الذي ينفي الفوضى المتوقعة من تعلق الأمور بالنمط الرئاسي وحده، حيث إن هناك وزراء ملتزمين بالسياسة الخارجية.

الطموح الروسي
وركزت الجلسة المرتبطة بمحور طموح القوة في السياسات الروسية على التحديات التي تواجهها والاستراتيجية التي تتبعها، فقالت عضو مجلس اللوردات البريطاني بولين نيفيل-جونز إن للديمقراطيات الغربية مقاربة تختلف عن مقاربة روسيا في مجال العلاقات الدولية، وإن روسيا تستند في أفعالها على المستوى الدولي إلى ميزة استخدام القوة، بما في ذلك القوة العسكرية عند الضرورة، لتحقيق أهدافها.
وقال مدير عام مجلس الشؤون الدولية الروسي أندريه كورتونوف إن التطورات الأخيرة في المنطقة تقتضي إدخال تعديلات مهمة على الاستراتيجية الروسية، فقد أعادت هزيمة «داعش» جميع المنافسات والصراعات التي طُرحت جانباً إلى الواجهة، وأصبح من الصعب وعلى نحو متزايد على روسيا أن تقوم بإنشاء التحالفات.
وقالت أوكسانا جولوتفينا، رئيسة قسم السياسات المقارنة في جامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية، إن العاملين الجيوسياسي والاقتصادي يشكلان أساس السياسة الخارجية الروسية، وإن روسيا تسعى إلى تعزيز انخراطها في الشرق الأوسط دون مزاحمة أو إخراج الولايات المتحدة، لكنها لا تزال تواجه تحديات يصعب تجاوزها في أي محاولة لتقييم طموحاتها في القوة مثل الجغرافيا والاقتصاد والتحديات الأمنية. فيما اعتبر كليف كوبتشان رئيس مجموعة «أوراسيا» أن هناك تصوراً بأن روسيا قد عادت بقوة إلى التأثير في المشهد الدولي، واليوم روسيا يمكن اعتبارها القوة الثالثة عالمياً، ووصف أهدافها بالعقلانية وبأنها تتحرك بشكل جيد لتحقيق هذه الأهداف.

الصين القادمة
وتناولت جلسة هامة بعنوان «حدود القوة: الصين ومحددات الجغرافيا»، محور القوة الصينية القادمة وطرحت رؤيتين الأولى تنبأت بأن القرن الحادي والعشرين هو قرن الصين بما يشكل تحدياً كبيراً لموقع ودور الولايات المتحدة، وقد يترتب عليه بروز نظام عالمي جديد قد تلعب فيه الصين دوراً قيادياً، والثانية نظرت إلى الصين على أنها قوة إقليمية في أحسن الظروف.
وقالت سونيا لي، مسؤولة دبلوماسية مؤسسة التواصل بين الشعوب، إنه يتعين فهم تأثير الثقافة الصينية على السلوك الخارجي قبل إطلاق الأحكام، وأضافت أنه من الطبيعي أن نتوقع انخراطاً أكبر للصين في قضايا الشرق الأوسط ضمن مبادرة الحزام والطريق، لكن الصين لا تريد التورط في صراعات المنطقة مثل الولايات المتحدة.
ورأت سارة كيرجبيرغر من «معهد سياسات الأمن الألمانية» إن مبادرة الحزام والطريق تضمن للغرب وأوروبا بدائل استراتيجية لخطوط الإمداد والنقل في حال حدوث أي صراعات أو حالات طوارئ في طرق النقل العالمية. لكنها تتضمن مخاوف أيضاً، خاصة في إطار تنامي العلاقات الروسية الصينية، وتعزيز التعاون العسكري بين الطرفين. فيما قال روي كامبهاوسون من المركز القومي للبحوث الآسيوية في واشنطن إن هناك تأثيراً كبيراً للجغرافيا على نهوض الصين.

تحولات أوروبا
وتناولت الجلسة السادسة تحول أوروبا من الوحدة إلى النزعات القومية وكيفية القضاء على التحديات الداخلية التي تهدد استمرار المنظومة الأوروبية. وقال جان مارك ريكلي، مدير برنامج المخاطر العالمية والمرونة في مركز جنيف للسياسات الأمنية، إن أوروبا تواجه مصدرين من التحديات: الأول، التحديات الداخلية المتمثلة بتنامي الشعبوية والنزعات اليمينية والقومية، واحتمال تفكك الاتحاد الأوروبي، كما حدث بخروج المملكة المتحدة من الاتحاد «البريكست»، والثاني نابع من تحدي إدارة التحالف مع الولايات المتحدة في ظل إدارة ترامب التي ترفض التعددية في العلاقات الدولية والنظام العالمي.
وذكر السير مايكل لي، الزميل الأول في «صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة» في بروكسل، أن الإشكالات الناتجة عن الاندماج في أوروبا وسلبيات العولمة، أسهمت في تغذية دعوات الشعبوية والنزعة القومية في أوروبا. وتوقّع أن يزداد عدد أعضاء الأحزاب الشعبوية واليمينية في البرلمان الأوروبي خلال الانتخابات المقررة في مايو المقبل. وشدد على أنه ليس من الحكمة التهوين من التبعات الخطيرة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

قيادة الهند.. والواقع الأفريقي
وناقش المشاركون في الجلسة السابعة صعود الهند كقوة جديدة في النظام الدولي وفيما إذا كانت تمثل عودة آسيا إلى دور القيادة العالمي، كما ألقت الضوء على العديد من الإشكاليات التي تواجه الهند وتشكل تحدياً كبيراً لها. وقال مشاركون إن مستقبل الهند يتوقف على تعاملها مع هذه التحديات. وقال سمير ساران، رئيس «مؤسسة أوبزيرفر للبحوث» إن الهند تعد مؤهّلة للقيام بهذا الدور، ولكنها لم تنشئ شبكة كثيفة وكافية من الاعتماد الاقتصادي المتبادل مع دول المنطقة. وأضاف أن التحدّي الذي سيواجه الهند يكمن في قيادة جهود صياغة القواعد، واحتضان ودعم المؤسسات المتعددة الأطراف، وإعادة التموضّع كقوة ضامنة للأمن في هذه المناطق. فيما قال إن جناردان، الباحث في أكاديمية الإمارات الدبلوماسية إنه ينبغي على استراتيجية الخليج إزاء الهند أن تستمر تدريجياً في توسيع نطاق الانخراط الثنائي، مع ترسيخ الثقة بأنه لن يكون هناك تطورات مفاجئة ولا انتكاسات مروّعة في العلاقة متعددة الأوجه بين الطرفين.
وتناولت الجلسة الأخيرة واقع القوة الأفريقية في ميزان القوى العالمي وإمكانية تحويلها من قوة كامنة إلى قوة فاعلة في النظام الدولي. واعتبر فيكتور بورخيس وزير الخارجية السابق لجمهورية الرأس الأخضر أن أفريقيا لديها شراكات استراتيجية غير متوازنة، وأن على الأفريقيين أن يتعلموا الدروس في إعادة هيكلة الشراكات الاستراتيجية.
ومن المنتظر أن تتناول جلسات الملتقى اليوم صفقة القرن وتفكيك شفرتها بعيداً عن التهويل فيها أو التقليل منها في محاولة لفهم إعادة صياغة الشرق الأوسط الجديد، والتحديات التي تواجه العالم العربي داخلياً وإقليمياً مثل الحرب في سوريا والوضع في اليمن وليبيا. كما ستتطرق إلى سوق الطاقة المضطرب في ظل التحولات الجيواقتصادية الدولية، وستبحث خرافة القوة الإيرانية ووهم القوة لدى قطر.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©