30 يوليو 2011 19:38
لا تمنح الحياة دائماً السعادة، فمن يحياها تذيقه من مرها وحلوها على السواء، هناك من يستطع تجاوز صعابها وانعراجاتها الكثيرة، وهناك من تؤثر عليه هذه الصعوبات سلباً وتغير بالتالي مسار حياته، فالحياة تستدعي القوة والجلد للتعايش مع بعض مواقفها الأليمة.
( أبوظبي)- في هذا الصدد يحاول عادل عبيد آل علي مستشار الأكاديمية العربية العالمية لتنمية الموارد البشرية تقريب القارئ من بعض المواقف المؤلمة ويقدم له حلولا لمواجهتها وإدارتها بالطريقة الصحيحة لئلا تؤثر على حياته سلباً.
إلى ذلك يقول آل علي: كيف تتمتع بحياتك وعملك؟ إن ما يرهقك هو مقدار العمل الذي لم تقم بإنجازه، ليس العمل سبب إرهاقنا، بل القلق والكبت والاستياء، هل فكرت مرة أن معظمنا يقضي الجزء الأكبر من حياته في العمل مهما يكون نوع هذا العمل؟ وإذا فقده قد يسبب له ذلك ألما وحسرة، كما أن من يتعرض لخسارة مالية، يتعرض لصعوبات نفسية وآلام، يجب تجاوزها بالصبر، هذا يعني أن نظرتنا للحياة، يمكن أن تحدد لنا ما إذا كانت أيامنا مليئة بالإثارة والشعور بالانتصار الناتج عن النجاح الباهر أو بالكبت والسأم والإرهاق، فالحياة رحلة قصيرة مهما طالت بنا، البعض منا يعيش كل لحظة فيها بأمل واجتهاد، ويحاول تحقيق كل أحلامه رغم ما يقابله من إخفاقات، والبعض الآخر يتوقف أمام أي مشكلة مهما كان حجمها ليندب حظه على ما فات ويفقد الأمل فيما هو آت، ويكون الألم مرافقاً لأي حادثة تواجهه، فحاول تجاوز المواقف الصعبة والمؤلمة مهما كانت قوية.
يضيف عادل آل علي متحدثاً عن الأوقات المؤلمة ويقدم نصائح لتجاوزها ويقول: يأتي حدث فجأة ليخطف منا العزيز والغالي ويتركنا نتجرع ألم الحزن ومرارته ويلقننا درساً صغيراً مفاده أن الحياة قصيرة لذلك علينا استغلالها بشكل صحيح، ونعيش كل لحظة فيها، فكيف نتعامل مع ألم فراق الأحبة؟ اجعل من فكرة الموت حافزاً لإدراك قيمة الحياة واستغلالها على أفضل وجه، حاول أن تتعدى مراحل الصدمة، الإنكار، الغضب ، والشعور الذنب، لتتوافق مع الوضع الجديد، إذا حاولت نسيان أو تناسي فقدان العزيز، فلا يجب أن تشعر أنك عديم الوفاء لمن فقـدتهم واعرف أنها طبيعة الحياة.
غربة
يوضح آل علي أن الاغتراب يصيب الفرد بالحزن ويجعله مرتبطاً بماضيه ويحن لأهله، ويقدم علاجاً بما يناسب هذه الحالة ويقول: هذا النوع من الألم لا يتسبب به الأشخاص بشكل مباشر بقدر ما يسببه عامل المكان، فالبعد عن أماكن الذكريات والأهل والأصدقاء وزرعنا في تربة مختلفة قاسية لا تستوعب إحساسنا بالغربة يسبب لنا ألماً نفسياً كبيراً، فكيف تتخلص من ألم لا تستطيع الإمساك به، خاصة إذا كنت مغترباً؟ إليكم هذه النصائح: استبدل الأفكار السلبية بأخرى إيجابية تدفعك إلى الأمام ولا تجعلك تدور في مكانك، عش الحياة واطلق إمكاناتك ومواهبك، وتعرف على الوجه الجميل للحياة واعلم أن كل لحظة تمر عليك، سواء كنتِ داخل وطنك أو في غربتك هي من أيام حياتك ومحسوبة عليك، فإما أن تعيشها برغبة وحب أو تقتلها متعمدا، حاول الحصول على عمل يشعرك بالرضاء عن ذاتك، مارس هواية ترغب بها أو رياضة تفضلها.
فقدان العمل ألم
يقول آل علي إن ترك العمل إذا كان مصدر رزق أساسياً يسبب صدمة، ويزرع القلق بالغد، خاصة إذا كان هذا فقدان العمل بسبب ظروف خارجية وغير إرادية وبشكل فجائي، كإنهاء خدمة من جهة معينة، ففي هذه الحال ينصح عادل آل علي هذه الشريحة من الناس ويقول: أفضل الطرق لتحمل ذلك الألم يجب إقناع ذاتك بإمكانية الاستفادة من خبراتك السابقة، ما حدث ربما يكون فرصة ذهبية للإبداع في مجال آخر، لا تقترب من الأشخاص كثيري اللوم، وابحث عن فرص أفضل لك، كن قوياً وعلى قدر الموقف ولا تضعف أمام نفسك.
يشير آل علي أن كل إنسان يمكنه التعرض للإساءة من أقرب الناس إليه، فكيف يديرها ويستفيد منها ويتعايش معها دون أن تسبب له انتكاسة نفسية، ويقول في هذا الصدد: ربما تصادف في حياتك من يسيئون إليك مراراً فكيف تغفر لهم؟ وإذا كانوا من المقربين يصبح الأمر صعباً؟ اتبع ثلاث خطوات قد تساعدك على التسامح والصفح: اعترف بينك وبين نفسك بمدى مشاعر الألم لديك ثم حاول بعدها تذكر لحظات أو المواقف الإيجابية لمن أساء إليكِ، حاول إيجاد عذر لمن أساء إليكِ، وقل لنفسك: ربما لم يقصد إيذائي أو ربما كان يعاني من ظروف صعبة دفعته إلى ذلك، إذا كنت قد شاركت في الموقف فحاول التحرر من قيود الذنب، ردد بصوت مسموع وأنت بمفردك، لقد سامحت (فلاناً) مما سببه لي من ألم وحزن “وإلى الأبد» حتى تشعر أنها أصبحت بداخلك وتقولها من صميم قلبك.
مفاهيم أساسية
يوضح عادل آل علي أن الحياة ما هي إلا مشوار، فيها مجموعة كبيرة من الطرق، إلى ذلك يضيف: فهناك طريق سالك وسلس وجميل وممتع، وهناك طريق وعر ومتعثر ومزعج وبئيس، وهناك طرق ما بين هذا وذاك كثيرة جداً، وعلى الإنسان أن يختار بنفسه أي الطرق التي يحبذها للوصول إلى ما يرجو، وينبغي التنبيه إلا أن هناك طرقاً ملتوية تدور حول نفسها، فبعضهم قد يسلكها ويبقى يلف في دائرة مفرغة، أما الدنيا منا، من يمضي الدنيا ضحكا ولهوا ومنا من يمضيها في جمع المال أو الركض وراء الشهرة ، والآخر قد يمضيها زهدا وتوبة، وآخر يمضيها في العلم، وآخر يمضيها في تتبع أخبار الناس، ومنا من يعطي ويأخذ بالمثل، ومنا من يعطي بلا مقابل، وطبعا هناك من يأخذ ولا يعطي، ومنا من يعتقد بأن عمره ذهب في خدمة غيره، ومنا من يعتقد أنه يعطي دون مقابل فيفزع لحاله ويخسر من حوله، ومنا من يأخذ ما لغيره ثم يندم ما بقي من عمره، فأين أنت من هؤلاء؟ وما هي أحوال دنياك اليوم؟
تنوع الخيارات
يضيف آل علي ليس كل الناس يعرف هذه المعلومة أو يعيها، فمن الناس من يعتقد أن الدنيا والحياة أبيض وأسود، حق وباطل، صح وخطأ، معي أو ضدي، صديق أو عدو، ومن الناس من يرى أكثر من ذلك، فيرى الأبيض والأسود وما بينهما، فهناك درجات من الرمادي بينهما حق وباطل وبينهما شيء بسيط من المباح والمكروه والمحبوب، صديق وعدو وبينهما شيء بسيط من المحبين أو الكارهين أو المحايدين، ويشير آل علي أنه يمكن لكل فرد أن يوسع هذه الخيارات ويضيف في هذا السياق: وسع الخيارات حتى تحصل على النتائج التي تريد من الدنيا، اقتنع بأن الدنيا مليئة بهذه الخيارات، فوسع الخيارات، وإن وجودها يتيح فرصا أكثر للقرار السليم والقرارالسليم يأتي بالنتائج المرجوة، اكتب 5 حلول ممكنة لها، اكتب هدفا تود تحقيقه خلال السنة، اكتب 5 طرق لتحقيق هذا الهـدف، يقول آل علي: لتكن أنت أفضل إنسان ممكن في هذه الدنيا وتعش مرتاحا مهما كانت الظروف: كن كقلم الرصاص، سوف تكون قادرا على عمل الكثير من الأمور العظيمة ولكن فقط إن أصبحت في يد أحدهم، سوف تتعرض لبري مؤلم بين فترة وأخرى، ولكن هذا ضروري لجعلك قلماً أفضل، لديك القدرة على تصحيح أي أخطاء قد ترتكبها، ودائما سيكون الجزء الأهم فيك هو ما في داخلك، ومهما كانت ظروفك فيجب عليك أن تستمر بالكتابة، وعليك أن تترك دائما خطا واضحا وراءك مهما كانت قساوة الموقف.
أنت أفضل إنسان
يقول آل علي: ضع نفسك محل هذا القلم فتذكر دائما ولا تنسى هذه الأمور الخمسة وستصبح أنت أفضل إنسان ممكن، ستكون قادرا على صنع العديد من الأمور العظيمة، ولكن فقط إذا ما تركت نفسك بين يدي الله، ودع باقي البشر يقصدوك لكثرة المواهب التي امتلكتها أنت، سوف تتعرض لبري مؤلم بين فترة وأخرى، بواسطة المشاكل التي ستواجهها، ولكنك ستحتاج هذا البري كي تصبح إنساناً أقوى، ستكون قادرا على تصحيح الأخطاء والنمو عبرها، والجزء الأهم منك سيكون دائما هو داخلك، وفي أي طريق قد تمشي، فعليك أن تترك أثرك، وبغض النظر عن الموقف، فعليك دائما أن تخدم الله في كل شيء.
ويضيف آل علي: كلٌّ منا هو كقلم رصاص تم صنعه لغرض فريد وخاص، وبواسطة الفهم والتذكر، فلنواصل مشوار حياتنا في هذه الأرض واضعين في قلوبنا هدفاً ذا معنى وعلاقة يومية مع الله.