الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البرلمان الأفغاني...الفساد وتغيب النواب

23 يونيو 2012
لطالما اشتكى الأفغان من الأداء السيئ والمتواضع لنوابهم المنتخبين، لكن هذه الأيام امتدت الشكوى من طبيعة العمل الذي يقومون به إلى الحضور تحت قبة البرلمان وعجزهم عن تمثيل الناخبين الذين صوتوا لهم في الانتخابات. فحسب الوكالة الحكومية المعنية بمراقبة حضور البرلمانيين الأفغان ومشاركتهم في الجلسات العامة للغرفة الثانية المعروفة باسم "ولسي جيرجا" تصل نسبة الغياب إلى 10 في المئة، بمعنى أن عدد المتغيبين يبلغ في المعدل 43 نائباً خلال شهر مارس الماضي من أصل 249 يشكلون البرلمان، وهو العدد نفسه الذي سجلته الوكالة خلال شهر أبريل الماضي. وفي بعض الأيام، يكون عدد النواب قليلاً للغاية إلى درجة يتعذر معها جمع النصاب الضروري للتصويت على مشاريع القوانين، أو اتخاذ القرارات المهمة. وعن هذا الموضوع، يعترف "عبد الستار خواسي"، المشرع الأفغاني من محافظة "باروان" والعضو أيضاً في الوكالة الحكومية المكلفة بمراقبة عمل البرلمان بأن الغياب المزمن والمتكرر لنواب البرلمان الأفغاني تحول إلى مشكلة حقيقة تعوق العمل التشريعي السليم، معبراً عن ذلك بقوله "هناك بعض نواب البرلمان الذين تمتد فترات غيابهم إلى ما يقرب السنة، ومع ذلك يتلقون رواتبهم وجميع امتيازاتهم بانتظام". ويتلقى النائب البرلماني في أفغانستان حوالي 1100 دولار شهرياً، بالإضافة إلى إجازة مدفوعة الأجر لثلاثة أشهر، هذا في الوقت الذي لا يتجاوز فيه معدل الدخل الفردي في البلاد الألف دولار في السنة. ولوضع حد لهذا التغيب تعهد "خواسي" بمعاقبة المشرعين الذين يتغيبون عن البرلمان، قائلاً: "إن لجنة المتابعة ستعمل من الآن فصاعداً على الاقتطاع من رواتب النواب في حال تغيبهم أكثر من اللازم وذلك لإجبارهم على احترام مهامهم والقيام بها كما يجب". ويشتكي البعض الآخر من أن النواب حتى في حال حضورهم إلى الجلسات يهتمون أكثر بمصالحهم الشخصية وبتحصيل المزيد من الامتيازات لهم ولأقاربهم فيما المصالح العليا للبلاد والمجتمع تظل غائبة في المجمل عن أذهانهم. وفي هذا الإطار يقول "عبد المجيد قرار"، المتحدث باسم وزارة الزراعة الأفغانية إن المشرعين لا يتورعون عن الضغط على مسؤولي الوزارة لتوظيف أقربائهم ومساعديهم"، مستطرداً أنه "بالإضافة إلى مطالبتهم بالحصول على أراض لتسجل بأسمائهم، فإنهم لا يكفون أيضاً عن التدخل في شؤون الوزارة للضغط من أجل تأمين مناصب لبعض المقربين منهم، بل إن بعضهم يوصي بإقالة شخص من الأشخاص وتوظيف بدلاً منه مساعد له"، وهو الأمر الذي أكده لنا مسؤول بارز في وزارة التعليم العالي الأفغانية طلب عدم الكشف عن اسمه، موضحاً تجاوزات بعض النواب بقوله "يهدر نواب البرلمان 50 في المئة من وقتنا، فهم يأتون بعشر طلبات في وقت واحد بين المطالبة بمنح دراسية لأهاليهم وأفراد عائلاتهم، وبين من يطلب التعيين مباشرة في إحدى الوظائف دون اتباع الإجراءات المتعارف عليها"، بل حتى بعض البرلمانيين أنفسهم يقرون بوجود اختلالات في العمل التشريعي، مشيرين إلى تجاوزات كثيرة يرتكبها المشرعون. لكن النواب يرجعون السبب إلى ثقافة الفساد المتفشية في أفغانستان، وهم في ذلك يحملون الحكومة الأفغانية مسؤولية انتشار الفساد في دواليب الدولة وانتقالها إلى البرلمان. وفي هذا السياق يقول "جول بادشاش ماجيدي"، النائب عن محافظة "باكتيا" في الجنوب الشرقي للبلاد إن الحكومة نفسها تشجع على ممارسة الفساد، بل هي تدفع المشرعين دفعاً للانخراط فيه، معبراً عن هذا الأمر بقوله "إن الحكومة الأفغانية تمهد الطريق لممارسة الفساد، وهو ما أطلق يد بعض النواب من ضعاف النفوس إلى الانخراط بدورهم في الفساد". أما "سيد حسين بلخي" النائب من إحدى الدوائر في كابل فيعترف أن الفساد والممارسات المشبوهة لبعض نواب البرلمان وصلت إلى مستويات غير مسبوقة تسيء إلى سمعة البرلمان الأفغاني وتضرب مصداقيته لدى الرأي العام الذي ينتظر خدمات ملموسة توجه للصالح العام، وليس لخدمة المصالح الضيقة. وفي ظل هذه السمعة السيئة التي تحيط بالبرلمان الأفغاني واحتقار معظم الشعب للنواب، يشعر أغلب النواب بالحاجة إلى المزيد من أفراد الحراسة يتعدى أربعة حراس الذين تخصصهم وزارة الداخلية لكل نائب في البرلمان، وقد أفادت تقارير إعلامية أنه على الأقل خمسة أعضاء من البرلمان يحتفظون بما يشبه ميليشيات صغيرة تتحرك معهم أينما ذهبوا خوفاً من استهداف الشعب الناقم، بل حتى البرلماني السابق، "خواسي"، أقر باعتماد تسعة حراس خاصين، مبرراً ذلك بالمنطقة الخطيرة التي يعمل بها، غير أنه ليس كل النواب على نفس الدرجة من الفساد، فـ"رمضان باشرادوست" مثلاً الذي عرف عنه انتقاده تحت قبة البرلمان للممارسات الشائنة للنخب الغنية والمتنفذة في البلاد لا يحتفظ بأي حراسة شخصية، قائلاً "إذا كان هؤلاء النواب يزعمون بأنهم منتخبون من قبل الشعب، فلماذا يخافون منه ويحيطون أنفسهم بجيوش صغيرة من الحراس المدججين بالسلاح؟ الحقيقة أن هناك هوة شاسعة تفصل بين نواب البرلمان وعموم الشعب في أفغانستان". مينا حبيب كابل ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©