الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

هل ينقذ «التحوط» شركات الطيران من الهبوط الاضطراري في مربع الخسائر؟

هل ينقذ «التحوط» شركات الطيران من الهبوط الاضطراري في مربع الخسائر؟
16 سبتمبر 2018 02:07

تحقيق: مصطفى عبد العظيم

يهدد الارتفاع المتواصل في أسعار الوقود، الذي تبلغ حصته من التكلفة التشغيلية في شركات الطيران من 30 إلى 35%، بتراجع أرباح الناقلات الجوية هذا العام، وفقاً لخبراء في صناعة النقل الجوي.
وأكد هؤلاء أن استمرار زيادة أسعار النفط حتى نهاية العام الجاري، بعد ارتفاعها بنسبة تصل إلى 35% خلال الأشهر الثمانية الأولى لتصل إلى مستوى 88 دولاراً، من شأنه أن يدفع العديد من شركات الطيران في المنطقة والعالم إلى العودة إلى انتهاج استراتيجية التحوط ضد أسعار الوقود أو زيادتها من قبل الشركات التي ما زالت تعمل بها، لافتين إلى أنه رغم أن هذه السياسة تمثل سلاحاً ذا حدين، فإنها تبدو ضرورية في هذا التوقيت، لاسيما في ظل الاتجاه المتصاعد لأسعار النفط منذ بداية العام والتي يبدو أنها ستتواصل للأشهر المقبلة.
وتشير توقعات الاتحاد الدولي للنقل الجوي إلى ارتفاع أسعار وقود الطائرات بنسبة 25.9% لتصل إلى 84 دولاراً للبرميل خلال العام 2018، لتشكل تكاليف الوقود نسبة 24.2% في المتوسط من إجمالي التكاليف التشغيلية للناقلات الجوية، بارتفاع عن نسبة 21.4% خلال عام 2017.
واعتبر خبراء أن لجوء شركات الطيران في الأشهر الماضية إلى رفع رسوم علاوة الوقود على أسعار التذاكر لم ينجح في مواكبة الزيادة الكبيرة في أسعار الوقود بالأسواق العالمية، الأمر الذي سيدفع الشركات لاتخاذ إجراءات تحوطية لاحتواء الخسائر الناجمة عن ارتفاع الوقود والتي تتزامن مع ضعف العملات في العديد من الأسواق المهمة لشركات الطيران، وخاصة في الإمارات والمنطقة، أمام الدولار الأميركي.
وعمليات التحوط للوقود عبارة عن عقد تستخدمه الشركة لتقليص مخاطر تقلب أسعار الوقود أو الزيادات المحتملة فيها، غير أنه إذا انخفض السعر دون مستوى التحوط فإن الشركة تكون مجبرة على تحمل خسارة محاسبية لتغطية الفارق.

أسعار مبالغ فيها
وأبدى تيم كلارك، رئيس شركة طيران الإمارات، قلقه من ارتفاع فاتورة استهلاك الوقود، معتبراً أن أسعار وقود الطائرات حالياً مبالغ فيها وأن التكلفة الأساسية للنفط يجب أن تبلغ نحو 52 دولاراً للبرميل، مشيراً إلى أن تكاليف الوقود لشركة طيران الإمارات أصبحت أعلى بما يقرب من 44% بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي.
وقال كلارك: إن الشركة تحاول التعامل مع «مزيج نادر» من ارتفاع أسعار الوقود وقوة الدولار، واللذين عادة ما يسيران في اتجاهين متعاكسين، فبينما ارتفعت تكاليف الوقود وفي نهاية السنة المالية الأخيرة للشركة المنتهية في 31 مارس الماضي، إلى 28% من نفقات الشركة مقارنة مع 25% في السنة السابقة، تأثرت الشركة كذلك بقوة الدولار أمام العديد من العملات في الأسواق التي تتضمنها شبكة طيران الإمارات.
ومنذ العام 2009 تخلت طيران الإمارات عن تبني سياسة التحوط أمام أسعار الوقود بعدما هبطت الأسعار بشكل كبير من مستويات الذروة التي بلغتها في 2007 وحتى منتصف 2008، ومنذ ذلك الحين لم تستأنف الشركة العمل بهذه السياسة التي تسمح للشركات بتخفيض تعرضها لتقلبات أسعار الوقود المحتملة.

الأسعار العالمية
ووفقاً لمؤشر الوقود الصادر عن الاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا» ارتفع سعر برميل وقود الطائرات خلال النصف الأول من شهر أغسطس الماضي إلى 88 دولاراً للبرميل، بارتفاع 34.4%، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وأفاد مؤشر «إياتا» بأن منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا سجلت أقل سعر ليصل إلى 85.1 دولار للبرميل، على الرغم من ارتفاع أسعار الوقود في هذه المنطقة، التي تستحوذ على 7% فقط من حجم استهلاك وقود الطائرات عالمياً، بنسبة 33.7%، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2017.
وخفضت شركات الطيران العالمية يوم الاثنين توقعاتها لأرباح القطاع في 2018 بفعل الارتفاع الكبير في تكلفة الوقود، وحذرت من أن صعود أسعار الفائدة والتوترات الجيوسياسية ربما تضيف إلى مخاطر التشغيل.
وتوقع ألكسندر دو جونياك، المدير العام لـ«إياتا»، تراجع أرباح قطاع النقل الجوي خلال العام الجاري بنسبة 12% لتصل إلى 33.8 مليار دولار، مقارنة مع توقعات سابقة بحوالي 38.4 مليار دولار، معتبراً عام 2018 عاماً صعباً على شركات الطيران رغم الأداء التشغيلي الجيد، موضحاً أن معظم الانخفاض في الأرباح يرجع إلى ارتفاع أسعار النفط.
وعادة ما تتحوط شركات الطيران في بعض احتياجاتها من الوقود -أو تشتري الوقود مقدماً بأسعار محددة سلفاً- للحد من تأثير التقلبات الواسعة في السوق على أرباحها، غير أن الكثير من شركات الطيران، وخصوصاً في آسيا، تتوخى الحذر من التحوط منذ العام 2008 حين سارعت الناقلات إلى الحفاظ على مستوى تكاليف الوقود مع صعود سعر الخام فوق 100 دولار للبرميل للمرة الأولى، لكنه هوى لما دون 40 دولاراً للبرميل قبل نهاية العام.

ثلاث أولويات
من جانبه، قال أربيند كومار –نائب الرئيس للشؤون المالية– فلاي دبي: «نحن مستمرون في مراقبة أسعار النفط وتأثيراتها مع بقية العوامل واتخاذ الإجراءات المناسبة»، مشيراً إلى أن نفقات الوقود شكلت خلال النصف الأول من العام الجاري 29.2% من إجمالي التكاليف التشغيلية، مقارنة مع 24.8 % لنفس الفترة من العام الماضي، وذلك نتيجة لارتفاع معدل سعر نفط خام برنت بنسبة 35%، مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.
وأضاف نائب الرئيس للشؤون المالية لدى فلاي دبي: «مستمرون في التركيز على ثلاث أولويات وضعناها مسبقاً، توفر أساساً قوياً للمرحلة القادمة من التطوير للناقلة، وهي تحسين إدارة النفقات ونمو وتحسين شبكتنا مع الحفاظ على مراجعة مستمرة لخطة إدارة التكاليف، إذ من المتوقع استمرار الدولار القوي، وارتفاع أسعار النفط وأسعار الفائدة في التأثير على أدائنا».
وأعلنت فلاي دبي الأسبوع الماضي عن تحقيقها خسائر مالية خلال النصف الأول من العام الجاري بلغت 316.8 مليون درهم، مرجعة خسائرها إلى بيئة الأعمال الصعبة مع الارتفاع الحاد في تكلفة الوقود والتي زادت من الضغوط على التكاليف التشغيلية، بالتزامن مع تحديات الأوضاع الاقتصادية والجيوساسية في العديد من الأسواق الخارجية، لافتة إلى أن استقرار الدخل لم يتمكن من تعويض تأثير ارتفاع تكاليف الوقود وارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع الدولار بشكل كافٍ.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©