الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

عبد الرحمن الحميدي رئيس «النقد العربي» لـ «الاتحاد»: نمو الاقتصادات العربية %3 بحلول 2020

عبد الرحمن الحميدي رئيس «النقد العربي» لـ «الاتحاد»: نمو الاقتصادات العربية %3 بحلول 2020
27 أغسطس 2019 00:02

حوار- بسام عبد السميع

شهدت الاقتصادات العربية ارتفاعاً ملموساً لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018 ليصل إلى نحو 2.6%، بالمقارنة مع نمو بحدود 1% في عام 2017، نتيجةً لارتفاع وتيرة النمو على خلفية استفادة الاقتصادات النفطية من الارتفاع المسجل في أسعار الخام العام الماضي بنسبة 33%، ويُتوقع أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي للدول العربية خلال عام 2020 حوالي 3%، بحسب معالي الدكتور عبدالرحمن الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي.
وقال معاليه، في حوار مع «الاتحاد»، أمس: «عزز النمو مرتفع الوتيرة، المسجل في الاقتصادات العربية المستوردة للنفط، من أداء الاقتصادات العربية المسجل العام الماضي، على خلفية الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها هذه البلدان، بهدف تعزيز الاستقرار الاقتصادي، واستعادة التوازنات الداخلية والخارجية».
وتابع الحميدي: «بناءً على حالة الاقتصاد العالمي الراهنة، وما يستتبعها من تباطؤ مستويات الطلب الخارجي، يتوقع صندوق النقد العربي أن يبلغ معدل نمو الدول العربية نحو 2.4% عام 2019، ويأتي ذلك المعدل المنخفض نسبياً انعكاساً لتباطؤ الطلب الخارجي، وتأثيراته المتوقعة على الصادرات النفطية وغير النفطية».
بالمقابل، قدر الصندوق أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي للدول العربية خلال عام 2020 حوالي 3% في ظل التعافي المتوقع للاقتصاد العالمي، حال التوصل إلى تفاهمات تجارية داعمة للنشاط الاقتصادي، وتواصل الآثار الإيجابية لبرامج الإصلاح الاقتصادي، وإصلاحات السياسات الاقتصادية الكلية، والإصلاحات الهيكلية التي تنفذها الدول العربية لدعم الاستقرار الاقتصادي، وتحفيز النشاط الاقتصادي، وتنويع القاعدة الإنتاجية والتصديرية.

تحديات مفصلية
وقال الحميدي: «في الحقيقة، تواجه الاقتصادات العربية حالياً عدداً من التحديات المفصلية في المرحلة الراهنة، ويأتي على رأس هذه التحديات الحاجة إلى مواصلة الإصلاحات والسياسات الهادفة إلى زيادة مستويات التنويع الاقتصادي، حيث تبنت الدول العربية خلال العقود الماضية مجموعة من الإصلاحات، التي تستهدف تنويع الهياكل الاقتصادية والإنتاجية ساعدت على تحقيق الدول العربية كمجموعة لتقدم نسبي على صعيد تنويع هياكل الإنتاج، حيث تراوحت مساهمة قطاع النفط والصناعات الاستراتيجية ما بين 20 إلى 40% من الناتج خلال العقود الخمسة الأخيرة».
وأكد أنه يتعين على الدول العربية، تكثيف الجهود الرامية إلى تنويع هياكل الاقتصادات الوطنية، وزيادة مساهمة القطاعات الاقتصادية الأخرى، لاسيما قطاع الصناعة التحويلية الذي لا تزال مساهمته في الناتج محدودة عند مستوى 9% مقارنة بنحو 22% للمتوسط المسجل في الدول النامية والأسواق الناشئة، و16% للمتوسط العالمي.
وفي هذا الصدد، تبدو أهمية مواصلة الإصلاحات الهادفة إلى تقوية دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، وما يستلزمه ذلك من تحسين بيئات الأعمال، والنهوض بالمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وتطوير القطاع المالي.
كما تبرز أهمية تحول الدول العربية نحو اقتصادات المعرفة، لاسيما في ظل التطورات التي يشهدها العالم حالياً في إطار الثورة الصناعية الرابعة.
وأفاد بأن التحول نحو اقتصادات المعرفة يوفر فرصاً كبيرة لتعزيز النمو الاقتصادي، وخلق المزيد من فرص العمل للعمالة الشابة المؤهلة في الدول العربية، سواءً تعلق الأمر بالقطاعات التقليدية التي يمكنها الاستفادة من التطور التقني المتسارع لدعم الإنتاجية والتنافسية، أو فيما يتعلق بالقطاعات الجديدة التي ترتبط بالتقنيات الجديدة التي برزت في إطار هذه الثورة.
وتجدر الإشارة إلى أن الدول العربية بحاجة إلى التركيز على تعزيز رأس المال البشري، عبر توجيه المزيد من الاهتمام بمجالات التعليم والتدريب والبحث العلمي والصحة وتشجيع التميز، والعمل على تبني سياسات تضمن عدالة توزيع الفرص الاقتصادية ما بين كافة شرائح السكان.
واستناداً إلى التحديات السابقة، تبدو أهمية تبني سياسات داعمة للتكامل الاقتصادي ما بين الدول العربية، فخلال العقود السابقة خطت البلدان العربية خطوات مهمة على صعيد تحقيق التكامل الاقتصادي منذ إطلاق منطقة التجارة الحرة العربية، التي تستهدف زيادة مستويات التجارة البينية السلعية، وإزالة الحواجز التعريفية وغير التعريفية للوصول إلى الاتحاد الجمركي العربي، الذي سيتبعه التفاوض للوصول إلى السوق العربية المشتركة كدرجة أعمق من التكامل الاقتصادي العربي، ولن تنجح مجهودات تعزيز التجارة العربية البينية السلعية، دون المضي جنباً إلى جنب في تحرير التجارة في الخدمات في المنطقة العربية، وتعزيز التجارة البينية العربية في الخدمات.

مخاطر «البريكست»
وقال الحميدي: لا تزال هناك حالة من عدم اليقين، بشأن إتمام ترتيبات انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو ما يُلقي بظلاله على آفاق الاقتصاد البريطاني والاتحاد الأوروبي في الأجلين القصير والمتوسط، وقد يزيد من حجم المخاطر الاقتصادية المحتملة، ويضعف معدلات نمو بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
وأضاف: تشير التقديرات إلى أن الزيادة في مستوى الرسوم الجمركية ما بين الجانبين سوف تؤدي إلى انخفاض معدل نمو بريطانيا بنحو نقطتين مئويتين خلال العامين التاليين، لإتمام الانسحاب وفق تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وتابع الحميدي: «قد تكون التأثيرات أقوى، إذا أثرت عملية الانسحاب على انتقالات السلع والأفراد عبر الحدود، وأدت إلى فقدان بريطانيا لمزايا تفضيلية كانت تحصل عليها مسبقاً في إطار ترتيبات التجارة بين الاتحاد الأوروبي وبلدان أخرى، وهو ما قد يسبب اختناقات خطيرة في سلاسل الإمداد المتكاملة عبر الحدود».
كما يمكن أن تكون التكاليف الاقتصادية أكبر في حال انخفاض مستويات ثقة قطاع الأعمال وتأثر الأسواق المالية العالمية، واحتمالات امتداد الآثار الانتشارية لهذه التقلبات إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من اتخاذ الجانبين لتدابير طارئة لتخفيف تأثير عدم التوصل إلى اتفاق، فإن الانفصال عن الاتحاد الأوروبي دون اتفاق سيظل بمثابة صدمة سلبية كبيرة، بالنظر إلى أن بريطانيا تمثل شريكاً تجارياً مهماً للعديد من البلدان الأوروبية.
وفي هذا الإطار، تشير تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن صادرات هذه الدول إلى بريطانيا قد تنخفض بنحو 15% على المدى المتوسط، في حالة تطبيق قواعد منظمة التجارة العالمية على تجارتها مع بريطانيا، خاصةً فيما يتعلق بقطاعي الأغذية والمعدات الزراعية عوضاً عن ترتيبات التجارة في إطار الاتحاد الأوروبي.
ومن المتوقع أن تتأثر الاقتصادات العربية بتلك التطورات، على ضوء العلاقات الارتباطية الاقتصادية والمالية ما بين الدول العربية والاتحاد الأوروبي، الذي يعد من بين الشركاء التجاريين الأبرز للدول العربية، مع استقباله لنحو 16% من إجمالي الصادرات العربية، ومساهمته بجانب كبير من تحويلات العاملين بالخارج في عدد من الدول العربية.

الحرب التجارية
وبشأن التوترات التجارية بين الصين وأميركا، قال الحميدي: «بخلاف الوضع في عام 2007 وقبل اندلاع الأزمة المالية العالمية، لم يعد في سلة صانعي السياسات الكثير من الآليات وحزم الإنقاذ التي يمكن التعويل عليها، للتقليل من الأثر المحتمل لأية أزمات مستقبلية، نظراً لانخفاض أسعار الفائدة الأساسية في الاقتصادات المتقدمة إلى مستويات تقارب الصفر، وارتفاع مستويات المديونيات العامة، وتراجع حيز السياسات المتاح أمام صانعي السياسات لتجاوز الأزمة المحتملة».
وتابع: «ما زالت التوترات التجارية بين أكبر قوتين اقتصاديتين عالميتين ممثلتين في الولايات المتحدة الأميركية والصين، تُلقي بظلالها على المشهد الاقتصادي، وتنعكس سلباً على آفاق الاستثمار والتصنيع، وتضعف مستويات ثقة رجال الأعمال والمستهلكين، وهو ما أسفر عن استمرار حالة تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وتراجع معدل نمو التجارة الدولية إلى أدنى مستوياته في أعقاب الأزمة المالية العالمية، وسيادة حالة من عدم اليقين بشأن آفاق الاقتصاد العالمي، وتنامي المخاوف من حدوث ركود اقتصادي عالمي».
وفي ظل هذه التطورات، خفضت المؤسسات الدولية من تقديراتها للنمو الاقتصادي العالمي خلال عامي 2019 و2020، مقارنةً بالتقديرات المماثلة الصادرة في بداية العام، بما يعكس التراجع المتوقع للطلب العالمي، لاسيما في ظل التباطؤ المتوقع للطلب الكلي في الصين، التي باتت تستأثر بحصة متزايدة من إجمالي الاقتصاد العالمي.
كما حذرت المؤسسات الدولية من عدد من المخاطر الناتجة عن تفاقم التوترات التجارية وتأثيراتها المحتملة على نمو النشاط الاقتصادي العالمي والتجارة الدولية، وانعكاسات ذلك على موازنات الأسر والشركات، خاصةً في ظل الارتفاع غير المسبوق لمستويات المديونية العالمية التي باتت حالياً تشكل نحو 224% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهو ما قد ينتج عنه تقلبات ملموسة في أسعار الأصول وتحركات رؤوس الأموال بالتالي ربما هزات في الأسواق المالية.
وبناءً على ما سبق، تتمثل أبرز الأولويات الاقتصادية في التنسيق لحل النزاعات التجارية، والعودة إلى مظلة النظام التجاري متعدد الأطراف، وما يتضمنه من آليات لتحرير التجارة الدولية تراعي مصالح كافة البلدان، إضافة إلى أهمية العمل على تدعيم حيز السياسات بمواصلة تبني سياسات نقدية ومالية منضبطة وداعمة للنمو الاقتصادي لتعزيز قدرة دول العالم على مواجهة أية صدمات محتملة، إلى جانب ضرورة تنفيذ إصلاحات هيكلية لدعم الإنتاجية والتنافسية، وتشجيع الابتكار لزيادة كفاءة مستويات أسواق العمل والمنتجات.

خفض البطالة على رأس التحديات الاقتصادية
قال معالي الدكتور عبدالرحمن الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي: «لا يزال تحدي خفض معدلات البطالة يأتي على رأس التحديات الاقتصادية التي تواجه الدول العربية، حيث يمثل معدل البطالة في الدول العربية -البالغ نحو 10% وفق بيانات البنك الدولي- ضعف معدّل البطالة العالمي»، وأضاف: تكمن خطورة تحدي البطالة في الدول العربية على تركزها في أوساط الشباب، والمتعلمين، والإناث، والداخلين الجدد إلى أسواق العمل. ويستلزم خفض معدلات البطالة مجموعة من السياسات والتدخلات، بما يشمل إحداث تحول شامل في هياكل الاقتصادات العربية، وزيادة مستويات ديناميكية أسواق العمل، وتقوية دور القطاع الخاص.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©