الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

دول الخليج طرف رئيسي في التفاعلات الإقليمية المقبلة

دول الخليج طرف رئيسي في التفاعلات الإقليمية المقبلة
10 ديسمبر 2019 01:01

دبي (الاتحاد)

قال خبراء دوليون مشاركون لجلسة «سباق القوة والتأثير في المنطقة خلال العقد القادم»، المنعقدة ضمن أعمال الدورة الثانية عشرة من «المنتدى الاستراتيجي العربي» الذي تستضيفه دبي لاستشراف التوجّهات الدولية في السنوات العشر المقبلة: إن المنطقة مقبلة على عشرية تتفاعل فيها أربع قوى إقليمية رئيسة على ساحة الشرق الأوسط، هي دول الخليج وتركيا وإيران وروسيا.
واستكشفت الجلسة أدوار القوى الإقليمية الأربع في المنطقة خلال العقد القادم في حوار، شارك فيه الدكتورة إلينا سوبونينا مستشارة في المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية، وكريم سجادبور خبير في الشؤون الإيرانية وزميل في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، وحسين باجي أستاذ ورئيس قسم العلاقات الدولية في جامعة الشرق الأوسط التقنية ونائب مدير معهد السياسة الخارجية في أنقرة، والدكتور عبد العزيز بن صقر مؤسّس ورئيس مركز الخليج للأبحاث، وأدارته بيكي أندرسون من قناة «سي أن أن».

الدور الروسي
وحول اتجاهات السياسة الروسية في المنطقة خلال العقد القادم، توقعت الدكتورة إلينا سوبونينا أن يكون لروسيا دور أساسي في دعم استقرار دول المنطقة ومجتمعاتها بالتعاون مع مختلف دول العالم المؤثرة، بما في ذلك الصين وأوروبا لما فيه حل المشكلات الدولية والحفاظ على استقرار الدول والمجتمعات.
وأكدت أنه ورغم كل التحديات، يمكننا العمل معاً لحل المشكلات الإقليمية بدل الانتظار لسنوات حتى التوصل إلى هذه القناعة، مستشهدةً بمثال اقتراح روسيا على الولايات المتحدة تضافر جهودهما لمحاربة الإرهاب في سوريا قبل سنوات عند بداية الأزمة السورية. واعتبرت سوبونينا أن مخاطر العقد المقبل من الإرهاب والأزمات الاقتصادية والتصعيد بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، قابلة للحل إذا ما توفرت أطر عمل مشتركة بين مختلف الدول الفاعلة.
واعتبرت سوبونينا أن حضور روسيا الخارجي ينطلق من مشروع روسي وطني لتعزيز حضورها الدولي. ورغم أن هذا الحضور قائم على «البراغماتية» في الرؤية، إلا أن ذلك لا يلغي بالضرورة الدفاع عن مبادئ أساسية بالنسبة لروسيا، وفي مقدمتها سيادة الدول وصيانة تماسك مؤسساتها.
وأكدت سوبونينا وجوب عدم احتكار العمل على حل قضايا دولية كالقضية الفلسطينية من قبل دول بعينها، مطالبة بتشكيل تحالفات دولية مع أوروبا والصين مثلاً للمساهمة في حل مشاكل المنطقة والعالم.
وحول ليبيا، قالت سوبونينا: إن تغيير النظام وترك ليبيا للفوضى، يعكسان مدى عدم مسؤولية بعض الأطراف الدولية في التعامل مع هذه الحالات، مؤكدة أن روسيا تتواصل مع كافة الأطراف الفاعلة على الأرض والأطراف الداعمة لها في الخارج للوصول إلى حلول ترضي الجميع.
وأكدت سوبونينا، في ختام كلامها، على محورية القضية الفلسطينية في العقد القادم، وضرورة تخفيف التوتر في المنطقة، بما فيه سحب فتيل الأزمة مع إيران، وحل الوضع في سوريا في المستقبل القريب.

إيران والمستقبل
وقدم كريم سجادبور، الخبير في الشؤون الإيرانية، أربعة اتجاهات رئيسة في العقد المقبل على مستوى المنطقة والمشهد في إيران، أولها تحول إيران إلى نظام عسكري يحكمه الحرس الثوري بدلاً من النظام الديني الذي يملك فيه رجال الدين الكلمة العليا، وتنامي القومية الفارسية بدل الأنظمة المذهبية التي شجعها النظام منذ الثورة الإيرانية عام 1979.
أما التوجه الثاني، فهو تطور هوية العرب الشيعة إلى شكل جديد مستقل، وهو ما تعكسه اليوم تظاهرات العرب الشيعة في كلٍ من العراق ولبنان ضد التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لأوطانهم، وهو ما يتطلب بالمقابل دوراً عربياً لاحتضان هؤلاء.
واعتبر سجادبور أن التوجه الثالث يجب أن يكون التركيز على تعزيز الصحة النفسية للملايين من العرب الذين عانوا الآثار المدمرة للاضطرابات والصراعات التي شهدتها العديد من المجتمعات العربية في العقد الماضي.
أما التوجه الرابع في العقد المقبل، بحسب سجادبور، فهو بروز تحول بنيوي في آليات وتجليات الدور الأميركي حول العالم، وتحوله إلى شكل جديد من الحضور الجيوسياسي غير المقترن بالضرورة بالوجود العسكري على الأرض. وأكد سجادبور أهمية عدم تحويل إيران إلى كوريا شمالية جديدة، مؤكداً ضرورة ظهور قيادات إيرانية أكثر براغماتية، معتبراً أن النموذج الأنسب للتعامل مع النظام الإيراني في العقد القادم، يجب أن يشابه طريقة تعامل الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان مع الاتحاد السوفييتي في ثمانينيات القرن الماضي، داعياً لممارسة ما سماه «سياسة الصبر الاستراتيجي» مع النظام الإيراني في المدى المنظور.

الأطماع التركية
وعن الدور التركي في المنطقة، توقّع حسين باجي، الأستاذ ورئيس قسم العلاقات الدولية في جامعة الشرق الأوسط التقنية ونائب مدير معهد السياسة الخارجية في أنقرة، أن تواصل تركيا لعب دور محوري في المنطقة مستقبلاً، انطلاقاً من كونها لاعباً دولياً وإقليمياً.
وأكد باجي أن تركيا اختارت طريقاً خاطئاً بدعمها أطرافاً على حساب أطراف أخرى في عدد من الدول العربية التي شهدت تأثيرات ما عرف بالربيع العربي، معتبراً أن تلك التدخلات أفشلت ما كان يسمي بالنموذج التركي، وذلك كنتيجة مباشرة لتدخلاتها غير الناجحة في أحداث الربيع العربي.
وحول توقعات المشهد التركي الداخلي في العقد القادم، قال باجي إن السياسة التركية الداخلية تشهد تغيرات مهمة ستنعكس على سياستها الخارجية، وقد تنعكس على حضور الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان في المشهد السياسي بعد انتهاء ولايته الرئاسية الحالية عام 2024.
واعتبر باجي أن تركيا ستلعب دورها إلى جانب دول الإقليم في العقد المقبل، لكنها مضطرة أيضاً للتعامل مع أزمة ملايين اللاجئين لديها، مؤكداً أن سخونة الحدود الشرقية والجنوبية لتركيا تملي عليها التحرك بدل الوقوف مكتوفة الأيدي. وختم باجي بأن الشرق الأوسط سيبقى منطقة حيوية للسياسة التركية، لكن عليها في العقد المقبل التخلي عن «الطموحات العثمانية الجديدة»، لتقدم نموذجها بإمكانية التعاون مع جيرانها.

أهمية الخليج
وعن الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج، توقّع الدكتور عبد العزيز بن صقر أن تسهم رؤية المملكة العربية السعودية 2030 على المديين القصير والبعيد في ترسيخ موقعها وتعزيز الأهمية الاستراتيجية للمنطقة على الساحة الدولية من خلال تنويع الاقتصاد وتمكين الطاقات البشرية الشابة فيها.
واستعرض الدكتور ابن صقر الآليات المتاحة أمام دول منطقة الخليج للتعامل مع الأحداث الإقليمية والدولية بموازاة أجندات القوى الإقليمية الأخرى.
وقال: إن هناك فهماً مغلوطاً يعوق بناء الثقة بين كلٍ من السعودية وإيران، خاصة مع اقتناع النظام الإيراني الحالي بأن المملكة تعمل ضده، في حين أن المملكة ترفض تدخلات هذا النظام في شؤون المنطقة العربية، لافتاً أن الهجوم على «أرامكو» أوضح أهمية تعزيز القدرات الدفاعية للمنطقة.

العلاقة بروسيا
عن العلاقة مع روسيا، قال عبد العزيز بن صقر، إن العلاقات الاقتصادية العربية مع روسيا ما زالت مقتصرة إلى حدٍّ كبير على القطاع الدفاعي وتصدير السلاح الروسي لعدد من الدول العربية، لافتاً إلى أن روسيا تدعم تدخلاً تركياً على الحدود الشمالية لبلد عربي هو سوريا، وهو ما لا يمكن دعمه من قبل الجانب العربي؛ لأنه يشابه الدعم الإيراني للحوثيين حتى يوجدوا على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية.
وحول الحضور الأميركي في المنطقة، قال ابن صقر، إن الولايات المتحدة الأميركية لا تزال الداعم الأكبر لتوفير ضمانات أمنية فعلية وحقيقية في المنطقة، كما فعلت إبان تدخلها لقيادة جهود تحرير الكويت عام 1990.
وختم ابن صقر بأهمية التركيز في العقد القادم على تعزيز التنمية الاقتصادية النابعة من تنويع الاقتصاد، وتعزيز مصادر الدخل، بالتزامن مع رفض التدخلات الخارجية في المنطقة العربية من مختلف الأطراف.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©