الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بعد الخسارة والنزيف.. تكفينا جائزة اللعب النظيف!

14 نوفمبر 2017 22:19
عذراً.. إلى متى سيبقى العرب في محطة الانتظار؟ متى سيغادرون محطة رد الفعل إلى محطة الفعل؟ إلى متى سيظل موقف العرب دفاعياً؟ متى يهاجمون ويبادرون؟ إلى متى سيظل العرب يشتكون إلى الأمم المتحدة ويناشدون المجتمع الدولي ويطالبون القوى الفاعلة بالتحرك وهم لا يتحركون؟ أتوق إلى اليوم الذي أرى فيه العرب فاعلين لا مفعولاً بهم. أتمنى أن أرى اليوم الذي يقال فيه إن العرب يتآمرون ويتدخلون في شؤون الدول الأخرى، وتكون لهم أذرع ولو تخريبية في أراضي الأعداء. أتوق إلى اليوم الذي يقتل فيه العرب القتيل ويمشون في جنازته، فمن لم يتذأب تأكله الذئاب. أريد أن أرى العرب نسوراً حولهم الجيف ولا يكونون كما هم الآن جيفاً من حولها النسور. التآمر والدس والفتن والتدخل والتجسس حقوق أصيلة للدول الآن وقبل الآن. وفي كل دولة جهاز يسمى جهاز الاستخبارات أو أي اسم آخر. وهو جهاز معترف به دولياً وظيفته التحسس والتجسس والتلصص والتدخل في شؤون الآخرين. وقتل القتيل وترك السياسيين يمشون في جنازته ويشجبون ويدينون. والحروب في العالم كله الآن استخبارية. والحرب خدعة والخدعة تعني بالضبط وجود جهاز للتآمر والفتن والوقيعة والكذب. ولم يحدث مرة واحدة أن قطعت دولة ما علاقاتها بدولة أخرى لأنها تجسست عليها. فقط يتم كشف المؤامرة وضبط الجواسيس وكفى، كما لم يحدث أن قطعت دولة علاقاتها بأخرى إلا إذا كان التدخل في الشأن الداخلي تدميرياً وتحريضاً صريحاً على الفوضى والقتل، كما فعلت قطر مع الدول الأربع التي قاطعتها. قد تقدم الدول المتضررة مذكرات احتجاج أو تستدعي السفير للاحتجاج إذا كان الأمر مجرد تحريض إعلامي أو تصريح سياسي خرج على النص. حتى فرق كرة القدم العربية تلعب بنفس الأسلوب السياسي العربي، وهو التكتل الدفاعي وإضاعة الوقت وإضاعة الفرص وفي النهاية نقول: خسرنا لكننا أدينا مباراة جيدة. ويكفينا التمثيل المشرف واكتسبنا احترام العالم. لا يهم أن نخسر ما دمنا كسبنا احترام العالم وحصلنا على جائزة اللعب النظيف. ولم يحدث أبداً أن نالت أي دولة أو أي فريق كروي شرف دخول التاريخ بجوائز اللعب النظيف. لم يحدث أبداً أن قيل إن فريقاً حصل على جوائز اللعب النظيف عشر مرات أعوام كذا وكذا. لكن الفرق والدول التي تكسب باللعب القذر هي التي خلدها التاريخ وعد إنجازاتها. العرب وحدهم يفرحون بجوائز اللعب النظيف والتمثيل المشرف والخسارة بشرف. ولست أدرى ما معنى الخسارة والهزيمة بشرف. هل هي عبارة تعزية ومواساة؟ لا توجد أبداً خسارة بشرف، ولكن دائماً يوجد فوز بلا شرف. والعالم لا يعنيه إلا أن هناك خسارة ومكسباً، ولا يعنيه وصفهما بالشرف أو اللا شرف. ولم يحدث أيضاً أن ذكر التاريخ من خسروا بشرف، لكنه ذكر من فازوا بلا شرف. وما يدور في كرة القدم العربية هو نفسه ما يدور في السياسة. نفس المشاجب والشماعات، الحكم لم يكن عادلاً، الفريق تعرض لمؤامرة. أرض الملعب سيئة، الطقس سيئ جداً. الإقامة لم تكن مريحة، وضعوا لنا في الطعام منوماً. المهم أننا أبرياء من الخسارة. ومثل السياسة أيضاً، نقدم احتجاجاً للفيفا، أو الاتحاد الإقليمي.. وفي النهاية يتم اعتماد النتيجة بخسارتنا. وتبرئة كل الذين اتهمناهم. ونعيد الكرة ونلدغ من الجحر الواحد ألف مرة. ولا نتهم أنفسنا. وغاية ما نفعله إقالة المدرب أو المسؤول. رغم أن الفريق كله سيئ والارتجال سيد الموقف. ولكن لا بد من كبش فداء. وكل المدربين العالميين فشلوا تماماً مع الفرق والمنتخبات العربية. فلا يوجد مدرب مهما بلغت كفاءته يعمل وينجح في مناخ سيئ. وتخبطات إدارية.. وفساد.. وعشوائية.. وهذا نفسه ما يحدث في السياسة العربية. لا يوجد لعب جماعي والفردية والذاتية هي الطاغية. ولا أحد يريد أن يصنع أهدافاً لزملائه. الكل يريد أن يسجل هو حتى إذا أضاع ألف هدف. لذلك نحن أمة الفرص الضائعة في كل مجال، فالعربي خامل في الجماعة ثابت في الفتنة. ولا يريد أن يكون ترساً في آلة، بل يريد أن يكون الآلة كلها. وكما يحدث في كرة القدم، فإننا نلوم الآخر ولا نلوم أنفسنا في السياسة أيضاً.. وفي العلوم العسكرية يقال إن الذي ينتظر عدوه ليأتيه ويحاربه على أرضه سيهزم مرة وتضيع أرضه مرة أخرى أي هزيمة واحتلال. والصواب أن يخرج لعدوه ويبادره، فإذا انهزم عاد إلى أرضه ولم يتعرض للاحتلال. وإذا انتصر سيحتل هو أرض العدو. ونفس الأمر في السياسة. خسر العرب وانهزموا لأنهم انتظروا فعل عدوهم.. ولأنهم فقدوا كل أوراق اللعب والمساومة. صبروا على الخونة والعملاء وظلوا يصفقون لـحزب «نصر الله» و«حماس» و«الإخوان» و«القاعدة».. على أساس أنهم أهل دين ويضربون إسرائيل ولو بقنابل وصواريخ ورقية أو حتى وردية. ولأن الرسميين العرب انخدعوا بالعملاء كان الوقت قد فات. وظلت الشعوب حاضنة لهؤلاء الخونة. واستيقظ العرب من الغفلة والغفوة ليجدوا دولا عربية بأكملها مخطوفة من إيران وتركيا وبلاد واق الواق.. وصارت إيران حرة الحركة في العالم العربي، بينما المواطن العربي ليس حر الحركة بين الدول العربية.. وجاءت اليقظة العربية متأخرة جداً.. ووصلنا متأخرين.. وما حل بنا غير العناء والتعب.. لذلك أقول: ألا تصل أبداً خير من أن تصل متأخراً.. ورغم كل هذه المصائب ما زال العرب يتحركون بشكل سلحفائي ممل، فقد أدركوا خيانة قطر بعد أكثر من ربع قرن، وأدركوا أن «الإخوان» هم القبيلة الأم للإرهاب وأن «داعش» و«القاعدة» و«النصرة» و«حماس» وحزب «نصر الله» و«الحوثيين» مجرد بطون وأفخاذ وعشائر تنتمي للقبيلة الأم. ما زال العرب بلا أوراق لعب وما زالوا يشتكون إلى الأمم المتحدة والفيفا ويستجدون الإدانة والشجب والاستنكار الدولي لما يفعله عدوهم. وما زالت قضية فلسطين هي قميص عثمان المزيف الذي ارتدته إيران وتركيا وحزب «نصر الله» و«الإخوان» وجماعات الإرهاب لخداع العرب الرسميين والشعبيين.. ورغم النزيف ما زال العرب وسيظلون سعداء وفخورين بجائزة اللعب النظيف! *كاتب صحفي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©