الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

حبيب محمدوف لـ"الاتحاد": الإمارات أفضل نموذج للتسامح.. ووطن يصنع الأبطال

حبيب محمدوف لـ"الاتحاد": الإمارات أفضل نموذج للتسامح.. ووطن يصنع الأبطال
28 أكتوبر 2018 00:03

أجرى الحوار – محمد البادع

هو النسر في حلبات المصارعة.. والمقاتل في ميادين الشجاعة.. والبطل في التحديات الصعبة.
عندما جلست وجهاً لوجه أمام رجل يملك كل هذه المواصفات، لإجراء أول حوار لصحيفة عربية مع أول روسي مسلم يفوز ببطولة الفنون القتالية المختلطة «UFC»، أدركت منذ اللحظة الأولى أنني أمام شخصية استثنائية تجمع بين الحلم والغضب، الثورة والهدوء، القوة والبراءة، التواضع والكبرياء.
رجل يحمل ملامح الطفولة والطيبة فوق وجهه، ولكنه هز العالم بمواقفه وبطولاته وتصريحاته، ووضع جماهير العالم العربي فوق أول سطور الاهتمام والشغف برياضة اسمها «UFC» بعد أن تجاوز صدى انتصاراته حدود ملاعب الرياضة بكثير، وبات مصدراً للفخر والسعادة، وهو يسير على نفس طريق أسطورة الملاكمة الراحل محمد علي كلاي.
هو حبيب نور محمدوف
حديث العالم لم يتوقف عن هذا البطل منذ السادس من أكتوبر الجاري وحتى اليوم بعد انتصاره التاريخي على منافسه الإيرلندي كونور ماجريجور بمدينة لاس فيجاس الأميركية، واحتفظ بلقب بطولة العالم للفنون القتالية المختلطة.

الإهانات التي تعرض لها محمدوف قبل المواجهة كما قال طالت والده وأسرته ودينه، ولذلك قرر الرد بقسوة في النزال وأجبر منافسه الإيرلندي على الاستسلام بالخنق في الجولة الرابعة. استقبله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأشاد بالإنجاز قائلاً: «انتصار بكرامة وإقناع وفعلت الأهم الفوز بالنزال».
حبيب نور محمدوف الشهير بلقب«النسر» لم يعد فقط مجرد بطل رياضي فاز ببطولة لعبة قتالية، ولكنه تحول إلى عنوان للكرامة ورمز للإرادة والشجاعة، وسفيرا فوق العادة للإسلام في ملاعب الرياضة، ونال احترام وتقدير العالم كله واتسعت دائرة شعبيته على وسائل التواصل الاجتماعي.
وهنا في أبوظبي جاء محمدوف بدعوة من سمو الشيخ ذياب بن زايد آل نهيان رئيس نادي الوحدة، وقبل الإبحار معه فوق شواطئ الحوار سألته أولاً عن تفاصيل الموقعة التاريخية الأخيرة أمام البطل الإيرلندي، فأجاب بنصف ابتسامه ممزوجة بنظرات الفخر والسعادة: «النزال خضته أما الإيرلندي كونور ماكجريجور هو الأصعب بالنسبة لي، لأنني شعرت بأن المنافس يسخر مني في المؤتمر الصحفي الذي سبق الموقعة، حاول أن يستهزئ بي، وبعائلتي، وبديني، وهنا قررت أن أبلغه كل رسائلي وردودي على الحلبة، وأن ألقنه درساً لن ينساه، بالنسبة لي الموت أسهل عندي من أن يسب شخص عائلتي أو ديني، تعلمت هذا الدرس منذ طفولتي، وأنا أحب المواجهات الصعبة، وأجد نفسي فيها، ولا أترك أي فرصة لخصومي كي يجعلوني تحت إرادتهم، بل أبادر أنا وأهاجم مهما كان الخصوم».

الزيارة الأولى
وحول انطباعاته عن زيارته الأولى إلى أبوظبي، أكد أنه كان ينتظر تلك الزيارة منذ فترة طويلة لما سمعه وقرأه عن هذه المدينة الرائعة، مشيراً إلى أنه وجدها أجمل وأروع من كل ما سمعه، وأنه زار دبي مرة واحدة من قبل وقضى فيها يومين فقط، ولكنه ما زال متعلقا بها، كواحدة من أجمل مدن العالم.
وقال حبيب نور محمدوف: أحببت أبوظبي جداً، وأحببت فيها النظام المروري المحكم، والطراز المعماري الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ولكن الأهم من كل ذلك شعبها المضياف وأهلها الكرام، وأنا أعتبر بأن الإمارات تقدم أفضل نموذج للتسامح في العالم، حيث يوجد بها أكثر من 180 جنسية يعيشون في سلام ومحبة، وأنا لم أشعر بأي غربة عندما أتناول طعامها الحلال، في كل المطاعم، وكل البيوت، وهو الطعام الذي أحبه كوني مسلماً، خصوصاً أنني أعاني في أغلب الحالات عندما أسافر إلى الخارج كي أحصل على مطعم أو مكان يقدم الطعام الحلال، وفي أغلب الأحيان أقصر طعامي في هذه الأماكن على الأسماك طوال فترة وجودي بها.
وفي تعليقه على دعم أبوظبي للرياضات القتالية من خلال تنظيم أكبر أحداث في العالم للجوجيتسو والجودو، حيث إنها تستضيف حالياً بطولة «عام زايد جراند سلام للجودو»، كما أنها تنظم سلسلة جولات أبوظبي جراند سلام للجوجيتسو في 5 مدن شهيرة بالعالم، وبطولة أبوظبي العالمية لمحترفي الجو جيتسو، وتستضيف مقر الاتحادين الآسيوي والدولي. يقول حبيب نور محمدوف: هذا أمر مهم للغاية، خصوصاً للأجيال الجديدة، وليس غريباً على «أرض المبادرات» أن تقوم بدور ريادي في هذا المجال، وإذا أردنا أن نبني جيلا جديداً قوياً من الرجال فلابد أن نشغل وقتهم تماما بمثل هذه البطولات، والرياضات المفيدة، ولا نترك لهم أي وقت للفراغ، لأن وقت الفراغ هو الذي يقود الصغار إلى الانحراف بكل أشكاله، وبالتالي فالأفضل أن نشغل الصغار في الصالات الرياضية لأنها هي التي تعلمه كيف يكون رجلا، وكيف يمثل وطنه، وعندما عرفت أن هناك برنامجاً مدرسياً في أبوظبي يعلم الطلاب الجوجيتسو، وأنه معتمد ضمن المنهج الدراسي، وأن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، هو الذي يقف خلف هذا المشروع، قلت إن هذه الدولة تحسن التفكير لأبنائها، وتريد أن تصنع جيلا من الأبطال، وأن تستثمر في أبنائها بأفضل صورة، ومن هنا فأنا أتوقع لهذا المشروع أن يحقق أعلى درجة من النجاح، خاصة أنه يطبق بشكل علمي مدروس، وله معايير لتقييم أدائه كل 3 أشهر، وأنا أتمنى أن يطبق ذلك في روسيا.
واستطرد حبيب نور محمدوف قائلا: عندما كنت صغيراً، وجهني والدي إلى الرياضة، وكنت أتدرب في الصالة منذ الرابعة في عمري، وأفضل شيء صنعه والدي لي في صغري أنه استغل كل وقتي، وجعلني مشغولا دائماً في العمل والتدريبات والمدرسة، لم أجد وقتاً للخروج مع أصدقائي.

المدرسة أولا
وعما إذا كانت لديه نصيحة يمكن أن يقولها للمسؤولين عن الرياضات القتالية في الإمارات لتطوير لاعبيهم والوصول إلى العالمية قال حبيب: أي برنامج للوصول إلى العالمية لابد أن يبدأ من المدرسة، ومن الصالة أيضا، فعليكم أن تدخلوا الألعاب القتالية إلى المدرسة كما فعلت رياضة الجوجيتسو، وعليكم أن تتوسعوا في إنشاء الصالات الرياضية فإنها أفضل من المقاهي، والفنادق، لا تتركوا وقتاً للفراغ عند أجيالكم الجديدة، دعوا أبناءكم يقضون كل وقتهم بين الدراسة وصالات التدريب، والمسجد، علموهم وبعد فترة من الزمن سوف تجدون أثر ذلك في شخصيتهم.

صراع الدب
مسيرته في الألعاب القتالية المختلطة بدأت مبكراً جداً بدعم وتشجيع من والده، ويقول محمدوف: والدي هو مدربي، وهو رجل رياضي، ربما لم يحصل على الشهرة الكافية لكنه هو أهم أسرار تميزي، فبدون والدي لم ولن أحقق شيئاً، وأنا أشكر الله تعالى أنه رزقني بوالدي الذي غرس في كيف أنتصر على كل التحديات، وكيف أتغلب على كل الصعوبات، وأقولها بكل صراحة أن والدي هو كل شيء في حياتي.
وعن مصارعته مع الدب وهو في سن التاسعة منذ صغره، وما إذا كان هذا الأمر هو الذي كسر الخوف بداخله قال حبيب نور محمدوف: أعرف أنه شيء لا يصدق، ولكنه حدث معي، وما زال يحدث حتى الآن، أنا أصارع الدببة، لكن بعد أن أتخلص من أنيابها، وأظافرها، وأنا أسأل نفسي لماذا لا أصارعهم، البطل المختلف لابد أن يصنع أشياء خارج التوقعات، الطريق نحو المجد مليء بالأشواك، إنه ليس نزهة، كل المصاعب والمتاعب والتحديات والآلام هي التي تصنع البطل، فعندما تعاني وتواجه صعوبات ليس لديك إلا طريقين فقط كي تتجاوزها، فإما أن تنتصر على هذا التحدي، وهنا ستكون رجلا قوياً وبطلا، وإما أن تهرب من المواجهة وتلجأ للحلول السهلة، وأنا دائما كنت أختار المواجهة، والانتصار على المتاعب.

الثقة بالنفس
وعن السر الحقيقي وراء فوزه في آخر 27 نزالا دوليا دون خسارة، وهو رصيد هائل أطاح فيه بالكثير من الأسماء الكبيرة والأبطال المعروفين يقول حبيب: فقط أنا أتدرب بشكل جيد، وأحافظ على قربي من الله، لا أتهاون في أي شيء، أعتبر وقت تدريبي مثل وقت عبادتي، لا أخشى أحداً، أثق بنفسي، لا أشغل نفسي بالتفكير في الخصوم، تعلمت من كل مرات فوزي أن التقدم للأمام والمبادرة في الهجوم بوعي وراء كل فوز، مهما كان الخصوم، فقط أحتفظ بمبادئي، لا أفكر في الشهرة، ولا في المال، ولا في المجد، فقد أعطاني الله هذه القوة، ولابد أن أحافظ عليها.

الصورة الحقيقية
ويملك قائمة طويلة من الطموحات الكبيرة يقول عنها:«لا أفكر في أي شيء سوى الفوز في كل نزالاتي، هدفي الوحيد أن أقدم للعالم نموذجاً لبطل مسلم يعكس الصورة الحقيقية للإسلام، ويقدم نفسه بشكل يليق يجعل الناس تحب الدين الإسلامي، وحتى الآن أتدرب يومياً بنفس الطريقة وبنفس عدد الساعات التي كنت أتدرب فيها من قبل، وبمنتهى التواضع، بل بالعكس فإن تركيزي يزيد كلما تقدمت في العمر، وما دمت أحقق النجاحات فأنا لست بحاجة للتغيير في برامج تدريباتي أو أسلوب لعبي».

فوز مادي
وعن البطولة التي مازال لم يحققها ويتمنى أن يفوز بها يقول حبيب: مسيرتي حافلة بالبطولات والألقاب، وأنا راض تماماً عن كل ما حققت، والإيمان بالله هو أهم بطولة أتمنى أن أحققها، لأنني لو آمنت بالله حقا فسوف أحقق كل ما أريده، الفوز في البطولات هو فقط فوز مادي ملموس يعجب الناس، ربما يعطيك المال، أو يعطيك الشهرة، ولكنه لا يعطيك السلام النفسي الداخلي، ولا يعطيك الشعور بالثقة الذي تحتاج إليه وأنت على الحلبة، فقط الإيمان بالله هو الذي يعطيك كل هذا.
ويقول إنه يتدرب 4 ساعات يوميا في الظروف العادية، تزيد إلى 5 ساعات و6 ساعات قبل البطولات، حيث يركز في هذه المراحل على الجوانب الفنية والذهنية مع الجوانب البدنية، ويدرس المنافسين بشكل جيد.

التحدي الصعب
وعن أهم تحد واجهه في حياته وكيف انتصر عليه قال: واجهت الكثير من الصعوبات في حياتي فهذا البطل الذي أمامك لم تصنعه إلا التحديات والمصاعب، وفي عامي 2014 و2015 أجريت 3 جراحات صعبة، وكل مرة كنت أعود منها أتوقع أنها الأخيرة، لكني أعود للإصابة مجددا، وأجريت جراحة جديدة، وشعرت ببعض الإحباط واليأس، خصوصاً عندما أخبرني الأطباء بأنني غير قادر على العودة للحلبة من جديد، ولن أخوض نزالات مرة أخرى، كلهم قالوا لي إن مسيرتي قد انتهت، وأنا أيضا اعتقدت ذلك، لكنني تحدثت مع والدي، وقال لي: أنت تحتاج إلى روح قوية الآن، إلى عزيمة كبيرة، لقد حققت 22 نزالا بدون خسارة، يمكنك أن تحقق أكثر من ذلك، عليك أن تعتبر إصابتك مثل واحدة من هذه النزالات القوية التي فزت فيها، عليك أن تنهض كي تصنع مجداً جديداً، تتحدث به لأولادك وأحفادك، تصنع به الفرحة لعائلتك، إن هذه الإصابة هي مجرد اختبار من الله، وحقيقة الأمر أن هذه الكلمات هزتني من الداخل، وجعلتني أقف من جديد.

الأدغال لا تعترف إلا بـ« ملك واحد»

يترقب العالم في الوقت الراهن موقعة القرن بين حبيب نور محمدوف، والملاكم الأميركي الشهير فلويد مايويدز، والذي اعتزل اللعبة بعد أن حقق دخلاً مالياً قياسياً، وخاصة في نزاله الأخير مع الأيرلندي ماكجريجور، والذي استحوذ على الاهتمام العالمي الأكبر في تاريخ النزالات والألعاب القتالية.
وقد طلب مايويدز عبر تغريدة له، إن يتم تحضير الشيكات والأموال فهو جاهز للنزال، وجاء رد البطل الروسي الداغساتي حبيب نور محمدوف أنها الأدغال لا يوجد بها سوى ملك واحد، ومن ثم فهو يترقب هذه الموقعة لكي يثبت أنه بطل العالم في جميع الألعاب القتالية، خاصة أنه لم يعرف الهزيمة طوال مسيرته الاحترافية، أي على مدار 27 مباراة، وفي المقابل لم يتعرض البطل الأميركي لأي خسارة في 50 مباراة، أي طوال مسيرته الاحترافية بالكامل، منها 27 تمكن من الفوز بها، بالضربة القاضية.

رسالتي للجماهير

عندما طلبنا من حبيب أن يوجه رسالة إلى محبيه وعشاقه في الإمارات كتب بخط يده بالإنجليزية
:« دائماً كن مع الله »، وقال: أهم شيء في الحياة ليس المال، وليس الشهرة، ليس المجد، إنه العائلة والعلاقة مع الله، لو أصلحت علاقتك بربك وأهلك سوف تصل لكل ما تحبه، هذه ببساطة هي أهم أسرار النجاح في الحياة، وأنا أشكر كل عشاقي في الإمارات، وأكن لهم التقدير، وأعدهم بأن أكون دائماً عند حسن الظن بهم.

كلنا وراء محمد صلاح

سألنا حبيب عن المصري محمد صلاح لاعب ليفربول فأجاب قائلاً : أنا أتابعه لكني لم ألتقه من قبل، هو لاعب رائع نحن نريد نماذج كثيرة مثله، تعكس الصورة الحقيقية للأخلاق، وتقدمنا للعالم بشكل مميز، صنع شعبية كبيرة في ناديه، وحول العالم، لأنه ملتزم، أشعر أن الله يقف معه، الأجيال الجديدة لدينا تحتاج إلى من هم مثل محمد صلاح كي يتعلموا منه التواضع والتجرد، مهما كان مشهوراً ومبدعاً، إنه أيقونة يجب أن نحافظ عليها، وأن نقف جميعاً خلفه كي يستمر في النجاح، أنا معجب به وبأخلاقه وبقيمه التي يرسيها كل يوم في الملاعب الأوروبية.

 

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©