السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

بغداد تنتفض غضباً رفضاً لـ «مماطلة» الحكومة

بغداد تنتفض غضباً رفضاً لـ «مماطلة» الحكومة
16 نوفمبر 2019 00:28

هدى جاسم ووكالات (بغداد)

رفض آلاف المتظاهرين العراقيين، أمس، المماطلة والتسويف من قبل الحكومة، مؤكدين في مظاهرات «مليونية» بأنحاء متفرقة من البلاد أنهم لن يعودوا إلى منازلهم إلا بعد تحقيق كامل مطالبهم، ومن بينها إسقاط الحكومة وحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة بإشراف دولي.
ومن جانبها، صعّدت المرجعية الدينية الشيعية العليا في العراق من نبرتها ضد الحكومة، أمس، مؤكدة دعمها للاحتجاجات التي تشهدها البلاد.
وقُتل أمس، اثنان من المحتجين بالذخيرة الحية وقنابل الغاز المسيلة للدموع خلال تفريق قوات الأمن العراقية للمتظاهرين وسط بغداد التي تنتفض غضباً ضد الطبقة الحاكمة، فيما أصيب عشرات آخرون بالرصاص الحي وحالات اختناق من الغاز المسيل للدموع.
وأصيب العشرات من المتظاهرين في ساحة الخلاني، وسط العاصمة بغداد، إثر اجتيازهم الحاجز الأمني الذي أنشأته القوات الأمنية في محيط المكان.
وأسقط المتظاهرون الكتل الخرسانية المحيطة بساحة الخلاني، وشرعوا في الدخول إليها، وسط إطلاق كثيف للغاز المسيل للدموع.
وفي غضون ذلك، تجمع الآلاف في ساحة الحبوبي في محافظة ذي قار، جنوبي البلاد، للمشاركة في تظاهرات ما أسموها بـ«جمعة الصمود» ضد الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد.
وفي محافظة الديوانية، انتشرت القوات الأمنية، بشكل كثيف، حول المؤسسات والمقار الحزبية لحمايتها، عقب امتلاء شوارع المحافظة بالمتظاهرين.
وأما في محافظة البصرة، فقد فرضت القوات الأمنية طوقاً حول ساحة البحرية التي يتوافد إليها المتظاهرون بأعداد كبيرة، للتنديد بالوضع الاقتصادي والاجتماعي الكارثي في البلاد.

استحقاقات الإصلاح
إلى ذلك، كانت خطبة الجمعة، أمس، الأكثر وضوحاً للمرجعية منذ انطلاق موجة الاحتجاجات التي بدأت مطلبية في الأول من أكتوبر الماضي، إذ شددت على أن الاحتجاجات تشكل انعطافة كبيرة في الوضع العام.
وقال السيستاني في خطبة الجمعة التي تلاها ممثله السيد أحمد الصافي في كربلاء: «إذا كان من بيدهم السلطة يظنون أنّ بإمكانهم التهرب من استحقاقات الإصلاح الحقيقي بالتسويف والمماطلة فإنهم واهمون».
وأضاف «لن يكون ما بعد هذه الاحتجاجات كما كان قبلها في كل الأحوال، فليتنبهوا إلى ذلك».
وهذه المرة الأولى التي تقول فيها المرجعية: «إنها تدعم الاحتجاجات وليس مطالبها فقط، فيما يعتبر انعطافة كاملة في الخطاب لمصلحة الشارع».
وأكد السيستاني الذي لا يظهر إلى العلن، أن «المواطنين لم يخرجوا إلى المظاهرات المطالبة بالإصلاح بهذه الصورة غير المسبوقة، ولم يستمروا عليها طوال هذه المدة بكل ما تطلّب ذلك من ثمن فادح وتضحيات جسيمة، إلاّ لأنهم لم يجدوا غيرها طريقاً للخلاص من الفساد».
واعتبر أن الفساد في البلاد يتفاقم بتوافق القوى الحاكمة على جعل الوطن مغانم يتقاسمونها فيما بينهم، وتغاضي بعضهم عن فساد البعض الآخر.
ويعتبر هذا انتقاداً صريحاً للسلطة الحاكمة، التي ضمنت، بحسب تقارير، الأسبوع الماضي اتفاقاً يبقيها في السلطة، مع إنهاء الاحتجاجات بكل الوسائل المتاحة.

ميزان القوى
لكن الاحتجاجات تواصلت في بغداد ومدن الجنوب أمس، وطالب المتظاهرون بالمزيد. وواجهتهم القوات الأمنية بوابل من قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي.
ومنذ الأول من أكتوبر الماضي، قتل في الاحتجاجات أكثر من 330 شخصاً في العراق، غالبيتهم من المتظاهرين، بحسب مصادر طبية وأمنية.
لكن يبدو أن موازين القوى قبل خطبة أمس، لن تكون كما بعدها.
واعتبر المحلل السياسي في معهد كارنيجي حارث حسن أن السيستاني «كان دائم الحرص على عدم استنفاد رصيده بالسياسات الضيقة، وحفظ كلماته للمواقف الأكثر خطورة».
وأضاف: «إن كلماته الأخيرة عن الاحتجاجات كشفت مدى جدية إدراكه للوضع الحالي في العراق، ومن خلال انحيازه بشكل أوضح للمحتجين، قام السيستاني بأكثر تحركاته جرأة حتى الآن، والتي قد تحدد نتيجة ميزان القوى والسياسة العراقية لسنوات مقبلة».
وجددت المرجعية العليا تأكيدها، أمس، على أن معركة الإصلاح التي يخوضها الشعب العراقي الكريم إنما هي معركة وطنية تخصه وحده، ولا يجوز السماح بأن يتدخل فيها أي طرف خارجي.
ويبدو أن الشارع بدأ يستعيد زخمه، خصوصاً بعدما وجدت السلطات نفسها محرجة في قمع التظاهرات، بعدما نفت المرجعية أن تكون طرفاً في أي اتفاق لتجفيف الشارع، وباتت الآن تحت ضغط الشارع والحراك السياسي والدبلوماسي.
وكان السيستاني التقى مطلع الأسبوع المنصرم رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت، التي طرحت عليه خريطة طريق حظيت بموافقته، مقسمة على مراحل، تدعو إلى وضع حد فوري للعنف، والقيام بإصلاحات ذات طابع انتخابي، واتخاذ تدابير لمكافحة الفساد في غضون أسبوعين، تتبعها تعديلات دستورية وتشريعات بنيوية في غضون ثلاثة أشهر.
وفي هذا السياق، اعتبرت المرجعية في خطبتها، أمس، أن إرادة الشعب تتمثل في نتيجة الاقتراع السري العام إذا أُجري بصورة عادلة ونزيهة، داعية إلى «الإسراع في إقرار قانون منصف للانتخابات يمنح فرصة حقيقية لتغيير القوى التي حكمت البلد خلال السنوات الماضية».
وأضافت أن «إقرار قانون لا يمنح مثل هذه الفرصة للناخبين لن يكون مقبولاً ولا جدوى منه».
إلى ذلك، حذر رئيس وزراء العراق، عادل عبد المهدي، من ارتفاع وتيرة حالات الخطف في البلاد، على خلفية حادث اختطاف مسؤول أمني بارز برتبة لواء في وضح النهار بالعاصمة بغداد قبل أيام. وأكد عبد المهدي، في بيان نشره على حسابه في «فيسبوك»، أن الكاميرات سجلت يوم الثلاثاء الماضي اختطاف عميد المعهد العالي للتطوير الأمني والإداري، اللواء ياسر عبد الجبار محمد حسين، في وضح النهار بمنطقة الجادرية واقتياده إلى جهة مجهولة.
وشدد رئيس الوزراء على أن هذا الحادث جاء على خلفية «ازدياد حالات الخطف» في العراق، متهماً بالوقوف وراءها «جهات توحي بأنها تنتمي إلى إحدى مؤسسات الدولة، سواء بعناوين حقيقية أو مزيفة».

الجيش: «طرف ثالث» يقتل المتظاهرين والأمن
نشرت وزارة الدفاع العراقية، أمس، توضيحاً بشأن ما قصده وزير الدفاع نجاح الشمري بمن وصفهم بـ«الطرف الثالث» الذي يستهدف المتظاهرين السلميين والقوات الأمنية ويقتلهم.
وقالت الوزارة في بيان: «إن (الطرف الثالث) هم عصابات تستخدم الأسلحة وتستخدم قنابل الدخان القاتلة ضد أبناء شعبنا من المتظاهرين والقوات الأمنية، ونبرئ الأجهزة الأمنية من استخدام القنابل القاتلة».
وتداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، أمس الأول، على نطاق واسع تصريحات للشمري قال فيها: «إن هناك طرفاً ثالثاً يقتل المتظاهرين والقوات الأمنية».
وخلال مراجعة بالأمم المتحدة لسجلات الدول الأعضاء في ما يتعلق بحقوق الإنسان في جنيف، اتهم دبلوماسيون من عدة دول الحكومة العراقية باستخدام «القوة المفرطة».
وأشار وزير العدل العراقي فاروق أمين عثمان إلى حدوث «انتهاكات فردية» من أعضاء وكالات مسؤولة عن إنفاذ القانون، قائلاً: «إنه يجري التحقيق معهم».
وكان وزير الدفاع العراقي نجاح الشمري، قال في مؤتمر صحفي عقده في باريس، أمس الأول، «إن هناك طرفاً ثالثاً يقوم بقتل المتظاهرين في العراق»، مضيفاً: «إن الجيش سلّم الشرطة الاتحادية مهمة حماية المتظاهرين بعد 2 أكتوبر الماضي».
وشرح أن البندقية التي تستخدمها القوات الأمنية العراقية يمكنها إصابة شخص على مسافة تتراوح بين 75 إلى 100 متر، بينما بعض المتظاهرين قُتلوا برصاص أطلق من بعد 300 متر منهم.
وتابع: «بعد تشريح جثثهم من قبل الطب العدلي، وبعد استخراج المقذوفات من أجسامهم، وجدنا أن العتاد، الذي تم استخدامه لإطلاق النار على المتظاهرين، لم تستورده أي جهة عراقية».
وأضاف أن هذا النوع من البندقيات وحتى قنابل الغاز والقنابل المسيلة للدموع لم يدخل العراق عن طريق الحكومة العراقية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©