الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الأندية الأدبية.. أماكن المبدعين الأولى

الأندية الأدبية.. أماكن المبدعين الأولى
20 سبتمبر 2018 01:01

المملكة العربية السعودية لا تستطيع مسايرة الحياة والتلذذ بها إلا بإعداد مسيرة أدبية دسمة وثمينة، وإحداث حراك ثقافي صاخب بين الحين والآخر. هي التركة الأروع والإرث الأشم الأنبل الذي ورثناه عن عظماء رحلوا فقط عن عالمنا بأجسادهم، حيث كانت منصات الشعر والفكر والنقد والسرد تقام في لمح البصر، ويقصدها المتذوقون من كل بقاع الدنيا.
عجلة التاريخ لا تتوقف، والحراك يتنوع ويتطور كلما طغت جوانب الحياة المادية، وارتقت النفوس البشرية المتعبة نحو فضاءات تشبعها من الفن والإبداع والخيال والسحر.

التأسيس
ومن هنا يعيد التاريخ نفسه وتكشف الحضارة عن سطور من الماضي العريق ولو في هيئة أخرى؛ فمنذ تنظيم جامعة الملك عبد العزيز مؤتمر أدباء السعودية الأول عام 1974م، ومناداة قامات الأدب الحضور وقتها بضرورة إيجاد أماكن خاصة تجمع الأدباء، وفي العام التالي مباشرة، توجه عدد من الأدباء والمثقفين من مناطق متفرقة بالمملكة إلى الرئيس العام لرعاية الشباب السعودي حينها الأمير الراحل فيصل بن فهد –يرحمه الله- في الرياض، وتناقشوا حول أهمية تفعيل دور الثقافة وإنعاش مسيرة الأدب والعطاء بشكل مؤسسي، واقترح الأديب عزيز ضياء فكرة إنشاء النوادي الأدبية، لتتم الموافقة الفورية، ويصبح عددها 16 نادياً في وقت قياسي من عمر الوطن، في مكة والمدينة وجدة والرياض والطائف وجازان وتبوك وحائل والقصيم والجوف والأحساء والباحة والمنطقة الشمالية وأبها ونجران، والقوس لا يزال مفتوحاً للمستقبل.

محطات
وخلال هذه الرحلة التي استمرت 43 عاماً، منذ تدشين أول نشاط أدبي مقنن حكومياً على أرض المملكة، تعرضت الأندية الأدبية لكثير من التغييرات، فيما يخص اللوائح الداخلية والأنشطة والتأثير والتمدد، ويبقى أمامنا ثلاث محطات رئيسة في ركب التطور منذ تأسيسها.
الأولى عام 2003م، بإصدار مرسوم ملكي سعودي ينص على انتقال تبعية نوادي الأدب من الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى وزارة الثقافة والإعلام، ما جنبها حالة من التشتت والتهميش فرضتها سطوة الأنشطة الرياضية من قبل.
المحطة الثانية منذ عام 2006م، وكان الهدف منها التغلب على البيروقراطية الثقافية، وضخ دماء شبابية جديدة جديرة بإدارة الأندية، فنصت اللائحة على ألا تزيد رئاسة النادي على 4 سنوات، مع تغيير كامل لمجالس الإدارات القديمة، وجاءت اللحظة الفارقة بحلول عام 2011م وإجراء أول انتخابات مرتقبة لمجلس الإدارة، يشارك فيها الشباب بقدر عظيم من الوعي والديمقراطية الثقافية، وكانت مشاركة المرأة المثقفة في المجتمع السعودي من الأمور اللافتة للنظر حينها، وإن لم تصل في هذه الأثناء لمناصب إدارية، ولكنها كانت صاحبة كلمة وقرار وعامل مشترك لا غنى عنه لإثراء الحركة الثقافية، وإيقاد قناديل الأدب والنقد المتشعبة في أنحاء البلاد تحت مسمى نوادي الأدب.
المحطة الثالثة وهي الأهم في مطلع العام الحالي 2018م، مع صدور الأمر الملكي بإنشاء وزارة الثقافة وفصلها عن الإعلام بهدف تحقيق ومواكبة رؤية المملكة 2030م، وفي أول تصريح لوزير الثقافة سمو الأمير بدر بن عبد الله آل سعود، والذي يؤكّد دعمه لشباب وشابات الوطن في كل المجالات الثقافية والأدبية، خوفاً عليهم وعليهن من اليأس والإحباط نتيجة غياب الحاضن والمحفز، وأكد سموه أن تلك المسؤولية تقع بلا أدنى شك على عاتق الأندية الأدبية.
ومن أبرز سمات مراحل مسيرة الأندية الأدبية رسم الخطوط العريضة لمسيرة الثقافة في السعودية، وبالفعل نجحت التجربة بتفوق، وفي كل مرحلة قدمت برامج ثقافية متنوعة، كالملتقيات السنوية، وشاركت المرأة بفاعلية كبيرة، وخطت بعضها خطوة جميلة في فتح المجال للسينما والمسرح مؤخراً.

دور نوعي
واليوم مع التحول الوطني السعودي 2020م لا شك أننا أمام قيادات شابة تدرك جيداً أهمية «النوادي الأدبية» والدور المنوط بها لتحقيق الرؤية الحضارية 2030م، هذه الثقة والنظرة الواعية لم تأت من فراغ، بل من خلال دراسات واقعية للمردود الحقيقي جراء تأسيس النوادي الأدبية منذ نصف قرن تقريباً والمردود المنتظر والمأمول في السنوات القليلة المقبلة، مع الوقوف طويلاً أمام الإيجابيات لإثرائها والسلبيات لتجاوزها والتغلب عليها.
وعبر تجربة «الأندية الأدبية» وتاريخها الزاهر نجد أنها استطاعت جذب أنظار النشء الطموح في كل محطاتها، بما تعقده من ندوات وأمسيات وفعاليات أدبية وثقافية ولقاءات، بشكل دوري منظم، وبما تفتحه أمامهم من فرص للمشاركة وصقل مواهبهم المتميزة، والمبارزة عبر سلسلة من المسابقات الأدبية والثقافية مخصص لها جوائز عينية ومادية قيمة في جميع الأجناس الأدبية من الشعر والرواية والقصة والنقد التي تقيمها تقريباً كل الأندية الأدبية السعودية.
هذا إلى جانب فتح الباب أمام المبدعين لنشر بواكير أعمالهم في الشعر والقصة والرواية والمسرح والنقد تحت إشراف وتقييم ونقد وتصويب سلة موقرة من المتخصصين والأكاديميين، على سبيل المثال لا الحصر عبدالله بن خميس، وعبدالله بن إدريس، وحسن القرشي، وإبراهيم فودة، والدكتور نايف الجهني وأحمد العسيري وغيرهم.. بل شهدت جولاتها وصولاتها حضور شخصيات كبيرة وقامات معروفة في الوسط الأدبي السعودي عبر تاريخها، كالأمير عبد الله الفيصل، والشاعر محمد حسن فقي والناقد الكبير الدكتور عبدالله الغذامي والناقد سعيد السريحي.. إلخ.
كما ساهمت الأندية في إصدار مجلات دورية أدبية منها «حقول وقوافل» في نادي الرياض الأدبي و«علامات» التي يصدرها النادي الأدبي في جدة، و«أبعاد» عن نادي القصيم.. بجانب عقد العديد من المؤتمرات والمهرجانات الأدبية الكبيرة في مجالات الشعر والقصة والرواية العربية، وأيضا حول فكرة الهوية والأدب العالمي. وكذلك قدمت للمجتمع المحلي والعربي العديد من الكتاب والمبدعين الشباب، تخرجوا من أبوابها ويحملون بشرف بطاقات العضوية، بعدما احتضنتهم صغاراً في أكنافها الرؤومة المنعشة، كما سمحت للفتيات السعوديات الموهوبات بتشكيل لجان خاصة للمشاركة في الأنشطة المختلفة، بل في صنع القرار بالتصويت في اختيار مجلس الإدارة كما أشرنا من قبل.
وللمتابع للحركة الأدبية السعودية يجد أن الأندية الأدبية لعبت في خلال أربعة عقود متتالية دوراً مهماً في التعبير عن تاريخنا السعودي الناصع وهويتنا وحضارتنا العربية الملهمة، فألهبت وأوقدت زناد عقول روادها من الصغار والمراهقين وغمرت قلوبهم بمشاعر حب الوطن والانتماء له ومحاولة دفعه وتغيير معالمه نحو الأفضل الذي يليق به، دون مساس بالمقدس. ولا شك أنها كانت حجراً قوياً في تحريك المياه الراكدة نحو ما يطمح إليه أبناؤنا وبناتنا في الألفية الثالثة؛ لذا كان ملف الثقافة الأهم على طاولة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وسمو ولي العهد محمد بن سلمان، يحفظهما الله؛ ليصدر القرار المرجو من ورائه التغيير بتخصيص حقيبة وزارية خاصة بالثقافة بعيدا عن الإعلام، وليكن على رأس أولوياتها تطوير تلك الأندية العريقة بما يواكب ويعضد ويعجل برؤية المملكة 2030، وكان هذا الأمر جلياً ومحددًا في أولى تصريحات وزير الثقافة المفعم بالتجديد وروح الشباب الأمير بدر آل سعود، كما أوضحنا مسبقاً.

قوة ناعمة
لقد أدركت القيادات الشابة الطموحة منذ تبني رؤية 2030 إلى محورية الدور الثقافي والفكري والتوعوي في فرض الرؤى الحضارية العظيمة، والتغييرات المتلاحقة التي تحدث في السعودية الجديدة، وإظهارها للعالم، كنوع من أسلحة القوة الناعمة في السنوات الأخيرة، وقد اتضح مؤخراً أن تطوير وتنمية الواقع الثقافي وبواباته المختلفة، لا سيما النوادي الأدبية، باعتبارها الأم، لا يختلف في رؤية المملكة الفتية 2030م عن محاور التنمية الأخرى اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، بل بقدر أهمية وعظمة مشروع «نيوم» اللافت لأنظار العالم في الآونة الأخيرة.
وهذا في حد ذاته يحمل في طياته تغييرات جذرية كبيرة ستشهدها الحركة الثقافية السعودية خلال السنوات القليلة المقبلة، خصوصا في طبيعة عمل وتأثير وانتشار ورسالة وأهداف ونتاج ومقومات وامتيازات وميزانيات نوادي الأدب، أو مضخات الهوية والانتماء والتحضر والتميز والفكر المستنير والعمل الإبداعي في شرايين وجسد السعودية الجديدة.

حضور دولي
وعندما نتطرق إلى الملف الأهم في مسيرة الأندية الأدبية والمتعلق بالحضور الدولي والتي قدمت فيه بقاعاً مضيئة وطاقات مشعة في تشكيل الوعي الحاضر والجاهزية لزخم وآفاق المستقبل المطرز بالمفاجآت، حيث صدّرت عشرات الأدباء المبدعين من أبرزهم على سبيل المثال لا الحصر، في الرواية عبده خال، رجاء عالم، أميمة الخميس.. وفي القصة القصيرة محمد علوان، عبدالعزيز مشري، محمد الشقحاء، جار الله الحميد، الدكتور حسن النعمي، خيرية السقاف، خليل الفزيع، محمد قدس..، ومن الشعراء محمد الثبيتي، محمد زايد الألمعي، جاسم الصحيح، أحمد عسيري، أحمد الملا، أحمد الحربي، محمد يعقوب، طارق صميلي، إياد حكمي.. وآخرون كثر.

الأندية الأدبية.. صورة إبداعية
* نادي الرياض الأدبي، تأسس 1975، مهرجانهم الرئيسي «ملتقى النقد الأدبي»، «جائزة كتاب العام»، الإصدارات منذ التأسيس 255 إصداراً.
آلاف الكتب الأدبية والإبداعية والثقافية، وحتى التاريخية المهمة، والعديد من المجلات الثقافية والمحكمة الرائدة، نشر فيها كبار أدباء ومبدعي الوطن والعالم العربي.

* نادي جدة الأدبي تأسس 1975م المهرجان الرئيسي«ملتقى قراءة النص» إصدارات منذ التأسيس 185 إصداراً.

* نادي جازان الأدبي، تأسس 1975م المهرجان الرئيس «الملتقى الشعري»، الإصدارات منذ التأسيس 250 إصداراً.

* نادي الطائف الأدبي، التأسيس 1975م
المهرجان الرئيس: «ملتقى جائزة الشاعر محمد الثبيتي للإبداع»، الإصدارات منذ التأسيس 275 إصداراً.

* نادي المدينة الأدبي، التأسيس 1975م، المهرجان الرئيس: «العقيق الثقافي»، الإصدارات منذ التأسيس: 250 إصداراً.

* نادي أبها، التأسيس 1980م، المهرجان الرئيس: «مؤتمر الهوية والأدب الدولي»، الإصدارات منذ التأسيس 300 إصدار.

* نادي القصيم الأدبي، التأسيس 1980م، مهرجان النادي الرئيس: «ملتقى نادي القصيم الأدبي»، إصدارات النادي منذ التأسيس 145 إصداراً.
------------
* نادي المنطقة الشرقية الأدبي، التأسيس 1989م، له عدة مهرجانات متنوعة، الإصدارات منذ التأسيس 184 إصداراً.

* نادي حائل الأدبي، التأسيس 1994، المهرجان الرئيس: «ملتقى حاتم الطائي»، الإصدارات منذ التأسيس 350 إصداراً.

* نادي الباحة الأدبي، التأسيس 1995م، المهرجان الرئيس، «ملتقى الرواية العربية»، مهرجان الشعر، الإصدارات منذ التأسيس 171 إصداراً.

* نادي تبوك الأدبي، التأسيس 1995م، المهرجان الرئيس: «ملتقى تبوك الثقافي السنوي»، الإصدارات منذ التأسيس 100 إصدار.

* نادي الجوف الأدبي، التأسيس 2001م، المهرجان الرئيس «مهرجان دومة الجندل»، الإصدارات منذ التأسيس 39 إصداراً.

* نادي نجران الأدبي، التأسيس 2007م، المهرجان الرئيس: «مهرجان قس بن ساعدة»، الإصدارات منذ التأسيس 49 إصداراً.

* نادي الحدود الشمالية الأدبي، التأسيس 2007م، المهرجان الرئيسي: «ملتقى درب زبيدة»، الإصدارات منذ التأسيس 30 إصداراً.

* نادي الأحساء الأدبي، التأسيس 2007م، مهرجان النادي الرئيس «مهرجان جواثى الثقافي»، الإصدارات منذ التأسيس 82 إصداراً.

د. محمد المسعودي
كاتب صحفي مدير الشؤون الثقافية في السفارة السعودية في الإمارات

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©