السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الظن السيئ».. أكذب الحديث حذر الله منه وأمر باجتنابه

«الظن السيئ».. أكذب الحديث حذر الله منه وأمر باجتنابه
1 يوليو 2014 00:44
الإسلام يدعو إلى حسن الظن بالناس والابتعاد عن سوء الظن بهم، لأن سرائر الناس ودواخلهم لا يعلمها إلا الله تعالى وحده، والظن لغة الاعتقاد الراجح مع احتمال الخطأ، وهو هواجس النفس في طلب مرادها، وما يتردد فيها من حيث أملها، وقيل سوء الظن ما تركن إليه النفس ويميل القلب، وهو مرض من أمراض العصر، نتائجه خطيرة، ومفاسده عظيمة، دليل على سوء طوية صاحبه، وإساءة الظن بالآخرين مثل الاعتداء عليهم وسرقة أموالهم وهتك أعراضهم، وكلها أمور منهي عنها شرعاً. كرامة الناس وسوء الظن الذي يؤدي إلى المس بكرامة الناس بغير حق، من شرور النفس ومن خنس الشيطان، حذر الله منه في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ...)، «سورة الحجرات: الآية 12»، ذكر الإمام البغوي أن المراد بالآية سوء الظن، وذكر القرطبي عن أكثر العلماء أن الظن القبيح بمن ظاهره الخير لا يجوز، وحرج بظن القبيح بمن ظاهره قبيح، قال تعالى: (وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا)، «سورة النجم: الآية 28»، الظن المنهي عنه هو مجرد التهمة التي لا دليل عليها، كمن يتهم غيره بالفواحش ولم يظهر عليه ما يقتضي ذلك ونهيه سبحانه عن كثير من الظن من أجل أن يتثبت الإنسان ولا يندفع مع الظنون من غير تثبت لئلا يقع في الظن الذي فيه الإثم، والمنهي عنه أيضاً الظن السيئ بأهل الخير والصلاح بدون دليل، أو برهان. والظن السيئ يدفع صاحبه لتتبع العورات، والبحث عن الزلات، والتنقيب عن السقطات، يزرع الشقاق والبغضاء بين المسلمين، ويقطع حبال الأخوة، ويمزق وشائج الألفة والمحبة. التماس العذر وقال ابن سيرين، إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرا، فإن لم تجد فقل لعل له عذراً لا أعرفه، وقال بشر الحافي، صحبة الأشرار أورثت سوء الظن بالأخيار، وقد عد الهيثمي سوء الظن بالمسلم الذي ظاهره العدالة من الكبائر، فسوء الظن يؤدي إلى الخصومات والعداوات، وتقطع الصلات، ويحمل على التجسس والتحسس والغيبة والتحاسد والتباغض والتدابر، ويقطع العلاقة بين المتآخين. ولقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تتبع أمور الناس وعوراتهم، حرصاً منه على شغل المسلم نفسه بالخير، وعدم الوقوع فيما لا يغني من الله شيئا، قال: «حسن الظن حسن العبادة»، ويقول: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث»، حيث إن بعض مرضى القلوب يسيئون الظن بالمسلمين لحاجة في أنفسهم، ومما لا شك فيه أن هذه الظنون السيئة مخالفة لكتاب الله ولسنة نبيه، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لا يحل لامرئ مسلم يسمع من أخيه كلمة يظن بها سوءاً وهو يجد لها في شيء من الخير مخرجاً، وقال لا ينتفع بنفسه من لا ينتفع بظنه. ثم يتحدث العلماء عن حسن الظن بالله وقالوا: ألا ترجو إلا هو، على قدر الرجاء به، وأن تنظر لكماله في جلاله وجماله، فتقطع الآمال عن سوى فضله لما تحققته من كمال وصفه، وأن تنظر إلى إحسانه السابق وإفضاله اللاحق، وحسن الظن بالله تعالى أحد مقامات اليقين، قال صلى الله عليه وسلم: يقول الله سبحانه وتعالى: «أنا عند ظن عبدي بي.....»، وقال: «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه»، وقال النووي، معنى تحسين الظن بالله تعالى أن يظن أنه يرحمه ويرجو ذلك بتدبر الآيات والأحاديث الواردة في كرم الله وعفوه، وما وعد به أهل التوحيد، وما سيبدلهم من الرحمة، يوم القيامة. مخالفات وقال ابن القيم، ولا ريب أن حسن الظن إنما يكون مع الإحسان، فإن المحسن أحسن الظن بربه أن يجازيه على إحسانه، وأن لا يخلف وعده وأن يقبل توبته، وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات فإن وحشة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه، وكان سعيد بن جبير يدعو، اللهم إني أسألك صدق التوكل عليك وحسن الظن بك. أما سوء الظن بالله فهو كفر، قال تعالى:‏‏ ‏(... يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ...)، «سورة آل عمران: الآية 154‏»، قال ابن القيم، أعظم الذنوب عند الله إساءة الظن به. وسوء الظن الذي يؤاخذ به صاحبه، هو كل ظن ليس عليه دليل صحيح معتبر شرعاً، استقر في النفس، وصدقه صاحبه، واستمر عليه، وتكلم به، وسعى في التحقق منه. ... ولا أسعد للنفس من حسن الظن ليس أروح لقلب العبد في هذه الحياة ولا أسعد لنفسه من حسن الظن، فبه يسلم من أذى الخواطر المقلقة التي تؤذي النفس، وتكدر البال، وتتعب الجسد، يؤدي إلى سلامة الصدر وتدعيم روابط الألفة والمحبة بين أبناء المجتمع، فلا تحمل الصدور غلاً ولا حقداً، لذا فإنه لا ينبغي للمسلم أن يلتفت كثيراً إلى أفعال الناس، يراقب هذا ويتابع ذاك، ويفتش عن أمر تلك، بل الواجب عليه أن يقبل على نفسه فيصلح شأنها، ويقوم خطأها، ويرتقي بها إلى مراتب الآداب والأخلاق العالية، فإذا شغل نفسه بذلك، لم يجد وقتاً ولا فكراً يشغله في الناس وظن السوء بهم. وقد نبه الإسلام العظيم إلى عدم الشق على القلوب، وأن يبقى الظاهر هو الحد المسموح فيه، وأن يحمل أي عمل للمسلم على حسن الظن.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©