الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

أردوغان يعزل رؤساء البلديات لتغطية فساد أنصاره

أردوغان يعزل رؤساء البلديات لتغطية فساد أنصاره
20 أغسطس 2019 00:25

دينا محمود (لندن)

انتقدت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية قرار نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس عزل رؤساء البلديات في ثلاث مدن كبرى ذات غالبية كردية في جنوب شرقي البلاد، وذلك بعد شهور قليلة من انتخابهم بأغلبية كاسحة على حساب مرشحين ينتمون لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، في الانتخابات المحلية التي أُجريت أواخر شهر مارس الماضي.
وأبرزت الصحيفة ما أكدته المعارضة التركية، من أن قرار العزل الذي شمل رؤساء بلديات مدن ديار بكر وماردين وفان، يشكل «ضربة جديدة للديمقراطية في البلاد، وأحدث دليل على اعتزام حكومة أردوغان تهميش الأصوات المؤيدة للأكراد»، وذلك في ضوء انتماء المسؤولين المُقالين لحزب الشعوب الديمقراطي المناصر لأكراد تركيا. وتسببت قرارات نظام أردوغان في خروج احتجاجات ضخمة في شوارع البلديات التي استهدفتها قرارات إقالة رؤسائها.
وأشارت «واشنطن بوست» في الوقت نفسه إلى ما أكده محللون سياسيون مرموقون، من أن الإقالة تمثل كذلك محاولة لإجهاض تحقيقات تعهد رؤساء البلديات الجدد بإجرائها، بشأن ممارسات الفساد التي تورط فيها أسلافهم من قيادات حزب «العدالة والتنمية»، الذي أطيح بمسؤوليه من بلديات العديد من المدن التركية الكبرى، إثر الهزيمة المذلة التي مُني بها في انتخابات مارس، وشملت خسارته رئاسة بلديتي العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، المركز التجاري والمالي الرئيس لتركيا.
ولفتت الصحيفة الأميركية واسعة الانتشار الانتباه إلى أن سلجوق مزراقلي رئيس بلدية ديار بكر، وهو أحد المسؤولين المعزولين، كان قد أعلن بالفعل اعتزامه فتح تحقيقات بشأن «المعاملات المالية التي أجراها أعضاء الحزب الحاكم» الذي يقوده أردوغان، في الفترة السابقة لخسارتهم مناصبهم في الانتخابات المحلية الأخيرة.
من جهة أخرى، أشارت «واشنطن بوست» إلى أن السلطات التركية لم تكتف بعزل رؤساء البلديات الثلاثة، بل أقدمت كذلك على تعيين ثلاثة مسؤولين محليين بدلا منهم، بالرغم أن من بين المسؤولين المُقالين، من فاز بمنصبه بفارق نحو مليون صوت عن منافسه الموالي لأردوغان.
وأوضحت أن الخطوة الأخيرة تأتي بعدما بذل النظام التركي جهودا مستميتة - ولكن بلا جدوى - للحيلولة دون سيطرة المعارضة على بلدية إسطنبول، بعد فوز مرشحها أكرم إمام أوغلو في انتخابات مارس على مرشح الحزب الحاكم ورئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم.
وأشارت إلى الضغوط التي مارسها أردوغان وكبار معاونيه على هيئة الانتخابات، ما قادها إلى إلغاء نتائج الاقتراع الأول وتحديد موعد لتصويت ثان في يونيو، أظهر تزايد شعبية إمام أوغلو، الذي اعْتُبِرَ فوزه في نهاية المطاف، برئاسة بلدية إسطنبول «انتصارا للديمقراطية، ونجاحا من قبل المعارضة في تولي منصب رفيع المستوى، تستطيع من خلاله التدقيق في سياسات الحكومة» وصفقاتها ومشاريعها المثيرة للجدل.
فبحسب مراقبين، أدت خسارة حزب «العدالة والتنمية» السيطرة على إسطنبول - وهي مسقط رأس أردوغان - إلى إفقاده القدرة على التحكم في ميزانيتها المُقدرة بنحو تسعة مليارات دولار. كما فقد الحزب بذلك أيضا الصلاحيات الخاصة بمنح عطاءات المشروعات الجارية في المدينة، وهي الأداة التي طالما استغلها قادته، لتحقيق مكاسب سياسيةٍ من جهة، وإثراء الطغمة الحاكمة في أنقرة من جهةٍ أخرى.
ونقلت «واشنطن بوست» عن عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو انتقاده الشديد لقرار عزل المسؤولين المحليين الثلاثة، واصفا ذلك بأنه خطوة «لا يمكن تفسيرها بأنها ديمقراطية أو تدخل في إطار الممارسات الديمقراطية» مردفا بالتأكيد أن «تجاهل الإرادة الشعبية أمر لا يمكن قبوله».
ولم تغفل الصحيفة الأميركية في تقريرها الإشارة إلى نفي حزب الشعوب الديمقراطي، الذي ينتمي له المسؤولون المعزولون، الاتهامات التي وجهتها لهم السلطات التركية بالارتباط بحزب العمال الكردستاني المحظور، الذي يقاتل مسلحوه قوات الأمن في جنوب شرقي البلاد منذ عقود. وأشارت إلى أن هذه المزاعم تتردد بشكل مستمر على لسان أردوغان، بالتزامن مع عمليات اعتقال جرت خلال السنوات الثلاث الماضية، وشملت مئات من أعضاء حزب الشعوب، بمن فيهم رؤساء البلديات الذين أقيلوا أمس.
وقال الحزب المؤيد للأكراد إن عزل هؤلاء المسؤولين «يشكل انقلابا سياسيا جديدا وسافرا.. ويمثل خطوة عدوانية بوضوح ضد الإرادة السياسية للشعب الكردي».
ولفتت «واشنطن بوست» الانتباه إلى أن قرارات العزل تزامنت مع اعتقال السلطات التركية 418 شخصاً، بدعوى وجود صلات بينهم وبين المسلحين الأكراد، وذلك في عمليات مداهمة شملت 29 منطقة في أنحاء مختلفة من البلاد.
ويقول مراقبون إن القرارات الأخيرة تُذكّر بحملة مماثلة شنتها السلطات التركية ضد العشرات من رؤساء البلديات في جنوب شرق البلاد عام 2016، بعد محاولة الانقلاب التي كادت أن تُسقط نظام أردوغان، في منتصف العام نفسه.
تجدر الإشارة إلى أن الآلاف من عناصر حزب الشعوب يقبعون في السجون للاشتباه في صلتهم بحزب العمال، ومن بينهم الرئيس المشترك السابق صلاح الدين دميرطاش الذي نافس أردوغان في الانتخابات الرئاسية التي جرت العام الماضي من محبسه.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©