الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الشاعرة إيميلي ديكنسون.. العزلة إلى آخر نفَس

الشاعرة إيميلي ديكنسون.. العزلة إلى آخر نفَس
5 سبتمبر 2019 02:10

محمود إسماعيل بدر (الاتحاد)

إيميلي إليزابيث ديكنسون 1830-1886، كاتبة وشاعرة أميركية تجد في مسيرتها الحياتية والشعرية ما يشبه الخيال لغرابته. كتبت خلال رحلتها الأدبية نحو 1775 قصيدة، ولم ينشر منها خلال فترة حياتها القصيرة سوى 11 قصيدة، في الصحف المحلية بأسماء مستعارة، ولكنها تعد مع «والت ويتمان» أهم الشعراء الأميركيين في القرن التاسع عشر. وإن لم تكن «إيميلي» قد حظيت بالاحتفاء الإعلامي، الذي يليق بها أثناء حياتها، فإنها حظيت بالمكانة الرفيعة التي تليق بها بعد وفاتها، كما تم التوثيق لمسيرة الشعر الأميركي عبر تجديداتها الشعرية.
رحلت ديكنسون في 15 مايو من العام 1886، وعاشت معظم حياتها في عزلة تامّة مع أمّها وأختها، منسحبة تماماً من الحياة العامة حتى انطفأت شعلتها، لكن أجمل ما في الحياة التي عاشتها، هو عشقها الجارف للكتابة والأدب عن بعد، وكانت تجد ذاتها في قوقعتها وهي غرفة صغيرة ممتلئة بالكتب، وفي العقد الأخير من حياتها لم تغادر بيتها أبداً، بل رفضت رؤية الغرباء.
وأغرب ما في حياة ديكنسون الممتلئة بالغموض، تواصلها مع جيرانها وأصدقائها، وذلك عن طريق الرسائل والخطابات فقط، وكان الشاعر الأميركي «أرشيبالد مكليش» قد وصف عزلة إيميلي في بيت أبيها وفي غرفتها الخاصة بأنها لم تكن هروباً من الحياة، بل مغامرة إلى قلب الحياة، ولعلنا نذكر جزءاً من قصيدة لها عن الكلمة تقول فيها: (البعض يقول.. الكلمة تموت.. حال إطلاقها.. وأنا أقول.. حياتُها تبدأ).
تأثرت ديكنسون بالشعر الميتافيزيقي في القرنين 17 و18، وبالبيئة المسيحية المحافظة في تلك المرحلة، وأحبت -بحسب عديد الدراسات- شعر روبرت وإليزابيث باريتي برونينغ وجون كيتس، ولم تهتم كثيراً بالشعراء الذين عاصروا تلك الفترة أمثال ويتمان، رغم أنهما اعتبرا بعد ذلك الصوتين المؤسسين للحركة الشعرية الحديثة في أميركا. ويعتقد أنّ أهم ما في مسيرة إيميلي ديكنسون الشعرية تحدّيها للتعريفات السائدة للشعر، وتجريبها استخدام تعبيرات جديدة لتحرر اللغة من قيودها التقليدية، كما أنها نحتت نموذجاً جديداً لشخصية المتكلم (السارد)، فالمتكلمون في قصائدها يتمتعون بنظر حاد، يجعلهم قادرين على رؤية الحدود التي يمكن تجاوزها في مجتمعاتهم والسبل الخيالية لعبور تلك الحدود. وهي أيضاً شاعرة تدعو إلى تحفيز الفكر والسباحة عكس التيار والخروج عن المألوف، وكأنها كانت تتلو مبشرات الحداثة في فترة ما قبل الحداثة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©