الأحد 5 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

خبراء لـ«الاتحاد»: الهجمات الإجرامية تضاعف أعباء الاقتصاد العالمي

خبراء لـ«الاتحاد»: الهجمات الإجرامية تضاعف أعباء الاقتصاد العالمي
17 سبتمبر 2019 01:41

عادل الزناتي، أحمد عاطف، شعبان بلال، عبد الله أبو ضيف (القاهرة)

جدد الهجوم الإرهابي الأخير، على معملين تابعين لشركة النفط الحكومية السعودية «أرامكو»، مخاوف عالمية من تأثر إمدادات النفط العالمية، وارتفاع أسعار الخام، الأمر الذي سيزيد من تباطؤ مستويات النمو، ويضاعف أعباء الاقتصاد العالمي، خاصةً بعد أن سجلت أسعار النفط العالمية، بالفعل، ارتفاعاً كبيراً أمس في بداية تعاملات الأسبوع الجديد، وصل إلى 20% في الدقائق الأولى من التعاملات.
ويري مراقبون، أن هذه الهجمات لا تستهدف المنشآت الحيوية للمملكة العربية السعودية فحسب، وإنما تستهدف إمدادات النفط العالمية وتهدد أمنها، وبالتالي فهي تمثل تهديداً لإمدادات الطاقة وللاقتصاد العالمي بأسره. وكانت قد تعرضت أربع سفن تجارية لعمليات تخريب في بحر عمان، بالقرب من إمارة الفجيرة، أحد أكبر مراكز تزويد السفن بالوقود في العالم خلال مايو الماضي، الأمر الذي هدد أمن إمدادات النفط العالمية.
وتوقع محللون، أن يرتفع سعر برميل النفط من 60 دولاراً إلى 80 دولاراً أو أكثر، بعد أن ظلت منخفضة منذ أشهر عدة، كاستجابة سريعة للهجمات الإرهابية على «أرامكو»، وحذروا من أن استمرار مثل هذه الهجمات سيؤدي إلى توترات أوسع في المنطقة، وبالتالي ارتفاع الأسعار على المدى الطويل.
وقال إبراهيم زهران، الخبير البترولي، لـ«الاتحاد»: إنه من المؤكد أن أسعار برميل النفط سترتفع، جراء الهجمات الإرهابية على شركة «أرامكو»، مشيراً إلى أن الزيادة ستتراوح من 5 دولارات إلى 10 دولارات للبرميل، إذا تبين أن الضرر كبير، مضيفاً: أن أكثر ما يبعث القلق، هو أن تغذي الهجمات الإرهابية التوترات في المنطقة، حيث سيكون ارتفاع الأسعار هذا طويل الأجل، ويستمر في تغذية خطر الركود الاقتصادي العالمي.

مخاطر الركود
وقال فخري الفقي، عضو مجلس إدارة البنك المركزي المصري، مستشار صندوق النقد الدولي الأسبق: إن العمليات الإرهابية كبدت وتكبد الاقتصاد العالمي مبالغ طائلة، مشيراً إلى أن الاستقرار والأمن الاجتماعي والسياسي من أهم مقومات التنمية الاقتصادية، فبدون الأمن لا تكون هناك تنمية، وبدون ذلك تنهار الدول.
وأضاف الفقي، أن الإرهاب يؤثر على التنمية الاقتصادية، وعلى الاستثمار والتمويل للمشروعات، لأن رأس المال جبان والاقتصاد. ورأس المال المهدد بوساطة الإرهاب الذي بطبيعته جبان، وأشد خوفاً وقلقاً من العامل، نجده يهرب إلى أماكن ومواطن وبلاد، حيث الأمان والطمأنينة، وهذا ما نشاهده بعد كل عملية إرهابية، حيث نجد خللاً في أسواق النقد والمال والبورصات وارتفاع الأسعار وظهور السوق السوداء، لافتاً إلى أن الإرهاب كلّف الاقتصاد العالمي ما يقارب من 60 مليار دولار في عام 2018، حسب بيانات مؤسسات دولية. من جانبها، أكدت أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، سالي فريد، أن الإرهاب يؤدي إلى زيادة البطالة، وإلى اختلال اقتصادي واجتماعي تتجاوز خطورته النطاق المحلي إلى النطاقين الإقليمي والدولي، كما أنه يقود إلى ضعف الإنتاجية وقلة الإنتاج، وهروب الاستثمار إلى الخارج، وهذه الآثار جميعها تقود إلى خلل في آلية المعاملات الاقتصادية، ومن ثم إلى إعاقة التنمية.
وأضافت، لـ«الاتحاد»: تدمير البنية التحتية، والتي تعتبر من مقومات التنمية بسبب العمليات الإرهابية، يعتبر تدميراً للاقتصاد، وتتطلب أموالاً باهظة لإعادة بنائها وتعميرها، وهذا كله على حساب الاستثمارات التنموية. كما أن التصدي للإرهاب ومحاربته يحتاج إلى نفقات وتكاليف باهظة كان من الممكن أن توجه إلى مشروعات تنموية وجود تداعيات سلبية للحادث الإرهابي على تدفقات الاستثمار وحركة السياحة، لارتفاع عنصر المخاطر في الدول التي تحدث بها الأعمال الإرهابية، باعتبارها أحد أدوات المستثمرين لدى تقيمهم لبيئة أعمالهم.

تراجع النمو العالمي
وقال الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة: إن هذا الحادث له تأثيرات كبيرة على ارتفاع أسعار النفط، لافتاً إلى أن تأثيراته على نمو الاقتصاد العالمي «أكبر مما نتخيل».
وأوضح الخبير الاقتصادي المصري، أن ارتفاع أسعار النفط سيسبب كارثة في كل موازنات الدول، ما يؤدي لاضطرابات في التصنيع وعجز فيها. وأضاف بدرة، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن العمليات الإرهابية التي يشنها الحوثيون، وأيضاً التهديدات الإيرانية على السفن وحركة النقل، تمثل أكبر المخاطر على الاقتصاد العالمي اليوم. وقال السفير محمد العرابي، وزير الخارجية المصري الأسبق: إن مثل هذه الحوادث لها تأثيرات كبيرة على علميات الاستقرار والتنمية في الدول العربية، قبل حركة الأسواق والاقتصاد العالمي، موضحاً أن هذه التأثيرات لم تظهر بعد. وأشار العرابي، في تصريحات لـ«الاتحاد»، إلى أن هذا الهجوم الإرهابي يدل على أن المنطقة في مرحلة من التوتر والتصعيد، لافتاً إلى أن ذلك يزيد من الأمور تعقيداً، وإلى أن لهذه الحوادث تأثيراتها على الاقتصاد العالمي، لكن التحقيق في مغزى الحادث هو الأهم.
وشدد العرابي، على ضرورة وجود تنسيق دولي عربي إقليمي في المنطقة، لمواجهة مثل هذه العمليات، لافتاً إلى أن هناك من يعبث بالمفاهيم من أجل مصلحته الضيقة في المنطقة، ما له تأثيراته الكبيرة على اقتصاديات الدول العربية والخليجية، ثم التأثير على الاقتصاد العالمي وحركة الأسواق.

خسائر على الصعد كافة
ويؤكد الخبير الاقتصادي، مدير إدارة الحوكمة في البورصة المصرية، أحمد السيد، أن الإرهاب تصاحبه خسائر عديدة على الصعد كافة، خاصة الاقتصادية، تتمثل في الخسائر المالية الناجمة من تدمير الأبنية والسيارات والفنادق والمحال والمتاجر بسبب العمليات الإرهابية وتكلفة إعادة إعماره، ونقص في الموارد السياحية بسبب هروب السياح الناجم من العمليات الإرهابية، فضلاً عن ارتفاع تكلفة الأمن بسبب الاستنفار العام للأجهزة الأمنية كافة وأجهرة الدولة المعنية به والتي كان يمكن توجيهها إلى التنمية ولرفع مستوى دخول الأفراد، فضلاً عن تدمير البنية التحتية بسبب الإرهاب، من طرق ومياه وكهرباء وتكلفة إعادة إعمارها أو إنشائها من جديد.
الخبير الأمني، مساعد وزير الداخلية المصرية الأسبق، محمد البسيوني، قال لـ«الاتحاد»: حوادث العنف والإرهاب تؤثر على اقتصاديات أي دولة؛ لأنها تستدعي صرف نفقات كبيرة جداً لتوفير الأمن، مضيفاً: خطر الإرهاب المباشر يتمثل في ضرب الاقتصاد الوطني الذي هو شريان الحياة للمجتمعات، كاستهداف المطارات والموانئ، أو ضرب السياحة ومنشآت النفط، الأمر الذي سيتسبب في تدمير المجتمع كله وإيقاف عجلة التنمية، وفقدان الدولة لعدد من أبنائها، وهي خسارة فادحة في الجانب التنموي. وأشار البسيوني، إلى أن هناك آثاراً واضحة على البطالة والتضخم والاستثمار والأسواق المالية، وإفلاس الشركات وقطاع التأمين والقطاع السياحي، وسعر الصرف وميزان المدفوعات جراء العمليات الإرهابية. وحسب بيان لوزير الطاقة السعودي، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، فإن الهجمات على منشأتي شركة «أرامكو» النفطيتين أدت إلى توقف 50% من إنتاج الشركة. وتوقف عمليات الإنتاج في معامل بقيق وخريص بشكل مؤقت، وحسب التقديرات الأولية أدت هذه الانفجارات إلى توقف كمية من إمدادات الزيت الخام تقدر بنحو (5.7) مليون برميل، أو حوالي 50% من إنتاج الشركة.

استهداف النفط العربي
من جانبها، قالت الدكتورة يمنى الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن لحادث الاعتداء على معملين تابعين لشركة أرامكو النفطية، له الكثير من التداعيات والتأثيرات على سعر النفط في الأسواق العالمية، مؤكدةً أن الحوثيين المدعومين من إيران يمثلون تهديداً كبيراً على استقرار الشرق الأوسط. وأوضحت الحماقي، أن كل هذه الحوادث الإرهابية والتهديدات في المنطقة تكلف الدول العربية والخليجية الكثير، نتيجة لوجود الحوثيين وإيران الذي يتطلب قدرات تسليحية كبيرة من الدول العربية لمواجهتها، وإنفاق أموال كبيرة على ذلك، بدلاً من استغلال العوائد النفطية في عمليات التنمية، مشددةً على تصرفات إيران تغزي اتجاه أن تكون هي الخطر في المنطقة ومحاولة السيطرة عليها.
وأوضحت الخبيرة الاقتصادية، أن الدول العربية تملك سلاحاً مهماً وهو سلاح النفط، وأن المملكة العربية السعودية كدولة كبيرة لديها احتياطاتها لها تأثير جزئي على أسعار النفط العالمية، لافتةً إلى أن هذا الحادث يؤثر بالتأكيد على حركة الأسواق العالمية، والاقتصاد العالمي وخاصة العربي والخليجي.
ولفتت الحماقي، إلى أن هناك عوامل عدة تؤثر على حركة الأسواق العالمية، خاصة أسعار البترول، وهي الركود الاقتصادي العالمي، وارتفاع مخزونات الولايات المتحدة من البترول، وهذان العاملان يتسببان في انخفاض الأسعار، بينما العمليات الإرهابية من الحوثيين أو غيرهم تسبب في ارتفاع الأسعار.
وطالبت الخبيرة الاقتصادية، بضرورة اتجاه الدول العربية نحو التنمية البشرية والتكامل الاقتصادي، مؤكدةً أن التكامل الاقتصادي خاصةً في اجتماع رؤساء البنوك العرب، خلال الأيام الماضية، هو مخرج لكل الدول العربية من الأزمات، لافتةً إلى ضرورة استثمار كل طاقاتنا في دعم الاقتصاد والشباب والمرأة.

الرعب الاقتصادي
السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أكد أن استهداف المملكة العربية السعودية الأخيرة، يحمل إعلاناً للحرب بشكل واضح، خاصةً مع التبعات الكبرى لهذا الاستهداف الإرهابي من جماعة الحوثي الإرهابية، والتي تخوض حرباً بالوكالة، مشيراً إلى أن هذه التبعات من المقرر أن تظهر في الأيام المقبلة على الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بالكامل، مع أهميتها الكبرى والهزة التي تسببت فيها، مشيراً إلى أنه من أهم هذه التبعات التأثر الشديد للاقتصاد العالمي، حيث أعلنت الولايات المتحدة بدء استخدام الاحتياطي الاستراتيجي من النفط.
وأضاف هريدي، أن المملكة العربية السعودية في حالة دفاع عن النفس، ويحق لها استخدام القوة العسكرية، خاصةً بعد ما تتعرض له من هجوم إرهابي بمثابة إعلان حرب، تسبب في الإضرار ليس بمصالحها فقط، وإنما بمصالح المنطقة العربية والشرق الأوسط، مشيراً إلى أن الاقتصاد العالمي سيعاني من حالة ركود بسبب الحدث الأخير من ضرب «أرامكو»، والتي تعد من أهم شركات النفط العالمية، في إطار دورها الكبير لتصدير النفط العالمي، الأمر الذي لا بد أن يتأثر بالضربة الأخيرة.
في السياق ذاته، كشف وليد جاب الله، المحلل الاقتصادي، أن قيام مجموعات إرهابية باستهداف مجمعات تكرير البترول التابعة لـ «أرمكو» في المملكة العربية السعودية، له العديد من الأخطار، خاصةً أن المملكة العربية السعودية من أهم الدول في منظمة الأوبك الدولية، وبالتالي أي ضربة لمناطقها النقطية أو احتمال تعرضها للخطر، يجعل العالم كله اقتصادياً في حالة رعب، مطالباً بضرورة التدخل الدولي لإيقاف إيران وميليشياتها المسلحة في المنطقة العربية، سواء الإخوان أو ميليشيا الحوثي الإرهابية، من التعدي على الدول، وخاصةً المملكة، لما لذلك من أثر كبير على البورصة الدولية، وزيادة إنتاج النفط في العالم، وبالتالي انخفاض سعره بشكل كبير.

الشهري: التهاون مع إيران ينذر بأزمات اقتصادية كبيرة
قال الدكتور أحمد الشهري، الخبير بالاقتصاد والعلوم السياسية السعودية، إن عدم تعاون المجتمع الدولي في معاقبة النظام الإيراني وكل أذرعه في المنطقة، يجعل العالم مقبلاً على أزمات اقتصادية ونفطية كبيرة، لافتاً إلى أن المجتمع الدولي، على مدار الفترة الماضية، لم يهتم بصورة كافية بهذه الحوادث، وكأنه يريد مزيداً من الحوادث، حتى يتنبه إلى أن النفط سلعة استراتيجية لكل دول العالم. وأضاف الشهري، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن هذا الهجوم مخطط، وراءه أجهزة استخبارات، وأن ميليشيا الحوثي هي مجرد أداة في يد إيران لزعزعة أمن المنطقة، وجر المنطقة لحرب إقليمية لتكون لها طوق نجاة من غضبة الشعب الإيراني الذي بلغ به البؤس أشده بسبب سياسات نظامه الميليشاوي. وشدد المحلل السياسي والاقتصادي، على أن السعودية كما بدأت الحرب لتحمي العالم والمياه الإقليمية وحركة النفط، هي أيضاً تتلقى هذه الضربات بالنيابة عن العالم.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©