الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

"العاشق الأخير".. سرد ينير الظُّلمة الداخلية

"العاشق الأخير".. سرد ينير الظُّلمة الداخلية
23 يوليو 2019 00:27

محمود إسماعيل بدر (الاتحاد)

لا تقترب من نصوص القاصة والروائية الإماراتية «فاطمة النّاهض» إلا وتشعر أنك أمام أديبة تقف على مدخل معرض للصور حاشد بكل ما يعصف بالإنسان، لكي تجد أن عالمك لن يعود هو نفسه، وأن نظرتك إلى الأشياء ستكون محكومة بما لم تنظر إليه من قبل، وسترى أنه ما من شيء إلا ويسهم في رسم أبعاد الحكاية، على نحو ما تجده في أحدث رواياتها الصادرة قبل أيام عن دار «إي - كتب. لندن» بعنوان «العاشق الأخير» وهي روايتها السادسة بعد «خط الاستواء» و«بيت البحر» و«دنيا» ورواية «ن. ك» و«القفلة».
أما أهم ما تنفرد به الناهض كروائية، فهو أنها تكتب بمهارة عالية (نصوصاً مفتوحة) تستمد مادتها من لغة شعرية متوهجة تنتمي لصاحبة النّص ومبدعته، التي تدرجت في الكتابة على نار هادئة قبل أن تشرع في صياغة روايتها الأولى «خط الاستواء» التي صدرت عن دار النّشر نفسها عام 2012، لتسجل حضورها الفاعل في المشهد الثقافي العربي، كروائية ذات هوية وشخصية، تكتب نصوصا رفيعة بأسلوب شيق، تكمن حرفيتها في البنية المعمارية، وفي إنسافها السّردية التي لا تشعر المتلقي بالصنعة والتكلّف.
كتب ناشر رواية «العاشق الأخير» على غلافها: «إنها حكاية حب مفرط الانسياب، غارق في البساطة، شديد العذوبة والعفوية والجمال، لكائنين اغتنم أحدهما الآخر، فجعلا من حياتهما تتمة لا تكتمل إلا بجزئها الآخر، ولكن ثمة ما يشع فيه: فالاضطراب مهما كان بالغاً وعاصفاً، فإنه لا يملك أن يهزم النفوس الآمنة، كما لا يملك أن يأخذ منها ما تحب، وما تتفانى حتى الموت من أجله». وكما يبدو فإن النص الابداعي عند النّاهض يكشف عن بعد إنساني كامن فيها، فهي تمتلك «السّردي» جيدا، فلا يختلّ، وفوق هذا تضبط الإيقاع في نصّها الذي يقوم على استحضار كثيف للغة وجمالياتها، ثم تبديدها في صور فنّية وصفية جديدة وغير مألوفة تستلهم التراث المجازي.
إنّ سرد «العاشق الأخير» هو الاستثناء بحقّ، فهو وإن كان ينطلق من بيئة محلية ذات خصوصية فنّية، لكن محلّية الحكاية تركت أبوابها مفتوحة للإنساني والشمولي، ما يجعل عملها قابلاً لأن يقرأ في أي مكان من العالم، كونها طرحت حالات إنسانية، ذاتية أو غيريّة، أو حتى افتراضية تأملية، إلاّ أنّها تمتلك قدرة على الوصول إلى (المناطق المظلمة) بداخل أبطال الرواية، أو بداخل الآخرين، وقدرة أخرى على إصلاحها وترميمها وإنارتها، فقد صنعت النّاهض رواية مليئة بالمعاني، نابضة بالحياة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©