الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

لماذا برشلونة الأفضل؟

28 يوليو 2011 22:06
هي مسلمة أو بدهية، كما يعرفها علماء المنطق أن يكون برشلونة الإسباني هو النادي الأفضل في العالم اليوم، فلو كانت المفاضلة تقوم على سحر الأداء الجماعي، قبل الخوارق الفردية لجاز القول إن برشلونة خاط لكرة القدم الحديثة “تفصيلة” فنية، أنقذت الكرة الجميلة من موت زؤام، بعد أن ظهر على مسرح الأحداث مدربون يغتالون باسم الغاية التي تبرر الوسيلة، كل ما ننشده من فرجة، ونحن نشاهد أي مباراة “تفصيلة”، وقد باتت موضة مصدرة لكل المدارس الكروية العالمية، جاذبيتها وألقها وسحرها في أنها تتلاءم مع القوام الفني لنادي برشلونة الذي هو بكل تأكيد العبقري ليونيل ميسي، والفنان تشافي والهلامي إنييستا، حتى لا أذكر كل الإنجازات الفردية. أما إن قامت المفاضلة على الإنجازات، فبالقطع ليس هناك نادٍ حقق مع بداية الألفية الثالثة، ما حققه برشلونة من إنجازات يتباهى بها طولاً وعرضاً، وتسيَّد الكرة أفقياً وعمودياً، فبرشلونة قبل ثلاث سنوات حقق سداسية تاريخية غير مسبوقة، وبرشلونة هذا الموسم فاز بلقبي الليجا ودوري أبطال أوروبا، بصورة تقول إنه مفرد ساحر بصيغة الجمع، وقد لا أكون مبالغاً إذا قلت إن برشلونة تجمع فيه ما تفرق بغيره، إنه بالمختصر المفيد كوكب بألف نجمة. ولكن إذا أقمنا الدليل على عالمية، بل وكونية نادي برشلونة، هل نملك الدليل الدامغ على أن جوارديولا هو أفضل مدرب في العالم لمجرد أنه هو القائد لهذه المجرة من النجوم الكبار؟ لو سلمنا بأن جوارديولا هو صورة مستوحاة من فيض الإبداع البرشلوني، هو من نحث شخصه وفكره وطاقة التخيل عنده، فإن الحكم على عالميته أو لنقل على أفضليته لن يصبح قائماً على أصول المنطق إلا إذا خرج جوارديولا من جلباب برشلونة، وجرب العمل في نادٍ آخر لا يملك بالضرورة، ما هو متوافر لبرشلونة من عمق فني، ومن إرث تاريخي وأيضاً من مرجعية تكتيكية اشتغل عليها لمدة عقدين كاملين. وإذا كان منطق المقاربة هذا هو ما أوعز لراصدي الثورات الفنية داخل منظومة كرة القدم العالمية باعتبار البرتغالي جوزيه مورينيو المدرب الأفضل في العالم، وهو الذي قدم فكره وإبداعه وتفرده مع أندية مختلفة قادها كلها لتحقيق ألقاب محلية وخارجية، من دون إسقاط خاصية الانسيابية والتطبع السريع عند الانتقال بسلاسة من مدرسة كروية إلى أخرى، إذا كان منطق المقاربة يضع “السبيشل وان” على رأس القائمة، فإن برشلونة يقيم على غرار ريال مدريد أخيراً الدليل على بعد النظر وحصافة الرأي والعمل بمعيار التطابق الكامل في اختياره للمدرب وللربان التقني. اختيار يقوم على معايير كثيرة منها ما هو رياضي محض في علاقته بالقيم المتعارف عليها، ومنها ما هو إنساني في ارتباط بقوة الشخصية والقدرة على حمل اللواء وخفة الروح التي تضفي على فريق العمل لاعبين ومساعدين فنيين وإداريين وطبيين أجواء من الثقة والرغبة وطبعا منها ما هو فني يقوم أولاً وأخيراً على المطابقة. وقد وجدت لغاية الأسف أن أنديتنا العربية لا تلزم نفسها بكل هذه المتواليات المعيارية للارتباط بالمدربين، إذ إن مجرد نظرة على السيرة الذاتية إن كانت حقيقية أو مزاد فيها تكفي لتعيين مدرب لهذا المنتخب أو ذاك، لهذا الفريق أو ذاك، وكثيراً ما أفضى هذا الاحتكام المطلق للسير الذاتية، وليس لنهج العمل ولمعيار التطابق مع المشروع إلى إفلاسات كثيرة يهدر فيها المال والجهد وتضيع السنوات وتنتحر الثقة ويكون لزاماً العودة التي لا مناص منها إلى نقطة الصفر. drissi44@yahoo.fr
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©