الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشركات الأميركية... وجاذبية الاستثمار في العراق

الشركات الأميركية... وجاذبية الاستثمار في العراق
8 أكتوبر 2010 21:21
فيما كان وفد تجاري أميركي يستعد، يوم الخميس الماضي، لإنهاء زيارته الأولى التي يقوم بها إلى العراق خلال أكثر من ثلاثة عقود، حذر المسؤول البارز الذي ترأس الوفد الزائر المستثمرين الأميركيين من أنهم سيخسرون السوق العراقية لصالح منافسين إقليميين إن هم تأخروا في الدخول إلى بلاد الرافدين والاستثمار فيها، وذلك على رغم المخاطر العديدة التي تحيط بالاستثمار هناك. وفي هذا السياق قال هذا المسؤول وهو "فرانسيسكو سانشيز"، وكيل وزارة التجارة الدولية الأميركي: "إن الفرص المطروحة في العراق لا تنتظر تحسن الوضع الأمني بعد عام ونصف، أو بعد عامين عندما تقل أعمال العنف وتنحسر التفجيرات". وأضاف مخاطباً أعضاء الوفد المرافق له: "إذا كنتم تريدون لعب دور حقيقي هنا فعليكم أن تبدأوا من الآن وتسارعوا إلى الاستثمار واقتناص الفرص". وكان سانشير قد وصل إلى بغداد يوم الاثنين الماضي مصحوباً بممثلين عن 14 شركة أميركية بما فيها "جنرال إلكتريك" و"بوينج". وفيما كانت خمس من الشركات الممثلة في الوفد جديدة على العراق ولم يسبق لها الاستثمار فيه فإن بقية الشركات سبق لها دخول السوق العراقية والمبادرة ببعض المحاولات الاستثمارية. ويبدو أن تعليقات المسؤول الأميركي تعكس المخاوف القائمة من فقدان الشركات الأميركية للفرص الاستثمارية لصالح منافسين شرسين على المستوى الدولي، وهو ما عبر عنه سانشيز بقوله: "إذا انتظرنا حتى تصلح الأمور في العراق ويصبح كل شيء على ما يرام فإننا سنفقد الكثير لصالح شركات عالمية أخرى بدأت تأتي إلى البلاد الآن" محيلاً بذلك إلى الاحتياجات العراقية الكبيرة في مجال إعادة الإعمار وتحريك السوق غير المستغلة المتعطشة للسلع والمعدات. وفي هذا الإطار احتلت الولايات المتحدة تصنيفاً متدنيّاً في التجارة مع العراق مقارنة مع تركيا وسوريا بالإضافة إلى الوجود الصيني المتنامي في السوق العراقية، وفيما عدا العقود الحكومية تجد أميركا نفسها في أسفل الترتيب عندما يتعلق الأمر بحجم التجارة مع العراق، أو الاستثمارات الخاصة، وذلك وفقاً لتقديرات مؤسسة "دونيا فرونتر" للاستشارات. ومن أسباب ذلك أن الشركات الأميركية تجنبت في الفترة السابقة الاستثمار في العراق بسبب المخاوف الأمنية وعراقيل البيروقراطية والفساد، فضلاً عن صعوبات إدارية أخرى مثل مشاكل الحصول على تأشيرات وقوانين العمل غير الواضحة في العراق، والنظام القضائي الذي تتهمه بعض تلك الشركات بأنه غير فعال واعتباطي. وحسب تقييم وزارة الخارجية الأميركية الذي أعدته في شهر مارس الماضي "سيحتاج المستثمرون المحتملون في العراق الاستعداد لتحمل تكاليف الأمن، وإجراءات إقامة الشركات المعقدة وغير الواضحة، والقيود المفروضة على الشركات، بالإضافة إلى تأخر الحكومة في دفع مستحقاتها للمتعاقدين، ثم آليات فض المنازعات غير الشفافة والضعيفة"، وقد أضاف التقييم أيضاً أن "مزاعم الفساد ما زالت قائمة ومتأصلة، كما أن تركة التخطيط المركزي والشركات الحكومية عديمة الفعالية تستمر في عرقلة النمو الاقتصادي". وقد لمس أعضاء الوفد الزائر بعضاً من الصعوبات المرتبطة بالوضع في العراق عندما نُقلوا في عربات مصفحة مباشرة من المطار إلى المنطقة الخضراء حيث توجد السفارة الأميركية المحصنة، ولم يخرجوا من هذه المنطقة طيلة فترة مكوثهم في العراق حيث أجروا مجموعة من اللقاءات مع عدد من المسؤولين العراقيين. وفيما يخص مسألة الفساد التي تخيف المستثمرين الأميركيين قال "سانشيز" إنه حث المسؤولين العراقيين على تنفيذ السياسات المناسبة الكفيلة بإحلال جو من الثقة لدى المستثمرين، ولكنه أكد في الوقت نفسه أن الفساد "ليس مشكلة عراقية فقط بل هو أحد العراقيل الأساسية التي تقف في وجه الاستثمار في العالم كله". هذا ويحتل العراق المرتبة الخامسة قبل الأخيرة في مؤشر الفساد حسب "منظمة الشفافية العالمية" مجاوراً السودان ومتقدماً فقط على دول مثل بورما وأفغانستان والصومال، حيث تهاوت مرتبة العراق ابتداء من عام 2003 في مؤشر الفساد العالمي. ولكن على رغم ذلك بدأت بعض الشركات الأميركية في دخول السوق العراقية مثل "بوينج"، و"جنرال إلكتريك" التي حصلت على عقود للعمل في العراق. وخلال الأسبوع الجاري أيضاً فتحت شركة "هانيويل" المتخصصة في مجال التكنولوجيا والبنية التحتية مكتباً لها في بغداد، وتعمل على تزويد المعدات لقطاعي النفط والغاز العراقيين. ومن جانبه يسعى العراق إلى تشجيع المزيد من الاستثمارات الأميركية وهو ما أكد عليه نائب رئيس الوزراء بطمأنته للوفد الزائر بأن العراق حقق نجاحاً مهمّاً فيما يتعلق بالمكاسب الأمنية وتسهيل إجراءات الاستثمار في البلاد. ومع ذلك لا يمكن إخفاء الصعوبات الكثيرة التي تواجه المستثمرين الأجانب في العراق، والتي ستبقى قائمة على الأقل في المدى المنظور، ولاسيما أن زيارة الوفد الأميركي تزامنت مع دخول العراق شهره الثامن دون تشكيل الحكومة، وهو المأزق الذي يخشى المسؤولون الأميركيون من أن استمراره دون حل سيؤخر تمرير التشريعات الضرورية لتشجيع الاستثمار الأجنبي، علاوة على تأثيره السلبي على الوضع الأمني غير المستقر في العراق. ليلى فاضل- بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©