الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لغـــز أصابـع الـيد

24 ديسمبر 2005

لعل هواة تبادل الرسائل القصيرة عبر الهواتف المحمولة (SMS) هم الآن أكثر المدركين للأهمية القصوى للابهام في كتابة هذا النوع من الرسائل فبينما تحمل اليد الهاتف النقال، يتجول ابهام نفس اليد، بحرية تامة وأحيانا بسرعة فائقة، بين أحرف لوحة الكتابة لتدوين الرسالة·
هذا الابهام أثار فضول العلماء منذ سنين طويلة نظراً لاختلافه و'انعزاله' عن باقي اصابع اليد· وقد انكب فريق من المتخصصين في علم الاحياء بجامعة جنيف على بحث خصائص واسرار تكوين الإبهام في محاولة للرد على سؤال 'وجداني' هو: 'لماذا تتكون اليد من أربعة أصابع وإبهام، وليس من إصبع خامس'؟
وبعد سبع سنوات من الاجتهاد والمثابرة، تمكن الباحثون الثلاثة، وهم البروفيسور دونيسيل دوبول الذي قاد الفريق، وماري كميتا وجوزيف كاكاني، من حل اللغز· وقد حظي مجهود الفريق باهتمام بمجلة علمية شهيرة التي نشرت في عددها الحالي نتائج دراسة الباحثين الثلاثة الذين يعملون في قسم علم الحيوان وبيولوجيا الحيوانات بجامعة جنيف· وتظهر نتائج البحث كيف تسمح بعض مورثات أو جينات الكائن البشري بتكوين يدين بأصابع غير متساوية، لكن عملية للغاية·
وعن عدم تساوي الاصابع، أوضح البروفيسور دونيس دوبول في تصريح له: 'إنه أمر في غاية الأهمية، فبفضله يمكنك حمل هاتف في يدك، وتحريك يديك في كل الاتجاهات، أو التعلق بجذع شجرة'·
ويضيف البروفيسور دوبول قائلاً: 'إن كانت لديك أيادٍ ذات أصابع متساوية، لن يمكنك القيام بكل هذ الحركات لن نستطيع القيام إلا بحركة واحدة فقط'· ويشار هنا إلى أن الكائن البشري والقردة الكبيرة والفئران هي المخلوقات الوحيدة التي تتميز بأياد أو أرجل (بالنسبة للفئران) متكونة من إبهام وأصابع أخرى·
وتتيح هذه المرة للأيدي حركية كبيرة وفرص تطور هائلة خاصة بالنسبة للإنسان فمن دون الإبهام، لم يكن ليستطيع تطوير كم الأدوات التي ساهمت في تقدم البشرية وبناء حضاراتها·
وفيما يختص عملية تكوين أصابع اليد، كشفت الأبحاث أن إصبع البنصر هو الذي يكتمل أولاً، يليه الوسطى، والسبابة والخنصر، ثم الإبهام ولتحديد هذا الترتيب أقدم البحاثة في جنيف على تربية وتهجين مئات الفئران من أجل اختبار الفئة المصابة بتشوهات في الأرجل·
ومن خلال دراسة الفئران التي تشبه الإنسان في تكوين ونمو الأصابع تمكن البروفيسور دبوبول وفريقه من التأكد من أن الإبهام ينمو بطريقة خاصة، ويشرح ذلك بالقول: ما يحدث هو الآن في المراحل الأولى من تكوين الساعد، تعمل المورثات الهندسية في جهة واحدة فقط من الساعد وبالتالي فإن عدم تساوي الأصابع ناتج عن عدم تساوي وظيفة مجموعة خاصة من المورثات·
ونوه البروفيسور دوبول الى أن الاكتشاف الجديد قد يساعد على فهم أفضل لكيفية نمو الكائن البشري، وربما معرفة الأسباب وراء اختلاف نموه عن فصائل الثدييات أو الطيور·
على صعيد آخر، أشار البروفيسور إلى أهمية نتائج البحث في إطار مساعي الاكتشاف المبكر للعاهات أو التشوهات في يد الجنين وفي هذا السباق، ذكر البروفيسور دوبول أن طفلاً من أصل 500 يولد بأياد مشوهة، فمنهم من يولد على سبيل المثال بعدد أصابع يفوق الخمسة ، فيما يولد البعض الآخر بأصابع ملتصقة·
ويأمل العلماء أن تسمح لهم مراحل تكوين الأصابع والفرق بينها بفهم أسباب التشوهات في الأصابع، وقد حرص البروفيسور دوبول على عدم المبالغة في التفاؤل في هذا الشأن حيث قال: 'هذا لا يعني أننا سنستطيع معالجتها لأنها أمراض جينية، لكن سنتمكن بالتأكيد من تقديم مساعدة هامة بتوفير أدوات فعالة تسمح بتشخيص التشوهات لدى الجنين في وقت مبكر جداً'·
وأضاف البروفيسور في هذا الصدد: 'على سبيل المثال، ان كانت أسرة تحمل مثل هذه الجينات (المسؤولة عن تشوه الأصابع)، يمكن أن تقوم بتشخيصها والعمل على تفادي نقلها للأطفال'·
وقد أنجزت الدراسة الجديدة في إطار نشاطات مركز الأبحاث الوطني في جنيف الذي يحظى بدعم الصندوق الوطني السويسري للبحث العلمي، وبعد هذا المركز من بين أحدث المراكز الوطنية المتخصصة في تعزيز البحث العلمي والارتقاء به·
ورغم السنوات السبع التي استغرقتها أبحاث فريق البروفيسور دوبول، إلا أن هذا الأخير أكد أن الدراسة لم تنته بعد حيث قال: 'بعد أن اكتشفنا العناصر المسؤولة عن عدم المساواة بين الأصابع· نود أن نعلم كيف يقع الاختيار على فئة معينة من الجينات لتنشط في جهة واحدة فقط من الساعد الذي يشهد مرحلة النمو'·
ورغم صعوبة المهمة يقول البروفيسور بطموح العلماء الذين يسعون دائما الى اكتشاف أسرار الخلق: 'انها مشكلة معقدة بالنسبة لمهندسي الوراثة، لكننا نعتقد أننا سنكتشف ذلك في غضون بضع سنوات·· فسبحان الله الذي يعلم الإنسان ما لم يعلم·
محمد الجبالي
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©