استعاد الجيش اليمني أمس سيطرته على معسكر “استراتيجي”، شمال العاصمة صنعاء، اقتحمه مسلحون معارضون الخميس بعد معارك خلفت ما لا يقل عن 48 قتيلا ، بينهم 17 جنديا وثمانية مدنيين ، فيما تظاهر مئات آلاف المحتجين اليمنيين في أكثر من عشر مدن للمطالبة بإسقاط “بقايا” نظام الرئيس علي عبدالله صالح ، الذي احتشد عشرات الآلاف من أنصاره بالقرب من قصره الرئاسي، جنوب صنعاء ، للتأكيد لتمسكهم بما أسموها “الشرعية الدستورية”.
وقال مصدر عسكري يمني لـ”الاتحاد” إن الجيش استعاد سيطرته على معسكر اللواء الثالث مشاة جبلي “حرس جمهوري” ، المرابط في جبل الصمع منطقة أرحب القبلية ، علي بعد 20 كم شمال العاصمة اليمنية ، مؤكداً أن المعسكر “لم يسقط” وإنما تعرض لمحاولة اقتحام فاشلة. وشنت المقاتلات الحربية غارات جوية منذ فجر الخميس استهدفت المعسكر بعد اقتحامه من قبل رجال القبائل وأهداف أخرى طالت منازل ومزارع مدنيين في عدة قرى آهلة بالسكان بمنطقة أرحب حسبما أفاد لـ”الاتحاد” الناطق باسم ما يسمى بـ”قبائل أرحب” محمد ناجي.وقال ناجي :” قتل ثمانية مدنيين وأصيب 30 في غارات وقصف للجيش اليمني على قرى أرحب”.وفيما يتعلق بتداعيات الهجوم المسلح على معسكر اللواء الثالث مشاه جبلي ، قال الناطق القبلي :” هذا الهجوم كان رداً بسيطاً على اعتداءات الحرس الجمهوري المتكررة على المدنيين في أرحب”، مشيراً إلى أن المسلحين القبليين “لا يسيطرون الآن على المعسكر”.
وحول أعداد القتلى والجرحى جراء الاشتباكات بين القوات الحكومية والمسلحين القبليين، قال : ليس هناك إحصائية محددة للضحايا، لكنه أكد سقوط قتلى وجرحى في صفوف الجنود ورجال القبائل ،الذين تقول وزارة الدفاع اليمنية إنهم ينتمون إلى أحزاب “اللقاء المشترك” المعارضة، خصوصا حزب الإصلاح الإسلامي ، الغطاء السياسي لجماعة “الإخوان المسلمين” في اليمن.ونقل التلفزيون اليمني عن مسؤول عسكري في منطقة أرحب قوله إن 17 جندياً لقوا حتفهم، فيما أسقطت القوات ما لا يقل عن 23 مسلحا قبلياً، حسبما أفادت وكالة فرانس برس.وبثت وزارة الدفاع اليمنية 40 صورة قالت إنها لقتلى رجال القبائل “التي حاولت مهاجمة المعسكر” الذي أنشأ مطلع العام الجاري.وتضمنت الصور مشاهد لعشرات الجنود وهم يرفعون أسلحتهم، في إشارة لانتصارهم على المهاجمين.إلا أن الناطق باسم “قبائل أرحب” ، أكد الوضع “لا يزال متوتراً في جبل الصمع”، الذي يضم ثلاثة ألوية عسكرية تابعة لقوات الحرس الجمهوري، التي يتولى قيادتها نجل الرئيس اليمني، العميد الركن أحمد علي صالح.وأفاد سكان محليون لـ(الاتحاد) أن الهدوء ساد منطقة الصمع ، أمس الجمعة، باستثناء تبادل إطلاق نار متقطع، مشيرين إلى أن المسلحين لا يزالون عازمين على مهاجمة معسكرات الحرس الجمهوري المرابطة في الجبل، الذي يطل على المدخل الشمالي للعاصمة اليمنية.ودعا الزعيم القبلي النافذ صادق الأحمر، المناهض للنظام الحاكم أمس بقية ألوية الحرس الجمهوري التي لا تزال تأتمر بالتوجيهات العائلية” إلى أن “تحكم العقل” و”أن تدرك أن ما يجري هو ثورة شعب قرر إسقاط النظام الأسري”، حسب قوله.
وكانت السلطات اليمنية اتهمت الخميس ائتلاف “اللقاء المشترك” المعارض، والقائد العسكري المنشق اللواء علي محسن الأحمر، قائد المنطقة العسكرية الشمالية والفرقة الأولى مدرع، بالوقوف وراء الهجوم على المعسكر بغية السيطرة على مطار صنعاء الدولي، ضمن “مخطط انقلابي يهدف للاستيلاء على السلطة بالقوة”.ويشهد الجيش اليمني انقساماً حاداً بين مؤيد ومناهض للرئيس صالح ، إثر إعلان اللواء الأحمر أواخر مارس الماضي تأييده لمطالب الحركة الاحتجاجية الشبابية المطالبة منذ منتصف يناير الماضي بإسقاط نظام صالح الذي يحكم اليمن منذ العام 1978.
في غضون ذلك ، تظاهر مئات الآلاف من أنصار الحركة الشبابية الاحتجاجية بالعاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى، في إطار ما أسموها بـ”جمعة اصبروا وصابروا ورابطوا”، للتأكيد على مطلبهم برحيل نظام الرئيس اليمني الذي يتعافي في مستشفى سعودي بالرياض من إصابته البالغة في هجوم غامض استهدف قصره الرئاسي بصنعاء في الثالث من يونيو الماضي.وفرضت القوات العسكرية التابعة للواء الأحمر إجراءات أمنية مشددة لحماية المحتجين، الذين احتشدوا في شارع الستين الشمالي بالعاصمة لأداء صلاة الجمعة وصلاة الغائب على ضحايا المواجهات المسلحة في مدينتي تعز وأرحب.وهتف المحتجون :لن نتخلى عن ساحتنا حتى يتحقق مطلبنا، “يا ثائر خليك صابر أنت المنصور في الآخر”، و”يا شباب شدوا العزيمة ثورتنا ثورة عظيمة”.ودعا خطيب صلاة الجمعة الداعية الإسلامي إبراهيم محمد عبدالكريم المعتصمين في الميادين العامة إلى “الصبر والمرابطة”، مناشداً قوات الجيش بتأييد ما وصفها بـ”مطالب الشعب المشروعة”.كما دعا الخطيب التجار إلى عدم رفع أسعار المواد الغذائية “خصوصاً ونحن مقبلون على شهر رمضان الكريم”.كما شهدت أكثر من عشر مدن يمنية أخرى تظاهرات مماثلة طالبت بـ”الحسم الثوري” ودانت ما وصفتها بـ”اعتداءات” الجيش في مدينتي تعز وأرحب.وذكرت مصادر صحفية مؤيدة للحركة الاحتجاجية أن “العشرات” من قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي، أعلنوا “انضمامهم للثورة” في مخيم الاحتجاج الشبابي بمدينة ذمار 99 كم جنوب العاصمة صنعاء.وفي وقت لاحق أمس الجمعة ، دعت “اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية والشعبية” في اليمن أنصارها إلى الخروج اليوم السبت في تظاهرات حاشدة “رفضا لبقايا النظام العائلي”. بالمقابل، احتشد عشرات الآلاف من أنصار حزب”المؤتمر” الحاكم في ميدان السبعين القريب من القصر الرئاسي جنوب العاصمة صنعاء تأييداً للرئيس صالح الذي يواجه منذ ستة أشهر أعنف حركة احتجاجية مناوئة له منذ توليه السلطة قبل 33 عاما.وهتف المتظاهرون الذين أدوا صلاة الجمعة ،في إطار ما أسموها بـ”جمعة الخلاص” في ميدان السبعين :”الشعب يريد علي عبدالله صالح” وشعارات أخرى.ورفع المتظاهرون صور الرئيس اليمني والعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز ، والأعلام اليمنية والسعودية، للدلالة على امتنانهم بموقف الرياض المساند لصالح، حسب رأيهم .وقالت وكالة الأنباء اليمنية الحكومية “سبأ” إن المتظاهرين أكدوا رفضهم “أي محاولات للانقلاب على الشرعية الدستورية أو أي مشاريع تآمرية للانزلاق بالوطن نحو الفتن والشقاق والتشرذم”.
باريس: المبادرة الخليجية الحل الوحيد للأزمة ?
باريس (كونا) -أكدت فرنسا مجددا أمس أن المبادرة التي طرحتها دول مجلس التعاون الخليجي هي السبيل الوحيد للخروج من الأزمة في اليمن داعية جميع الأطراف اليمنية إلى وقف أعمال العنف فورا.?واعرب المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو في مؤتمر صحفي عن قلقه بشأن الاشتباكات التي وقعت في العاصمة اليمنية صنعاء والتي أدت إلى مقتل العشرات مشددا على ضرورة وقف أعمال العنف بين الأطراف اليمنية والتي لم تؤدإلا لمزيد من المعاناة للشعب اليمني.?ودعا فاليرو مجددا اليمنيين إلى المصالحة فيما بينهم وبدء الحوار على أساس المبادرة الخليجية التي تؤيدها بلاده وتعد السبيل الوحيد للخروج من الأزمة في اليمن.???????
الحكومة تؤكد التزامها بحماية المعتصمين
صنعاء (الاتحاد) - أكدت الحكومة اليمنية أمس التزامها بحماية المحتجين المعتصمين في ميادين عامة، للمطالبة بإنهاء حكم الرئيس علي عبدالله صالح، وقال نائب وزير الإعلام اليمني عبده الجندي، في تصريح صحفي إن “الدولة بكافة أجهزتها الأمنية ملتزمة بحماية المعتصمين” منذ فبراير الماضي في عشر مدن على الأقل، وفي مارس الماضي قُتل أكثر من 51 محتجا عندما فتح قناصة مجهولون النار على المعتصمين في مخيم احتجاجي بصنعاء، ونفى المسؤول الحكومي، التقارير التي توردها صحف معارضة منذ يومين، حول مخطط أمني يقوده نجل وأقارب الرئيس علي عبدالله صالح، يستهدف اقتحام مخيمات الاحتجاج، خصوصا المخيم الشبابي بالعاصمة صنعاء. وكانت قوات الأمن اليمنية اقتحمت، أواخر مايو الماضي مخيم الاحتجاج بمدينة تعز (وسط)، في عملية أمنية أسفرت عن مقتل 21 معتصما مدنيا وإصابة مئات آخرين، معظمهم أصيبوا بحالات اختناق جراء غازات قنابل الدخان المسيلة للدموع، ولفت الجندي إلى أن القوات الحكومية تستخدم العنف ضد المسلحين الذين يهاجمون المعسكرات المرابطة في أنحاء متفرقة من البلاد، ومنذ اندلاع الحركة الاحتجاجية الشبابية المناهضة للرئيس اليمني علي عبدالله صالح، مطلع العام الجاري، تتعرض معسكرات للجيش، خصوصا تلك التابعة لقوات الحرس الجمهوري، لهجمات من قبل مسلحين قبليين معارضين للنظام الحاكم.