الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

لا تنسوا ذلك الفيديو

لا تنسوا ذلك الفيديو
21 يناير 2019 00:07

مونديال روسيا في العام الماضي، كان من أبرز بطولات كأس العالم في كرة القدم، عبر تاريخ هذه البطولة التي بدأت عام 1930، وأهمية البطولة لم تكن في مجرياتها الفنية فقط، وإنما في كل مساراتها، لاسيما التواصلية والإعلامية، كما أعلن «الفيفا» مفتخراً بالمليارات التي تابعت البطولة في كل بقاع كوكب الأرض.
وقد تابع ناس المونديال في الثاني والعشرين من يونيو الماضي، فيديو يظهر فيه شاب على مدرجات ملعب، وهو يخلع قميصه الأرجنتيني ليظهر تحته قميصه الكرواتي، بعد الثلاثية الكرواتية النظيفة، وقد تداول كثيرون الفيديو على سبيل الطرفة، ولا ريب أنه طريف حقاً، إلا أن الطرافة هي الجزئية الأقل أهمية في معاني ذلك الفيديو.
فالفيديو حين يدخل مختبر التحليل السيميائي، ليس من جهة الملابس وحسب، وإنما على مستوى لغة الجسد وسلوكيات الإنسان، كما أشار إليها أحد أبرز من كتب في السيميائية الرياضية الفرنسي رولان بارت، الذي حلل جمهور المصارعة الحرة عام 1957، فكشف كوامن ذلك الجمهور وحقيقة متابعته لهذه الرياضة.. لن ندخل في تفاصيل البحث العلمي، ولكن الإشارة كانت باباً ندخل منه نحن إلى حقيقة رهان المنتخب العراقي في مواجهته لقطر غداً على المدرجات، وما يمكن أن يقدم جمهورها الحاشد من دعم لـ«أسود الرافدين»، وقد تجسد هذا الرهان في تصريحات المسؤولين عن المنتخب، وحتى في أحاديث اللاعبين.
الحقيقة التي أفرزتها الثورة الاتصالية الكبرى، أن زمن الجمهور المسمّر فوق المدرجات، وهو ينفخ في الأبواق ويقرع الطبول، أو جمهور الحسناوات الذي طالب «الفيفا» حجبه عن الشاشات قدر المستطاع في المونديال الأخير كي لا يسرق الكاميرا من اللاعبين وفنياتهم، هذا الجمهور صار من مكملات الصورة التلفزيونية في سوق الفرجة، إلا أن الدور الأكبر هو للجمهور المخفي في زوايا وغارات ومسارات مواقع التواصل الاجتماعي الذي يملك من أسلحة التحشيد والتأثير الشيء الكثير.
لن نقلل من خطر جمهور المدرجات، فخطره على الفريق المنافس كبير، إذ يستطيع المناصرون أن يشحذوا الهمم ويرفعوا من معنويات اللاعبين، ولكن -قطعاً- الجمهور غير قادر على أن يجعل اللاعبين في المستوى المرتجى إذا لم يكن اللاعبون يملكون أدوات بلوغ ذلك المستوى، كما أن الجمهور المناصر نفسه قد يصبح خطراً إذا لم يرتق اللاعبون إلى ما يتمناه، لأن كرة القدم أولاً وأخيراً هي لعبة ولن تتحول إلى شيء آخر مهما بذلت من جهود غير رياضية، وإن الجمهور ينتظر ممن يذوب عشقاً فيهم التقدير الذي يقدم إليه فورياً على شكل أداء مميز ينتج أهدافاً مسجلة في الشباك فقط، وليس في أماكن أخرى، وبعد الأهداف الارتقاء صعوداً لمعانقة اللقب وجلب الذهب، وإذا ما أخفق اللاعبون في هذه المهمة، فإن القميص سيخلع وسيف الغضب لن يرجع إلى غمده.
الملاحظة الأخيرة، يجب الحذر كل الحذر من منافس بلا جمهور، وقد صار ظهره إلى الحائط ولم يعد أمامه سوى الانطلاق إلى الأمام كالسهم لتعطيل الحناجر الهاتفة.

د. هادي عبدالله

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©