الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

تساؤلات حول «ثقافة التسامح وبناء الهوية بين الأنا والآخر»

تساؤلات حول «ثقافة التسامح وبناء الهوية بين الأنا والآخر»
21 يناير 2019 02:38

فاطمة عطفة (أبوظبي)

تواصلت فعاليات المؤتمر العام السابع والعشرين للاتحاد العام للأدباء والكُتّاب العرب الذي افتتح صباح أمس الأول في أبوظبي، وتستمر فعالياته في فندق السعديات روتانا أبوظبي حتى الثاني والعشرين من يناير الجاري.
وعقد المؤتمر في يومه الأول جلسة بحثية بعنوان «ثقافة التسامح وبناء الهوية بين الأنا والآخر»، شارك فيها الباحث الدكتور حسن قايد الصبيحي، والكاتب زهير توفيق من الأردن، والشاعر علاء عبدالهادي من مصر، وأدارها الباحث الدكتور يوسف الحسن الذي طرح تساؤلات عدة حول «الهوية» وجدلية الهوية والثقافة، وقال: «ربما نستطيع، في جلستنا هذه والجلسات التي تتبعها خلال أيام المؤتمر، أن نقترب أكثر من ثقافة التسامح»، موضحاً أن «هذا المفهوم الفلسفي القانوني الأخلاقي يتجاوز مسألة العفو والصفح، وأن هناك التباساً كبيراً عند بعض النخب حول هذا المصطلح».
وتحدث د. حسن قايد عن تجربة الإمارات التي تعزز مبدأ التسامح وعراقة الهوية منذ تأسيس الدولة على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وقد اختار القايد ثلاثة أمور قال إنها قضايا وليست شهادات من عندنا بل للآخرين، وهي من مركز الوثائق البريطانية، الأولى وثيقة تتحدث عن الشيخ زايد عندما كان حاكماً في مدينة العين، وقتها عمل على بناء «الأفلاج» لتصل المياه إلى الأماكن الزراعية. وتظهر الوثيقة أنه طلب من المندوب البريطاني أن يطلب من حكومته 4000 جنيه لدعم هذه المشاريع فلم يجد طلبه استجابة، لكنه أعاد الطلب مرة ثانية، فسأل البريطانيون: هل تصرف هذه الأموال على مشاريع، فأكد لهم أنها أنفقت على مشاريع الزراعة وجر المياه إلى مدينة العين. وعلق القايد قائلاً: هذا لا يتم إلا إذا كان الحاكم يشعر بالناس ويعيش معهم المعاناة.
أما الوثيقة الثانية، فتظهر الانتماء العروبي للشيخ زايد وحكمته، إذ تكشف الوثيقة أن الإنجليز نصحوا الشيخ زايد بأن يبتعد عن العراق، لكنه رفض ذلك بسبب انتمائه القومي، وقال لهم: حتى لو أدى الأمر إلى مواجهة الأخطار، لن أبتعد عن العراق ولا غيرها من الدول العربية. وأضاف القايد: كتب في هذه الوثيقة أن زايد صعب المراس، ولا يمكن أن تعمل معه اتفاقية إلا لصالح بلاده ومجتمعه.
وأما الوثيقة الثالثة فتقول: لما حكم زايد كان يبحث عن الأصول في عمق التاريخ العربي. وعندما كتب تقرير إلى عبدالناصر عن الشيخ زايد، قال عبدالناصر لهم: انتبهوا لهذا الرجل، إن العالم العربي سوف يشهد شخصاً يشهد له التاريخ بحسن أفعاله، وهو ما تبين، عندما حاول أن يتوسط بين الكثير من الدول العربية لحل الخلافات القائمة بينها.
وسعى الشاعر عبدالهادي في ورقته الموسومة بـ«نقد الفكر الأحادي لثنائية الأنا والآخر في نقض فكرة الأصل» إلى تأصيل مفهوم الهوية التي رأى أنها «تعبير تتنازعه حقول شتى، هي كل شيء ولا شيء». وتساءل: هل نتعامل مع الهوية بصفتها متخيلاً يمكن أن يتشكل؟ هل يمكن أن نسأل عن مبنى الهوية، نموذج الهوية؟
وأجاب: نعم، إن الهوية طيف متنقل، هوية الكائن هي اختلاف، وتغاير، وتباعد في رحم الذات الواحدة. وذلك دون أن تنفي الذات ذاتها. فبالاختلاف يحدث التباعد، دون أن ينتفي التقارب. ويظل المختلف ينزاح عن المختلف، ويبقى خيط التجاذب قائماً من خلال هذا الانزياح. إنه «الاختلاف الأنطولوجي» الذي يضمن وجود التمايزات المتباعدة لتلتقي في صلب رحم التقارب. وأضاف أن الذات العائدة ليست الكائن، وإنما هي الاختلافات، والتعدد. فمن خلال حضور هذا الاختلاف، الدائم المتعدد، يقع الإخبار عن الكينونة، عبر معنى أحادي يوحد الشتات، بمعنى شمولي ومماثل. أما الكائن، فهو ما يبرر عودة هذه الاختلافات، بمعنى المركب والمتخيل وليس المفهوم التاريخي.
بدوره، ركز الكاتب الأردني زهير توفيق على ثلاثة ملامح حول خطاب الهوية: الملامح العامة للهوية الثقافية، ثم تصورات الهوية الثقافية، وأزمة الهوية الثقافية، مبتدئاً بالهوية الثقافية في النصف الثاني من القرن العشرين، كما هي الحال في الغرب أو في الاتحاد السوفييتي، وانتقل إلى القرن التاسع عشر، مشيراً إلى أن الهوية كانت في هذه المنطقة هي الإسلام الذي كان هو الدين والحضارة، وبعد القرن التاسع عشر ومع التأثير الغربي دخلت مشاريع الهوية الثقافية «من نحن؟». واليوم في القرن الحادي والعشرين فرضت الهوية الثقافية، خاصة في العلوم الإنسانية والاجتماعية، كما هو الحال في الولايات المتحدة، حيث أصبحت ثقافة الهوية في علم الاجتماع أداة لدمج المهاجرين بشكل أساسي. وفي الوقت نفسه في المنطقة العربية أصبحت الهوية الثقافية والثقافة وحدة تحليل أساسية في العلوم الاجتماعية، بحيث أصبحت علماً ممنهجاً في العلوم الاجتماعية لأي فرد أو جماعة أو طبقة أو شعب.
وتابع: «إن الإطار أو المناخ العام الذي فرض الاهتمام بالهوية جاء بسبب انهيار الأيديولوجيات وبسبب العولمة أيضاً، إضافة إلى بروز الهوية القُطْرية للشعوب العربية وتأثيرها على المستوى المعرفي والروحي».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©