الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

واحة سيوة.. قبلة رحلات السفاري والسياحة العلاجية

واحة سيوة.. قبلة رحلات السفاري والسياحة العلاجية
3 أغسطس 2014 20:25
في رحلة إلى واحة «سيوة» المصرية، وسط عالمها الساحر الجميل، ومروجها الخضراء والفطرة والجمال والنقاء الأصلي، لمسنا طيبة أهلها، فهم هادئون، قانعون بحياتهم ومحبون لواحتهم، ونشعر أن الحياة بينهم سهلة، مريحة، وأنهم يمكن أن يستغنوا نهائياً عن العالم الخارجي، كل شيء متوفر وفي متناول اليد، البيوت من الأرض، من طين «الكرشيف» المحلي، والملابس من صوف الماعز والإبل، والماء في الحمامات والجداول والبحيرات، والأكل، الرطب الجَنِى، أينما حللت على جذوع النخيل، العلاج الناجع الذي يشد إليه الرحال في الطبيعة والمناخ والينابيع والرمال المترامية والأيدي المجربة الحكيمة. سيوة أكبر واحات مصر وأقدمها من حيث الاكتشاف، عرفها الفراعنة عام 1500 قبل الميلاد، وأنشأوا فيها معبدا شهيرا للإله «آمون»، ومر عليها الرومان وتركوا فيها آثارا وعيونا مايزال بعضها قائماً حتى الآن، وزارها الاسكندر الاكبر وعمده كهنة آمون، وخرج منها لفتوحاته الشهيرة التي وصلت مشارف الهند، وقيل إنه أوصى بدفنه فيها، أما «قمبيز» ملك الفرس فقد دفن فيها فعلا، دفنته عاصفة مهولة مع جيشه الجرار وهو يواصل الزحف لاحتلالها. منتجع صحي وسيوة تقع على أقصى حدود مصر الغربية في صدر الصحراء الكبرى، وتبعد عن البحر الأبيض المتوسط بمسافة «ثلاثمئة كيلو متر» وتنخفض عنه حوال 55 مترا، وتبعد عن القاهرة ستمئة كيلو متر، وعن الحدود الليبية حوالي ستين كيلومترا، وهي منخفض عظيم أشبه بغابة كبيرة وسط الصحراء المترامية، غابة من الأعناب والنخيل والينابيع البراقة الصافية، عرضها من الشرق للغرب ثلاثين ميلا ومن الشمال للجنوب نحو خمسة اميال، وهي معروفة منذ عقود كمنتجع صحي بكر هادئ ومنعزل، وفي السنوات الاخيرة ازدادت أهميتها على خارطة سياحة الاستجمام والسفاري، وأرضها البكر - الغابات والاحراش والينابيع والصحاري الممتدة - أصبحت قبلة لمحبي سياحة السفاري والترحال في المناطق البكر من شتى أنحاء العالم بما فيهم المشاهير كالأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا الذي زارها أكثر مرة وكوفي انان الأمين العام السابق للأمم المتحدة الذي منح أحد أبناء الواحة جائزة من الأمم المتحدة نظير ما أداه والوفد المرافق له في رحلة السفاري التي قام بها الى سيوة. طبيعة ساحرة والحقيقة أنها منتجع طبيعي ساحر، أهم ما يميزه أنه بكر، طبيعة خالصة، مساحات ممتدة من الخضرة، وتكتنفها من كل جانب جبال أو قل تلالاً مقدسة وقلاعاً أثرية تعود للفراعنة والرومان، والسياحة فيها سهلة مريحة، لا تجد فيها ذلك الاستغلال والالحاح الممجوج المعروف عن المدن والمزارات السياحية الشهيرة، والفنادق هناك معظمها بيئي يحافظ على شكل وأسلوب حياة وحتى عمارة الانسان السيوي القديم، نفس «الطوب الني» والطلاء المكون من طين «الكرشيف» المحلي، ونفس الحياة البسيطة الخشنة الى حد ما، لكن بينها فنادق على أحدث الطرز المعمارية. والسياحة المعتادة لسيوة قصيرة، في الغالب لا تزيد عن أسبوع حتى بالنسبة لسياحة السفاري، وهي في مجملها سياحة شتائية بسبب المناخ والشمس الساطعة، والصيفي منها سياحة علاجية، وأهم ما تشتهر به سيوة العلاج بالردم في الرمال النقية الصافية المشبعة بسخونة الشمس، وطقوس الردم تبدأ بالامتناع عن تناول الطعام، ثم الردم في حفرة من الرمال، ويدفن المريض في هذه الحفرة لمدة 15 دقيقة في الشمس، ثم يخرج إلى خيمة في الصحراء، ولا يتناول خلال هذه الفترة سوى المشروبات الدافئة، ويستمر «كُورس» العلاج ثلاثة أيام، والموعد المناسب له ثلاثة شهور من يونيو حتى سبتمبر لأن أهم ما يشترطه المناخ الحار الخالي من الرطوبة، وهناك أيضا العلاج بالعيون المعدنية والكبريتية والوصفات الشعبية خصوصا البدوية كالأعشاب والكي بالنار والدق على يد والقدم وغيرها. رحلة صحراوية سافرنا الى سيوة في رحلة صحراوية، بدأت من الاسكندرية ومرت على مطروح وانتهت إليها، وهي الطريق الرسمي المعتمد للواحة، هناك طريقان آخران ولكن الأول عبارة عن مدق ترابي يبدأ من القاهرة ويناسب محبي السفاري والمغامرات، والثاني أبعد يبدأ من السلوم على الحدود المصرية الليبية، وبعد السير مئات الكيلو مترات في الصحاري القاحلة وجدنا أنفسنا فجأة وبدون اي مقدمات ننحدر في منخفض عظيم، ورأينا منظرا من أحلى المناظر وأبهجها، مروج من الاعناب والنجيل والخضرة والينابيع الصافية اللامعة، ووسطها وأيضا على حوافها مبان طينية قصيرة وهشة كنا نظنها أخصاصا واتضح انها بيوت أهل سيوة ودورهم وساحات فضية متلألئة أتضح انها بحيرات وربوة بنية شاهقة اتضح انها جبل الموتى وسط غابة من النخيل، وغمامة سوداء اتضح انها جبل الدكرور العظيم الشاهق الغني بالآثار والذي كان أهل سيوة يتبركون به ويزورونه في الاعياد وأيضا يتخذونه مصيفاً، ومازالت بيوتهم الخالية من البيبان والشبابيك به حتى الآن. رحلة الأسكندر الأكبر الطريق نحو قلب الواحة وقلعتها وناسها يمر وسط ظلال النخيل والأعناب في منظر ساحر يذكر مباشرة برحلة الأسكندر الأكبر الشهيرة، فقد سار على نفس هذه الارض، وربما فوق نفس الطريق، وكانت عناقيد البلح والعنب والزيتون تكتنف موكبه، ووصل الى معبد آمون الذي مازالت بقاياه قائمة حتى اليوم، وهو مبني فوق صخرة عظيمة، ويبدو من بعيد أشبه بقلعة حصينة، والاسكندر صعد اليه واجتاز أبوابه وحراساته وسار في ممراته الضيقة حتى وصل غرفة الاجتماع، وهناك عمده الكهنة المصريون ابناً للاله آمون ووريثاً لملكه. نزلنا في موقف الحافلات وسط سيوة، وكانت الشمس ساطعة وقريبة وضوؤها أبيض كضوء القمر، وتوجهنا الى فندق «الباب انشال» أي الباب رفع من مكانه، وهو مبني مكان قلعة «شالي» التي تعتبر الاصل المعماري لسيوة، فقد بناها أهلها وحصنوها بالاسوار فوق هذه الربوة العالية لكي يأمنوا شر هجمات البدو وغاراتهم المستمرة، والفندق بيئي يحافظ على طرازها المعماري القديم، ويعتبر من العلامات المميزة لسيوة الحالية، وفيه تناولنا فطورا سيويا شهيا من الاعشاب والمربات المتنوعة وطبعا الزيتون بكافة أشكاله وألوانه. وسرنا في طرق أو قل مدقات ترابية تتلوى وسط غابة من النخيل والزيتوت، وبدأنا بجبل «جبل الموتى» وهو عبارة عن هضبة عالية بها الكثير من مقابر الرومان والفراعنة، ونزلنا منه على معبد آمون؛ الذي عُمِّد فيه الإسكندر الأكبر، ثم حمام كيلوباترا، ثم منطقة «جبل الدكرور» وهي المنطقة المختصة بالعلاج من أمراض العظام عن طريق الردم في الرمال الساخنة والتقينا بأحد المختصين في الموضوع، وقال إن معظم زبائنه من العرب، وأنه يعالج أمراض «الروماتيزم» والعظام عموما، وان لديه وصفات شعبية لأمراض السمنة والكبد وغيرها. * كادر/ متحف «البيت السيوي» متحف «البيت السيوي» متحف «البيت السيوي»، هو نموذج للبيت السيوي القديم مكون من طابقين ومسقوف بجذوع النخيل، والطابق الأرضي به «مربوعه» وهي لفظة بدوية تعني حجرة الضيافة، ولها باب منفصل عن البيت الذي يتكون من مدخل وصحن وحجرات للنوم والطبخ وملحق بيت آخر للمواشي له باب منفصل على غير عادة أغلب بيوت الفلاحين في شتى أنحاء مصر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©