الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

«الصحة العالمية» لـ«الاتحاد»: الكشف المبكر والاستجابة السريعة والأبحاث الطبية سبل مواجهة الأوبئة

«الصحة العالمية» لـ«الاتحاد»: الكشف المبكر والاستجابة السريعة والأبحاث الطبية سبل مواجهة الأوبئة
2 فبراير 2020 01:47

أحمد عاطف -شعبان بلال - عبدالله أبو ضيف (القاهرة)

يقف العالم على أطراف أصابعه خوفاً وتأهباً من خطر انتشار فيروس «كورونا الجديد» بعدما ارتفع عدد الوفيات في الصين إلى أكثر من 259 وأكثر من 12 ألف إصابة بالفيروس، مما دعا منظمة الصحة العالمية إلى إعلان حالة الطوارئ لمواجهته.
كورونا الجديد أو المستجد يعد الوباء رقم 13 الذي يخوض العالم معركته للسيطرة عليه خلال العقدين الماضيين على رأسها الأيدز (نقص المناعة المكتسبة)، الطاعون الرئوي، سارس، إنفلونزا الطيور، حمى الضنك، إنفلونزا الخنازير، الكوليرا، ميرس، إيبولا، الحصبة الألمانية، زيكا، كورونا القديم.
لكن كيف تعامل العالم على مدار 20 عاماً مع تلك الأوبئة وتصدى لها علاجياً واقتصاديا؟ ومن أين تأتي وتنشط تلك الأوبئة في الأساس وكيف يواجهها العلماء والباحثون؟

ظهور الفيروسات
الدكتور أمجد الخولي، استشاري الأوبئة في منظمة الصحة العالمية لشؤون الشرق الأوسط، تحدث عن السبب الحقيقي لظهور الفيروسات هو التواصل بين الإنسان والحيوان. وأوضح استشاري الأوبئة أن الحيوان يتمتع بدرجة مناعة تساعده على التعامل مع الفيروسات، على عكس الإنسان الذي لا يتمتع بنفس هذه المناعة، ما يسهل انتشار الفيروس وتحوله إلى وباء يهدد ملايين البشر.
وقال الخولي إن منظمة الصحة العالمية تعتبر أن الفيروس تحول إلى وباء بعد انتشاره على نطاق واسع سواء محلياً أو جغرافيا فيتخطى الحدود فيصبح وباء عالمياً وهو الأمر الذي أطلق على عدة فيروسات في وقت سابق.
الخولي أضاف لـ«الاتحاد» أن هناك العديد من الفيروسات التي تحولت إلى أوبئة، ومنها السارس الذي بدأ في 2002 ثم الأمراض الجديدة كالايبولا وأنفلونزا الطيور في 2009 والكورونا الجديد، مشيراً إلى أن الوقاية والحد من هذه الأوبئة تبدأ من الكشف المبكر للحالات المصابة بالفيروسات والاستجابة السريعة للحد من انتشار الفيروس، بالإضافة إلى الأبحاث الطبية التي تسهل في وجود دواء لعلاج هذه الفيروسات.
وأشار استشاري الأوبئة في منظمة الصحة العالمية لشؤون الشرق الأوسط إلى أن تطبيق اللوائح الصحية المتفق عليها في 2005 يضمن بناء قدرات الدول للاستعداد والتصدي للطوارئ الصحية، كما يضمن التنسيق بين الدول الأعضاء، حيث يحتاج مجابهة تلك الأوبئة تضافر الجهود الدولية.

تكلفة انتشار الأوبئة
تبلغ التكلفة المالية العالمية بسبب الأوبئة والفيروسات نحو أكثر من 500 مليار دولار (0.6% من الدخل العالمي) خلال العام الواحد، بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية في تقرير أصدرته في فبراير 2018، فيما قدر البنك الدولي، تكلفة انتشار الأوبئة والأمراض بالاقتصاد العالمي نحو 570 مليار دولار سنوياً أو ما يوازي نحو 0.7% من حجم الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وبعملية حسابية أجرتها «الاتحاد» فإن الأمراض الفيروسية والوبائية كبدت العالم نحو أكثر من 10 تريليونات دولار على مدار الـ 20 عاماً الماضية، فيما أكد خبراء وجود عجز في تلبية الحاجة إلى زيادة الاستثمار الذي يهدف إلى التأهب لمواجهة الأوبئة والأمراض الرئيسية واسعة الانتشار.
وتستند الحجج المؤيدة لهذا الاستثمار بشكل كبير إلى تقديرات الخسائر في الدخل القومي والتي قد تقع نتيجة للأوبئة أو الأمراض الرئيسية واسعة الانتشار. واتسع نطاق تقديرات منظمة الصحة العالمية ليشمل تقييماً لما نتج عن ارتفاع أعداد الوفيات المرتبطة بالأوبئة من خسائر في الأرواح. وقد نتج عن ذلك ارتفاع ملحوظ في تقديرات الخسائر التي قد تقع نتيجة ظهور وباء مستقبلي.

التغلب على الأوبئة الحديثة
يؤكد الخبراء الذين تحدثوا لـ«الاتحاد» أن أبرز أسباب انتشار الأوبئة الحديثة تدمير البنية التحتية الصحية أو إتلافها، وتعطيل برامج الوقاية من الأمراض، وضعف أنظمة المراقبة في مناطق الصراعات المسلحة. في المقابل كشفوا عن مصير الأوبئة والأمراض الفيروسية الذي أجهض العالم بعضها، معولين ذلك على مجموعة من العوامل أهمها التوصل إلى دواء يصلح لعلاج الأمراض والتطعيمات.
وبالنظر إلى تاريخ الأوبئة الفيروسية، نجد أنها بدأت مع اعتماد الإنسان على الزراعة وتربية الماشية التي كانت صاحبة أول الأمراض الفيروسية وهو البوتيفيروس (فيروس البطاطا) والطاعون البقري. ويعد فيروس الحصبة والجدري من أقدم الفيروسات التي أصابت الإنسان، فبعد أن تطور الفيروس من خلال الحيوانات، ظهر لأول مرة على البشر في أوروبا وشمال أفريقيا منذ آلاف السنين. وانتقل الفيروس إلى العالم الجديد عن طريق الأوروبيين خلال فترة الاستعمار الإسباني في الأميركيتين مما أدى إلى انتشار الوباء الذي نتج عنه موت الملايين من السكان الأصليين الذين لم يكن لديهم مناعة طبيعية لمقاومة الفيروس.
أما فيروس الإنفلونزا، فقد رُصدت أول جائحة للإنفلونزا عام 1580 وزادت حالات الإصابة بالمرض بوتيرة متزايدة في القرون اللاحقة. وكانت الإنفلونزا الإسبانية التي انتشرت بين عامي 1918 و1919 هي الأكثر تدميراً في التاريخ وخلفت ما بين 40 إلى 50 مليون حالة وفاة في أقل من عام.
وخلال العقدين الأخيرين شهد العالم ظهور وانتشار الكثير من الأمراض والأوبئة التي تسببت في وفاة عشرات الآلاف في دول وقارات مختلفة، لكن تم احتواؤها بعد الكثير من المحاولات من مراكز بحثية ومنظمات عالمية، وعلى رأسها «السارس القاتل» الذي ظهر عام 2002 وخلف حالة رعب في العالم. و«سارس» -هو الالتهاب الرئوي الحاد- ظهر في الصين وأصاب نحو 8098 شخصاً على مدار 8 أشهر وأدى إلى وفاة 774 شخصاً.
ووصف الخبراء سارس بأنه أول وباء في القرن الحادي والعشرين، حيث انتشر في 29 دولة، لكنه اختفى منذ يوليو 2003، ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن 50% من الأشخاص المصابين بالسارس كانوا في عمر 65 عاماً أو أكبر. وهو فيروس يتسبب في الإصابة بالحمى والصداع ونوع من الالتهاب الرئوي القاتل الذي يمكن أن يسبب فشلاً في الجهاز التنفسي.
أما «إنفلونزا الطيور والخنازير» فبدأ في الظهور عام 2003 لأول مرة في كوريا الشمالية، ثم انتشر في 10 بلدان بأنحاء آسيا وجنوب شرق آسيا، وتسببت في إغلاق الأسواق الإقليمية للدواجن ومنتجات الدواجن بين عشية وضحاها وأودى بحياة 400 شخص.
بعدها وفي عام 2009، انتشر وباء إنفلونزا الخنازير «إتش 1 إن 1» (H1N1)، وقد اكتشف أولا في المكسيك، قبل أن ينتشر في العديد من دول العالم.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن إنفلونزا الخنازير يعتبر من أكثر الفيروسات خطورة، لكونه يتمتع بقدرة تغير سريع، هرباً من تكوين مضادات له في الأجسام التي يستهدفها، حيث يقوم الفيروس بتحوير نفسه بشكل طفيف كل عامين إلى 3 أعوام، وعندما تبدأ الأجسام التي يستهدفها بتكوين مناعة نحوه، يتحور الفيروس ويتمكن من الصمود أمام الجهاز المناعي مسببا حدوث «جائحة» أو وباء يجتاح العالم كل عدة سنوات.
وكان 2013 هو بداية الجحيم لعدد من دول غرب أفريقيا بسبب انتشار الفيروس «أيبولا القاتل» شديد العدوى بسرعة عبر غينيا، إلى ليبيريا وسيراليون المجاورتين، ليعرف بعدها باسم فاشية «فيروس إيبولا في غرب أفريقيا»، الأمر الذي كاد يتسبب بانهيار اقتصادات البلدان الثلاثة، وخلال ذلك العام، توفي حوالي 6000 شخص جراء الفيروس.
وعاد الوباء ليضرب مجدد في 2018، وهذه المرة في جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث فقد أكثر من 2200 شخص حياتهم، من بين حوالي 3300 إصابة تم تأكيدها.

كورونا الجديد.. يحاصر ووهان
«الأمر في غاية الرعب» هذا ما وصفته بيتر الأستاذة في جامعة بكين الدولية، حول الأوضاع في بلادها في أعقاب إعلان الحكومة عن إجراءاتها لمواجهة فيروس كورونا، تشير بيتر إلى أنها انفصلت عن العالم الخارجي، لا يربطها شيء بأقاربها سوى مواقع التواصل الاجتماعي حتى تلك لم تكن كافية للتواصل مع كثير من أقاربها في مختلف الأنحاء، خاصة مع حالة الرقابة المفروضة عليها في بعض المناطق، لكن الأهم إنها لا تستطيع التسوق قبل أيام من عيد الربيع في الصين.
وأضافت بيتر لـ«الاتحاد» أنه حتى مع الفيروس الأشهر في العالم والذي سبق وأن ضرب بلادها وهو «سارس» كان يمكن لهم التجول والنزول إلى الشارع بعد اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة، ومع وضع الكمامة يمكن أن يبقى الوضع في أمان عن الإصابة بفيروس يجعله نزيل مستشفى لمدة قد تطول، لكن تحور فيروس كورونا وإنتاج فيروس جديد عنه تسبب في أزمة اجتماعية كبرى للجميع، فالمنازل مغلقة أبوابها وبعض المدن مثل ووهان يمكن أن نطلق عليها مدينة الأشباح مع عدم السماح لساكنيها بالخروج للشارع.
تشن شن، طالب في كلية الهندسة، أكد أنه أشبه بالمحبوس في سجن ولكن المكان هو المنزل، لكن على الرغم من ذلك، يفضل الأمر على الإصابة بفيروس كورونا الجديد على شاكلة آخرين يعرفهم كانوا من فترة قريبة ينزلون إلى الشارع ويعملون أو حتى المذاكرة في أوقات الامتحانات، ولكن ذلك أصبح مستحيلا مع حجز البعض في المستشفى، ومنع الخروج لعدم الإصابة بالفيروس القاتل.
شن أضاف في محادثة لـ«الاتحاد» أنه يثق في حكومة بلاده للوصول إلى الحل الأمثل لمواجهة الفيروس الجديد، خاصة وإنها ليست المرة الأولى التي يصاب فيها الشعب الصيني بمثل هذه الأمراض، ومع هذا أكد أن الإجراءات صعبة للغاية في بدايتها حيث يتم حظر الخروج وحظر التعامل بشكل بسيط مع الآخر حتى في حال الاستمرار داخل المنزل وعدم الخروج.
ولا يعد فيروس كورونا الجديد هو الأول، ففي عام 2012، ظهر فيروس كورونا الذي صار يعرف باسم «متلازمة الشرق الأوسط التنفسية» أو «متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد»، وأطلق عليه في بادئ الأمر اسم «فيروس كورونا الجديد»، تماماً كما هو الحال مع فيروس ووهان الحالي في الصين.

العلاج المنتظر
يقول كريستيان ليدمير، متحدث في منظمة الصحة العالمية في جنيف، إن العالم لم يتوصل إلى دواء لعلاج فيروس كورونا الجديد إلى هذه اللحظة، وكل ما يثار عن التوصل لشيء هو غير حقيقي ولا يمكن أن يحدث في غضون ساعات وتجربته على البشر، هذا أمر يأخذ وقتاً بطبيعة الحال ويمر بعدة تجارب على الحيوانات بشكل مبدئي وفي حال ثبت جدارة يتم نقل التجربة إلى البشر، مشيراً إلى أنه حتى هذه اللحظة يتم الاكتفاء بالإرشادات العامة التي تصدرها منظمة الصحة العالمية للمساعدة في الأمر.
وأضاف لـ«الاتحاد» أن الفترة الماضية شهدت محاولات من مراكز بحثية لتطوير لقاحات مناسبة تم استخدامها لعلاج أعراض مشابهة للأعراض التي تظهر من فيروس كورونا، لكن لا يوجد علاج واضح إلى هذه اللحظة، مؤكدًا أنه مع ذلك لا يمكن التعامل مع فيروس كورونا في هذه اللحظة كوباء متفشي في العالم، لكن يجب أخذ الحيطة واتباع المحاذير التي وضعتها منظمة الصحة العالمية خلال الفترة الماضية للتعامل في كافة دول العالم على مستوى الحجر الطبي وغيره لمنع نقل المرض بأي شكل.

رحلة البحث عن علاج
ما زالت رحلة البحث على علاج للسلالة الجديدة من فيروس كورونا مستمرة، وهو ما يثير قلقاً كبيراً حول عدم إمكانية الوصول إلى لقاح أو مصل لهذا الفيروس. واعتبر خبراء ومتخصصون أن عملية إنتاج لقاح وتداوله في السوق تستغرق ما بين 5 أو 6 أشهر للاستخدام التجاري، لكن ربما يقل هذا الوقت بصورة كبيرة في حالات الطوارئ.
كريستيان ليندمير، المتحدث عن فيروس كورونا في منظمة الصحة العالمية بسويسرا، أشار إلى أنه من غير الممكن الوصول إلى دواء فعال لعلاج فيروس الكورونا الجديد خلال الفترة الحالية، وإنما يتم التعامل عن طريق استخدام العلاج المخصص لكل عرض من الأعراض للفيروس الجديد المتشابه مع فيروسات أخرى سبق استخدام علاج لها، ومنها الكورونا العادية والانفلونزا الموسمية وغيرها.
كريستيان ليندمير قال لـ«الاتحاد» إن منظمة الصحة العالمية والمعامل الصحية في أكثر من مكان إلى جانب الصين يعملون بشكل مكثف لتطوير لقاحات يمكن أن تساعد في توفير علاج فعال لفيروس الكورونا الجديد، لكن ذلك قد لا يتناسب في الوقت الحالي مع الحالات، ويجب أن يمر بعدة مراحل سواء نظرية أو تجربتها على الحيوانات للتأكد من فعاليتها في مواجهة الخطر الجديد المتزايد خلال الفترة الأخيرة، ومن ثم يتم العمل على تسريع الوتيرة.
وتشمل هذه المراحل والخطوات الكشف عن فيروس جديد ثم تحضير سلالة اللقاح عبر مزج الفيروس بإحدى السلالات الفيروسية المعيارية التي تُستخدم في المختبرات وزراعتهما معاً، وبعد مضي فترة معينة يتشكل هجين يحتوي على العناصر الداخلية للسلالة المختبرية والعناصر الخارجية للسلالة الجائحة، ويستغرق تحضير الفيروس الهجين ثلاثة أسابيع تقريباً.
الدكتور محمد عز العرب، أستاذ الباطنة والكبد بالمعهد القومي للكبد والجهاز الهضمي والأمراض المعدية في مصر، قال إن أهم مرحلة في إنتاج الأمصال واللقاحات الواقية لأي فيروس هو فك الشفرة الجينية ومعرفة الشكل الجيني للفيروس، موضحاً أن الصين أعلنت نجاحها في فك الشفرة الجينية للفيروس.
وأوضح لـ «الاتحاد» أنه عندما يتم تحديد السلالة الجديدة من أي فيروس تستغرق إتاحة الإمدادات الأولى من اللقاح المعتمد نحو خمسة إلى ستة أشهر. وتلك الفترة ضرورية لأن عملية إنتاج لقاح جديد تنطوي على خطوات متسلسلة عديدة يقتضي إنجاز كل منها فترة زمنية معيّنة.
وشدد على أن مشكلة الفيروس كورونا هو سرعة التحور وتغير الشكل الجيني الخاص به.
وحول الوقت التي تستغرقه عمليات إنتاج لقاح أو مصل للفيروس، قال عز العرب إن العالم في وضع الطوارئ الآن مع زيادة مستمرة في نسبة الوفيات ما يدفع الدول وعلى رأسها الصين إلى الإسراع في عملية الإنتاج، موضحاً أنه مع فك الشفرة الجينية للفيروس سيتم إنتاج لقاحات خلال أشهر قليلة، خاصة في ظل التجارب التي تجريها المعامل البحثية في فرنسا وأميركا بعد ظهور حالات بالفيروس فيها.
وكان شو ون بو، رئيس معهد الوقاية من الأمراض الفيروسية بالمركز، أكد أن العلماء من المركز نجحوا في عزل الفيروس ويعملون على اختيار السلالة المناسبة لإنتاج اللقاح، موضحا أن البحث وتطوير اللقاح عمل معقد.

التعامل مع الأوبئة
الدكتور أحمد رمزي، خبير الإسعافات الأولية، أشار إلى أن التعامل مع الفيروسات والأوبئة في منتهى الأهمية، خاصة مع عدم المعرفة الطبية للأشخاص العاديين. وأضاف أن وجود فيروسات أعراضها مشابهة لأعراض الانفلونزا العادية مثل الكورونا فإنه يتم التعامل مع الفيروس على إنه نزلة برد عادية، ما يؤدي إلى تفاقم المشكلة بسبب عدم وجود رعاية طبية مسبقة والاتجاه للأطباء المتخصصين للعلاج المبكر بعد اكتشاف الفيروس، الأمر الذي يؤدي بالضرورة إلى انتقال الفيروس من شخص إلى آخر وتحول الأمر إلى وباء.
رمزي أضاف لـ«الاتحاد» أن التعامل مع الأوبئة والفيروسات يجب أن يصبح ثقافة عامة من البدء بالحصول على الإسعافات الأولية لهذه الفيروسات، ثم التعامل مع الطبيب وعدم الاستهانة بالأعراض البسيطة الأولية للفيروسات والتعامل معها معاملة الانفلونزا العادية، لسهولة التعامل معها ومعالجتها بالأدوية المخصصة للأعراض المعروفة لحين وجود علاج خاص لها، بينما عدم الكشف المبكر والسرية في التعامل مع هذه الفيروسات يتسبب في زيادة انتشارها بشكل كبير بين البشر، ما يتسبب في الضرر الأكبر على الدولة بشكل عام وتحول الفيروس إلى وباء.
وأكد رمزي أن بعض الفيروسات تتطور فتصبح مستجدة وهو الأمر الذي حدث في كورونا في الفترة الأخيرة، والذي تسبب تحوره إلى فيروس جديد ليس له علاج حتى هذه اللحظة، ما أدى إلى حالة وباء متنقلة ومتخطية للحدود.

أفريقيا الأكثر تضرراً
تقول الدكتورة بسنت فهمي الخبيرة الاقتصادية المصرية، إن انتشار الأوبئة والأمراض كان له تأثيرات كبيرة على حجم التجارة العالمية والدولية والتبادل التجاري في العالم، مشددة على تأثيراته الكبيرة على الاستيراد والتصدير والعمل في الدول التي انتشرت فيها هذه الأوبئة، مشيرة إلى أن الدول الإفريقية تعتمد اعتمادا كاملا على الصين في الاستيراد، وأن توقف الصين عن الحركة سيتسبب في أزمات كبيرة لهذه الدول.
وتشمل الخسائر تراجع الإنتاجية نتيجة الوفيات التي تتسبب فيها هذه الأوبئة، وكذلك التكاليف المرتفعة التي تتكبدها الحكومات لمواجهتها، إضافة إلى تراجع حركة السفر والتجارة.
واعتبرت بسنت فهمي أن هذه الأوبئة هي في المقام الأول كارثة اقتصادية وانهيار في اقتصاد الدول، مؤكدة ضرورة تكاتف العالم لمواجهتها فهي ليست مشكلة دولة ولكن مشكة كل دول العالم.
وتشير التقارير الدولية إلى هبوط حاد في الأسواق في أوقات تفشي الأوبئة على غرار ما حدث في العام 2003 حينما تفشى فيروس سارس القاتل والذي أودى بحياة نحو 800 شخص في الصين، وأدى إلى انكماش الناتج المحلي للبلاد بنحو 5%.
وقال كلاوديو غاليمبيرتي، المحلل لدى ستاندرد آند بوز، إن الأثر الفوري لانتشار الفيروس في الصين ظهر في صورة تراجع في الطلب على وقود الطائرات بنحو 200 ألف برميل مع تراجع الطلب على السفر في أحد أهم المواسم السياحية في الصين وهو رأس السنة الصينية.

زيكا.. حمى الضنك.. الروتا.. الحصبة الألمانية
حددت منظمة الصحة العالمية الحمى الناجمة عن مرض «زيكا» مرضا وبائيا على الرغم من أن زيكا ليس فيروسا قاتلا، بالنظر إلى علاقته بالتشوه الخلقي عند الأطفال حديثي الولادة، وهي الحالة التي صارت تعرف باسم «صغر الرأس»، التي تنجم عن طريق انتقال العدوى من الأم الحامل إلى الجنين.
وتفشى الفيروس مرتين في العقد الماضي، وينتشر بوساطة بعوضة الحمى الصفراء.
«حمى الضنك» هي عدوى فيروسية تنتقل إلى الإنسان عن طريق لدغة بعوضة أنثى من جنس الزاعجة مصابة بالعدوى ولا يوجد علاج محدد لها حتى الآن، ولها مضاعفات تؤدي إلى الوفاة، غير أنه يمكن إنقاذ أرواح المصابين بها بتشخيص المرض في مراحل مبكّرة وتدبير العلاج بالعناية اللازمة من قبل أطباء وممرضين متمرّسين، حسبما وصفت منظمة الصحة العالمية.
وينوء إقليما جنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ بأكثر من 70% من عبء حمى الضنك، حيث سجلت في الأعوام الأخيرة زيادة سريعة في نسبة وقوع المرض ووخامته في منطقة أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي، وسجّل إقليما أفريقيا وشرق المتوسط كذلك عدداً أكبر من فاشيات المرض في السنوات العشر الأخيرة.
فيروس الروتا الذي قتل 450 ألف طفل، كان السبب الأكثر شيوعاً لمرض الإسهال الحاد لدى الأطفال الصغار في جميع أنحاء العالم، وتسبب في وفاة 450 ألف طفل وفقًا لتقديرات المنظمة حتى عام 2008، مؤكدة أن استخدام لقاحات فيروس الروتا يجب أن تكون جزءاً من استراتيجية شاملة لمكافحة أمراض الإسهال مع رفع مستوى الوقاية.
الحصبة الألمانية عبارة عن عدوى حادة سارية وفيروسية. ومع أنها عدوى معتدلة الأعراض عموما لدى الأطفال فإن عواقبها وخيمة عندما تصيب الحوامل لأنها تسبب قتل الجنين أو إصابته بتشوهات خلقية، وتُعرف باسم متلازمة الحصبة الألمانية الخلقية، وينتقل هذا الفيروس بوساطة الرذاذ المحمول بالهواء عندما يعطس الإنسان أو يسعل، وهو المضيف الوحيد المعروف لهذا المرض.

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©