الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

"الفيسبوك" تحت مطرقة الفلسفة

"الفيسبوك" تحت مطرقة الفلسفة
20 يوليو 2019 00:15

عبير زيتون (دبي)

كيف تسنى لمواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها «الفيسبوك» أن تشكل إمبراطورية سلطة، على مستوى العالم كله، مع وصول عدد مستخدميه إلى 2.32 مليار شخص، بنهاية 2018؟ كيف زحف هذا التطبيق العنكبوتي الذي يحتل اليوم المرتبة الثانية في قائمة المواقع الأكثر استخداماً، إلى منظومة القيم البشرية، هابطاً وصاعداً بمعاييرها، وفق معايير الاقتصاد، ذوقاً وسلوكاً؟ بذات الوقت أليس «الفيسبوك» مجرد منصة رقمية عادية يتحكم فيها الفرد بكبسة زر الإرادة والخيار، مشكلاً وسيلة اجتماعية للتواصل والتضامن الإنساني في السراء والضراء؟
يبدو أن للفيلسوف والناقد الثقافي الجذري «سلافوي جيجيك» مع مجموعة لا بأس بها من المفكرين، والأكاديميين، وجهات نظر فلسفية وعلمية، رصينة ودقيقة، في الرد على هذه الأسئلة التي تتعلق بنتائج الربط بين الفيسبوك والواقع الاجتماعي، وما سيسفر عنها مستقبلاً، ولكن من منظور فلسفي وأكاديمي، يعيد إنتاج المعنى، في دقة توصيفه للحدود الفاصلة بين السلبي والإيجابي في ما يتعلق بآثار هذه الشبكة العنكبوتية التي يرى الباحثون «أن الإنسان في حال تَرَك نفسه تماماً، واستسلم لتأثيرات الموقع عليه، فإنه سينسحب تدريجياً من (أناه الذاتية) ليتحول إلى (مسخ) لا يسعه سوى المتابعة في صمت ذليل، والتهليل لما يحدث، دون إبداء وجهة نظر حقيقية، أو الاشتباك في نقاش جاد».
ووفقاً للمفكر السلوفيني جيجك، أحد المشاركين في الكتاب الصادر حديثاً بعنوان «الفيسبوك والفلسفة... بمَ تفكر؟» فإن «حسابنا على فيسبوك يريحنا من عبء المسؤولية المباشرة. إنه يشبه الضحك المسجل في مسلسلات (ست كوم) القصيرة، أو النائحات اللاتي يؤجرن في الجنازات، فهن يضحكن ويبكين بالنيابة عنا، بالتالي فإن الحساب الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي هو نسخة نريدها لأنفسنا».
وبحسب الكتاب، فإن فيسبوك إلى جانب أنه يغذي «الأنا» ويزيد من «درجة النرجسية»، فإنه أيضاً يلعب دوراً جوهرياً، في تعزيز «فكرة الآنية لدى الفرد» والزمن الحاضر في مواجهة الماضي، إذ إن الفيسبوك يساعد على التقليل «من أهمية الأشياء» التي وقعت في الماضي، ويقلل من أهمية الأسرار، فعندما تنتشر صورة تنطوي على أشياء غير محببة، تفقد تلك الأشياء مكانتها كأشياء محرمة عندما ينشرها الجميع ليراها الآخرون.
وانطلاقاً من هذه السلبيات، يتعامل الباحثون المشاركون في الكتاب، مع الفيسبوك «كآلية قاتلة للخصوصية»، لافتين إلى أنه يتبنى ما يطلقون عليه «الخصوصية السياقية» التي تقوم على احترام قواعد الاستخدام والإعدادات والخدمات التي يتمتعون بها، وعلى الرغم من مزاياه وسلبياته، تبقى لفيسبوك بعض الخصوصيات القاتلة التي يأتي على رأسها، تعزيزه فكرة الانعزالية «والبقاء وحيداً بعيداً» عن القطيع، فالعلاقات الاجتماعية التي باتت أكثر خفوتاً من العلامات التي تؤكد تعزيز الموقع لفكرة الانعزالية.
بقيت الإشارة إلى أن الكتاب صادر عن المركز القومي للترجمة في القاهرة، بالاشتراك مع دار المحروسة، وترجمة ربيع وهبة، وتأليف مجموعة كبيرة من الباحثين.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©