الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

صناعة الدبس.. موروث شعبي يعيش في قلوب الأجيال الجديدة

صناعة الدبس.. موروث شعبي يعيش في قلوب الأجيال الجديدة
24 سبتمبر 2018 02:19

السيد حسن (دبا الفجيرة)

بالرغم من اكتظاظ الإمارات بالعديد من مظاهر الحداثة إلا أن الحفاظ على الموروث الشعبي والتراثي يحظي باهتمام كبير في الدولة رسمياً وشعبياً، وتعد صناعة الدبس من تمر النخيل أحد أبرز الأمثلة على هذا النهج، حيث امتهن نصف سكان دبا الفجيرة هذا الموروث منذ ما قبل عصر النفط. وبالرغم من تدني عوائد هذه الصناعة وهجر الكثيرين لها حالياً إلا أن الرغبة في الحفاظ على هذا الموروث دفع علي سالم الضنحاني إلى العمل على المحافظة عليه بل وتعليمه لأبنائه والأجيال القادمة، عبر مصنعه البسيط بمدينة دبا. يروي الضنحاني قصة عشقه للدبس وصناعته، معتبراً ذلك الموروث بمثابة الوتد والجذور التي ينبغي المحافظة عليها وتوريثها للأجيال باعتبارها تمثل جانباً من هوية وثقافة مجتمع الإمارات.
يقول الضنحاني إنه يمتلك مزرعة للنخيل بدبا، ويقوم بتحضير التمور في موسم الحصاد، فيما يصنع الدبس من تمور « الشهلة» ذات المذاق المحبب للجميع، وذلك عبر تجميعها وتخزينها في أجولة مصنوعة من سعف النخيل تسمى « إيراف». يبدأ الموسم في أغسطس من كل عام حيث اشتداد درجة الحرارة، ثم تترك التمور المخزنة منذ منتصف الشهر إلى فترات متتالية تسمى الأربعين ثم الخمسين ثم الستين فالسبعين، يتخللها عشرة أيام بين كل منها، يتم خلالها جني الدبس من بين ثنايا سعف النخيل وتعبئته فيما يعرف بـ « الخروس» أو « البرمة» في عبوات متنوعة الوزن.
يساعد علي الضنحاني في صناعة الدبس، التي يعتبرها واجباً يحافظ من خلاله على الهوية الوطنية، ثلاثة من أبنائه الكبار، فيما يحرص هو على تعليمهم أسرار وتفاصيل الصنعة، غير مكتف بما يخص الدبس وحده وإنما بالتحدث معهم حول محتوى ومقتنيات متحفه الكبير، معتبراً ذلك أموراً مهمة يتعين ألا نغفلها مهما تقدمت الدولة في الحداثة والعمران. يرجع الضنحاني تمسكه بصناعة الدبس رغم تدني مكسبها وكبر الجهد المطلوب فيها وبالرغم من إنشاء الدولة مصانع ضخمة للدبس في منطقة الفوعة، إلى رغبته في أن تعيش المهنة في قلوب الأجيال الجديدة من المواطنين، عبر قيام المواطن بجمع تموره وتخزينها بنفسه وانتظار جني الدبس على طريقة الأجداد القديمة تمسكاً وإحياء لهذا الموروث.
ويذكر كيف أن الأقدمين كانوا يعتمدون في طعامهم على الدبس المخزن في فصل الشتاء، حيث كانت الموارد بسيطة وحيث التمر والحليب أطعمة وحيدة على موائد أهل البادية والأسماك والعسل أطعمة البيئة البحرية، فيما كان الدبس يدخل ضمن قائمة المواد التي يتم المقايضة بها مع الأكلات والمنتجات الأخرى، لافتاً أن الدبس الطبيعي المنتج عبر الغرفة المدبسة هو الأجود فيما المعالج حرارياً أقل جودة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©