الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«قصر الوطن».. مَعلم عابر للحضارات

«قصر الوطن».. مَعلم عابر للحضارات
29 نوفمبر 2019 02:48

نسرين درزي (أبوظبي)

زيارة قصر الوطن ضمن مجمع قصر الرئاسة بالقرب من أجمل واجهة بحرية لمدينة أبوظبي، تشبه رحلة عابرة للحضارات بدءا من الحدائق الخارجية وحتى الخطوات الأولى باتجاه الواجهة العملاقة المكسوة بالجرانيت الأبيض والحجر الجيري المقاوم للزمن. وعلى امتداد 380 ألف متر مربع توزعت 350 مليون ساعة عمل أنبتت صرحا عمرانيا سيحكي عنه التاريخ لاحقاً أكثر بكثير مما كتب عنه منذ افتتاحه في مارس الماضي. ويتساءل ضيف «القصر» المنبهر بكم المقتنيات الفارهة المنتشرة على ملء النظر وفي كل زاوية وعند كل جدار وعمود، عما إذا كان متحفا حقيقيا أو مدينة جامعة لفنون العمارة العربية والأنماط التراثية، أم أنه يستعرض شريطاً ثقافياً متنوعاً برؤية معاصرة لقصر أسطوري يكشف آخر خطوط الهندسة.

مواكبة الأحداث
في إطار مواكبته للأحداث، يقدم «قصر الوطن» معرضا للصور الرقمية «ذا غاليري»، والذي يعد الإضافة الأحدث على معروضاته بهدف اصطحاب الزوار في رحلة عبر الزمن للتعرف إلى أبرز اللحظات التي ميزت «عام التسامح»، بما فيها صور لم تعرض من قبل للزيارة التاريخية لقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف إلى الدولة، وصور من الأولمبياد الخاص في أبوظبي.
وتأكيداً على قيم التعايش والمحبة، أعلن قصر الوطن عن افتتاح أبوابه للمرة الأولى أمام الجمهور خلال اليوم الوطني الـ48 للدولة، حيث سيتمكن الزوار من المشاركة في الاحتفالات التي ينظمها القصر بالمناسبة، والتي تضم سلسلة من العروض والفعاليات التي تحتفي بروح الاتحاد، اعتباراً من الساعة 1:00 من بعد ظهر يوم الإثنين الموافق 2 ديسمبر 2019. وتشمل الاحتفالات استعراض وحدات حرس الشرف على الأحصنة والدراجات النارية بمشاركة فرقة «سيمفونية الوطن» التابعة لشرطة أبوظبي. ويفتح قصر الوطن أبوابه من الساعة 10:00 صباحا وحتى الساعة 8:00 مساءً، على أن يكون آخر موعد لدخول الزوار عند الساعة 7:00 مساءً.

مشهدية مصقولة
أقسام قصر الوطن المتداخلة بانسيابية راقية لا تكفيها جولة واحدة، إذ أن رغبة الغوص في التفاصيل تختصر الانطباع الأول الذي يسجل في حضرة الأسقف الشاهقة المطلية ذهباً والأرضيات المفروشة فخامة وكل ما يرتقي إلى الصناعات اليدوية النادرة. ومع صعوبة التخلي بسهولة عن مشهدية مصقولة بحرفية والانتقال إلى أخرى لا بد من وقفات متقطعة لجرد هذه الإبداعات أو على الأقل محاولة فرزها بالشكل أو بالنوع أو بالزمن والمصدر. وتتراكم عوامل الإبهار وتتسارع الخطوات بقصد أو بغير قصد، ومع كل جولة جديدة استكشاف جديد، والمحصلة الكبرى ولوج عميق إلى تقاليد المجتمع المحلي في قراءة تاريخية للإرث المعرفي المادي والمعنوي الجاري الحفاظ عليه بعناية على اعتبار أنه ثروة وطنية. وتتضح الصورة أكثر عند مكتبة القصر التي تضم نتاجاً قيماً من كتب ومستندات حول تاريخ الدولة، وتروي القطع الأثرية والمخطوطات مسيرة الإنجاز والبناء وكيف نسجته على مر السنين في مسيرة تقدمية لافتة في مختلف الميادين.

أكبر القباب
وبقدر قيمة المحتوى التي يستعرضها «القصر» على شكل رسائل قصصية جاذبة، ينطق بناؤه الداخلي بدءا من الأبواب المطلية بالذهب الفرنسي إلى المجسمات المنحوتة يدويا داخل القاعة الكبرى، وحتى القبة الرئيسية الشاهقة وقطرها 37 متراً، والتي تعتبر واحدة من أكبر القباب في العالم. وتعكس بألوانها الدمج المنسجم بين رمال الصحراء وشواطئ البحر في تصاميم رخامية دقيقة تتنقل على الجانبين وصولاً إلى «بيت المعرفة». وفيه مخطوطات لا تقدر بثمن توثق على مر العصور مساهمات المفكرين العرب في مجالات علم الفلك والفنون والآداب، والكتب المقدسة الثلاثة بما فيها النسخة الأصلية من مخطوطة برمنجهام للقرآن الكريم. ومن الحقائق الآسرة للأعمال الفنية داخل «القصر»، أنها تتألف من 5 آلاف شكل هندسي وطبيعي ونباتي متنوع مستوحى من طبيعة المنطقة.

الضوء والصوت
تتواصل الرحلة في قصر الوطن وتتقطع بالوقوف مطولاً عند «طاقة الكلام»، وهو مجسم هندسي أقل ما يقال فيه إنه تحفة ذهبية ناطقة حرفاً ومعنى وبريقاً صممه الفنان الإماراتي مطر بن لاحج في تصوير لعبارات أطلقها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه قال فيها: «الثروة الحقيقة هي ثروة الرجال وليس المال والنفط، ولا فائدة في المال إذا لم يسخر لخدمة الشعب». وبعد الإبهار الذي سجله هذا العمل الإبداعي، عُرض عملان من الفضة في الباحة الخارجية للقصر، ما يعكس التراث المعماري العربي برؤية حديثة. ولا تقتصر معالم الجذب بالتجول في أرجاء «قصر الوطن» على التصاميم والمعروضات، وإنما تخاطب حواس المتفرج من خلال عرض الضوء والصوت الذي يكشف يومياً عند الساعة 7:45 مساءً ولمدة 15 دقيقة عن مسيرة التقدم في الدولة عبر رحلة مرئية من 3 فصول تنتقل من تاريخ الدولة إلى حاضرها ورؤيتها المزدهرة.

«روح التعاون»
تحتضن قاعة «روح التعاون» داخل «القصر» القمم الدولية والاجتماعات الوطنية وتضم بعضا من أهم مكونات القصر، وفيها ثريا ضخمة تضم 350 ألف قطعة كريستال، ولوحة إبداعية للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه.

لون السلام
توحي واجهة «القصر» بجاذبية ساحرة تتخطى حدود الزمن وتقاوم العوامل الطبيعية ببنيتها الرخامية الصلبة، كما يحافظ اللون الخارجي الأبيض على برودة البنيان من الداخل نظراً لقدرته على عكس ضوء الشمس وحرارتها. ويرمز اللون الأبيض إلى اتحاد ألوان الطيف في لون واحد، ما يجسد قيم السلام والنقاء والتآلف التي تؤكد عليها دولة الإمارات.

350 ساعة
أبواب «القصر» مصنوعة بالكامل من خشب القيقب الصلب الذي يمتاز بمتانته ولونه الفاتح، وهي مرصعة بالذهب الفرنسي عيار 23 قيراطا، وعليها نقوش ورسومات يدوية، واستغرق صنع كل باب 350 ساعة.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©