الثلاثاء 21 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

انهيار «توماس كوك».. جرس إنذار لـ «رقمنة» الخدمات السياحية

انهيار «توماس كوك».. جرس إنذار لـ «رقمنة» الخدمات السياحية
26 سبتمبر 2019 03:34

رشا طبيلة (أبوظبي)

دق خبر إفلاس مجموعة السّياحة والسّفر البريطانيّة «توماس كوك»، بقوة «ناقوس التوعية» لشركات السياحة، لتتجنب أخطاء واحدة من أقدم وأكبر الشركات في العالم في هذا المجال. وأعلنت «توماس كوك» إفلاسها الاثنين الماضي، بعد فشلها في جمع الأموال اللازمة لاستمرارها في العمل حتى الصيف المقبل، معلنة دخولها عمليّة «تصفية فوريّة». وكان على رأس العوامل التي أشار إليها ملاك شركات سياحة وخبراء اقتصاديون، للاستفادة من «حادث الإفلاس التاريخي»، هو مواكبة أحدث التقنيات في السوق، وعدم دخول شراكات أو إجراء عمليات استحواذ أو اندماج إلا بعد دراسة عميقة، وكذلك وجود كوادر بشرية وإدارة كفء، وإدارة الموارد المالية بفاعلية.

سباق محموم
وقال جمال الجروان أمين عام مجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج «هناك 4 دروس مستفادة من إفلاس توماس كوك»، ويجب على الشركات في القطاعين الخاص والعام الانتباه لها.
وأضاف أن «الدرس الأول هو تحديث نظم وممارسات الأعمال لمواكبة التطور الرقمي، فمن أسباب انهيار الشركة البريطانية فشلها في التحول من العمل التقليدي إلى تبني النموذج الرقمي في الأعمال، بالتالي لم تستطع مواكبة التطور مثل شركة كوداك»، على سبيل المثال.
وأكد أن «متابعة كل التطورات وتحديث أنظمة العمل لمواءمة الاقتصاد الرقمي، تحمي الشركات من نفقات ضخمة قد تعرضها للاستدانة، مثل ما حدث مع الشركة البريطانية، كما يسرع أداء الشركة ويجعل طريقة عملها أكثر فعالية».
وحول ما وصف بأنه سباق محموم في سوق السياحة الرقمية، أكد الجروان أنه «يجب تحديث خطة العمل كل 6 أشهر للمواءمة مع التغييرات». وأشار الجروان إلى أن «العامل الثاني هو الاندماجات والاستحواذات»، وتابع «عند اتخاذ قرار بالاندماج يجب التأكد من الملاءة المالية بين الطرفين وأنه لا يوجد ترهل إداري».

نجاحات إماراتية
واستشهد باندماجات ناجحة نجمت عنها كيانات اقتصادية كبرى في الإمارات «مثل الاندماجات بين بعض البنوك الإماراتية التي أصبحت كيانات اقتصادية أكبر وأقوى تتبنى أحدث التقنيات وتطور خدماتها وتضم إدارات كفء، بعكس ما حصل مع توماس كوك التي اتخذت قرارات خاطئة في الاندماجات والصفقات».
وشدد الجروان على أن «قرارات الاستحواذات والاندماجات تتطلب دراسات عميقة وبعناية فائقة من النواحي القانونية والتجارية والتنظيمية والتسويقية، لأن الدخول في صفقات غير ناجحة يؤدي إلى حدوث أزمات كارثية».
والنقطتان الأخيرتان بحسب الجروان أن الأخطاء السابقة تكشف غياب وجود إدارة وكوادر مؤهلة لمواكبة التغير، إلى جانب عدم وجود إدارة مالية بالكفاءة والفعالية، وهما عنصران لا يقلان أهمية عما سبق.
ومن جانبه، أكد علاء العلي مدير «نيرفانا للسفر والسياحة» أن من أهم أسس استمرارية شركات السياحة الكبرى مواكبة التطور والتقدم التقني، من خلال بناء بنية تحتية وقاعدة تقنية تستوعبان التعامل مع أعداد كبيرة من العملاء وتقديم الخدمات لهم بمستوى عالي الجودة.

العنصر البشري
وأشار العلي إلى أن من أهم معايير النجاح أيضاً الإدارة السليمة والعامل البشري الكفء، الذي يعد أمراً في غاية الأهمية في مجال السياحة، فرغم التطور التكنولوجي والتقني لا يزال العنصر البشري مهماً خاصة في إدارة حجوزات السياح وتلبية طلباتهم في حالات الطوارئ والرد السريع.
وأضاف أنه من «المهم جداً عدم الدخول في استحواذات من دون التأكد من جدواها ودراستها بعمق ودقة حتى لا تقع في الخطأ القاتل الذي وقعت فيه توماس كوك»، و«البحث دائماً عن شراكات ناجحة ومدروسة مع مؤسسات وشركات قوية لها وزن في السوق العالمي».
ويقول سعود الدرمكي الرئيس التنفيذي ومؤسس «بريمير» للسفر والسياحة، إن معايير استمرار عمل شركات السياحة هي التخطيط السليم وميزانية لا يتم إنفاقها إلا في شيء نافع للشركة، ووضع استراتيجية والاتجاه نحوها خطوة بخطوة. وذلك يتطلب «وجود إدارة كفء وموارد بشرية مؤهلة لاتخاذ قرارات سليمة».
وأضاف «لابد من الاستعانة بأحدث التكنولوجيات لمواكبة السرعة في تقديم أفضل الخدمات وبالدقة المطلوبة». وأشار الدرمكي إلى أنه «من عوامل نجاح شركات السياحة أيضاً الابتعاد عن المنافسة غير العادلة لضمان عدم مواجهة المخاطر المالية».
وفي السياق نفسه، يقول محمد الحلبي مدير إدارة العملاء في الإمارات، بوكالة «عمير للسفريات»، إن «مواكبة أحدث التقنيات، إضافة لتنوع الخدمات المقدمة للعملاء، تدعم استمرارية شركات السياحة الكبرى وعملها».
وأضاف أن «وجود إدارة كفء لديها القدرة على تقدير المخاطر واتخاذ القرارات المناسبة بالنسبة للموارد إلى جانب الاستقرار المالي، من أهم عوامل ضمان استمرارية وبقاء الشركات ونجاحها».
ونصح نويل مسعود رئيس شركة «أوجست» للاستشارات الفندقية «الشركات السياحية، خاصة الكبيرة منها، بتجنب أخطاء توماس كوك، لأن ما حدث للشركة البريطانية الكبرى يعد درساً للشركات القائمة حالياً».
وأكد «ضرورة قيام الشركات بشكل دائم بمراجعة عقودها الكبيرة مع الشركات العالمية الكبرى، إضافة إلى دراسة عميقة ودقيقة عند التفكير بعقد الشراكات أو الاستحواذ على شركات أخرى».
وشدد كسابقيه على «ضرورة مواكبة شركات السياحة لأحدث التقنيات والأنظمة حتى تستطيع الاستمرار وسط التقدم التقني الهائل الذي يحصل حالياً».
وكان من أسباب إفلاس الشركة البريطانية التي تأسست عام 1841، الدخول في العديد من الصفقات السيئة، بينها اندماج كارثي في 2007 مع شركة «مايترافل»، ما كبد «توماس كوك» ديوناً باهظة، إضافة إلى تضرر الشركة من ديون متراكمة، بلغت 2.1 مليار دولار.
وأدى تراكم الديون مدة 10 سنوات تقريباً، إلى إجبار «توماس كوك» على بيع 3 ملايين رحلة سنوياً لتغطية مدفوعات الفوائد فقط، ما حرمها في النهاية من مواكبة المنافسة الإلكترونية.
وكانت رئيسة هيئة الطيران المدني في بريطانيا، ديردر هاتون، قالت في تصريح سابق حول أسباب إفلاس الشركة، إنها انهارت لأنها لم تحدّث نهجها في التعامل مع سوق السياحة الرقمي، الذي يزداد انتشاراً.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©