الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأواني والأدوات الزجاجية في الهند.. صناعة إسلامية

الأواني والأدوات الزجاجية في الهند.. صناعة إسلامية
15 يوليو 2014 00:21
د. أحمد الصاوي (القاهرة) لم يكن للهند فيما قبل دخول الإسلام إلى أراضيها إسهامات مميزة في تاريخ صناعة الزجاج بل إن الفنون الإسلامية لم تترك أثرها على المصنوعات الزجاجية إلا مع سيطرة المغول على الهند في القرن 16م. ثمة إشارات تاريخية لوجود صناعة محلية للزجاج منها ما ذكره أبو الفضل مؤرخ جلال الدين أكبر عن كؤوس من الزجاج المذهب من إنتاج إقليم بيهار وما سجله المبشر الإيطالي جليمنز توس في دليله لعمل المبشرين المطبوع في العام 1669م من أن جوجارات كانت تعتبر مركزاً لصناعة الأواني الزجاجية. ومن الأسف أنه ليست لدينا معلومات موثقة عن أن مشروع الورش الملكية الذي دشن في عهد أكبر والمعروف بالكار خانه قد شمل بين الحرف المشمولة برعاية السلطان حرفة صناعة الزجاج مثلما لم تذكر المصادر التاريخية شيئاً عن هجرة صناع زجاج من الأقاليم الإسلامية إلى الهند. ورغم تلك الضبابية التي تحيط بتاريخ صناعة الزجاج في بداية حكم المغول إلا أن تصاوير المخطوطات في تلك الفترة سواء الخاصة بالبلاط في دلهي أو بأمراء الدكن تفصح عن أن الأباطرة والأمراء والنبلاء كانوا يستخدمون المصنوعات الزجاجية على نطاق واسع وأن أغلب ما اشتملت عليه المنمنمات من رسومها كان من صناعة أوروبية والقليل منها فقط ما يمكن اعتباره من صناعة إيران أو الهند وهذا التشابه بين منتجات البلدين الأخيرين يؤكد أن بعضا من الزجاجين المسلمين قد هاجر من المراكز الإيرانية إلى الهند في نهاية القرن 16م. التحف الزجاجية والحقيقة أنه منذ منتصف القرن 16م أخذت المصنوعات الزجاجية الأوروبية تتدفق بانتظام على الهند ولاسيما المصنوعة في فينسيا بإيطاليا وبريطانيا وبوهيميا وقل الاعتماد تدريجياً داخل البلاط على تلك المصنوعات الأوروبية بدءاً من عهد شاه جهان الذي عرف برعايته لصناع الزجاج ذلك على الرغم من أنه لم تصلنا سوى أمثلة قليلة من التحف الزجاجية الهندية يمكن نسبتها إلى الفترة السابقة على حكم أورانكزيب وأن أغلب المنتجات المغولية تعود إلى القرنين 18 و 19 م. ومهما يكن من أمر فقد دمغ الذوق الفني للنخبة من أمراء المغول والنبلاء كافة منتجات الزجاج حتى أصبح من الصعوبة بمكان التمييز بين منتجات الأقاليم الهندية المختلفة، حيث سعى الصناع إلى زخرفة المنتجات بذات الزخارف المألوفة في الفنون الإسلامية المغولية وخاصة الزخارف النباتية والكتابات النسخية. ويعتبر الجانب الأهم والأكبر من التحف الزجاجية المغولية بعض قواعد الأراجيل المعروفة بالحقة سواء اتخذت الشكل الكروي أو الشكل الناقوسي. وقد بدأ الشكل الكروي في الظهور منذ العام 1630م بعد إدخال تدخين التبغ في العام 1604م إلى البلاط المغولي على يد القائد أسد بك وهو أول من قام بإحضار التبغ من بيجابور ومن بعدها أصبح التدخين عادة شائعة تعتمد على التبغ القادم عبر جزيرة جاوا، أما الشكل الناقوسي للحقة فقد أخذ في الظهور مع نهاية القرن 17م وقد تمت تغييرات لاحقاً في هذين الشكلين لتحقيق قدر أكبر من الرشاقة والتناسق في بدن الحقة وخاصة خلال القرنين 18 و19م. التذهيب وأشهر التحف الزجاجية الهندية من هذا النوع مزخرفة بالقطع بواسطة العجلة أو بالرسم بالمينا المتعددة الألوان، مع تحديد الرسوم بماء الذهب وبعضها مزخرف بماء الذهب بشكل كامل فضلاً عن بعض قطع زخرفت، بالإضافة والبعض الآخر محفور ومرصع بالأحجار الكريمة. ومن أهم القطع «حقة واحدة» من الزجاج المموه بماء الذهب، مع زخارف فضية مضافة على البدن الكروي من الخارج، وهي تؤرخ ببداية القرن الثاني عشر الهجري «18 م»، ويحتفظ متحف اللوفر بباريس بحقة ناقوسية الشكل تعود لنفس الفترة، وهي تزدان بزخارف نباتية من أوراق خضراء تتوجها زهرة القرنفل، وقد استخدمت المينا الزرقاء والخضراء والبنفسجية مع التذهيب الذي يبدو كثيفا عند القاعدة وعند الفوهة. ومن أجمل أمثلة هذا النمط الناقوسي حقة من الزجاج المموه بماء الذهب والمرصع أيضاً بالزمرد ويعود تاريخ هذه التحفة الثمينة للقرن الثالث عشر الهجري «19م». وفضلاً عن ذلك هناك أيضاً تحف زجاجية صنعت لأغراض الاستخدام اليومي سواء للأغراض المنزلية أو الطبية والمزخرف منها يعتقد أنه صنع لتلبية احتياجات البلاط المغولي والنبلاء ومياسير التجار، بينما الذي جاء منها خلوا من الزخارف كان لاستهلاك العامة من الشعب. وشملت هذه المنتجات أشكالاً وأحجاماً مختلفة من القوارير وأغلبها للاستخدامات الطبية والكؤوس والأكواب والأطباق والسلطانيات وظهور المرايا، وكذلك أواني حفظ السوائل من الجرار الصغيرة وتداولها كالأباريق ومن الملفت أن بعض التحف الزجاجية صنعت على هيئة البط ومنها ما كان يستخدم لرش ماء الزهر ومنها أيضاً ما كان يستخدم لحفظ الحبر لأغراض الكتابة. ومن مقتنيات المتحف الوطني بنيودلهي إناء لرش ماء الزهر على هيئة بطة وهو من الزجاج الأبيض المعتم المزخرف بأشكال زهور باللون الأحمر وأوراق نباتية باللون الأخضر، وبينما جعل المصب لماء الورد أعلى الظهر استخدم المنقار المفتوح لرش الماء، بينما كان الذيل بمثابة المقبض الذي يمسك منه المرش. أواني البلور الصخري يحتفظ متحف نيودلهي أيضاً بزوج من القنينات المتشابهة وكلاهما على هيئة متعامدة الأضلاع مع فوهة متسعة نسبياً وهما مصنوعان بالنفخ الحر من زجاج أزرق كوبالت وعلى الأوجه الأربعة لكل قنينة رسوم لأشخاص في أوضاع مختلفة وهي ذات طابع هندي محض ويعود تاريخها للقرن الثاني عشر الهجري «18 م». وشهدت أيضاً صناعة أواني البلور الصخري طفرة كبرى بفضل عناية أباطرة المغول الذين كانوا يعتقدون بقوة في الأغراض السحرية من استخدام الأحجار الكريمة، ومن ثم عنوا بالشرب في أواني البلور الصخري، وقد عرض مؤخراً في إحدى الصالات الفنية الكبرى كأس يعود للهند المغولية في القرن الثاني عشر الهجري وهو مرصع بالأحجار الكريمة كالزمرد والياقوت والتي رصعت على شكل ورود وزهور تحمل أغصانا من خيوط الذهب المضافة على البدن الخارجي للكأس.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©