الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

5 وصايا للاستثمار الآمن في البورصات السلعية

5 وصايا للاستثمار الآمن في البورصات السلعية
1 أغسطس 2019 03:57

يوجه المستثمرون جزءاً من فوائضهم لتكوين حوافظ أوراق مالية معتبرة، يجمعون فيها باقة من أفضل الأسهم والسندات أداءً، استناداً إلى مؤشرات الأسواق العالمية الكبرى، فيحققون عائدات جيدة على استثماراتهم. ثم يحوزون أنواعاً مبتكرة من الأدوات المالية لتغطية خسائر الهزات العارضة في الأسواق كنوع من التحوط الذكي. وتلجأ فئة من المستثمرين إلى المضاربة في الأسواق السلعية لتحقيق طفرة في مكاسبهم عن طريق شراء المعادن النفيسة والحبوب والمنتجات النفطية بعقود آجلة وتغطية جانب أكبر من المخاطر. وهنا مربط الفرس، إذ تسود هذا النشاط على وجه الخصوص أوهام 5 يجب تبديدها قبل المغامرة بالاستثمار أو التمادي فيه. وإذا ما اقتنعت بحجتنا، فلتعتبرها نصائح عملية قبل أن تخطو الخطوة التالية بأمان.

ربيع الأسواق
أصدرت مجموعة «سيتي جروب» تقريراً من 158 صفحة في أبريل الماضي حللت فيه أداء الأسواق السلعية الكبرى بصورة تفصيلية، وتوقعت أداءً جيداً في المستقبل المنظور. وصدر التقرير تحت عنوان «ربيع الأسواق السلعية» ليبشر بآفاق جيدة بصورة أكبر من المتوقع للاستثمار الآمن في شتى أنواع السلع، ومنها منتجات الطاقة، كالغاز الطبيعي الأميركي، فهل يعني هذا أن الوقت قد حان لتنوع محفظة أوراقك المالية بالانضمام إلى صناديق الاستثمار في السلع؟
قبل الإجابة عن السؤال، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار وجود باقة جديدة من المنتجات المتاحة في السوق وتتزايد مكوناتها باطراد لتصبح أكثر إغراء للمستثمر الطموح. رغم هذا، لا تتسرع بالانسياق وراء أنصار المضاربة في السلع ممن يعتبرونها الوعاء الأفضل للاستثمار على الإطلاق ويسوقون عشرات الحجج لدعم رأيهم، فثمة 5 أمور يجب التحوط لها بل وتبديدها باعتبارها مجرد أوهام وخرافات. ولننظر أولاً إلى الصورة القائمة حاليا.

الصورة المشرقة
ووصلت أسعار الذهب لأفضل مستوياتها، وارتفعت أسعار الذرة والمنتجات الزراعية الأخرى لأعلى مستوى لها منذ 3 أعوام، في حين تسببت الفيضانات في تأخير موسم الزراعة في مناطق أخرى من العالم، ما يعني أن الحصاد المرتقب من الحاصلات الزراعية المتأخرة لن يكون بالوفرة المرجوة. كما ارتفعت أسعار بعض أنواع اللحوم المفضلة في أوروبا وآسيا بسبب إصابة القطعان في الصين بمرض موسمي. وهذه نتائج ممتازة بلا شك للمستثمر، لكن علينا أن ننظر إلى الجانب الآخر من التل أيضا. ونعني بهذا المفاهيم الخاطئة السائدة في السوق وتستوجب منا الإيضاح، والتكذيب إذا تطلب الأمر.

أولاً: أسواق السلع تعادل البورصات المالية!
يرى أنصار المضاربة في الأسواق السلعية أنها تعادل الأسهم والسندات كأصول استثمارية ويجب تضمينها في حافظة أوراقك المالية كاستثمار طويل الأجل. وليس هذا صحيح تماما بشهادة دراسات أكاديمية لا حصر لها. فقد تحقق المضاربات السلعية أداء جيداً في وقت تهتز فيه أسواق المال المعتادة، وهذا صحيح. كما أدت المؤشرات المبتكرة لباقة من السلع إلى جعل الاستثمار فيها أكثر مرونة من جهة القدرة على التسييل والتربح بمرور الوقت. إلا أن هذه الاستثمارات لا تغل عائداً سنوياً كالأسهم وليس لها دخل كسعر فائدة يمكنك احتسابه. وبعكس الحال في أسواق الأسهم والسندات، يتعين على المضارب في الأسواق السلعية أن يضع عينيه على توقيت الخلل في ميزان العرض والطلب في عدة أسواق وفي وقت متزامن (سوق الذرة والقمح والبن والنحاس وغيرها). وليس الأمر بهذه السهولة هنا، إذ يتعذر إصدار توقعات بالأداء المشترك لمنتجات متباينة أساساً لدواعٍ مختلفة، فيتزايد التقلب في الأسعار، وتختل ضربات قلوب المضاربين معها.

ثانياً: السلع أداة تحوط لمواجهة التضخم !
يعتبر المضاربون في الأسواق السلعية أنها تشكل أداة للتحوط بالنسبة لهم لمواجهة أي ارتفاع عارض في معدلات التضخم. وربما تشكل السلع نوعاً من الحماية الوقتية أحيانا لكنها ليست درعاً يمكن الوثوق فيها على الدوام. أي أنها تحقق ربحية عالية في حال التضخم المفاجئ وغير المتوقع. ودون ذلك، تعد كارثية. وأشار تقرير لمجموعة «فانجارد» في هذا الصدد إلى أن الأوراق المالية المعتادة أداة أفضل في مواجهة التضخم مقارنة بصناديق الاستثمار في أسواق السلع. وأوضح التقرير الصادر في مايو الماضي أن أذون الخزانة المستخدمة لتغطية مضاربات الأسهم والسندات تتميز بارتفاع قيمتها آلياً بزيادة معدل التضخم المتوقع أو المفاجئ فتحقق الهدف المرجو للمستثمرين. ويرى خبراء أن الذهب نفسه لا يمكن استخدامه كوسيلة لمواجهة التضخم بعكس الحال بالنسبة للأوراق المالية المغطاة بأذون الخزانة.

ثالثاً: الصناديق السلعية تربطك بمزايا السلعة ذاتها!
تصدق هذه المقولة في بضع حالات أبرزها المضاربة على الذهب من خلال الصناديق الاستثمارية الكبرى المعنية بهذا النشاط. لكنها لا تصلح قاعدة ثابتة يمكن التعويل عليها في كل السلع. فليس بمقدور أحد الاحتفاظ بمستودعات هائلة للحبوب مثلاً للاستفادة من ارتفاع الأسعار في توقيت معين والمسارعة بطرحها. ويتم الاستثمار هنا عن طريق ما يعرف بالعقود الآجلة، التي تضمن للمشتري التوريد بسعر محدد متفق عليه مسبقاً منذ أشهر، وقد تصل المدة إلى عام كامل.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن معظم هذه الصناديق تعمل بطريقة مجمع الأوراق المالية وإن كانت تتاجر في السلع أساساً. وينطبق هذا بصورة واضحة على النفط والغاز الطبيعي، إذ تشتري الصناديق أسهم كبرى الشركات الأميركية المنتجة للاستفادة من أدائها الجيد. كما يلجأ مديرو هذه الصناديق إلى شراء أذون الخزانة كغطاء لحماية مستثمريها من تقلبات الأسعار. ويمكن القول هنا: إن نسبة لا بأس بها من عوائد الاستثمار في العقود الآجلة للسلع ترجع إلى الاستثمار في أذون الخزانة أساسا.

رابعاً: معظم الصناديق تحقق عوائد متماثلة !
توجد مؤشرات للذهب وأخرى للطاقة، وهناك مؤشرات محدودة العدد وأخرى موسعة. أي أن أمامنا مجموعة متنوعة ومتباينة الأداء لأسعار السلع. ويختلف التقييم بطبيعة الحال من مؤشر إلى آخر. فإذا ما نظرنا إلى مؤشر «جولدمان ساكس» السلعي على سبيل المثال سنلاحظ غلبة النفط والغاز ومنتجاتهما عليه، إذ إن أكثر من ثلثي السلع المسجلة فيه تعتمد على أداء النفط. من جهة أخرى، يضم مؤشر «بلومبرج» السلعي 22 منتجاً مختلفاً موزعة على 7 قطاعات ولا يمكن لأي قطاع منها أن يستحوذ على نسبة تزيد عن الثلث في أي وقت. أما مؤشر بنك «دويتشه» السلعي فيركز على السيولة ويضم 6 مكونات تشكل معاً أكثر العقود السلعية الآجلة نشاطاً في العالم. ولا يمكن القول: إن هذه المؤشرات الثلاثة متماثلة الأداء والعوائد مطلقا، حتى إن تشابهت السلع المطروحة للتعاقد. ويرجع هذا إلى طبيعة العقود ذاتها فبعضها قصير الأجل (ثلاثة أشهر) وبعضها الآخر طويل الأجل (12 شهرا) وتختلف الأسعار تماما بين هذه العقود وتلك، بالتالي تتباين العوائد المحصلة بوضوح. كما تختلف الأسعار نفسها ما بين السلع. ومن ثم ستعتمد عوائدك الاستثمارية المنشودة على طبيعة صندوقك الاستثماري والمؤشر المسجل فيه.

خامساً: السلع لا تقبل المضاربة بطبيعتها!
واقع الحال يقول غير ذلك، فثمة بضع فئات من الأصول الاستثمارية أكثر مرونة في المضاربة ما لم نعتبر عملة «بيتكوين» الإلكترونية فئة في حد ذاتها. ويمكن القول إن السلع تتميز بعدم القدرة على توقع اتجاهات أسعارها بصورة موثوق فيها، نظرا لإمكانية تغيرها رداً على خبر ما، أو وفقا لاتجاهات العرض والطلب، أو للعاملين معاً في توقيت متزامن. ويرى بعض الخبراء أنه من الأوفق اعتبار هذا النشاط مرنا، فهي سلع قابلة للمضاربة، أو نوع من الاستثمار قصير الأجل، بل ويمكن اعتبارها نوعاً من حيازة الأصول طويلة الأجل أحياناً. بمعنى آخر، إن بورصات السلع توفر للمستثمر تنوعا في الأدوات، وإن كانت لن تتيح له نمواً ملموساً في العائدات على الأجل الطويل. وختاماً، فإن المضاربة في الأسواق السلعية تتطلب من المستثمر قدراً عالياً من التحوط مع تحاشي النظر لها كاستثمار عالي النمو على المدى الطويل.

بقلم: سوزان ماجي

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©