الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

أي جنون هذا؟

أي جنون هذا؟
28 نوفمبر 2019 00:12

قلت مع نفسي، أيعقل أن أعود للحديث عن مباراة انقضت منذ 5 أيام، وقد أودعها الكل في كتاب التاريخ، أو في محافظ وجراب الذكريات؟
ولكنها ليست أي مباراة، فقد بردت فرائصها وما بردت فينا المشاعر ولا الأحاسيس، بل إن بيننا من لا يصدق إلى الآن، أن تكون تلك المباراة قد جاوزت كل حدود المعقول، ورمتنا في عالم من الخيال، لا نعرف طريقاً للخروج منه، أو أننا عنوة نتلكأ في الخروج منه لروعة وسحر ما شاهدناه.
«ديربي العرب»، هكذا أسماه زملاؤنا في قناة أبوظبي الرياضية، وقد توسط مثل الماسة النادرة عقد مباريات دور الستة عشر لكأس محمد السادس للأندية الأبطال، وحق لـ «ديربي المغرب» بين الكبيرين الرجاء والوداد البيضاويين، وهو يتدثر بالوشاحات العربية للمرة الأولى منذ نشأته في خمسينيات القرن الماضي، أن يكون استثناءً جميلاً في مشهدنا الكروي العربي، بما فاح منه من عطر الفخامة، وبما غمرنا من متعة لا توصف، وأيضاً بما جمعته «أبوظبي الرياضية» من أجناس الإبداع للإحاطة به إعلامياً، لتتركه تاجاً على رؤوسنا ووشماً في ذاكرتنا.
أبداً لم يكن زميلي العزيز المبدع علي سعيد الكعبي أيقونة التعليق الرياضي، مغالياً، وهو يتولى التعليق على فاصل الذهاب لـ «ديربي العرب»، عندما قال إن ما شاهده على مدرجات الملعب الأسطوري محمد الخامس بالدار البيضاء من كرنفالات وإبداعات، فاق بكثير ما شاهده في عشرات المباريات التي تولى التعليق عليها في أشهر مسارح العرض الكروي بأوروبا، كما يمكنني أن أفهم نوبة الهوس التي أصابت أيقونة التعليق الرياضي، الزميل الرائع فارس عوض، وهو ينقلنا إلى الأجواء الهيستيرية التي رافقت مباراة الإياب، ليعيد لمرات لازمته الجميلة «رباه أي جنون هذا!؟». 
شخصياً وخلال مشواري المهني الذي يمتد اليوم بتوفيق من الله لأربعة عقود من الزمن، شاهدت العشرات من «ديربيات» الوداد والرجاء، ولم أجد واحداً منها في سحر وجنون «ديربي العرب»، فالمدرجات كانت مسرحاً للإبداع الإنساني بكل تشكلاته أدباً وفناً وحكياً تاريخياً، والبساط الأخضر كان منصة جسدت فعلاً واحدة من روائع هيتشكوك أو مأوى للمجانين، حيث يكون الجنون آخر العقل، كما رسمها فرانشسكو جويا، وداد يتقدم بأربعة أهداف لهدف، ورجاء يحقق «ريمونتادا» ولا أروع في أقل من 20 دقيقة، مباراة من 90 دقيقة عبرت بسرعة خيالية الأزمنة والفصول، وغيرت مجرى التاريخ، بل نفذت لقاع البئر، لتطلع علينا بزمردة جميلة، قالت لنا كما قال نابليون بونابرت «لا مستحيل تحت الشمس»، لا مستحيل في «ديربي المغرب»، لا شيء مستحيل يا عرب.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©