السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أهمية الثقة بالنفس (2)

30 يوليو 2011 19:38
نكمل اليوم حديثنا عن الثقة بالنفس ونوضح بعض الجوانب المهمة في هذا الموضوع الحيوي. هناك صلة كبيرة وارتباط وثيق بين الراحة النفسية والثقة بالنفس، وهذه العلاقة ما هي إلا علاقة طردية تتوقف على انخفاض وارتفاع نسبة الثقة بالنفس. ففقدانها شعور سلبي ومؤلم يؤثر بدرجة كبيرة على نفسية الإنسان واستمرارية عطائه وإنتاجه وتميزه. بل إنها تفقد الشخص الإحساس بلذة النجاح، وتجعله يعيش في قلق نفسي واعتقاد فكري خاطئ أن كل ما يفعله أو ما يقوله غير مفيد وغير جدير بالاعتبار، ومن الاستحالة الأخذ به. وهذا في حد ذاته مرض نفسي، إن استفحل وتغلغل في الذّهن فإنه يقضي على طموح الإنسان وآماله وتطلعاته. وربما يقضي على كل ما له صلة بحياته المستقبلية وشخصيته الاجتماعية والوظيفية. وهذا بدوره سيقوده إلى الانطوائية والتواري عن أنظار النّاس، والخوف من الخوض في نقاش وجدال مع الآخرين حول أي موضوع يطرح. ففقدان الثقة بالنفس تجعل الإنسان ينسى أنه بذل ما بوسعه وأخذ بالأسباب بقدر المستطاع ثم توكل على الله، وهذا ضعف في الوازع الديني، لأن المسلم متى ما أخذ بالأسباب وتوكل على الله حق توكله فإنه يكون مؤمناً بما قسم الله له، ومدركاً أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه. إن اضطراب النفس وقلقها يُنسيان الإنسان حقيقة مهمة وهي أنه مفكر ومبدع وقادر على أن يحقق المعجزات بما لديه من الإمكانات الفكرية والبدنية وغيرهما بعد مشيئة الله، فهي تعمل على زعزعة ثقته الداخلية وتزرع بذور الشك في نفسه، وهذا كافٍ لجعل الإنسان يرضخ ويتردد ويتهاون عن المضي قدماً في تحقيق أهدافه النبيلة. وإذا جعل للقلق والخوف مكانة في فكره، فإنه قد يصل به الوضع النفسي إلى حالة لا يحسد عليها، وقد رأينا الكثير ممن عانوا من القلق والخوف وسوء تقدير الذات لأسباب معينة، والإمام علي رضي الله عنه يقول: “هلك امرؤٌ لم يعرف قدرهُ”. كم هم هؤلاء الذين يتمتعون بالفكر الواعي، والأدب الراقي والإبداع والإنتاج الجيد المفيد الذي لم ير نور الحياة. كم هم هؤلاء الذين يعيشون بيننا ونرى من أعمالهم الشيء الجيد والجميل الذي يشهد لهم بالنجاح. لماذا يرفض البعض إخراج إنتاجهم الإبداعي أو الفكري أو العملي إلى النور لكي يعرف الناس أنّ بمقدورهم إفادة المجتمع بما يملكون من مقومات تؤهلهم إلى ذلك؟. فهل السبب يكمن في أنهم يخشون النقد بأنواعه جميعها، أم أنهم يعتقدون بأن ما لديهم لا يعني شيئاً وغير صالح للعرض، وأنه غير مهم للآخرين؟. فإن كان الأمر كذلك فتلك مصيبة كبرى، لأنه لو أقدم كل إنسان على إخفاء ما لديه من فكر وإبداع ومهارات ومواهب ذات الطابع المفيد، لما تقدم العالم حضارياً وعلمياً وعملياً. ثق بالله واجعل ثقتك بنفسك وبما تملك من علم ومقدرة ومهارة عالية، لأنك بها ترتفع، وبها يقدرك الآخرون بقدر تقديرك أنت لنفسك، وتطلع لحياة جميلة، واجعل من شهر رمضان لهذا العام بداية انطلاقة جديدة، ورمضان كريم وكل عام وأنتم بخير. د.عبداللطيف العزعزي | dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©