الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

الفرجان.. «الذهب» في خبر كان!

الفرجان.. «الذهب» في خبر كان!
9 ديسمبر 2019 00:12

هل انتهى زمن المواهب؟ وهل أصبحت «اللعبة» عبارة عن كيفية «صناعة» لاعب قوي ينفذ التعليمات بعيداً عن المهارات الفطرية؟ بعد أن اختفى «الحريف» و«الحاوي»، وصاحب المهارات التي تخطف الأنظار.. اختفى «ملك الكرة الشراب»، بل اختفت المواهب في الحواري والأزقة والدواعيس والفرجان، فلا متنفس لهم يخرجون طاقاتهم ويبدعون، وربما يخرج من بينهم من يحمل لواء منتخب بلاده ويقوده إلى المجد.
اختفى دوري الفرجان في منطقة الخليج، وأيضاً دوري الحواري والشوارع والشعبية في بقية الوطن العربي، اختلفت المسميات والقضية واحدة، فقد غابت الذكريات وأحلام الطفولة، التي كانت ترسم على الرمال حدود الملعب الصغير، وتحدد المرمى بالحصى أو الأحجار.
زمن الطيبين في الإمارات أسس اللبنة الأولى لكرة القدم في جيل الخمسينيات، وخرج نجوم سكنت في قلوب الجماهير، وكان أبرزهم المر بن حريز، وعتيق بن أحمد المري، ومحمد سعيد الملا، وثاني بن عيسى، ومحمد عبدالرحمن خان صاحب، وعبدالوهاب كلداري، ولحق بهم جيل الستينيات والسبعينيات، مثل جمعة غريب، وأحمد عيسى، وعيال الحداد، وعيال مير، وعدنان وناصر الطلياني، ويوسف حسين، ومحسن مصبح، وأحمد مبارك، وخليل غانم، ومبارك غانم، وعبدالله سلطان، وبدر صالح، وفهد خميس، نجوم أمتعتنا وقدمت الكثير للكرة الإماراتية في زمن الهواية.
وفي شوارع الرياض وجدة والدمام حكايات تسطر بـ «ماء الذهب» عن نجوم الزمن الجميل أصحاب المهارات الفذة والأكثر «مهارة»، يتقدمهم الموهوب ماجد عبدالله في النصر، والمدفعجي صالح النعيمة، ومحمد عبد الجواد، وسعيد العويران، وسامي الجابر، محيسن الجمعان، وخالد مسعد، ومحمد الدعيع، وفؤاد أنور، وفهد الهريفي، ويوسف الثنيان، ونواف التمياط، وقائمة لا حصر لها وضعت الكرة السعودية في مقدمة المشهد لسنوات طويلة.
وهكذا الحال في شوارعنا العربية، ظهر نجوم الكويت، فيصل الدخيل، وجاسم يعقوب، وعبدالعزيز العنبري، ومن مصر محمود الجوهري، ومحمود الخطيب، وفاروق جعفر وحسن شحاتة، ونجوم عُمان يونس أمان، غلام خميس، ومن العراق ناظم شاكر، عدنان درجال، وحسين سعيد، وأحمد راضي.
نجوم لا حصر لهم كانوا عنواناً للكرة العربية لسنوات طويلة، هم من خرجوا من الملاعب الرملية ودوري الفرجان و«الكرة الشراب» في حوارينا العربية، مواهب بالفطرة، لعبت كرة القدم في الفريج والحارة على الملاعب الرملية والترابية، بعضهم لعب الكرة من دون حذاء، وكانت قدمه لا تخطئ المرمى، بل كانت الكرة مربوطة في قدمه من الصعب أن يحصل عليها أي لاعب.
هؤلاء أمتعونا في البطولات العربية والخليجية التي كانت بوابة لظهور نجوم جديد، في كل نسخة، ثم تراجعت المواهب، إلى أن اختفت في ظروف غامضة، وبات من الصعب أن نجد لاعباً موهوباً يتفق عليه الجميع.
في شوارعنا العربية «كنوز مدفونة»، تبحث عن بريق من أمل، هذه الكنوز لا تجد من يكشف عنها، بعدما اختفى الكشافون الذين كانوا يتنقلون بين الحواري والدورات الرياضية بحثاً عن موهبة جديدة، فقد تحول التطور السريع للعصر في ظهور أكاديميات «البيزنس» التي تقبل دخول الصغار، مقابل اشتراك شهري زاد أو قل، ولكنها في النهاية عزل المواهب في المناطق الفقيرة والأسر الكادحة عن مجتمع المال، وبات الصوت الأعلى لمن يدفع أكثر، أما الموهبة فولت، وجلس أصحاب المواهب يندبون حظهم.
في السابق كان نجوم الحواري والفرجان، هم من يتألقون في دوري المدارس، والآن لا يوجد دوري في المدارس، ولا ملاعب، بعدما تحولت إلى كتل سكنية وفصول دراسية، من أجل مواجهة الكثافة العددية للطلاب، وضاعت حصة التربية الرياضية التي لا تزال في جدول الحصص، ولكنها مجمدة لا نشاط فيها، وهو ما جعل المنظومة تختل، فالمواهب الفقيرة لم تجد الشوارع ولا المدارس، كي تخرج فيها طاقاتها.
في زمن الاحتراف، تغيرت المعايير والمنظومة والفكر والأهداف، تحت مسمى التكنولوجيا واستخدام الوسائل الحديثة في التدريب، ولكنها في النهاية لم يخرج المارد من «القمقم»، لم يظهر الموهوب الحقيقي في ملاعبنا، فقد أسهم تحول عالم كرة القدم من هواية إلى صناعة، في إحداث متغيرات كبيرة، أبرزها دخول الأكاديميات على ملاعب الحواري، وهو ما تسبب في غياب اللاعب الموهوب على سطح «المستطيل الأخضر».
ندرة المواهب قضية تبحث عن حلول في شوارعنا العربية، بعدما ضاعت الملامح وتاه الطريق، فقدت ملاعب الفرجان بريقها، بسبب التوسع المعماري، وعدم وجود مساحات يمكن إنشاء ملاعب قادرة على احتضان المواهب الصغيرة، حيث مثلت ملاعب الفرجان في السنوات الماضية منبعاً للمواهب، وكانت بمثابة المتنفس الوحيد للأجيال من أجل إطلاق إبداعاتهم في كرة القدم
الشاشة ليست مظلمة، ولكنها تعطي إشارة «الضوء الأحمر» وجرس إنذار بأن الكرة العربية بدأت في التراجع والاتجاه المعاكس.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©