الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

هدوء حذر في العراق.. ووعود بالإصلاح

هدوء حذر في العراق.. ووعود بالإصلاح
5 أكتوبر 2019 00:58

هدى جاسم ووكالات (بغداد)

سادت حالة من الهدوء الحذر في بعض مناطق العاصمة العراقية بغداد، أمس، فيما أكدت قيادة العمليات المشتركة في العراق، أنه لا توجد أوامر باستخدام العنف ضد المتظاهرين، وأن الأوضاع تحت السيطرة في جميع المحافظات، بعد أربعة أيام من الاحتجاجات الدامية ضد الفساد التي اجتاحت أنحاء البلاد.
وتعهد رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، في خطاب تلفزيوني، بالإصلاح، لكنه أكد أنه لا يوجد «حل سحري» متاح.
وقُتل ما لا يقل عن 45 شخصاً، وأصيب المئات، منذ بدء الاحتجاجات التي تتصاعد على نحو يومي واجتاحت مدناً في الجنوب منذ اندلاعها يوم الثلاثاء.
وقال العميد يحيى رسول، المتحدث باسم قيادة العمليات: «إن قوات الأمن تحمي المتظاهرين والممتلكات من المندسين الذين يحاولون تخريب البلد». في حين، أكدت قيادة عمليات بغداد أن حظر التجوال الذي فرض في وقت سابق بعيد انطلاق تظاهرات في العاصمة العراقية ومدن عدة جنوب البلاد مؤقت، مضيفة إن قراراً وشيكاً سيصدر بهذا الخصوص في وقت لاحق.
ورغم من أن الأحياء في أطراف بغداد بدت كمدينة أشباح، حتى إن بعض الحواجز الأمنية الروتينية خلت من جنودها، إلا أن وسطها شهد مصادمات بين القوات الأمنية والمتظاهرين الذين بدؤوا بالتوافد منذ الصباح الباكر.
وهذه الاحتجاجات، التي أشعلها غضب شعبي بسبب تدهور أحوال المعيشة والفساد، هي أول تحد كبير يواجه عبد المهدي الذي تولى السلطة العام الماضي بدعم من الأحزاب الشيعية التي تسيطر على العراق منذ الإطاحة بصدام حسين عام 2003.
وتأتي أيضاً قبيل أربعينية الإمام الحسين، إذ من المتوقع أن يقطع نحو 20 مليون شيعي رحلة لعدة أيام سيراً على الأقدام إلى مدينة كربلاء في جنوب العراق لحضور المراسم التي تقام سنوياً.
وانتشر أفراد الجيش والقوات الخاصة في الميادين والشوارع الرئيسة في ظل حظر التجول الذي فرضته الحكومة وانتهكه آلاف المحتجين.
وفيما بدا تصعيداً، طالب رجل الدين العراقي مقتدى الصدر حكومة عبدالمهدي بالاستقالة وتنظيم انتخابات جديدة بإشراف الأمم المتحدة.
وكان الصدر طلب، في وقت سابق، من أنصاره في مجلس النواب العراقي عدم المشاركة في أي أنشطة برلمانية، حتى تقدم الحكومة برنامجاً يخدم العراقيين.

تخصيص رواتب
واعترف رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي في خطاب بثه التلفزيون مساء أمس الأول بوجود غضب شعبي، لكنه أصر على أن الساسة على علم بمعاناة الشعب، وأضاف: «لا نسكن في بروج عاجية نتجول بينكم في شوارع بغداد وبقية مناطق العراق ببساطة».
ودعا إلى الالتزام بالهدوء وطلب دعم أعضاء البرلمان لتغيير بعض المناصب الوزارية وإبعادها عن سيطرة الأحزاب والجماعات الكبيرة.
وقال: «إن الحكومة ستناقش تخصيص راتب أساسي للأسر الفقيرة، لكنه أضاف أنه لا يوجد «حل سحري» متاح للإصلاح في البلاد.
ودافع عبدالمهدي عن أداء حكومته وإدارتها للأزمة، محذراً من أن هذه الأزمة يمكن أن «تدمر الدولة برمتها». وأضاف: إنّ ما يجري الآن هو «تدمير الدولة كلّ الدولة»، مشيراً إلى أن «التصعيد في التظاهر بات يؤدّي إلى إصابات وخسائر في الأرواح».
وتجمع المحتجون في شوارع بغداد خلال ليل الجمعة، حول نيران أشعلوها في حطام مدرعة في الجهة المقابلة لمقر الحكومة عبر نهر دجلة.
وصاح أحد الأشخاص «إنهم يطلقون الرصاص الحي على الشعب العراقي والثوار»، مضيفاً: يمكننا عبور الجسر وطردهم من المنطقة الخضراء.
وبعد عامين من هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، حظي العراق بالسلم وحرية التجارة لأول فترة طويلة منذ السبعينيات. وارتفع إنتاج النفط لمستويات قياسية مما وفر مكاسب كبيرة لخزينة الدولة. لكن البنية التحتية أصبحت متداعية والمدن متهالكة بعد أعوام من الحرب والعقوبات حيث لا يوجد سوى القليل من فرص العمل للسكان البالغ عددهم 40 مليوناً.
ويقول المحتجون إن أموالهم تذهب إلى الأحزاب التي تسيطر على السلطة في بغداد.
وفي شارع في وسط بغداد يسمع فيه إطلاق نار كثيف على بعد مئات الأمتار من ساحة التحرير التي انطلق منها التحرك، قال سيد، البالغ من العمر 32 عاماً: «سنواصل.. إما أن نموت أو نغير النظام».

قبل فوات الأوان
إلى ذلك، أكدت المرجعية الدينية الشيعية العليا في العراق في مدينة كربلاء، أمس، دعمها لمطالب المتظاهرين، داعية الحكومة العراقية إلى «تدارك الأمور قبل فوات الأوان».
وفي خطبة الجمعة، قال أحمد الصافي ممثل آية الله علي السيستاني أعلى مرجعية شيعية في العراق: «إن هناك اعتداءات مرفوضة ومدانة على المتظاهرين السلميين وعلى القوات الأمنية»، مؤكداً أنه «على الحكومة أن تغير نهجها في التعامل مع مشاكل البلد وتدارك الأمور قبل فوات الأوان».
وأضاف الصافي: «على الحكومة النهوض بواجباتها وأن تقوم بما في وسعها لتحسين الخدمات وتوفير فرص العمل للعاطلين واستكمال ملفات المتهمين بالتلاعب بالأموال العامة».
وكان الكثيرون ينتظرون خطبة الجمعة لمعرفة موقف آية الله العظمى علي السيستاني من الأحداث الأخيرة، والتي من شأنها التأثير على الاحتجاجات في المناطق ذات الغالبية الشيعية.

البرلمان: «تحقيق فوري» وحساب عسير للمفسدين
أعلن رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، أمس، أن البرلمان سيعمل على توفير سكن لمحدودي الدخل.
كما دعا إلى «تحقيق فوري بشأن الاعتداء على المتظاهرين»، مشيراً إلى أنه على المتظاهرين الحرص على أبناء القوات المسلحة، مؤكداً أن «التظاهرات درس مهم لكافة المسؤولين».
وطالب رئيس البرلمان العراقى بحساب عسير للمفسدين، مؤكداً أن الفساد آفة تعرض مستقبل العراق للخطر، وأن خطر الفساد لا يقل عن خطر الإرهاب.
من جانبه، أكد نائب رئيس البرلمان العراقي، حسن الكعبي، أنه سيتم عقد جلسة برلمانية اليوم لبحث كيفية تلبية طلبات المتظاهرين.
وقال الكعبي، في بيان: «سنعمل على تشريع قانون (المحرومية) بشأن تخصيص 5 في المئة من رواتب الرئاسيات الثلاث (رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء والبرلمان) للمحرومين والفقراء». كما دعا إلى تخصيص 25 ألف فرصة عمل لحملة الشهادات العليا.

اتهام أتباع إيران بقمع الاحتجاجات العراقية
اتهمت السلطات العراقية، أمس، «قناصين مجهولين» بقتل 4 أشخاص هم مدنيان وعنصران في القوات الأمنية في بغداد، مع استمرار التظاهرات المناهضة للحكومة. لكن ناشطين وشهود عيان اتهموا عناصر إيرانية وأفراد ميليشيات عراقية موالية لطهران بمحاولة قمع المظاهرات، لافتين إلى انتشار هذه الميليشيات وتحركها السريع في أنحاء العاصمة العراقية.
وارتفع سقف مطالب المتظاهرين العراقيين في مواجهة الرصاص الحي وسقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى والمعتقلين، فتحوّلت المطالب من توفير فرص العمل وإتاحة الخدمات إلى المطالبة بإسقاط الحكومة والتخلص من الهيمنة الإيرانية على القرار العراقي.
ومع استمرار المظاهرات الدامية في عدد من المحافظات العراقية، كرر المتظاهرون لليوم الرابع على التوالي شعارات منددة بطهران أبرزها: «إيران برا برا.. بغداد تبقى حرة».
وأكد مسؤول أمني رفيع المستوى لـ«الاتحاد»، آثر عدم الإفصاح عن اسمه، أن قيادات فصائل الحشد الشعبي طلبت من قيادة الجيش السيطرة على مناطق محددة، من بينها شارع المطار ومحيط بغداد الجنوبي والكرادة والحسينية والبلديات.
وأوضح المسؤول أن صواريخ «الكاتيوشا» التي أطلقت على المنطقة الخضراء، وبالقرب منها ليلة الخميس، أطلقت من منطقة قريبة، وهو ما يشير إلى محاولة جهات (لم يسمها) تهديد هذه المنطقة والهيمنة عليها في حالة خروج الأوضاع عن السيطرة.
إلى ذلك، قالت مصادر محلية في البصرة، إن عناصر مجهولة تلاحق ناشطين مدنيين، ومن بينهم الناشط عادل حسين، الذي قُتل هو وزوجته مساء الأربعاء الماضي.
وعزا النائب السابق في البرلمان العراقي، حيدر الملا، حالة الغضب الراهنة بين العراقيين إلى ما تم التحذير منه مسبقاً، إذ تقطعت بهم سبل العيش الكريم.
من جانبه، توقّع القيادي في التيار الصدري عواد العوادي قدرة الشعب على التغيير، لكنه حذر من أن أطراف النزاع في العراق، لاسيما إيران، ستتدخل في محاولة لجر المظاهرات إلى مصالحها.

مطالب «أممية» بتحقيق «شفاف» في أعمال العنف
حضّت الأمم المتحدة السلطات العراقية، أمس، على التحقيق سريعاً وبشفافية في استخدام قوات الأمن القوّة بحق المتظاهرين، ما أسفر عن مقتل العشرات.
وقالت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مارتا هورتادو، في تصريحات للصحافيين، في جنيف: «ندعو الحكومة العراقية للسماح للناس بممارسة حقهم بحرية التعبير والتجمّع السلمي».
وأعربت هورتادو عن وجود قلق أممي من التقارير التي تشير إلى أن قوات الأمن استخدمت الذخيرة الحية والرصاص المطاطي في بعض المناطق، وأنها ألقت قنابل الغاز المسيل للدموع كذلك مباشرة على المحتجين، مشددة على أن استخدام القوة في التعامل مع التظاهرات يجب أن يكون في الحالات «الاستثنائية» فقط.
وتابعت: «ينبغي التحقيق بشكل فوري ومستقل وشفاف في جميع الحوادث التي تسببت سلوكيات قوات الأمن فيها بوفيات وإصابات».
وشدد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على أن مطالب المتظاهرين باحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية «مشروعة».
وأعربت الأمم المتحدة كذلك عن قلقها البالغ بشأن اعتقال ثلاثة صحافيين على الأقل، أفرج عن اثنين منهم لاحقاً، محذّرة من أن ذلك يحمل خطر «ردع صحافيين آخرين من نقل الأحداث المرتبطة بالوضع».
ونوهت هورتادو إلى أن انقطاع خدمة الإنترنت عن أجزاء واسعة من البلاد يشكّل مصدر قلق، مشددة على أن عمليات «قطع الإنترنت على نطاق واسع تتناقض على الأرجح مع حرية التعبير».

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©