الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علاقات «زملاء العمل» فوق صفيح ساخن والضغوط اليومية تزيد توترهم

علاقات «زملاء العمل» فوق صفيح ساخن والضغوط اليومية تزيد توترهم
25 يونيو 2011 20:21
بات العمل يشكل أهمية خاصة في العصر الحديث، فمن خلاله تتحدد طبقة الفرد الاجتماعية، وبالتالي مستواه الثقافي والمادي، ومن ثم فإن بيئة العمل بكل ما تحتويها من مفردات تترك أعظم الأثر على كل من فيها، وتعتبر العلاقة بين زملاء العمل أهم عناصر تلك البيئة، بكل ما تحتويه تلك العلاقة من مقاربات ومفارقات تلازم الإنسان فترات طويلة من عمره، نتيجة لما تفرزه من مشكلات أو تآلفات بين زملاء العمل. يحتفظ أحمد الصياد، (36 سنة) محاسب بإحدى الشركات، بعلاقات جيدة مع زملائه، ولا يجد صعوبة في التواصل معهم، مرجعاً ذلك إلى أنه شخص اجتماعي بطبعه ويستطيع التعامل مع المواقف المختلفة بمرونة عالية، ما جعله مصدر ثقة، فضلاً عن أنه يتلمس العذر للآخرين حال صدور أي تصرف أو سلوك قد يكون غير مقبول لدى البعض، معللاً ذلك بأنه ربما يكون صاحب السلوك واقعاً تحت ضغط ما أو يواجه مشكلة ما، وهو ما يجعل علاقته بالجميع جيدة، فضلاً عن أنه ناجح في أداء كل ما يسند إليه من قبل رؤسائه، وهذا يمنحه ثقة في النفس أكثر ويجعل بيئة عمله خالية من المشاكل. يبدو الصياد نموذجاً مثالياً للعلاقة بين زملاء العمل، إلا أنه نموذج ليس قابلا للتعميم دائما. العدل والوشاية يذكر المهندس عبدالله الهاشمي (43 سنة)، الذي يعمل في إحدى الدوائر الحكومية، أن أكثر ما يمنع المشاكل بين الزملاء في العمل، هو المعاملة العادلة من الرؤساء واهتمامهم بالعمل في المقام الأول وليس بالوشاية والنميمة، بحيث يكون المعيار الأول في تقييمهم لأي موظف لديهم هو مدى كفاءته وإنتاجه. وأكد أن المشاكل باب موصد، ومفتاحه هو المحاباة، وهو ما يعطي المجال للغيرة والدسائس، فتنقلب بيئة العمل من بيئة تنافسية من أجل مصلحة العمل ككل، إلى بيئة صراعات شخصية، ومحاولة الحصول على أكبر قدر من المكاسب بأقل مجهود ممكن. في حين تذكر إلهام السيد (28 سنة)، موظفة استقبال في إحدى الشركات، أنها تعاني من مشكلة عدم التكيف مع بعض زميلاتها، خاصة وأنها جديدة في الشركة، وتشعر أن بيئة العمل المحيطة بها خانقة، وأن الشيء الذي يضطرها للتعامل مع الآخرين هو الدافع المادي. وتقول إن عدم التكيف يرجع إلى أنها اكتشفت أنه لا صداقة في العمل وأن ما يقوله الزملاء في الوجه يكون مغايرا تماماً لما يقال في الظهر، وهو ما سبب لها مشكلات مع أصحاب العمل، مبينة أن أفضل سبل التعامل مع الزملاء، هو ألا تتعداها إلى صداقة، ويجب أن يكون هناك حد فاصل بين علاقة الصداقة وزمالة العمل. موزة الرميثي (27 سنة)، موظفة في شركة حكومية، تشير إلى أن العلاقة مع زملاء العمل يجب أن تتسم بالمودة ولا مانع أن تتحول إلى صداقة وطيدة، خاصة وأنه يتم قضاء ساعات طويلة في العمل ما يخلق جوا من الألفة والتواصل مع زميلات العمل، ومع ذلك، بحسبها، فإن الغيرة قد تفسد هذه الصداقة وبالتالي أجواء العمل، ما يستدعي من كل فرد أن لا يتدخل في عمل الآخرين، وأن يقتنع تماماً أن نجاح الآخرين ليس معناه فشله، وإنما هي طبيعة الحياة أن يتفوق البعض، وأن تكون هذه الغيرة إذا ما حدثت، غيرة إيجابية تدفع الفرد للعطاء والإبداع والتميز في عمله، لا تدبير المكائد، وزرع الحقد والضغينة بين الزملاء. سوء الفهم تقول خبيرة التنمية البشرية نوال الكتاتني إن سوء فهم الآخرين أبرز مشاكل بيئة العمل، مشيرة إلى أن مهارة الاتصال بالآخرين تحتاج إلى تدريب وممارسة وهي قابلة للتحسن مع تراكم الخبرات ولكن نصيحة لا تهمل تطويرها. وتوضح أنه غالباً ما يحدث سوء الفهم في محيط العمل بين الزملاء والتي يكون منشأها إما شخصياً أو مهنياً ما يؤثر على جودة التميز في العمل. وتضيف «هناك نوعان من العلاقات التي تنشأ في بيئة العمل، علاقات شخصية وعلاقات العمل والفرق واضح بينهما، فالعلاقات الشخصية يفترض أن يكون حب وتكافؤ بين الطرفين وقبول في التعامل، أما العلاقة المهنية تهدف إلى إنجاز العمل فقط، وبانتهاء العمل تنتهي العلاقة بين الطرفين». وتشير الكتاتني إلى مشكلة أخرى تقع في بيئة العمل، وهي الضغوط النفسية من كثرة العمل ومشاكل الحياة، وتؤدي إلى ضعف القدرة على التوازن بين الطلب الذي يواجهه الشخص الخاص بوقته وجهده من جانب وقدرته كما يفهمها هو على مواجهة الطلب بنجاح من جانب آخر. ومن فوائد التغلب على الضغوط، وفقها، تفادي الوقوع في أمراض نفسية مثل القلق والتوتر والمحافظة على الصحة الجسمانية مثل زيادة طاقة الإنسان وإنتاجيته، لافتة إلى أن من مسببات الضغوط انخفاض درجة حب الإنسان لعمله ورضاه عنه، ومستوى المخاطر في العمل، وحجم العمل الذي يفوق طاقة الإنسان ومقدرته الفكرية، والشعور بضعف الأمان الوظيفي، وقلة توفر التهوية في مكان العمل وغيرها. وتوضح أن هناك أسباباً تتعلق بالشخصية منها الميل للتفكير المتشائم وكثرة الخوف، قلة الثقة بالنفس، ضعف القدرة على التحكم في الوقت، الطموح المفرط. عادات إيجابية لكي يتغلب الموظف على ضغوط العمل، عليه، وفق الكتاتني، أن يقوم الإنسان باكتساب عادات إيجابية تساعده في استغلال وقته بشكل جيد، وأن يقوم بتقييم نفسه كل يوم ولمدة شهر يلاحظ في كل مرة التحسن الذي سيبدأ قليلاً ثم يبدأ يكبر شيئاً فشيئاً، حتى يجد الإنسان نفسه وقد اكتسب عادات استخدام الوقت بشكل فعّال فيشعر بالرضا عن النفس. وتقول الكتاتني «ينبغي التأكيد هنا على أن الإنسان بحاجة إلى مواجهة النفس وترويضها والخروج من الحالة النفسية بأن يقنع الإنسان نفسه بأن كل مشكلة ولها حل». وتضيف في إطار استعراض العادات الإيجابية «لا بد من تحليل طبيعة الضغوط وتصنيفها إلى فئات والبحث عن الأسباب ودراستها بشكل جيد والاسترخاء والتفكير التأملي للخروج من حالة التوتر، وإيجاد رؤية للحياة والمستقبل وتحديد الأهداف الشخصية وتخصيص وقت لهواياتك وممارستها بشكل منتظم، وإيجاد وقت ثابت تقضيه مع أسرتك ولو لدقائق يومياً (ضع أهدافاً لتحفيز الجزء الأيمن لدماغك من الإبداع والخيال يساعدك مثلاً على قراءة القصص)، وضع أهدافاً لتحفيز الجزء الأيسر من دماغك (ذكاؤك وذاكرتك) لحضور دورات». وتوضح الكتاتني أن هناك بعض الآليات والوسائل التي تحسن العلاقة مع زملاء العمل لتصبح أكثر إنتاجاً وتفاهماً وتعاوناً لتؤدي إلى الاستقرار النفسي والوظيفي، ومنها: - الاتصال: يعد الاتصال أهم ركائز نجاح المنظمات واستمرار حيويتها ونشاطها، فالاتصال هو الذي يصنع النجاح أو الفشل أو أن يسهم في بناء فريق العمل أو يهدمه. ? تحتاج كل بيئة عمل إلى وجود أشخاص متميزين. ? الاطلاع الممتاز على مواقف العمل. ? التعبير عن آرائهم في مجال سلطاتهم. ? أكثر ذكاء ونشاطاً وأكثر اتصالاً مع المعلومات الخارجية كالصحف والإعلام. بيئة سليمة عن كيفية بناء بيئة عمل سليمة، تقول الكتاتني «يعتمد تكوين علاقات زملاء العمل على الشراكة الفعالة والروابط القوية والاهتمامات المشتركة أن يكون هناك صدق وتعاون واحترام وأمان بين العاملين في بيئة العمل، فهذا يؤدي إلى تفجير طاقات العاملين لصالح العمل، ولابد من وجود تحفيز سواء مادي أو معنوي وحب العمل الجماعي، وعدم استخدام النفوذ والحفاظ على أصول المنشأة والتطوير الذاتي والصبر والمثابرة، وعدم إفشاء الأسرار ووضع احتياجات الآخرين في الاعتبار، ويجب التعامل مع زملاء العمل باعتبارهم أناس يمتلكون أحاسيس وأفكارا مختلفة ووجود القدوة الحسنة، فإذا نظر العاملون إلى المدير وهو لا يلتزم بأخلاق المهنة فهم كذلك من باب أولى، وقد قال الخليفة الأول للمسلمين أبوبكر الصديق رضي الله عنه: «اني قد وُلِّيتُ عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوِّموني». وتتابع «محاسبة المسؤولين والموظفين والتقييم المستمر للموظفين والعدل والمساواة بين الموظفين دون تمييز موظف على موظف آخر، واحترام وقت العمل والالتزام بالأداء الوظيفي على أكمل وجه، وبذلك نكون قد قمنا ببناء بيئة عمل صحيحة وقوية لا يمكن سقوطها. وفيما يتعلق بأهم المشكلات التي يمكن أن تحدث بين الزملاء، توضح الكتاتني أن من الحاجات المشتركة بين زملاء العمل هي الحاجة إلى النجاح والحاجة إلى القبول من قبل الآخرين، ومن الطبيعي أن يتنافس زملاء العمل على ثلاثة أمور هي المال، والترقية، والتقدير، ويصرفون جل وقتهم فيها وعندما يبدأ معيار المنافسة يبدأ انتقاد الزملاء لبعضهم البعض مما يخل بجانب حاجة القبول مما ينذر بإعاقة العمل. لذا فعلى زملاء العمل أن يتعلموا كيف يشتركون في هاتين الخاصيتين وهما النجاح والقبول بصورة تقود إلى النجاح المشترك. دور المدير بالحديث عن دور المدير في خلق بيئة عمل متوازنة بين الفريق الذي يعمل تحت إشرافه، تقول الكتاتني إنه كي ينجح في ذلك عليه أن يعتمد على المحاور التالية: ? إعطاء الفرصة للمرؤوسين للتعبير عن أنفسهم. ? توفير خبرات ومعلومات تجعل المرؤوسين أكثر حساسية للمؤثرات البيئية. ? تهيئة السلوك والتصرفات الإيجابية تجاه المواقف والمعارف الجديدة. ? توفير مجالات للتفكير والتخيل في النشاطات المختلفة. ? تجنب التقويم المتكرر أثناء قيام المرؤوسين بنشاط معين. ? احترام أسئلتهم وآرائهم وعدم السخرية منها، وتشجيع التعليم بالمبادأة الذاتية، وتنمية مهارات النقد البنّاء، والتأكيد على منافذ الاتصال المفتوحة. ? الحرص على توفر أنماط متعددة من الشخصية داخل المنظمة. ? تدعيم الثقة بالنفس في بناء علاقات الصداقة والمحبة. ? التخفيف من الضغوط التنظيمية وتوفير بيئة مساندة للإبداع. وتضيف «الدراسات أوضحت أنك لو تعلّمت كيفية التعامل مع الآخرين فإنك تكون بذلك قد قطعت 85 في المائة من طريق النجاح و99 في المائة من طريق السعادة الشخصية». وتقول «أنصح الموظف بألا ينفتح مع الآخرين في العمل ويؤدي ذلك إلى مشاكل ولا ينعزل ويكون انطوائيا فيفتقر إلى حب وتعاون الزملاء». علاقات بناءة يقول نورمان هل في كتابه «فن التعامل مع الزملاء»، إن هناك ست صفات لقيام علاقات بناءة بين زملاء العمل وهي: 1- موازنة العاطفة مع العقل. 2- العمل على تحقيق التفاهم المشترك. 3- بناء اتصالات جيدة وقوية. 5- استخدام الإقناع بدلاً من الإكراه. 6- تعلم القبول المشترك. عمل بلا مشاكل توجه خبيرة التنمية البشرية نوال الكتاكني مجموعة نصائح وصولا إلى بيئة عمل خالية من المشاكل لخصتها فيما يلي: ? استعن بالله وكن واثقاً في نفسك ومؤمناً بقدراتك دون غرور. ? تعمَّق في فهم واجبات ومسؤوليات عملك. ? تعرَّف جيداً على مجالات نتائج عملك ومؤشرات ومعايير أدائك. ? أظهر احترامك واهتمامك وتقديرك لرؤسائك. ? قدِّر أفكار رئيسك وتوجيهاته. ? لا تجادل رئيسك واعلم جيداً أن أفضل السبل لكسب الجدل هو تجنبه. ? أظهر لرئيسك حيويتك ولباقتك ونشاطك في إنجاز أعمالك. ? ابتكر وأبدع في عملك وطوِّر ذاتك. ? احرص على إقامة علاقة إنسانية جيدة مع زملائك. ? حافظ على مواعيد العمل. ? تعاون مع زملائك في أداء الواجبات العاجلة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©