الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أفريقيا.. فضاءات مقدسة نسجها الإسلام عبر القرون

أفريقيا.. فضاءات مقدسة نسجها الإسلام عبر القرون
17 نوفمبر 2019 01:08

محمد نجيم (الرباط)

من المعروف أن الإسلام انتشر في عدد كبير من بلدان الساحل الأفريقي، قبل قرون عدة من الزمن، مُرسخا مكانته هناك من خلال الفتوحات الإسلامية، أو من خلال الرحلات المنتظمة لقوافل التجار التي تنطلق من المغرب صوب تلك البلدان، وهذا ما يرصده المعرض الفنّي الذي تنظمه وتشرف عليه أكاديمية المملكة المغربية في عدد من فضاءات الرباط من بينها، قاعة باب الكبير الأثري وقاعة باب الرواح ومتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، معرض هدفه تقريب الجمهور المغربي والجالية الأوروبية والعربية المقيمة في المغرب من كنوز إسلامية وتحف فنية ومعمارية لا تقدر بثمن تعكس الحضارة الإسلامية في أفريقيا.
وعن هذا المعرض الفريد من نوعه قال عبد الجليل الحجمري: إن هدف إقامة حدث فني بهذا الجحم والنوع في المغرب هو من أجل رفع حجب الظلم والظلام التي طمست المعالم والمآثر الحضارية الأفريقية والفن الأفريقي العريق على مدى قرون، فلسنوات عدة تم تجاهل أفريقيا ونبوغ أبنائها وقدرات مواردها التي تؤهلها لأن يكون القرن ال 21 قرن القارة الأفريقية.
وأضاف: يجب التحرر من الصور النمطية المتوارثة عن القارة الأفريقية وإعادة النظر في تلك الصور، بما تحمله من نظرة استعمارية ودونية تقصِي الكثير من ما يوجد في بلدان أفريقيا من كنوز وتحف، مشيرا إلى أن أهمية هذا المعرض كونه يسلط الضوء على قرون كثيرة من تواجد الإسلام في بلدان أفريقيا، هو معرض يجمع بين الهندسة والمعمار والفن والاثنوغرافيا والفن المعاصر والتراث، معرض غير مسبوق يعرض أمام الزوار 250 من الأعمال ترصد تأثير المغرب الإسلامي على عدد كبير من بلدان أفريقيا.
وتابع قائلاً: في فضاء باب الرواح، نتعرف على تحف الهندسة المعمارية للمعالم المقدسة في بلدان أفريقيا حيث نشأت في القارة الأفريقية منذ القرن الثامن الميلادي، وبالضبط في وادي النيل الأعلى وأفريقيا الغربية جماعات مسلمة. وقد أدى تطور الثقافة الإسلامية هناك إلى التأثير بقوة في هذه المجتمعات سواء في نمط عيشها اليومي أو في مهاراتها الفنية، أفضى هذا التأثير الديني إلى بروز فضاءات مقدسة تولدت ضمنها هندسة معمارية جديدة. وهكذا شيدت مساجد منذ القرن التاسع الميلادي في أماكن قديمة للعبادة أحيانا. وما ميزها كونها احتوت مبادئ العمارة الإسلامية من دون التخلي عن عاداتها المحلية.
تجدر الإشارة إلى أن العمارة الدينية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تقدم نماذج أصلية تبتعد عن الأشكال المعروفة في العالم العربي الإسلامي. ولطالما أسهمت الطبيعة المؤقتة للمساجد في حلقة النيجر في عدم اهتمام الباحثين، لكن إعادة اكتشاف مسجد جيني الكبير كشفت عن الجمال المعماري لهذه المباني. بجانب هذا المثال الهائل، تستحق المساجد الريفية في المنطقة إعجابنا بجمالية نحتها. كما يعرفنا المعرض على أضرحة السودان التي تثير الإعجاب بضخامة قببها. في هرار بإثيوبيا، تتناسق الهندسة الدينية الملونة وتندمج في الفضاء الحضري. على الساحل السواحيلي، تقدم المقابر الدعائية مثالاً مهمًا بشكل خاص على التوليف مع التقاليد الأصيلة للإسلام.
كما يقربنا المعرض من المواد المستعملة في القنص والصيد وحِمل الحجّاج والأقمشة والجلود والمجوهرات والنقود والمنحوتات والأثاث النفيس التي استوحت الكثير من الفن الإسلامي والهندي، ويشهد المعرض على حيوية وثراء تلك التحف بما تختزنه من مهارات ودقة. لقد تجاوز تأثير الإسلام الجانب الديني إذ أحدث تحولً عميقًا في الثقافة المادية لأفريقيا جنوب الصحراء. لذا فإن هذا التراث الفني هو نتيجة قرون من تبادل المهارات والأفكار العادات والسلع عبر مسافات جغرافية عدة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©