الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

البركان النائم

البركان النائم
1 فبراير 2019 00:01

تصل النسخة التاريخية والاستثنائية لكأس آسيا للأمم إلى خط النهاية، وبصرف النظر عمن سيكون بطل هذه النسخة، هل تتحقق فيه علامات الاستحقاق الكاملة أم لا؟ فإن البطولة نجحت بالفعل في إنجاح انعطافة كبيرة للحدث الكروي، الأبرز في قارة يصطلح عليها الخبراء بـ«البركان النائم»، والتوصيف يتطابق كاملاً مع الموصوف، بالنظر إلى أن القارة الآسيوية تملك من الذخائر البشرية والتسويقية وحتى الإبداعية، ما تستطيع به أن تسرق من القارتين الأوروبية والأميركية الجنوبية أدوار البطولة.
نجحت نسخة «الإمارات 2019» في كسب العديد من الرهانات، لعل أقواها هو رهان إنجاح بطولة من 24 منتخباً، وستذكر آسيا لأربع سنوات كاملة، كيف أن الإمارات نظمت بكثير من الإعجاز بطولة قارية بكل معاني الاقتدار، كيف أنها أسهمت بدقة وسلاسة واحترافية التنظيم، في تحريك المتخيل الرياضي ليمنحنا إلى جانب التأطيرات الجمالية للمباريات، زخماً إبداعياً، جعل البطولة ترسل للذاكرة وللتاريخ الكثير من الإبداعات التي ستخلدها في مفكرة الكرة الآسيوية.
أما ثاني الرهانات التي كسبها الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، فهو أن نسخة الإمارات الشاهدة على الانعطافة الكبيرة في تاريخ المونديال الآسيوي، أبرزت إيجابية قرار توسيع دائرة المنتخبات المشاركة في النهائيات، فلئن كانت الغاية هي تنمية القارة بتشريع الأبواب أمام القوى الكروية الناشئة لتقيس طموحاتها وأحلامها، في حضور القوى التقليدية، فإن هذه الغاية تحققت بالفعل وبأجمل طريقة ممكنة، وجميعنا سيحتفظ لا محالة بالصور التي خلدتها في الذاكرة منتخبات مثل فيتنام وقيرغيزستان وتايلاند، وهو ما يعني أننا أمام نحت جديد للتضاريس الكروية بالقارة الصفراء، وما علينا إلا أن نتوقع في القادم من السنوات هبوب رياح تعرية، ستجرف مدارس كروية وتنصب مكانها أخرى.
وثالث الرهانات أن الكرة الآسيوية آخذة في ردم الهوة التي تفصلها عن الصدارة العالمية التي تتبوأها الكرة الأوروبية، فمع عرض الظواهر التكتيكية الكبرى مقرونة بالبيانات والإحصائيات، نستنتج بأن أغلب المنتخبات الآسيوية، وبخاصة تلك التي تقدمت نحو الأدوار النهائية، قدمت منظومات لعب تقترب كثيراً من المنظومة السائدة اليوم في كرة المستويات العالية، من حيث التنشيط التكتيكي والتنوع الخططي والتعامل مع مساحات الملعب والسرعة في التحولات من النواحي الدفاعية للنواحي الهجومية، والذكاء في التعاطي مع الجزئيات الصغيرة، برغم أن بعض القوى الكروية الوازنة أدت غالباً ثمن الاستحواذ السلبي، وبرغم أن بعض المباريات أبرزت نوعاً من الفقر في النسق والإيقاع.
أما أمام دروس هذا المونديال الآسيوي، فهو أن لا مستقبل لكرة القدم بآسيا وغيرها من دون تكوينات أكاديمية قائمة على المقاربات العلمية، تكوينات ترصد لها الإمكانيات المالية واللوجيستية، وتعمم من قاعدة الهرم لقمته من دون أن تتحكم في مصيرها النتائج الظرفية، لعلها توقظ البركان النائم.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©