السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

مواقف خالدة تجمع البلدين الشقيقين.. شراكة الخندق الواحد

مواقف خالدة تجمع البلدين الشقيقين.. شراكة الخندق الواحد
23 سبتمبر 2019 01:50

ناصر الجابري (أبوظبي)

الإمارات والسعودية مثال مشرق للعلاقات الدولية الوثيقة والصلبة، والتي ترتكز على التاريخ المشترك، ووحدة المصير، والقناعة الراسخة بدور الرؤى المتوافقة في صناعة الحاضر المزدهر وبناء أعمدة المستقبل، لتصبح هذه العلاقة أنموذجاً للإيمان بالأهمية الاستراتيجية للتضامن في مواجهة التحديات الراهنة التي تشهدها المنطقة، وإيجاد الحلول التي تسهم في نشر السلام والاستقرار والأمان في كافة دول العالم، بوجود مقومات الشراكة الفعلية في كافة المجالات والتي شهدت تطوراً لافتاً ومتواصلاً خلال السنوات الماضية.
تتجسد مظاهر الشراكة مع احتفال الشعب الإماراتي باليوم الوطني السعودي، ومظاهر الفرح المرتسمة على شوارع المملكة خلال اليوم الوطني للإمارات، حيث حقق البلدان العديد من المنجزات المشتركة والتي انعكست على مستوى الترابط الاجتماعي والثقافي والشعبي بينهما، وامتدت لتكون الإمارات في قلب السعودية، والسعودية في قلب الإمارات، نظراً للإدراك المجتمعي بدور الحلف الاستراتيجي في تحقيق التطلعات والمحافظة على المكتسبات، إضافة إلى فاعليته في النهوض بالبلدين نحو قمم الريادة العالمية في مختلف المؤتمرات والملتقيات.
ويمثل تأكيد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، خلال كلمة سموه، مؤخراً، في افتتاح حديقة شهداء حرس الرئاسة بأبوظبي، بأن «الإمارات والسعودية شراكة الخندق الواحد في مواجهة التحديات المحيطة، والهدف الذي يجمعنا أمن السعودية والإمارات واستقرار المنطقة.. يجمعنا مصيرنا ومستقبلنا»، على وضوح الرؤى والتصورات تجاه المرحلة المقبلة، وأن الهدف واحد بين البلدين، وهو هدف راسخ متجذر في قلب القيادتين السياسيتين اللتين تجسدان صورة ملحمية تاريخية في قدرة الدول على التوحد والمضي قدماً نحو الأمام، عند وجود الإرادة الحقيقية لذلك والثقة المطلقة التي كتبت فصلاً جديداً من فصول التاريخ المجيد بتفرد العلاقة الإماراتية السعودية.
وتعد اللقاءات المشتركة بين قيادة البلدين صورة أخرى من صور التوافق والتلاحم، حيث تتميز باستمراريتها وتواصلها، وهو ما برهنت عليه المباحثات الماضية التي تناولت العلاقات الأخوية المتينة والراسخة بين البلدين وعدداً من القضايا والمستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، إضافة إلى تطورات الأوضاع والمستجدات التي تشهدها المنطقة والتحديات التي تواجهها.
وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية الشقيقة، في شهر أغسطس الماضي، أن المملكة العربية السعودية الشقيقة الركيزة الأساسية لأمن المنطقة واستقرارها وصمام أمانها في مواجهة المخاطر والتهديدات التي تتعرض لها، لما تمثله المملكة من ثقل وتأثير كبيرين على الساحتين الإقليمية والدولية، وما تتسم بها سياستها في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، من حكمة وحسم وعزم في الوقت نفسه.

الصورة الوحدوية
وتمثل الصورة الوحدوية التي شهدها الشهر الجاري، بوصول سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، يرافقه معالي عادل الجبير، وزير الدولة للشؤون الخارجية في المملكة العربية السعودية الشقيقة، إلى باكستان للقاء وزير الخارجية الباكستاني وبحث مستجدات الأوضاع في المنطقة والعالم، مشهداً قلّما نشاهده في العالم، ويعكس توافق السياسات الخارجية للبلدين والتي تستند إلى مبادئ الدعوة للحوار بين الأطراف المتنازعة وإيجاد الطرق السلمية لحلها وإنهاء الصراعات بالتأكيد على أهمية الجلوس والاستماع إلى وجهات النظر المختلفة، وهو ما تجسد في سعي البلدين ومسارعتهما إلى تعزيز مفهوم السلام العالمي وأهمية مواجهة الأخطار المشتركة من مهددات وجماعات. ويعد رد الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده بمنى بعد انتهاء موسم الحج الماضي لأحد الصحفيين بأن «الإماراتي سعودي.. والسعودي إماراتي»، تعبيراً عميقاً له العديد من المدلولات باستراتيجية الشراكة بين البلدين والتي تبلورت في التوافق بكل شيء، وتعمقت وشائجها بالمواقف المشرفة والخالدة للبلدين مع بعضهما البعض، وتكاتف الجهود والتنسيق المشترك لصناعة تاريخ ناصع متلألئ بالأمل والتفاؤل تجاه الغد المشرق والذي يتواصل بحكمة راسخة تملؤها الرغبة الحقيقية بتحقيق كافة أهداف التحالف السياسي والشعبي المشترك.

مبادرات
وتجسدت العلاقات الإماراتية السعودية في عدد من المبادرات المهمة، حيث شهد مايو من عام 2014، وبتوجيهات من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بإطلاق اسم الملك عبدالله على أحد الشوارع الرئيسة في العاصمة أبوظبي، تكريماً وتقديراً لإنجازات المغفور له، ودوره الكبير في تعزيز أواصر الأخوة والترابط بين الإمارات والسعودية، كما أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، اسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على شارع الصفوح في دبي، تزامناً مع احتفال المملكة العربية السعودية باليوم الوطني الـ86.

مجلس التعاون
يعتبر مجلس التعاون الخليجي صورة أخرى للدور الإماراتي السعودي في تعزيز العلاقات الخليجية والحفاظ على ثوابتها الوطنية والأمنية الاستراتيجية، عبر تعزيز مختلف العلاقات في كافة المجالات.
وجاء إعلان مجلس التعاون الخليجي في أبوظبي عام 1981 بحضور قادة دول الخليج، ومنهم المغفور له الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود، طيب الله ثراه، وما تبعه من عقد الدورة الثانية لاجتماع قادة دول مجلس التعاون بدعوة من الملك خالد، واستعراض المجلس للوضع السياسي والاقتصادي والأمني في منطقة الخليج في ضوء التطورات آنذاك، وإعلان العزم على مواصلة التنسيق في هذه المجالات لمواجهة الأخطار المحيطة بالمنطقة وزيادة الاتصالات بين دول المجلس من أجل درء هذه الأخطار.

إعـلاء الحــق
تتسم العلاقات الإماراتية السعودية بأنها شراكة «الدم الواحد»، عبر المواقف التاريخية والمشرفة للقوات المسلحة الإماراتية جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة السعودية، والتي جاءت لتشكل تأكيداً على أن الروح تبذل والهمم تنطلق والدماء تسيل لأجل إعلاء كلمة الحق المشتركة بين البلدين والتي توضح مدى العمق الحقيقي لصلابة هذه العلاقة، والتي تعدت مستوى العلاقات السياسية إلى العلاقات التاريخية المتأصلة التي تكبر يوماً بعد يوم بتضحيات الشهداء الأبطال والذين يضربون أروع الملاحم التاريخية خلال مشاركاتهم المتعددة في العمليات العسكرية الماضية. وشاركت القوات المسلحة الإماراتية الباسلة، انطلاقاً من وفاء الدولة بعهودها والتزاماتها المؤيدة لقضايا الحق والعدل، في عملية تحرير الكويت ضمن قوات التحالف الدولي بقيادة المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية بـ 3 مراحل، حيث ترافقت القوات المسلحة الإماراتية والسعودية جنباً إلى جنب في ميادين القتال، وصولاً إلى تحرير الكويت.وتجسد عمليتا «عاصفة الحزم»، و«إعادة الأمل» والتي شاركت خلالهما الإمارات في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية باليمن، وجهاً مشرقاً لأثر هذه العلاقة على أمن واستقرار المنطقة، حيث تشارك الشقيقان الدم والروح والبذل والعطاء، وعملا ضمن غرفة العمليات الواحدة بهدف إعادة الأمن والأمان للشعب اليمني الشقيق وطرد ميليشيا الحوثي الموالية لإيران من المنطقة، بوجود الأخوة الحقيقية القائمة على الثقة المتبادلة والمشاعر الصادقة، والتآلف الذي شهدت له ميادين المعارك.

رسائل متبادلة
تواصلت الرسائل المتبادلة، حيث شكلت الستينيات بداية للتوافق السياسي بين دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، حيث أرسل الأب المؤسس للملك فيصل، في 28 فبراير من عام 1967، برقية قال فيها: أسعدنا كثيراً ما سمعناه من وفدنا الذي حضر مؤخراً اجتماع وزراء المالية والنفط والاقتصاد العرب في بغداد بشأن موقف وفد فخامتكم الذي يتوافق تماماً مع مواقفنا.
وأضاف الأب المؤسس: أسعدنا كثيراً ما سمعناه عن التضامن والتوافق بين وفدي بلدينا، بما يؤكد صحة موقفنا، وأن ذلك يجعلنا نتطلع بكل الثقة والتفاؤل إلى مستقبل العلاقات بين بلدينا.

طريق الخيـــــر
مع قيام اتحاد دولة الإمارات، شهدت العلاقات الإماراتية السعودية تطوراً متواصلاً ومتسارعاً، خاصة مع زيارة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، للمملكة ولقاء الملك فيصل عام 1974، حيث قال: «إننا نعتبر هذا اللقاء الأخوي بداية للتعاون والتنسيق بين بلدينا الشقيقين في كل المجالات، ونعاهد الله على أن نسير سوياً على طريق الخير والمحبة»، فيما رد الملك فيصل: «إن اللقاء الأخوي الذي تم بيننا وبين سموكم بداية الطريق نحو مستقبل مشرق وضّاء لأمتنا العربية والإسلامية، وإننا سنسير سوياً تحوطنا رعاية الله، ويحدونا الإخلاص لله». وانعكست العلاقات الاستراتيجية قبل تلك الزيارة، بالموقف السياسي الواحد تجاه دعم جمهورية مصر العربية في حرب أكتوبر عام 1973، حين قال المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مقولته الخالدة التي رسخها التاريخ «إن النفط العربي ليس بأغلى من الدم العربي»، تأكيداً على الموقف الإماراتي الواضح تجاه قضايا المنطقة، وهو ما ارتبط مع الموقف السعودي عبر وقف تصدير النفط للدول المشاركة ضد مصر، دعماً لروابط الأخوة العربية، مما يشكّل الموقف السياسي الموحد والراسخ بين البلدين.

علاقات تاريخيــــة
تعود بدايات العلاقة التاريخية بين البلدين وفقاً لوثائق الأرشيف الوطني، إلى البرقيات المتبادلة بين المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والمغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، طيب الله ثراه، وما شملته من خطابات متبادلة بين الزعيمين منذ الستينيات، والتي رسخت بدايات العلاقات الاستراتيجية المبنية على التقدير والاحترام المتبادل، والحرص المشترك على مصالح المنطقة والأمتين العربية والإسلامية، حيث تشير إحدى الوثائق في فبراير من عام 1967 إلى قول الأب المؤسس في رسالته للملك فيصل: إنه يسعده القيام بزيارة إلى جلالة الأخ، والشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، وإنه ينتظر الموعد المناسب ويتطلع إلى لقاء الملك، سائلاً الله أن يحقق أماني جلالة الملك لخدمة أمتنا العربية والعالم الإسلامي. واستقبل الملك فيصل هذه الرسالة فرحاً مستبشراً بميلاد علاقة جديدة استراتيجية في المحيط العربي والخليجي، وبعلاقة استثنائية مع الأب المؤسس بوجود توافق الرؤى حول أهمية الوحدة والاتحاد والتضامن، معرباً عن تقديره لها ولأهميتها في بناء روابط الأخوة، ليوجه رداً محفوفاً بالود قائلاً: لقد تلقينا برقيتكم المؤرخة في الرابع من فبراير 1967، ونحن نشكر سموكم لما تضمنته من مشاعر طيبة، نبادلكم إياها، وأود أن أعرب لسموكم عن ترحيبنا البالغ بزيارتكم للمملكة العربية السعودية في أي وقت، فالبلد بلدكم والشعب شعبكم.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©