نوف الموسى (دبي)
تشكل دار «كريستيز» للمزادات، بسبب المكانة العريقة التي اكتسبتها على مدى 250 عاماً في مجال الاقتناء الفني العالمي، محركاً رئيساً في المجتمعات الفنية. وهو ما يضفي على اختيارها لـ «فنون الشرق الأوسط الحديثة والمعاصرة» لتكون عنوان مزادها المقبل أهمية خاصة، بحيث يمكن القول، إن المزاد الذي سيقام في العاصمة البريطانية «لندن»، في 24 أكتوبر الجاري، هو حدث نوعي مرتقب، باعتبار «كريستيز»، منصة نوعية للاحتفاء بالفن، وهو هذه المرة الفن العربي.
وتشكل لوحة «ودن من طين وودن من عجين»، للفنان المصري عبد الهادي الجزَّار (1925 ـ 1966)، أبرز ما يتصدر المجموعات العربية، ويقدر سعرها بين (350.000) و(450.000) جنية إسترليني، في ظهورها الأول، إلى جانب إبداعات فنية من إيران وسوريا ولبنان، تجذر حضورها بين المقتنين العالميين، وتبرز الدور الذي تقوده الدار لتوثيق تحول الذائقة الفنية العالمية نحو الفن العربي والإسلامي.
الوعي بثقافة الاقتناء أو بشراء العمل الفني، يمر عادةً بمستويات تدرجية عديدة، تتشكل وفق الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية والثقافية والأمنية للمجتمعات، ولا يمكن فصلها عن محاور التنمية الرئيسة في أي بلد متقدم.
تقول الخبيرة في الفنون هالة خياط مدير إدارة الفنون الشرق أوسطية وكبير الاختصاصيين فيها، إن سعي الأجانب نحو اقتناء اللوحة العربية يعزز القيمة الفنية الحقيقية التي قدمها الفنانون العرب، مضيفة إننا دائماً ما نبحث عن بيانات علمية، ودراسات بحثية حول الجدوى الفعلية للفن العربي عالمياً، واليوم، يمكننا أن نجد إجابة، على ما يحدثه من تحول في الذائقة، في صالات المزادات العالمية.لا تزال معايير اختيار اللوحات للمزادات العالمية مرهونة بالأقدمية، كما أوضحت هالة خياط، مبينة أنها - أي الأقدمية - هي التي ترفع القيمة المادية بشكل أساسي، إلا أن العوامل التكوينية للأعمال الفنية، مثل علاقة الفنان باللوحة، مستوى شهرتها في حياة الفنان، إضافة إلى الفترة الفعلية لإنتاجها من قبل الفنان، ومتى ارتباطها بالأحداث التاريخية وبمعنى أكثر دقة: هل تم إنتاجها في أوائل أو أواخر عمره الفنية، أم تم إصدارها ضمن مجموعة خاصة للفنان بعد وفاته، هذه وغيرها محاور تلعب دوراً لا يستهان به، لوضع تسعير محدد للوحة وتقييمها، ومن هذا الفهم نفسه، جاء منهج توسيع الخيارات الفنية للأعمال العربية هذه السنة، من خلال مزاد «فنون الشرق الأوسط الحديثة والمعاصرة».
وتشير هالة خياط إلى أن الانفتاح والشفافية والأمان، الدعائم الأساسية لاستقرار سوق الاقتناء في المنطقة العربية، وهو ما يفسر استمرار حضور دار كريستيز في منطقة الخليج العربي، فالأخير شهد على مدى الـ10 سنوات الماضية، ارتفاعاً بمعدل الضعف في القوة الشرائية على صعيد الأعمال الفنية، وبالتالي يعكس هذا فهماً ووعياً بقيمة اقتناء العمل الفني.
بقيت الإشارة إلى أن أبرز اللوحات المشاركة في مزاد «فنون الشرق الأوسط الحديثة والمعاصرة»، هي: «الرسم على الزجاج رقم 3» للفنانة الإيرانية منير فرمانفارميان مواليد (1924)، ولوحة «حياة جامدة» للفنان السوري مروان قصاب باشي (1964 ـ 2016)، ولوحة «مدينتي #6»، للفنانة اللبنانية زينة عاصي، المولودة في عام (1974). سيشهد الحدث؛ عقد لقاءات ونقاشات نوعية حول الفنون والعمارة، إضافة إلى ملتقيات تجمع كبار المقتنين، تتضمن حواراً وبحثاً حول مضامين المزادات العالمية.