الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الاضطرابات السياسية تضرب البورصة المصرية

الاضطرابات السياسية تضرب البورصة المصرية
23 يوليو 2011 21:30
تعرضت البورصة المصرية لهزة عنيفة الأسبوع الماضي على وقع الاحداث السياسية والاقتصادية الكبرى، وهي الهزة التي أطاحت بعدد مهم من الاسهم القيادية في مختلف القطاعات. وجاء التعديل الوزاري الواسع الذي استغرق معظم ايام الاسبوع في مقدمة الاحداث السياسية التي تأثرت بها البورصة المصرية لاسيما يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين اللذين سجل فيهما مؤشر السوق تراجعا ملموساً وكان أداء السوق يتعرض للتأرجح عدة مرات خلال الجلسة الواحدة على وقع انباء متضاربة خاصة بدخول بعض الشخصيات أو خروج شخصيات أخرى من التشكيل الوزاري الجديد. وعلى الصعيد الاقتصادي، جاءت تطورات معركة الديون الأميركية في مقدمة الاحداث الاقتصادية التي القت بظلالها السلبية على أداء البورصة المصرية خاصة بعد صدور اشارات من بعض المؤسسات الاستثمارية الكبرى عن امكانية توقف الولايات المتحدة عن سداد ديونها الخارجية في حالة عدم التوصل إلى اتفاق بين إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما واعضاء الحزب الجمهوري في الكونجرس بشأن رفع سقف المديونية الأميركية، حيث اشارت هذه المؤسسات إلى أن هذه الازمة سوف يترتب عليها تهديد جانب من الثروات السيادية العربية المودعة في شكل سندات خزانة أميركية إلى جانب إمكانية تعرض الاقتصاد العالمي لمرحلة جديدة من التباطؤ والركود ومن ثم يقل الطلب على النفط وتنخفض أسعاره الامر الذي سيؤثر حتما على صناديق الاستثمار العربية العاملة في السوق المصرية وبالتالي انطلقت موجة بيعية في مطلع الأسبوع الأخير مدفوعة بمخاوف مديري هذه الصناديق من تطورات أوضاع الأزمة الأميركية وهي الموجة التي كانت جزءا من فاتورة الخسائر التي منيت بها البورصة المصرية على مدى الايام الماضية. ويشير خالد الطيب، العضو المنتدب لمجموعة “بايرنيرز القابضة”، إلى أن المرحلة الحالية في البورصة المصرية تتسم بأنها مرحلة غموض على كافة الاصعدة لاسيما وأن مستقبل أداء العديد من القطاعات الاقتصادية الأساسية مرهون بوضوح المستقبل السياسي في الشهور القادمة مؤكدا أن بعض الاجراءات التي صدرت عن المجلس العسكري ربما تلعب دوراً ايجابيا ًفي تبديد حالة الغموض خاصة الاجراءات الخاصة بانتخابات البرلمان ومجلس الشورى وصدور قانون مباشرة الحقوق السياسية وغيرها من اجراءات. وقال لطيب إن البورصة المصرية هذه الفترة اصبحت شديدة الحساسية تجاه الاحداث الخارجية عكس السنوات الماضية حيث كانت هذه الحساسية أقل كثيرا بفضل استقرار الأوضاع الداخلية لكن لأن الأوضاع الداخلية في مصر غير مستقرة حالياً اصبحت الاحداث الخارجية تجد لها تأثيراً كبيراً على السوق والدليل على ذلك تطورات المعركة الدائرة في الكونجرس حول الديون الأميركية حيث تشير تقارير وتحليلات إلى وجود أثار مباشرة على الاقتصاد المصري في حالة تفاقم هذه الازمة منها حدوث المزيد من التراجع في عائدات السياحة ورسوم المرور في قناة السويس وتوقف الدعم الأميركي للاقتصاد المصري. ولعبت مخاوف مستثمرين محليين سواء كانوا افرادا أو مؤسسات دوراً ملموساً في تعزيز الموجة البيعية التي سيطرت على السوق خاصة بعد ظهور بوادر انكماش متوقع في الانفاق الحكومي العام في الأشهر المقبلة بعد التخفيضات التي جرت للميزانية العامة. وتجددت مخاوف شركات التشييد من امكانية عدم حصولها على مستحقاتها لدى الحكومة وبالتالي تراجعت أسعار اسهمها في البورصة. وكذلك تأثرت اسهم قطاع الصناعات التحويلية بخفض الدعم التصديري وتراجع حجم الصادرات مع فقدان أسواق خارجية مهمة خلال الشهور الاولى من العام الجاري ولم تعد هذه الاسواق مستوردة للسلع المصرية حتى الآن رغم جهود تبذلها مكاتب التمثيل التجاري في السفارات المصرية بالخارج. ويشير عيسي فتحي، رئيس إحدى شركات تداول الإوراق المالية، إلى أن مستقبل البورصة المصرية خاصة خلال الأشهر القليلة القادمة سوف يظل مرهوناً بأداء المستثمرين المحليين من أفراد وبنوك وصناديق ورغبة هذه الاطراف في مساندة السوق ودعمها حتى تجتاز هذه الفترة، مشيراً إلى أن دعم الاطراف المحلية للسوق يعطي رسالة ثقة للمستثمرين الاجانب بأن الامور تمضي إلى الأفضل وبالتالي لا داعي للخروج من هذه السوق الواعدة. ويضيف أن البنوك المصرية عليها دور كبير في ضخ سيولة للبورصة خاصة ان البنوك تعلم قبل غيرها أن الأسهم اصبحت في مستوى سعري مغر للغاية وأن من يشتري الآن سوف يحقق ارباحاً كبيرة في المستقبل القريب والبنوك هي التي يمكن ان تشتري الآن وتنتظر تحسن السوق مستقبلا نظراً لأنها تتمتع بالسيولة ومن المفترض انها تعمل وفق اسس استثمارية استراتيجية لذلك يجب على البنوك الدخول مشترين في هذه المرحلة ولن تنتظر طويلاً على حيازة هذه الاسهم. على ضوء هذه العوامل إلى جانب عوامل نفسية أخرى وشائعات متعددة سيطرت على أداء السوق طيلة جلسات التداول سجلت المؤشرات الرئيسية للبورصة المصرية تراجعا كبيرا تجاوز المئة نقطة لمؤشر “ايجي إكس 30” وهو الاكثر تعبيرا عن حالة السوق حيث تراجع ليغلق يوم “الاحد” الماضي على 5236 نقطة ويبدأ النزيف يوم الاثنين ليغلق على 5174 نقطة ثم يسجل مزيدا من التراجع يوم الثلاثاء ليغلق على 5144 نقطة ويواصل الخسائر يوم الاربعاء عند 5142 نقطة ويختتم الأسبوع على خسارة كبيرة ليغلق يوم الخميس الماضي على 5136 نقطة. وتأثرت اسهم عديدة بحركة تراجع المؤشرات وكان في مقدمة القطاعات التي تأثرت اسهمها بهذا التراجع كل من قطاعي التشييد والبناء والصناعات التحويلية بينما كان قطاع الاتصالات هو الاكثر تذبذبا على ضوء تغيير الترشيح الوزاري حيث تم استبعاد د. حازم عبدالعظيم في آخر لحظة رغم تفاؤل القطاع بترشيحه لمنصب وزير الاتصالات لانه احد أبرز أبناء هذا القطاع حيث كان يتولى في وقت سابق منصب رئيس هيئة تنمية التكنولوجيا، وأبدى قطاع الصناعات التحويلية في مطلع الأسبوع تفاؤلا بترشيح أحد الصناعيين لمنصب وزير التجارة الخارجية والصناعة وهو الدكتور احمد فكري عبدالوهاب رئيس مجلس الصناعات الهندسية إلا أن البعض اعترض عليه حتى لا تتكرر ظاهرة الوزراء رجال الاعمال ومن ثم تم ترشيح رئيس هيئة المواصفات والمقاييس السابق لمنصب وزير الصناعة وهو الترشيح الذي استقبلته اسهم الشركات الصناعية بفتور وعدم ترحيب باعتباره كان أحد أبرز رموز البيروقراطية الحكومية في القطاع الصناعي على مدى السنوات العديدة الماضية. وجاءت اسهم قطاع الخدمات في مقدمة الاسهم التي تأثرت بالتذبذب في أداء البورصة لاسيما اسهم القطاع السياحي وقطاع تجارة التجزئة بسبب حالة عدم اليقين التي تسيطر على السوق وحركة الاقتصاد الكلي بصفة عامة خلال هذه الفترة. وزاد من حدة التراجع إحجام البنوك المصرية عن الدخول بقوة مشترية للاسهم طيلة أيام الاسبوع الاخير مما حرم السوق من قوة مالية جيدة كانت تلعب في معظم الاوقات الحرجة دور صانع السوق الذي يحفظ توازنها. وجاء تصرف القطاع المصرفي بسبب النتائج غير المرضية التي اظهرتها قوائم الاعمال في هذه البنوك بشكل مبدئي عن الربع الثاني من العام الجاري. ويتوقع متعاملون في البورصة المصرية أن تستمر حالة التراجع وتذبذب الاداء في الاسبوع الجديد بل ربما تمتد هذه الحالة لتغطي معظم جلسات التداول خلال شهر رمضان المقبل لاسيما أن هذه الفترة تمثل فترة هدوء وركود تقليدية لارتباطها بموسم السفر والاجازات الى جانب عوامل اقتصادية اخرى تتعلق بنمو الانفاق الاستهلاكي لدى المستثمرين الافراد خلال هذه الفترة مما يدفع الكثيرين منهم إلى تسييل جزء من محافظ الاسهم والسندات التي يمتلكونها لمواجهة هذه النفقات الطارئة. ويشير هؤلاء المتعاملون إلى ضرورة دخول مؤسسات مالية في مقدمتها البنوك إلى السوق بقوة في المرحلة القادمة حتى تستطيع السوق استعادة توازنها وحتى يمكن أن تمنح مشتريات هذه المؤسسات الثقة للمستثمرين الأفراد مما يحول دون اندفاعهم في عمليات بيع غير رشيدة تتسبب في مزيد من الخسائر للسوق.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©