الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

رِشى الدوحة لمسؤولي «الفيفا» حوّلت البطولة إلى «كأس العالم للاحتيال»

رِشى الدوحة لمسؤولي «الفيفا» حوّلت البطولة إلى «كأس العالم للاحتيال»
24 يناير 2019 00:10

دينا محمود (لندن)

كشفت مصادر إعلامية غربية النقاب عن أن سلطات الادعاء في فرنسا تجري حالياً تحقيقاتٍ مكثفةً بشأن الكثير من الصفقات المشبوهة التي جرت على مدار الأعوام الماضية بين شركاتٍ قطريةٍ وأخرى فرنسيةٍ، فيما يُشتبه أن تكون له صلة بسرقة قطر حق تنظيم النسخة المقبلة من بطولة كأس العالم لكرة القدم، المقررة بعد أقل من أربع سنوات.
وأفادت المصادر، عبر تقريرٍ إخباريٍ نشرته مجلة «إنترناشيونال بوليسي دايجست» الإلكترونية، بأن قيمة هذه الصفقات التي لم تُحدد هوية الشركات الضالعة فيها، تصل إلى مليارات الدولارات، مُشيرةً إلى أن التحقيقات الدائرة بشأنها تستهدف التثبت من وجود «مخالفاتٍ جنائيةٍ» تشوبها. ومن المرجح أن يكون من بين هذه الصفقات - بحسب تقارير سابقةٍ - واحدةٌ تقارب قيمتها ملياراً ونصف المليار دولار أميركي، جرى الاتفاق عليها عام 2010 بين شركة «الخطوط الجوية القطرية» وشركة «ايرباص إندستريس» العالمية لصناعة الطائرات، وذلك بعد محادثاتٍ شارك فيها أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني والرئيس الفرنسي في ذلك الوقت نيكولا ساركوزي، وكذلك الرئيس السابق للاتحاد الأوروبي لكرة القدم ميشيل بلاتيني، الذي أقر مؤخراً بأنه غيّر رأيه بشأن التصويت لصالح قطر من عدمه لاستضافة كأس العالم بعد هذا اللقاء، الذي لم يُكشف النقاب عنه في حينه. وشدد تقرير «إنترناشيونال بوليسي دايجست» على أن ما تجريه السلطات الفرنسية من تحقيقاتٍ في الوقت الحاضر يضفي وزناً أكبر على العديد من التحقيقات الجنائية المماثلة الجارية في عددٍ من دول العالم، بشأن ما يكتنف إسناد المونديال المقبل للدوحة من شبهاتٍ واسعةٍ النطاق، في ظل الاتهامات الخطيرة التي تفيد بأن قطر شقت طريقها بالرِشى من أجل نيل حق تنظيم البطولة الكروية الأبرز على مستوى العالم. وتحوم الشبهات في هذا الصدد حول أسماء بارزة على الصعيد الكروي الدولي، من بينها رئيس اتحاد الكرة التايلاندي السابق ووراوي ماكودي، الذي تورط على ما يبدو في صفقةٍ بملايين الدولارات استوردت بلاده بموجبها مليونيْ طن من الغاز الطبيعي المُسال من قطر، وارتبطت بشكلٍ أو بآخر بعملية التصويت في «الفيفا». وتضم قائمة الأسماء كذلك خوليو جرندونا الرئيس السابق للاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم والنائب السابق كذلك لرئيس الاتحاد الدولي للعبة، الذي حصل على 4.78 مليون دولار تقريباً قبل إجراء اللجنة التنفيذية لـ«الفيفا»، جولات التصويت الخاصة بتحديد الدولة المُنظمة للمونديال المقبل.
وأضافت مجلة «إنترناشيونال بوليسي دايجست» في تقريرها أن قطر متهمة أيضاً بأنها رتبت لنشر أخبارٍ زائفةٍ تتعلق بالعروض التي قدمها بعض منافسيها لاحتضان كأس العالم، في إشارةٍ إلى ما كشفت عنه وسائل إعلام غربية العام الماضي، من أن «نظام الحمدين» أطلق حملة تشويهٍ ضد هؤلاء المنافسين بالاستعانة بخبراء للعلاقات عامة وعملاء استخبارات سابقين، وذلك بعلم من كبار المسؤولين في الدوحة.
وشكلت تلك التحركات القطرية التي وُصِفَتْ بأنها «حملة حيلٍ قذرة»، انتهاكاً صارخاً للقواعد التي وضعها «الفيفا» لتنظيم المنافسة بين الدول الراغبة في استضافة كأس العالم، والتي تمنع أياً من هذه البُلدان من التعقيب سلباً أو إيجاباً على ملفات منافسيها. واعتبر تقرير المجلة الإلكترونية البارزة أن ذلك يحوّل بطولةً كرويةً مهمةً مثل المونديال إلى «كأس العالم للتزوير والاحتيال». وربط التقرير في الوقت نفسه بين التحقيقات الفرنسية الحالية، والاتهامات التي وُجِهَتْ لساركوزي بتنسيق حملةٍ لدعم الملف القطري وضمان حصوله بشكلٍ غير مستحق على حق استضافة المونديال القادم، في إطار صفقة مشبوهة أُبرمت بينه وبين الدوحة قبل نحو 9 سنوات، وتعهدت الدويلة المعزولة بمقتضاها بشراء نادي «باريس سان جيرمان» وإطلاق قناة «الجزيرة» الرياضية التي أصبح اسمها فيما بعد «بي إن سبورت» في فرنسا. وألمح تقرير الموقع إلى خطورة الاتهامات الموجهة في هذا الصدد لساركوزي، الذي حكم الإليزيه بين عامي 2007 و2012. وأشار إلى أن من بين أعلى الأصوات التي تتهم الرئيس الفرنسي الأسبق بذلك، سيب بلاتر، رئيس «الفيفا» في الفترة التي جرى فيها التصويت المثير للجدل للجنة التنفيذية، والذي أسفر عن تغلب الملف القطري على ملفاتٍ قدمتها دول أخرى ذات باعٍ أكبر بكثير في تنظيم الفعاليات الرياضية الدولية، مثل الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية.
وقال التقرير الذي حمل عنوان «هل سُلِبَ حق استضافة كأس العالم 2022 التي ستُقام في قطر من الولايات المتحدة؟»، إن لجنة القيم في الاتحاد الدولي للكرة تسعى في الوقت الحاضر للحصول على أدلة تثبت اتهام الرئيس الفرنسي الأسبق بتلقي أموال من النظام القطري نظير إصداره أوامر إلى مواطنه النجم المعتزل ميشيل بلاتيني رئيس «اليويفا» حينذاك، بممارسة ضغوطٍ بداخل اللجنة التنفيذية لـ«الفيفا»، لضمان حصول ملف الدوحة على العدد الأكبر من الأصوات، خلال التصويت الذي أجرته اللجنة.
وأشارت المجلة في تقريرها إلى أنه على الرغم من أن موعد انطلاق المونديال القادم لم يعد بعيداً فإن هناك إجماعاً عاماً على أن الفساد لعب دوراً مهماً في تحديد قطر كدولةٍ مُضيفةٍ له، وهو ما جعل عالم كرة القدم طوال الوقت تحت دائرة الضوء للكشف عن تفاصيل ما وقع من تلاعبٍ أفضى إلى إقامة البطولة في دولةٍ تفتقر إلى أي تاريخٍ كرويٍ. وشدد التقرير على أن الفساد القطري لم يقتصر على إبرام صفقاتٍ مثيرةٍ للجدل مع مؤسساتٍ وشركاتٍ فرنسيةٍ لاستضافة البطولة من دون وجه حق، بل امتد كذلك إلى مختلف جوانب لعبة كرة القدم، بما في ذلك الجانب المرتبط باللاعبين، مُشيراً في هذا السياق إلى الأموال الطائلة التي تغدقها الدوحة على عمليات شراء النجوم الكرويين.
وضربت المجلة الإلكترونية مثالاً على ذلك بما حدث العام الماضي مع البرازيلي نيمار جونيور دا سيلفا، الذي اشتراه الملاك القطريون لنادي «باريس سان جيرمان» بأكثر من 400 مليون يورو هو واللاعب الفرنسي كيليان مبابي. وفتحت الصفقتان أبواب الجحيم على النادي الباريسي ذي الملكية القطرية، بعدما أسفرتا عن توجيه تهمٍ له بانتهاك ما يُعرف بـ«قواعد اللعب المالي النظيف»، التي يتعين على كل أندية القارة الأوروبية الالتزام بها، والتي تنص على ألا يتجاوز إنفاق الأندية المشاركة في المسابقات التي ينظمها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم قيمة إيراداتها المالية، وألا تتعدى خسائرها 30 مليون يورو خلال فترة ثلاثة أعوام. وخلص تقرير «إنترناشيونال بوليسي دايجست» إلى تأكيد أن ممارسات الفساد القطرية في الأوساط الكروية توجب إثارة النقاش حول موضوعاتٍ مهمةٍ من قبيل: «كيف يمكن القضاء على الفساد؟ وهل يقوض سلامة ونزاهة الرياضة، التي تشكل جزءاً من الهوية الوطنية للدول وتغذي النمو الاقتصادي وتزيل الحواجز بين الأفراد والأمم وتسهم في أن ينعم الناس بالصحة الذهنية والبدنية؟». واختتمت المجلة تقريرها بالتنديد بحرمان دولٍ مثل الولايات المتحدة من استضافة مونديال 2022 بسبب الرِشى القطرية، ولكنها حذرت في الوقت نفسه من أن ما حدث لن يمر مرور الكرام، قائلةً إن «بطاقاتٍ حمراء ستُشهر في نهاية المطاف في وجه المسؤولين الفاسدين» الذين ساعدوا قطر على تحقيق أهدافها المشبوهة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©