الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفهم الصحيح

24 يونيو 2012
في البرمجة اللغوية العصبية، عندما نشرح بعض تقنياتها نوضح للمشاركين أموراً وأساسيات كثيرة، منها ألا نحكم على الأمور قبل التحقق منها، وتحليلها بحيادية وموضوعية، والا تدخل العقل في استجلاب مخزون الذاكرة بما يوافق رغبته وهواه إما بالسلب أو الإيجاب. فنقدم لهم المثال الآتي: إذا رأيت رجلاً جالساً حانياً جسده ونظره للأسفل، فما هو تفسير ذلك؟ يبدأ معظم المشاركين في إطلاق الأحكام، وهذه الأحكام ليست مبنية من فراغ، وإنما مبنية من خبرة المشاركين، فمنهم من طابقها بحالته في يوم ما في موقف معين، ومنهم من قاسها بحالة فلان، ومنهم من استنتج من حالات مشابهة، فقال هذا: «إنه حزين»، وقال ذاك: «بل هو بالتأكيد مكتئب»، وقال آخر: «أظنه متعب». فنقوم بتوضيح نقطة مهمة، وهي ألا تحكم حتى تتبين، والتبين يتطلب منك جمع الأدلة والقرائن. فقبل أن تقول هو كذا، اجمع ما تراه كنقاط وبعد تحليلها ستدرك الحالة، فليس كل من جلس حانياً جسده حزين، أو مكتئب، فقد يكون تعباً، أو غارقاً في التفكير، أو يتابع شيئاً ما يسير على الأرض. لذا من أخطر الأمور أن تقفز إلى الاستنتاج والنتيجة قبل أن تكتمل لديك صورة الموضوع أو الموقف، وهذا يتميز به غالبية من يستخدمون النصف الأيمن من الدماغ، ولكي نقلل من هذا الأمر الذي قد يسبب لنا شيئاً من الحرج أو سوء الفهم، علينا تفعيل النصف الأيسر من الدماغ والمسؤول عن الحقائق والأدلة والمعلومات والتأمل والتفحص والتدقيق والتقييم وغيرها، ومن الأدوات التي تفعله بقوة استخدام الأسئلة، مثل: لماذا فعل هذا؟ ولماذا قال ذلك؟ وما الذي جعله يقول بهذا؟ استخدام الأسئلة دون أن نقحم اعتقادنا وخبراتنا قبل أن نجيب عن الأسئلة من الحقائق الملموسة والواقعة بعيداً عن التخمين والظنون والاعتقادات، خاصة عندما يكون في الأمر علاقات إنسانية، أو مطلوب في شهادة. هناك حكاية قرأتها أحببت أن أضعها هنا ليتضح لنا الموضوع أكثر. يحكى أن صبياً يبلغ من العمر 10 سنوات دخل مقهى في أحد فنادق المنطقة، وجلس على الطاولة، فجاءته النادلة بكوب ماء، فسألها الصبي: بكم آيسكريم بالكاكاو؟ فأجابته: بخمسة دولارات. فوضع الصبي يده في جيبه وأخرج النقود التي معه وأخذ يعدها، وكان هناك الكثير من الناس في انتظار خلو طاولة في المقهى للجلوس عليها، فعاد وسألها ثانية: وبكم الآيسكريم العادي؟ وهنا أخذ صبر النادلة ينفد، فأجابته بفظاظة: «بأربعة دولارات»، فعد الصبي نقوده مرة أخرى، ثم قال لها: «سآخذ الآيسكريم العادي»، فأحضرت له الطلب، ووضعت فاتورة الحساب على الطاولة وذهبت، وبعد أن أنهى الصبي الآيسكريم، ذهب ودفع الحساب وانصرف، وعندما عادت النادلة إلى الطاولة لتنظيفها دمعت عيناها، فقد وجدت بجانب طبق الآيسكريم الفارغ دولاراً، لقد حرم الصبي نفسه من شراء الآيسكريم بالكاكاو، حتى يوفر النقود الكافية لإكرام النادلة (بالبقشيش). عزيزي القارئ، تأمل في من حولك فقد تجد منهم من فضلك على نفسه في بعض الأمور وأنت لا تشعر ولا تدرك ذلك، واعلم أن ظلم من قدرك جرح كبير. د. عبداللطيف العزعزي | dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©