الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

روسيا.. عملاق المال والأعمال

روسيا.. عملاق المال والأعمال
15 أكتوبر 2019 03:32

حسونة الطيب (أبوظبي)

في طريق العودة لموقعه الطبيعي، ينهض الاقتصاد الروسي مدعوماً بنمو قوي في الناتج الصناعي خلال الربع الثالث من العام الجاري، فيما يتوقع الخبراء له المزيد من الانتعاش، بفضل الزيادة في الطلب على الصعيد المحلي، وسط تصاعد المحفزات المالية، وتوفر المزيد من السياسة المالية المواتية، نمواً متوقعاً يصل إلى 1,8% خلال العام المقبل، من واقع 1,1% خلال السنة الحالية، بحسب موقع فوكس إيكونوميكس.
وتتمتع روسيا بدخل فوق المتوسط، واقتصاد انتقالي غني بالتنوع، ونجم عن الإصلاحات التي قامت بها الحكومة في تسعينيات القرن الماضي، وخصخصة معظم قطاعات الصناعة والزراعة، مع استثناء الطاقة والدفاع.
والتنوع الجغرافي الذي تزخر به روسيا، هو أحد المكونات الرئيسية للنشاط الاقتصادي، حيث تشير بعض التقديرات لاستحواذ روسيا على ما يزيد على 30% من الموارد الطبيعية العالمية، بقيمة تصل إلى 75 تريليون دولار، بحسب البنك الدولي.
وتعتمد روسيا، على عائدات الطاقة في تسيير معظم نموها الاقتصادي، حيث تنعم البلاد بوفرة من النفط والغاز الطبيعي والمعادن النفيسة، التي تشكل قدراً كبيراً من صادراتها، وفي عام 2012 مثلاً، شكل قطاع النفط والغاز، 16% من الناتج المحلي الإجمالي، ونحو 52% من عائدات الميزانية الاتحادية، و70% من الصادرات الكلية.
وتملك روسيا، أكبر احتياطي مؤكد للغاز الطبيعي في العالم، ومن ثم أكبر مُصدرٍ له وثاني أكبر الدول المُصدرة للبترول. ولروسيا، قطاع كبير ومتطور للأسلحة، قادر على تصميم وصناعة معدات حربية عالية التقنية تتضمن، طائرات حربية من الجيل الخامس، وغواصات نووية وأسلحة نارية وصواريخ بالستية طويلة وقصيرة المدى.

التاريخ الاقتصادي
استهل الاقتصاد الروسي، مسيرته بسلسلة من الخطط الخمسية في 1928، وبحلول خمسينيات القرن الماضي، تحول الاقتصاد بسرعة، من الاعتماد على الزراعة للاعتماد على الصناعة، لكنه وبحلول السبعينيات، بدأ الدخول في حقبة ركود، 1986، بدأت الحكومة في التصدي للمشاكل الاقتصادية من خلال، تبني اقتصاد اشتراكي سوقي، وخضعت روسيا لتغييرات جذرية، للتحول من اقتصاد مركزي منظم، إلى اقتصاد سوق عالمي متكامل، وتعافت روسيا من أزمة 1998 المالية بسرعة أذهلت جميع المراقبين، الأمر الذي جعل المنتجين المحليين أكثر تنافسية على الصعيدين الوطني والدولي.
وخلال فترة من 1999 إلى 2008، حقق الناتج المحلي الإجمالي الروسي، نمواً بنحو 94%، في وقت تضاعف فيه الناتج المحلي الإجمالي للفرد، كما ارتفعت قيمة اقتصاد البلاد من 210 مليارات دولار في 1999، لنحو 1,8 تريليون دولار في 2008.
وفي الفترة بين 2000 و2002، أجرت الحكومة العديد من الإصلاحات للدفع بعجلة النمو، بما فيها إصلاحات ضريبية شاملة، ورفع القيود التي أسهمت في تحسين وضع الشركات الصغيرة والمتوسطة، وفي الفترة بين 2000 إلى 2008، تلقى الاقتصاد الروسي، دفعة قوية، نتيجة ارتفاع أسعار السلع، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي، بمتوسط نسبة سنوية قدرها 7%، كما زاد الدخل القابل للتصرف، عن الضعف، بينما ارتفع حجم ائتمان المستهلك بين 2006 إلى 2008، بنحو 45 مرة ليشكل طفرة في استهلاك القطاع الخاص، وتراجع عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر من 30% في عام 2000، إلى 14% في 2008. وحتى عام 2007، حافظت روسيا على نظام مالي قوي، في ظل فائض سنوي في الميزانية منذ عام 2000.

انتعاش في زمن الركود
عانت البنوك الروسية انهيار الائتمان في 2008، بيد أنه لم يلحق بها ضرر طويل الأجل، بفضل الاستجابة الفعالة من قبل الحكومة والبنك المركزي الذي شكل حائط صد للبنوك ضد الأزمة المالية العالمية، وتعرضت البلاد لفترة قصيرة من الركود، أعقبتها موجة قوية من التعافي بدأت نهاية عام 2009، وبعد 16 عاماً من التفاوض، تم قبول روسيا عضواً في منظمة التجارة العالمية في 2011، حيث حازت لقب «اقتصاد عالي الدخل» من قبل البنك الدولي في 2013.
وتحدث صانعو القرار في روسيا مراراً عن ضرورة تنويع مصادر الاقتصاد، وعدم الاعتماد على النفط وتعزيز قطاع التقنية. وشكل النفط والغاز الطبيعي ومشتقات البترول في 2012، ما يزيد على 70% من إجمالي صادرات البلاد.
ووفقاً لتقرير أعدته «فاينانشيال تايمز» في 2012، حلت روسيا في المرتبة الثانية من حيث الأداء الاقتصادي في مجموعة العشرين بعد المملكة العربية السعودية، بينما صنفتها مجلة فوربس، بالدرجة 91، في قائمة أفضل الدول لممارسة الأعمال.
وبلغ الاحتياطي الأجنبي الروسي، نحو 500 مليار دولار في 2014، لكنه تراجع لنحو 360 ملياراً في 2015، بيد أن البلاد تخطط لحشد النقد الأجنبي للوصول بالاحتياطي لما كان عليه.
وبحسب خبراء، فإن انكماش الاقتصاد الروسي ليس بالأزمة، بل واقع جديد يترتب على الاقتصاد التكيف معه، ويعود في الأساس لانخفاض أسعار النفط، وحل الاقتصاد الروسي في 2016، في المرتبة 6 كأكبر اقتصاد في العالم من خلال تعادل القوة الشرائية وفي المرتبة الـ 12 في أسعار الصرف في السوق.
وبين عامي 2000 و2012، ساهمت صادرات الطاقة، في نمو سريع في مستويات المعيشة، حيث ارتفع الدخل بنسبة ناهزت 160%، كما انخفضت في الفترة ذاتها مستويات الفقر والبطالة، بأكثر من 50%.
وفي يناير 2016، صنفت بلومبيرج الاقتصاد الروسي، في المرتبة الـ 12، كأكثر الدول ابتكاراً، وتحل روسيا في المرتبة الـ 15، كأعلى معدل في براءة اختراع التطبيقات وفي المرتبة الـ 8 كأعلى نسبة تركيز للشركات الحكومية عالية التقنية، بينما تحتل المرتبة الـ 3 في نسبة الخريجين من العلماء والمهندسين.

صندوق الثروة
أسست الحكومة الروسية في الأول من يناير 2004، صندوق الاستقرار للاتحاد الروسي، كجزء من الميزانية الاتحادية بهدف موازنتها في حالة تراجع أسعار النفط، وبحلول 2008، تم تقسيم الصندوق إلى قسمين، الأول صندوق احتياطي يساوي 10% من الناتج المحلي الإجمالي، «ما يعادل 200 مليار دولار في الوقت الحالي»، أما الجزء الثاني، فهو صندوق الرفاهية الوطني للاتحاد الروسي.

الدين العام
ويعتبر دين روسيا، بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، متدنياً للغاية ومن بين الأقل في العالم. ويعود معظم دين روسيا الخارجي، للقطاع الخاص، حيث بلغ معدل الدين بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي 12% في عام 2016. كما تعتبر روسيا واحدة من بين الدول الرائدة في انتهاج سياسات الحمائية، وكتلة روسيا التجارية الاستراتيجية، المؤلفة من روسيا وكازاخستان وبلاروسيا، مسؤولة عن جزء كبير من الحمائية العالمية في 2013.

قطاع الخدمات
يعتبر قطاع الخدمات الأكبر في الاقتصاد الروسي، ويشكل 58% من الناتج المحلي الإجمالي، ومن بين أهم شرائح الخدمات، تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح السيارات والدراجات النارية والسلع الشخصية والأُسرية، التي تشكل 17% من الناتج المحلي الإجمالي، والإدارة العامة والتعليم والصحة، بنحو 12% والعقارات 9% والمواصلات والتخزين 7%، بينما تشكل الصناعة 40%، حيث يعتبر التعدين 11% والتصنيع 13% والبناء والتشييد 4%، أهم فئاتها، وتشكل الزراعة 2% من الناتج المحلي الإجمالي.

الطاقة
تعتبر الكميات الوافرة من المعادن في جبال الأورال والاحتياطات الضخمة من الوقود الأحفوري من نفط وغاز وفحم والكميات الكبيرة من الأخشاب في سيبيريا، كافية لتثري روسيا بموارد طبيعية ضخمة، في وقت تمثل فيه صادرات النفط والغاز، المصدر الرئيسي للعملة الصعبة، وقطاع البترول الروسي، واحد من بين أكبر قطاعات النفط في العالم، حيث تملك البلاد، أكبر احتياطي من الغاز وهي أكبر مُصدرٍ له في العالم. كما تملك، ثاني أكبر احتياطي من الفحم، والثامن من النفط وأكبر أو ثاني أكبر مُصدرٍ للنفط في العالم من حيث الأرقام المُطلقة.

وطن الألمــاس
تعتبر روسيا، أكبر دولة في إنتاج الألماس، بما يزيد على 33 مليون قيراط في 2013، أو ما يساوي 25% من إجمالي الإنتاج العالمي، بقيمة أكثر من 3,4 مليار دولار، كما تتفوق على الدول الأوروبية الأخرى كافة من حيث عدد الخريجين الأكاديميين ورائدة عالمياً فيما يتعلق بعدد حملة الشهادات الجامعية أو ما بعدها، بنسبة 54% بالمقارنة مع 31% للمملكة المتحدة.
وقطاع تقنية المعلومات، أكثر القطاعات نشاطاً في الاقتصاد الروسي، حيث ارتفعت صادرات القطاع من 120 مليون دولار في العام 2000، إلى 3,3 مليار دولار في 2010، وتسيطر روسيا حالياً، على 3% من سوق تطوير البرمجيات في الخارج، وهي ثالث دولة رائدة في تصدير البرامج بعد الهند والصين.

ناتــــج محلــــي يتجاوز التوقعات
تجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في روسيا التوقعات في عام 2018، حيث وصل إلى 2,3%، وزادت وتيرة النشاط الاقتصادي خلال الشهرين الماضيين، مدعومة بالنمو القوي في الناتج الصناعي، ومن المتوقع وتيرة نمو الاستثمار في رأس المال الثابت، مدعوماً بالإنفاق العام على مشاريع البنية التحتية والمساهمة الإيجابية نسبياً من قبل إعادة حشد الأموال، ومدعوماً بالارتفاع النسبي في أسعار النفط.
ومن المتوقع كذلك استمرار الفائض في الميزانية العامة خلال الفترة بين 2018 و2020، بجانب الانخفاض في معدلات الفقر، كما تفوق نمو الإنتاجية في روسيا، على متوسط اقتصادات الدول المتقدمة وعلى المتوسط العالمي، خلال العقد المنصرم، بحسب البنك الدولي للتنمية وإعادة الإعمار.

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©