الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«بريكست» تاريخي

«بريكست» تاريخي
2 فبراير 2020 01:47

«بريطانيا لن تحظى أبداً بالاحترام نفسه من الولايات المتحدة والصين خارج الاتحاد الأوروبي»
ميشيل بارنييه، كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي

المشهد في بريطانيا أمس الأول يستحق توصيف «التاريخي». لا مبالغة لو قلنا إنه صنع علامة فارقة في تاريخ البلاد الحديث منذ الحرب العالمية الثانية. خرجت البلاد رسمياً (دون تأجيل) من الاتحاد الأوروبي صباح هذا اليوم. ليس هناك مجال للتعطيل، لأن الحكومة أحكمت سيطرتها على مجلس العموم «البرلمان» في الانتخابات العامة الأخيرة.
لا منغصات ولا تفسيرات ولا تعديلات من تلك التي درج على نشرها أنصار البقاء في الكتلة الأوروبية. بات هؤلاء أقلية شبه منسية في الحراك السياسي الراهن، ولاسيما أولئك الذين «حاربوا» الخروج «بريكست» بكل صيغة سلمية ممكنة، بما في ذلك نقل المسألة وتوابعها إلى أعلى محكمة في البلاد، وإقدام نواب في مناسبات عديدة على التمرد ضد قيادات أحزابهم.
أمس الأول ظهرت المملكة المتحدة كلها على شكل كتلتين.
واحدة سعيدة بإتمام الخروج الرسمي، مطلقة شعارات «الاستقلال» عن أوروبا، وأخرى حزينة لا تتنازل عن المصير الأوروبي لهذه البلاد.
الأولى تنزع نحو مفهوم «عدم أوروبية بريطانيا»، والثانية لا ترى لهذا البلد هوية سوى الأوروبية.
لم يعد مهماً الآن كيف ينظر الطرفان للمسألة، لأنه بحسم الأمر تجاوزت كل التفسيرات و«الترجمات» لمفاهيم الانتماء والمصير وما شابه ذلك. المهم الآن ماهية شكل الاتفاق التجاري النهائي لـ«بريكست»، الذي تبدأ المفاوضات حوله فوراً، ودون تأخير.
لماذا؟ لأن المدة المتبقية لإنجازه تنتهي بحلول العام المقبل. أي هناك 11 شهراً على الطرفين أن يتوصلوا إلى اتفاق مستقبلي يشمل كل شيء، من عملية تفتيش الشاحنات المتنقلة بين «الجبهتين»، إلى وضعية بريطانيا نفسها في النظام المالي الأوروبي.
هل هناك خسائر للطرفين؟ بالتأكيد موجودة، أولها مثلاً أن فجوة في ميزانية المفوضية الأوروبية تصل إلى 12 مليار يورو تحدث مطلع العام المقبل، هي في الواقع جزء من مساهمة لندن فيها.
لكن الأخيرة تصاب أيضاً بخسائر تبدو أكبر، لأن الاتحاد الأوروبي يمنح بريطانيا دعماً في كثير من المجالات تقدر قيمتها بعدة مليارات من اليورو، فضلاً عن المعاملة المميزة التي تحصل عليها كعضو في هذه الكتلة الاقتصادية والبشرية الضخمة.
التشابك بين طرفين تجمعهما شراكة اقتصادية وتاريخية يتطلب مفاوضات شاقة وطويلة. وهنا تكمن مشكلة كبيرة، تتعلق بعزم المملكة المتحدة على الخروج النهائي وفق المدة المحددة لذلك. فالحكومة البريطانية وضعت «الخلاص» من عضوية الاتحاد أولوية وحيدة في هذه الفترة، حتى أنها قدمتها على قضايا تتعلق بالخدمات والنمو الاقتصادي وغير ذلك.
هذا الإصرار البريطاني سيعيد مرة أخرى الجدل، بل لنقل المواجهات حول مسألة تأجيل الانسحاب في العام المقبل. فإذا كان اتفاق «الطلاق» أخذ وقتاً أكثر مما كان محدداً له، فكيف الحال باتفاق يرسم العلاقة النهائية المستقبلية بين الطرفين؟ ببساطة صار ميدان «الحرب» التفاوضية جاهزاً على طرفي بحر «المانش».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©